فؤاد أحمد عايش
كاتب وروائي أردني
(Fouad Ahmed Ayesh)
الحوار المتمدن-العدد: 8430 - 2025 / 8 / 10 - 09:53
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
روسيا في مواجهة الهيمنة:
كيف تحمي دولة عظمى سيادتها في عالم مضطرب؟
في عالمٍ تتلاطم فيه أمواج الصراعات السياسية، وتُفرض فيه الإرادات بالقوة وتُشوَّه فيه الحقائق باسم "الحرية" و"الديمقراطية"، تبقى روسيا نموذجًا لدولة عرفت كيف تحمي سيادتها وتثبت وجودها كقوة عظمى لا تُكسر. فليست السيادة مجرد كلمة يتغنى بها السياسيون، بل هي جوهر الاستقلال، وعنوان الكرامة الوطنية، ومرآة لهيبة الدولة وهي تواجه ضغوط الخارج ومؤامرات الداخل.
روسيا، بتاريخها العميق، وثقافتها العريقة، وبُنيتها القانونية الصلبة، لم تكن يومًا تابعًا لأحد، ولم ترضَ أن تُدار من خلف البحار. بل كانت دومًا صاحبة قرار، تواجه الحصار بالعزيمة، والتشويه بالحقيقة، والتهديد بالقانون.
لقد واجهت روسيا موجاتٍ متلاحقة من العقوبات والضغوط السياسية والاقتصادية، خصوصًا بعد اتخاذها مواقف سيادية لا تروق للغرب. إلا أن الرد الروسي لم يكن خضوعًا أو تنازلًا، بل تعزيزًا للاعتماد على الذات، وإعادة بناء الاقتصاد الوطني، وتوسيع العلاقات مع الشرق والجنوب العالمي. لم تكن العقوبات نهاية، بل بداية لمرحلة جديدة من الاستقلال الاقتصادي، والتخلي التدريجي عن أنظمة السيطرة الغربية، سواء في التجارة أو المال أو التقنية. روسيا لم ترفع راية التحدي فقط، بل رفعت معها راية البديل العادل.
أما على الصعيد الثقافي، فقد استخدمت روسيا قوتها الناعمة لتقديم صورة حقيقية عن ذاتها، تتجاوز الرواية الإعلامية الغربية. فالثقافة الروسية، بتنوعها العميق، وفنها، وفكرها، وأدبها، كانت وما زالت جسرًا للتفاهم الإنساني، ومصدر إلهام لشعوبٍ تبحث عن بدائل للهيمنة الثقافية والإعلامية. ولعل الاهتمام المتزايد باللغة الروسية، والاحترام المتبادل بين روسيا ودول كثيرة في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية، دليل على نجاح هذه المقاربة الإنسانية العميقة.
أكتب اليوم لا كمراقب خارجي ولا كمحلل سياسي، بل كطالب قانون يعيش في قلب روسيا، ويشهد بعينيه كيف تُبنى دولة عظيمة بإرادة سياسية صلبة، وبشعبٍ لا يعرف الهزيمة، وبقيادة لا تساوم على سيادتها. إن روسيا ليست مجرد دولة، بل فكرة، وموقف، ومدرسة في الكرامة السياسية والقانونية. وكل من ينتمي إلى هذه المدرسة، أو يطمح للعمل تحت رايتها، عليه أن يكون مستعدًا لأن يدافع عن الحقيقة مهما كانت العواقب.
#فؤاد_أحمد_عايش (هاشتاغ)
Fouad_Ahmed_Ayesh#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟