أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - خالد محمود خدر - الطيبة اختيار و شجاعة في الزمن الصعب لا يراها الكثير














المزيد.....

الطيبة اختيار و شجاعة في الزمن الصعب لا يراها الكثير


خالد محمود خدر

الحوار المتمدن-العدد: 8445 - 2025 / 8 / 25 - 18:28
المحور: قضايا ثقافية
    


الطيبة هي صفة إنسانية عميقة تعكس الصفاء الداخلي لحاملها وتجعله يميل إلى الثقة بالآخرين، وإلى التماس الأعذار لهم، وتتجلى هذه الصفة في الميل الفطري للإحسان إلى الناس والتعاطف والتعامل معهم بصدق وصفاء نية، بعيدا عن المكر والأنانية.

وهذه الصفة ليست ضعفا، بل هي قوة هادئة تدفع الإنسان بإصرار إلى أن يبقى وفيا لإنسانيته في وسط تتناقص فيه القيم الإنسانية ، و يحاول البعض أن يجرّه نحو القسوة. ولعل هذا يفسر معانات أصحاب القلوب النقية من مواقف الخذلان أكثر من غيرهم وان لم يأتي ذلك عن خطا او إساءة منهم ، بل قد يأتي ذلك من الإفراط في حسن ظنهم ومنحهم الثقة بلا شروط ، فى زمن يقدّس الأقنعة ويجعل الزيف مهارة بات يتقنها الكثير ممن يتظاهروا بأنهم يبادلون الأخرين النية الطيبة ذاتها ، وفي نفس الوقت يوصموا في اعمالهم من أحبّ بصدق بالضعف ، ويعدوا من صبر على الأذى عاجزا ، و يفسروا موقف من لزم الصمت اتقاء للجدل أو رغبة في الحفاظ على السلام ، على أنه انكسار. هكذا يُظلم الطيبون مرتين: مرة حين يُخذل، ومرة حين يُساء فهمه.

وإذا كان الطيّبين يتعرضون إلى الخذلان ، فإنهم بالمقابل لا يندمون على العطاء، لأن العطاء بالنسبة لهم ليس صفقة ولا استثمارا، بل هو انعكاس طبيعي لنقاء قلوبهم وإصالة قيمهم الشخصية.

ومما لا يلتفت إليه الكثير ان الانسان الطيب يملك القدرة على إعادة بناء نفسه بعد كل سقوط، وعلى الاستمرار في منح الحب حتى وهو مثقل بالجراح، وعلى التمسك بقيمه رغم كل ما يواجهه من إساءة أو استغلال او حتى اذلال ، ذلك ان المعدن الداخلي للإنسان الطيب لا يملكه إلا القليل ولا يلاحظه الا امثاله ، ولكنه يبان حين يبتسم وهو ينزف، وحين يعفو وهو قادر على الرد، وحين يعطي وهو في أمسّ الحاجة.

أن أصعب امتحان في هذا العالم يواجه الإنسان هو أن يبقى نقيا حين يصرّ العالم كله على أن يجعله قاسيا. ولكن هذا لا يعني ان يكرر الإنسان الطيب تجربته ثانية مع من قسى عليه ،لأن في ذلك خيانة لنفسه ، وخيانة النفس تأتي عندما يصرّ على البقاء في علاقة تُنهكه نفسيا، رغم وضوح كل الإشارات التي تدعوه إلى الرحيل ، كما تاتي حينما يشتاق إلى من تعمد كسره ، ويبحث عن الأمان في قلب لم يترك له سوى الجراح. كما تاتي خيانة النفس حين يمنح صاحبها ثقته مجدّدا لمن خذله، وكأنّ الألم لم يكن درسا كافيا ليُعلّمه الحذر. احيانا الاهتمام الزائد ، يشعر الآخر بأن المعني من يحتاج إليه ، لذا فإنه يعتبره في حياته مجرد أداة يركنها على الرف ويعود لها متى احتاجها. لذلك يتوجب بأن يعطي الإنسان كل شخص على قدر اهتمامه به.
يقول جبران خليل جبران:
لسنا مثالين لكن نيتنا صادقة مع الجميع وأننا نحمل في داخلنا روح طيبة ولا نملك وجهين وهذا يكفينا.

تبقى الطيبة خيارٌ صعب يحتاج إلى شجاعة ، ذلك أن تكون طيبا يعني أن تختار الشفافية في عالم يتزيّن بالكذب، وأن تبقى وفيا لنقاء قلبك رغم كل ما يحاول أن يلوثه. الطيب يعيش صراعه بصمت بين قلب يريد أن يستمر في العطاء، وعقل يذكّره بأن كثيرين لا يستحقون. ومع ذلك، يظل يختار القلب، لأنه يعرف أن فقدان الطيبة يعني خسارة ذاته قبل أن يكون خسارة للآخرين ، لذلك، فالطيّب لا يُقاس بما يناله من الناس، بل بما يحافظ عليه في نفسه. قوته ليست في الردّ على الإساءة، بل في ألّا يسمح لها أن تغيّر جوهره. عظمته ليست في أن يربح معارك الحياة المادية، بل في أن يربح معركته الداخلية ضد القسوة والتحجر.

سلاما على من يملكون براءة القلوب في زمن عزت فيه المشاعر.
سلاما للقلوب الطيبة أصحاب الاخلاق النبيلة والقيم العالية الذين لا يجيدون سوى التلذذ بالعطاء وقضاء حاجات الناس ومحبتهم.
سلاما لمن يملكون جمال الروح وصفاء النية ولا تعرف قلوبهم سوى الوفاء.

ب. د. خالد محمود خدر



#خالد_محمود_خدر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الذكرى الحادية عشرة لمذبحة قرية كوجو: الإبادة قيدت ضد مجه ...
- خراب البيوت لا يأتي من بعيد
- إصدار الأحكام على الآخرين بين وهم الفطنة وحقيقة التطفل
- في ذكراها الحادية عشر: الإبادة الجماعية للإيزيديين تظل جرحا ...
- حين أصبح اطفال الإيزيديين بضاعة رخيصة في أسواق النخاسة الداع ...
- حين تختطف البراءة بأيدي قوى الشر والظلام الدواعش ، أطفال سنج ...
- ليكن الجميع القدوة الحسنة كي لا تُختطف الأوطان والإنسان مرة ...
- التغير المناخي في العراق وأثره في تفاقم الأزمة المائية
- نيكولا تيسلا عبقري سبق زمانه وأقلق عقول الحكومات/ الجزء الرا ...
- نيكولا تيسلا عبقري سبق زمانه الذي أقلق عقول الحكومات / الجزء ...
- نيكولا تيسلا عبقري سبق زمانه وأقلق عقول الحكومات / الجزء الث ...
- نيكولا تيسلا عبقري سبق زمانه وأقلق عقول الحكومات / الجزء الا ...
- حين تُصبح النوايا الطيبة خطرا قاتلا على أصحابها من ابناء الا ...
- العقل البشري بين التهميش والتفعيل: كيف يُصنع الغباء الاجتماع ...
- في ذكرى مأساة الإبادة الجماعية الحادية عشرة لايزيدي سنجار ، ...
- أزمة المياه والجفاف تضع العراق على مفترق طرق خطير لا تفيد مع ...
- في الذكرى الحادية عشر للإبادة الجماعية للمكون الايزيدي في سن ...
- شخصيات مجتمعية خدمت ولا تزال تخدم اهلها بإخلاص وتترك أثرا عم ...
- نظرة وتحليل عن بعد لنموذج حي من التعايش السلمي يصلح أن تحتذى ...
- أحد عشر عاما على الإبادة الإيزيدية وأكثر من نصف المختطفات ال ...


المزيد.....




- -كافية لقتل كل سكان فلوريدا-.. خفر السواحل الأمريكي يصادر كم ...
- -أنا رجل يتمتع بفطنة سليمة عظيمة وذكاء-.. رد فعل ترامب على م ...
- ماذا يحدث عند انفجار جهاز يحمله غالبية المسافرين على متن الط ...
- -استقبلت 18 طفلًا برصاص في الرأس-.. طبيبة مُنعت من العودة إل ...
- ألمانيا ـ قطاع السيارات يخسر أكثر من خمسين ألف وظيفة
- لبنان يتسلم الرد الإسرائيلي وحزب الله يكرر رفضه التخلي عن ال ...
- مجلس الأمن يرجئ البت بمصير قوة اليونيفيل في جنوب لبنان: ما ن ...
- برّاك ينقل رسائل من إسرائيل إلى لبنان
- في 10 أعوام.. الاحتلال يدمر 1986 بئرا وبركة وخزان مياه بالضف ...
- ترامب يقيل محافظة الاحتياطي الفدرالي ومخاوف من التداعيات


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - خالد محمود خدر - الطيبة اختيار و شجاعة في الزمن الصعب لا يراها الكثير