فؤاد أحمد عايش
كاتب وروائي أردني
(Fouad Ahmed Ayesh)
الحوار المتمدن-العدد: 8437 - 2025 / 8 / 17 - 15:47
المحور:
قضايا ثقافية
في قلب موسكو، حيث يلتقي الماضي بالحاضر، تقف الساحة الحمراء شامخة كأنها مرآة للتاريخ الروسي بكل مجده وتضحياته. ليست مجرد أرض مرصوفة بالحجارة، بل كتاب مفتوح على صفحاته كتبت ملحمة أمة بكاملها. هنا، بين جدران الكرملين وقباب القديس باسيل الملونة، يشعر الزائر أن الزمن توقف ليُصغي إلى نبض روسيا العميق.
الساحة الحمراء ليست مكانًا جغرافيًا فحسب، بل رمزٌ لخلود الهوية الروسية. فمنذ قرون، شهدت هذه الساحة أحداثًا عظيمة: احتفالات الملوك، دخول الجيوش، وخطابات القادة التي غيرت مجرى التاريخ. كل حجر فيها يحفظ ذاكرة، وكل صدى خطوات فيها يروي قصة جيل مضى وجيل يولد من جديد.
إنها مسرح يجتمع فيه الجمال والرهبة معًا. قباب كاتدرائية القديس باسيل الملونة تلمع كأزهار أبدية، بينما يطل الكرملين بجلاله كحارس أبدي على الأمة. وضريح لينين القائم على طرف الساحة يذكّر بأن هذه الأرض لم تكن يومًا عادية، بل كانت دائمًا مسرحًا للأحداث الكبرى التي هزّت العالم.
لكن الساحة الحمراء ليست فقط للتاريخ والسياسة، بل هي أيضًا مكان يلتقي فيه الناس، يتنفسون فيه معنى الوطن. في الأعياد الوطنية، تمتلئ الساحة بالضحكات والأعلام، وتتحول إلى بحر من الفرح والروح الجماعية. وهكذا، تظل الساحة الحمراء بيتًا مفتوحًا لكل أبناء روسيا، يلمّهم الفخر، ويجمعهم الانتماء.
ومن يقف في الساحة الحمراء اليوم، لا يرى حجارة أو أبنية فقط، بل يرى روح روسيا نفسها: أمة تصنع التاريخ، وتحتفظ بذاكرتها، وتنظر إلى المستقبل بعينين تلمعان بالأمل. إنها أكثر من مجرد ساحة، إنها قلب روسيا النابض، ووصية الأجداد للأحفاد بأن الهوية الروسية خالدة، لا تنكسر ولا تزول.
#فؤاد_أحمد_عايش (هاشتاغ)
Fouad_Ahmed_Ayesh#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟