أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بديعة النعيمي - قراءة في عملية -جدعون٢














المزيد.....

قراءة في عملية -جدعون٢


بديعة النعيمي
كاتبة وروائية وباحثة

(Badea Al-noaimy)


الحوار المتمدن-العدد: 8442 - 2025 / 8 / 22 - 14:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قراءة في عملية "جدعون٢"

أُطلقت دولة الاحتلال مؤخرا عملية "عربات جدعون٢" في ظل غياب واضح لأي أهداف استراتيجية معلنة، ما سيجعلها امتدادا مباشرا لفشل "عربات جدعون ١".
ورغم أن الاحتلال روج لهذه العملية على أنها مرحلة حاسمة للسيطرة على ما تبقى من مدينة غزة، فإن ما يحدث مع الجيش في الميدان، يكشف هشاشة الفرضيات التي تستند إليها مغامرة "جدعون ٢".

وتأتي هذه العملية، بعد شهور من فشل الاحتلال في إخضاع غزة رغم ما وصفه بسيطرته على ٧٥% من أراضيها، وهو رقم اتضح زيفه، حين واصلت المقاومة الفلسطينية إطلاق الصواريخ من مناطق يفترض أنها أصبحت تحت "السيطرة الكاملة" لجيش الاحتلال. وبينما دفع هذا الجيش بعشرات الآلاف من جنوده إلى الميدان، وتحديدا إلى أحياء مثل حي الزيتون، لم تظهر مؤشرات حقيقية على تحقيق إنجاز نوعي، بل على العكس تماما، فقد ازداد الضغط الداخلي في دولة الاحتلال بفعل تآكل ثقة الشارع اليهودي بالقيادة السياسية والعسكرية على حد سواء.

واللافت أن توقيت إطلاق هذه العملية جاء متزامنا مع مبادرات دولية جديدة لوقف الحرب وإعادة مقترح "ويتكوف" إلى الواجهة، الأمر الذي فسرته المقاومة الفلسطينية، وتحديدا حركة حماس، على أنه استخفاف واضح بالوسطاء، وسعي صهيوني للهرب إلى الأمام بعد فشل الخيارات الدبلوماسية والقتالية السابقة.

وقد وصفت حركة حماس "عربات جدعون ٢" بأنها تكرار أعمى لتجربة بائسة لن تفضي إلا إلى مزيد من الخسائر والارتباك، وهو توصيف يتوافق مع ما أورده العديد من المحللين العسكريين في دولة الاحتلال أنفسهم، الذين حذروا من أن العملية تفتقر إلى أي رؤية واضحة، وقد تمتد إلى عام ٢٠٢٦ دون نتائج ملموسة.

وتجدر الإشارة إلى أن "عربات جدعون ١" لم تحقق أيا من أهدافها، وبدلا من ذلك فقد كشفت عن خلل تنظيمي عميق داخل جيش الاحتلال، خصوصا على مستوى التنسيق بين الأذرع القتالية والاستخباراتية، إضافة إلى فضائح تتعلق بعمليات قتل متعمد لمدنيين عزل، وتباينات حادة في قراءة الميدان، ما دفع قادة بارزين، بمن فيهم مسؤولون في سلاح الجو، إلى وصف تلك الحملة بالفاشلة والمرتجلة.

وقد استثمرت المقاومة الفلسطينية هذه التصدعات لتوجيه ضربات نوعية، كما حدث في خان يونس قبل يومين من كتابة هذا المقال، فقد تمكن مجاهدو القسام من الإغارة على موقع مستحدث للعدو جنوب شرق مدينة خانيونس جنوب القطاع بقوة قوامها فصيل مشاة، واقتحموا الموقع واستهدفوا عددا من دبابات الحراسة من نوع "ميركفاه ٤" بعدد من عبوات الشواظ وعبوات العمل الفدائي وقذائف *الياسين١٠٥*. كما استهدفوا عددا من المنازل التي يتحصن بداخلها جنود الاحتلال لتثبيتها ب ٦ قذائف مضادة للتحصينات والأفراد ونيران الأسلحة الرشاشة، واقتحم عدد من المجاهدين المنازل وأجهزوا بداخلها على عدد من جنود الاحتلال من المسافة صفر بالأسلحة الخفيفة والقنابل اليدوية. وتمكنوا أيضا من قنص قائد دبابة "ميركفاه ٤" وإصابته إصابة قاتلة، ودك المواقع المحيطة لمكان العملية بعدد من قذائف الهاون لقطع النجدات، كما وتم دك موقع العملية بعدد من قذائف الهاون لتأمين انسحاب المجاهدين من المكان. وفور وصول قوة الإنقاذ قام أحد الاستشهاديين بتفجير نفسه في الجنود وأوقعهم بين قتيل وجريح، واستمر الهجوم لعدة ساعات، في عملية وثقت هشاشة التحصينات الأرضية التي يعتمد عليها الجيش الصهيوني.

هذا الواقع يطرح تساؤلات عديدة حول مدى قدرة الاحتلال على خوض معركة استنزاف جديدة، في ظل بيئة مدنية مدمرة في غزة، وخصم يملك الخبرة والمبادرة رغم الفارق الهائل في العدد والعدة.

كل هذا يحدث والائتلاف الحاكم بقيادة "نتن ياهو" يعيش حالة من التخبط العلني، مع تآكل الدعم الشعبي واحتدام الصراع مع المؤسسة العسكرية، التي بدأت تعبر عن استيائها علنا من استمرار الحرب دون هدف واضح.

ومن هنا، فإن "عربات جدعون ٢" لا تبدو إلا محاولة للهروب من فشل سابق، أملا في تحقيق نتائج مختلفة. غير أن الوقائع الميدانية، وصمود المقاومة وشراستها، والانقسام الداخلي في دولة الاحتلال، والانهيار الأخلاقي المتواصل للجيش، جميعها تؤكد أن مصير هذه العملية لن يختلف عن سابقتها.
فقد يحقق الاحتلال بعض التقدم المؤقت على الأرض، لكنه لن يكون أكثر من تكرار فاشل لما سبق، ولن تنجح في إنهاء وجود المقاومة أو فرض أمر واقع جديد، بل ستزيد من كلفة الاحتلال سياسيا وعسكريا.
وبهذا فإني أرى أن ما تسمى "عربات جدعون٢" تسير كسابقتها "جدعون١" نحو هاوية فشلها، إن لم يكن بشكل أقسى وأعمق أثرا.



#بديعة_النعيمي (هاشتاغ)       Badea_Al-noaimy#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رؤية يمينية متطرفة..-E1- كأداة لتثبيت واقع استيطاني لا رجعة ...
- اغتيال الحقيقة..أنس الشريف وشهداء الكلمة في غزة
- إنها -حرب دينية-..قالها -آريه إلداد-
- غزة لا تُحتل مرتين..التاريخ يُعيد دروسه لمن لا يقرأ
- من -الثورة- إلى -الإرهاب-..كيف يُزوَّر التاريخ وتُقلب الرواي ...
- زيارة -ويتكوف- إلى رفح،استعراض إنساني يخفي تواطؤا سياسيا
- عسقلان موعدنا..والأكلة على القصعة
- من سرق البيت لا يحق له ادعاء ملكيته
- غزة بين فصول المجاعة وأبواب الموت الجماعي
- يحيى لم يمت وحده..هذا العالم كله يحتضر
- غزة ومعضلة الاحتلال..من نصر ١٩٦٧ إلى مأز ...
- -المدينة الإنسانية-.. سجن جماعي بمباركة دولية
- وحدة -الاستجابة الأولى-..شرعنة الاستيطان وإرهاب الفلسطينيين
- كمين بيت حانون..المقاومة الفلسطينية تكتب معادلة الاشتباك الج ...
- جنود العدو ..ما بين الكوابيس والوصايا
- عرب المليحات بين فكي التهجير والاستيطان وصمود في وجه الاقتلا ...
- مجزرة بالتقسيط..برعاية الاحتلال وتواطؤ الأنظمة..
- المخدرات في الطحين.. مؤامرة خبيثة لكسر صمود غزة
- من ذريعة الأمن إلى الإقصاء.. الهدم الممنهج كأداة لتصفية القض ...
- الدم الفلسطيني بين مشروع الإبادة وصفقات الاستقرار الزائف..مج ...


المزيد.....




- وصفه بـ-المنحط-.. أول تعليق من ترامب على تفتيش منزل مستشاره ...
- اختفاء خيام ورصد مركبات إسرائيلية في مدينة غزة | بي بي سي تق ...
- جدل في الكويت بعد إغلاق صحيفة وقناة -الصباح- بسبب إسقاط جنسي ...
- كيف يؤثر اختيار الحذاء الخاطئ على صحة جسمك؟
- -لا أحد فوق القانون-.. مكتب التحقيقات الفيدرالي يدهم منزل بو ...
- اعتقاله أشعل السليمانية- من هو المعارض البارز لاهور شيخ جنكي ...
- من الكتابات الجدارية إلى عمليات القتل...كيف تجند إيران إسرائ ...
- سريلانكا: توقيف الرئيس السابق رانيل فيكريمسينجي على خلفية ته ...
- تحذير من استعمار أميركي جديد عبر الذكاء الاصطناعي
- أميركي يوثق فظائع ارتكبها متعاقدون مع مؤسسة -غزة الإنسانية- ...


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بديعة النعيمي - قراءة في عملية -جدعون٢