أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - على حافة القيامة: الحرب المؤجلة بين أمريكا وإيران














المزيد.....

على حافة القيامة: الحرب المؤجلة بين أمريكا وإيران


حامد الضبياني

الحوار المتمدن-العدد: 8444 - 2025 / 8 / 24 - 09:33
المحور: قضايا ثقافية
    


يبدو الشرق الأوسط، في هذه اللحظة التاريخية، كما لو أنه مسرح إغريقي قديم، يجلس فيه البشر على المدرجات بانتظار أن يُرفع الستار عن مأساة لا يُعرَف إن كانت ستنتهي بانتصار الأبطال أم بانتحار الآلهة. هنا، على ضفاف الخليج، تتقاطع ظلال واشنطن بطهران، كما يتقاطع السيف بالمرآة؛ أحدهما يسعى للهيمنة المطلقة، والآخر يسعى لأن يرى نفسه في المرآة صورةً لا يطمسها الآخرون. وبينهما، شعوب تترقب، وأرض تحترق ببطء، وتاريخ يعيد نفسه كما لو أنه محكوم بلعنة لا خلاص منها.
منذ 1979، حين انهارت عروش الشاه، ولدت أسطورة جديدة: إيران الخارجة من عباءة الغرب لتواجه "الشيطان الأكبر". ومنذ ذلك اليوم، بدأت عقارب الساعة تسير ببطء نحو مواجهةٍ كبرى، لكنها لم تصل إلى لحظة الانفجار بعد. ثلاثون عامًا من العقوبات، وحروب الوكالة، والتهديدات، والتصريحات التي تلمح ولا تُعلن، كأن القدر نفسه يتردد، وكأن التاريخ يؤجل ساعة القيامة إلى موعد مجهول.لكن ما الحرب هنا؟ هل هي صواريخ عابرة للقارات، أم هي حصار اقتصادي يلتف حول أعناق الناس كالأفعى؟ هل هي بوارج تجوب مياه الخليج، أم أنها جنائز صغيرة في أزقة بغداد وصنعاء وغزة، حيث يموت الأبرياء بالوكالة عن صراع لم يُعلَن بعد؟ ألسنا نعيش الحرب منذ زمن طويل، لكننا لا نسميها باسمها لأنها لم ترتدِ الزي الرسمي للدمار الكامل؟أمريكا، وهي وريثة الإمبراطوريات التي سادت ثم بادت، تعرف أن النار التي تشتعل في مضيق هرمز قادرة أن تحرق النظام الاقتصادي العالمي كله. فهل تجرؤ على أن تضحي بعرش الدولار مقابل مغامرة عسكرية؟ أم أنها، كالإله المرهق في الأساطير، تريد أن تبقى على عرشها دون أن تخوض حربًا تستهلك دماءها وصورتها معًا؟ في المقابل، تقف إيران كبروميثيوس المقيّد، تسحب من النار قبسًا لتقول للعالم إنها باقية، إنها قادرة على أن تكون حجر عثرة في طريق العملاق. لكنها أيضًا تعرف أن ضربة واحدة من سيف ذلك العملاق قد تجعلها رمادًا.ومع ذلك، لا أحد يجرؤ على الضربة الأولى. فالحرب هنا ليست مجرد قرار عسكري، بل هي قدرٌ متردد. كأنها برق يضيء في السماء منذ عقود لكنه لا ينزل صاعقًا على الأرض. كلا الطرفين يخشى أن يبدأ، لأن البداية قد تعني النهاية. وكأنهما عاشقان غريبان، يلتقيان في ساحة تحدٍ لا يستطيعان الفكاك منها: كلٌّ منهما يحدق في عيون الآخر، وكلٌّ يخشى أن يرمش أولًا.
فهل الحرب قدر محتوم لا مفر منه؟ أم أنها وهم، طيف يتغذى على المخاوف، ويُستعمل كفزاعة لإبقاء العالم في حالة ذعر؟ هل نحن أمام قيامة معلّقة، أو على مسرحية لم يكتب لها الفصل الأخير؟ وإن كُتِب، هل سيكون دمويًا كما يليق بالتراجيديات القديمة، أم أنه سيتحوّل إلى مشهد تفاوضي باهت على طاولة في جنيف أو فيينا؟
إن أخطر ما في هذا الصراع أنه لا يخص أمريكا وإيران وحدهما، بل يخص صورة العالم المقبل: هل سيبقى العالم تحت شمس القطب الواحد، أم ستولد شموس جديدة من رماد هذه المواجهة؟ هل نحن مقبلون على زمن يُشبه عصور التحول الكبرى، حين سقطت روما، أو حين انطفأت أنوار الأندلس؟في النهاية، يبقى السؤال معلقًا بين الأرض والسماء: أيهما أكثر رعبًا، حرب معلنة تبدأ غدًا وتُحسم، أم حرب صامتة تظل تعيش معنا لعقود، تنهكنا دون أن نعترف بها؟ لعل الشرق الأوسط، كما يقول الشاعر، يعيش في "المنطقة الرمادية" حيث لا سلام يتحقق ولا حرب تنفجر. وكأننا أبطال في ملحمة لم يخبرنا الراوي بعد كيف ستنتهي.
قد تبدأ الحرب في لحظة خاطفة لا يتوقعها أحد، وقد تظل مؤجلة حتى يشيخ الانتظار ويُرهق كل قلوبنا. لكن الحقيقة أن الحرب لم تعد مجرد احتمال… إنها زمن نعيشه بالفعل، زمن الانتظار المسموم، حيث ينزف الناس في صمت، بينما تتلاعب القوى الكبرى بالمصير كما لو كان مسرحية تراجيدية بلا خاتمة.



#حامد_الضبياني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المقاهي الشعبية المصرية… أرشيف الأرواح وذاكرة الحكايات
- العراق والمخدِّرات بعد 2003: اقتصاد الظلّ الذي يلتهم المجتمع
- لهيب العِشْق
- لعنة الذيول-
- حين تنكسر الموازين وتتعثر الأرض بخطى السياسة
- أنفاسكِ سَكني
- في قلب الجرح والحب
- -ريما حمزة... عندما تعزف القصيدة وتكتب الموسيقى-
- حين يُحاصَر الفن في وطن المواهب
- بان زياد… حين يختنق الحق بين أضلاع البصرة
- ما بين قلبي وعيناكي
- من المعلقات إلى المكتبات: رحلة خالد اليوسف في سطور الوطن
- غزال الروح
- ماريا تيريزا ليوزو… سيدة الحرف المترف بين زيتون كالابريا وعب ...
- يا غيمةً
- -العراق.. وطنٌ يضيء بالوعود وينطفئ بالابتسامات-
- الذين يريدون أن يفاوضوا ملك الموت
- -لظى الشوق في غيابك-
- حين تنام القصيدة ويصحو الخراب… قراءة في نص «وطنٌ يبيع ملامحي ...
- تاريخ العقول الممنوعة — حين يصبح الفكر تهمة أكبر من الخيانة


المزيد.....




- جرافة تفقد فراملها على الطريق.. شاهد ما حصل لهذه الآلة بوزن ...
- نظرة فاحصة داخل آلة -الدرون- الروسية بحرب أوكرانيا
- 4.5 مليون مشاهدة.. مشهد لتمساح ضخم بمواجهة أسماك قرش ينتشر ع ...
- ترامب يبعث رسالة في ذكرى يوم استقلال أوكرانيا.. ماذا جاء فيه ...
- -عاقبوا إسرائيل الآن-.. تظاهرات حاشدة في 40 موقعاً بأستراليا ...
- حريق في محطة كورسك النووية الروسية بعد إسقاط مسيرة أوكرانية ...
- وجها لوجه ضحايا صيدنايا يواجهون جلاديهم
- هجمات الاحتلال تهجّر مزيدا من سكان مدينة غزة والعدوان يتصاعد ...
- استشهاد صحفي فلسطيني أثناء تغطيته استهداف المجوّعين شمالي غز ...
- للمرة الرابعة.. ترامب يمدد فترة السماح لمنصة -تيك توك-


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - على حافة القيامة: الحرب المؤجلة بين أمريكا وإيران