جدعون ليفي
الحوار المتمدن-العدد: 8459 - 2025 / 9 / 8 - 07:27
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
تسود أجواء قلق في الأوساط الليبرالية الإسرائيلية بعد الكشف عن نية تعيين اللواء دافيد زيني رئيسًا لجهاز الأمن العام (الشاباك). فقد نشر الصحفي هيلو غليزر في ملحق نهاية الأسبوع لصحيفة هآرتس بورتريه مطوّلًا عنه، تضمن ما يكفي لإثارة القشعريرة: ابن متدين مسيحاني، يرى الفلسطينيين "أعداء الرب"، ويعتبر أن الحرب ضدهم قدر أبدي.
نشأة زيني وأفكاره تأثرت بعقائد متطرفة مثل فكر باروخ غولدشتاين، منفذ مجزرة الخليل عام 1994، والحاخام زفي تاو المعروف بقوميته المتطرفة وعدائه للمثليين. بالنسبة لليبراليين، هذا مزيج قاتل بين إيمان ديني متعصب وقومية متغطرسة ينتج فاشية لا حدود لها.
لكن ما يخيف المعسكر الليبرالي أكثر ليس ما سيفعله زيني بالفلسطينيين – فهذا اعتادوه من الشاباك – بل ما قد يفعله باليهود داخل إسرائيل. إذ يُنقل عنه أن الولاء لرئيس الحكومة يتقدم على الولاء للقانون، وأن الجهاز القضائي "ديكتاتورية". ويخشى البعض أن تعود ممارسات الحقبة الأولى من الدولة، حين كان الشاباك يتنصت على الأحزاب السياسية.
المفارقة أن الليبراليين لم ينزعجوا يومًا من الجرائم التي ارتكبها الشاباك بحق الفلسطينيين، من التعذيب إلى الابتزاز وصولًا إلى مقتل العشرات خلال التحقيقات في العامين الأخيرين. فجأة فقط، مع احتمال أن تطال هذه الممارسات المجتمع اليهودي، بدأ الذعر يدبّ في صفوفهم.
المعسكر الليبرالي يريد "إدارة إنسانية" لمسلخ الشاباك، فإذا به يُفاجَأ بجزار معلن يتولى القيادة. لكن الحقيقة أن وظيفة الشاباك منذ تأسيسه هي تكريس الاحتلال والفصل العنصري والتهجير والاغتيالات. ومن يكون أصلح لذلك من شخص مثل زيني؟
المشكلة الحقيقية لليبراليين أن وجود فاشي متدين على رأس الجهاز يشوّه الصورة التي يحبون تصديرها للعالم عن "الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط". فأسلاف زيني مثل نداف أرغمان ورونين بار كانوا يبدون "معتدلين" و"ليبراليين"، لكنهم مارسوا بحق الفلسطينيين السياسات نفسها.
وفي الخلفية، يشارك شقيقه بيزالئيل في تدمير غزة بآلياته الثقيلة، بينما ترى زوجته نعومي أن هدم المنازل هناك "فريضة دينية" وأن الحرب على غزة "ولادة قومية جديدة". لا صدمة حقيقية في إسرائيل إزاء هذا الخراب، فقط امتعاض من تقديمه كواجب ديني، وكأن ذلك يغير شيئًا.
إن تعيين زيني ليس انحرافًا عن مسار قائم، بل استمرارية له. فالمشروع الذي يمثله – احتلال، قمع، تهجير، تطهير عرقي – قائم منذ زمن، لكنه هذه المرة يأتي مغلفًا بخطاب ديني صريح قد يضع الإسرائيليين أمام حقيقتهم.
إلى أن يحدث ذلك، كما يختتم ليفي مقاله: "نحن جميعًا زيني، سواء بالمكوّن المسيحاني أو بدونه".
#جدعون_ليفي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟