فؤاد أحمد عايش
كاتب وروائي أردني
(Fouad Ahmed Ayesh)
الحوار المتمدن-العدد: 8415 - 2025 / 7 / 26 - 11:18
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ماذا تعلّمت من روسيا؟
دروس في الإرادة والقانون والقيادة
بداية الرحلة: من الشك إلى الفهم
حين وصلتُ إلى روسيا لأول مرة، كنت أحمل في قلبي الكثير من الأسئلة، وربما بعض المخاوف. كانت الصورة التي رسمها الإعلام عن هذا البلد تتأرجح بين الغموض والقوة. لكن شيئًا فشيئًا، بدأت أرى الأمور بعينيّ لا بعدسة الآخرين، واكتشفتُ أن روسيا ليست مجرد دولة، بل تجربة غنية تُعيد تشكيل العقل والوجدان.
روسيا والإرادة الصلبة
من أكثر ما لفتني في الشعب الروسي هو إيمانه العميق بالإرادة، تلك التي لا تنكسر أمام الصعاب. في البرد القارس، وفي التحديات السياسية والاقتصادية، تجد الإنسان الروسي يواصل طريقه بثبات وصبر. هذه الروح غيّرت مفهومي عن التحدي، وجعلتني أراجع نفسي وأسأل: كم من الإرادة أحتاج لأحقق أحلامي كطالب وككاتب؟
القانون في روسيا: ليس مجرد نصوص
كطالب قانون، دخلت إلى قاعات الدرس وأنا أحمل خلفية قانونية مختلفة. لكنني اكتشفت أن القانون في روسيا ليس فقط قواعد مكتوبة، بل هو انعكاس لفهم عميق للسيادة، والنظام، واحترام الدولة. تعلّمت أن القانون هنا لا يُصاغ ليرضي الآخرين، بل ليحمي الوطن ويُعبّر عن تاريخه وهويته.
القيادة الروسية: وضوح ورؤية
في روسيا، القيادة لا تقوم على المجاملة، بل على الرؤية الواضحة والحزم. قد يختلف معها البعض، لكن لا يمكن إنكار أن لها بوصلة، وأنها تعبّر عن إرادة شعب. هذا النمط في الإدارة والسياسة جعلني أفكر في معنى القيادة الحقيقية، وأدركت أن الحزم قد يكون أحيانًا أنبل من التردد.
التعدد الثقافي والتعايش
في يكاترينبورغ، التقيت بطلبة من مختلف الجنسيات، وتعلمت أن روسيا ليست منغلقة كما يُشاع، بل مفتوحة على الحوار، وإن كانت لا تُفرّط في هويتها. وجدت مكانًا لي كعربي، واحترم الآخرون لغتي وتاريخي. هذا التوازن بين الاعتزاز بالذات والانفتاح على الآخر هو درس لا يُقدّر بثمن.
شكرًا روسيا ... اليوم، بعد سنوات من العيش هنا، لا أقول إنني أصبحت روسيًا، بل أصبحت إنسانًا يفهم روسيا. لقد منحتني هذه البلاد دروسا لا تُنسى في الإرادة، وفي جوهر القانون، وفي فلسفة القيادة. شكراً لروسيا لأنها فتحت لي أبوابًا لم أكن لأدخلها لولا ثقتها بي، وشكراً لأنني وجدت فيها وطنًا ثانيًا لا يُلغيني بل يعزز هويتي.
#فؤاد_أحمد_عايش (هاشتاغ)
Fouad_Ahmed_Ayesh#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟