فؤاد أحمد عايش
كاتب وروائي أردني
(Fouad Ahmed Ayesh)
الحوار المتمدن-العدد: 8415 - 2025 / 7 / 26 - 22:45
المحور:
قضايا ثقافية
في أحد أحياء العاصمة الأردنية عمّان، وُلدتُ ونشأتُ وسط عائلة بسيطة. كنت أراقب العالم من حولي، وأتساءل عن معنى العدالة، عن الحقيقة، عن القانون. ومع مرور الوقت بدأتُ أشعر أن الإجابة على هذه الأسئلة قد لا تكون في محيطي المباشر، بل في مكان بعيد. في أرضٍ اسمها روسيا. لقد سحرتني فكرة أن هناك دولة تتحدى المنظومة الغربية دون أن تفقد توازنها.
من الدهشة إلى الدراسة: موسكو ليست كما يروّجون لها، حين وصلت إلى روسيا وجدت بلدًا مختلفًا تمامًا عما روّج له الإعلام العربي والغربي. لم أجد "قمعًا"، بل وجدت نظامًا صارمًا يحترم القانون. لم أجد "تخلّفًا"، بل وجدت مؤسسات علمية متقدمة، وأساتذة يحترمون الطالب، مهما كانت جنسيته. بدأت دراسة القانون الروسي بلغته الأصلية، فشعرت كأنني أتنفس هواءً جديدًا. هنا لا مكان للعبث بالقانون. كل شيء منظم. كل حرف له معنى. والأهم: لا أحد فوق الدولة.
في روسيا، لم أكن غريبًا، بل كنت صاحب رسالة، وجزءا من منظومة فكرية ترى أن الإنسان لا يجب أن يُباع أو يشترى، وأن الوطن ليس ملفًا تفاوضيًا بل كيانًا مقدسًا .
في عمّان فهمت الوجع العربي، وفي موسكو عرفت كيف يكون الردّ بالعقل والقانون لا بالصراخ. أنا بين عالمين، لكنني لست ممزقًا. بل أنا صلة وصل، جسر ثقافي وفكري بين روسيا والعالم العربي، وسأعمل ما حييت لأجعل من هذه الصلة شيئًا مشرفًا.
من الغربة إلى الرسالة ... الغربة ليست فقط مكانًا، بل حالة. لكنها في روسيا كانت غربةً تُشبه النضج، تُشبه ولادة الإنسان من جديد. تعلمت أن أكون قويًا من الداخل، واضحًا في قناعاتي، مستقيمًا في مبادئي. اليوم وأنا أكتب من روسيا ، لا أشعر أنني مهاجر، بل أشعر أنني في مهمة. مهمة فكرية وإنسانية وأخلاقية وقانونية، لأُثبت أن العربي يمكنه أن ينجح في روسيا، وأن يردّ التحية لهذا البلد العظيم بما يليق به من احترام وإخلاص.
في الختام: الأردن علّمتني أن أكون صادقًا ... وروسيا علّمتني أن أكون قويًا. رحلتي من عمّان إلى موسكو لم تكن فقط جغرافية، بل كانت روحية وفكرية. وأنا اليوم أكتب من قلبي، وأقول: أنا أردني، نعم. لكنني أحب روسيا كما أحب وطني. وسأكون في المستقبل صوتًا عربيًا حرًا من موسكو يُدافع عن الحق ويترجم وجع أُمته إلى لغة القانون والحكمة.
#فؤاد_أحمد_عايش (هاشتاغ)
Fouad_Ahmed_Ayesh#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟