أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض الشرايطي - السودان يحترق... والطبقات الحاكمة تتقاسم الخراب















المزيد.....



السودان يحترق... والطبقات الحاكمة تتقاسم الخراب


رياض الشرايطي

الحوار المتمدن-العدد: 8437 - 2025 / 8 / 17 - 04:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


☆السودان بين الخراب والفرصة الثورية .

منذ الاستقلال، لم يشهد هذا البلد أي مشروع دولة حقيقي يمثل الشعب، بل أصبح ملعبًا لصراعات طبقية، وسيطرة عسكرية، ونهب موارد الشعب من قبل نخبة طفيلية هجينة. هذه الهجينة تجمع بين بقايا الإداريين الاستعماريين، والزعامات الدينية الإقطاعية، وبعض الضباط المتعلمين في مدارس المستعمر، ليخلقوا دولة خارقة للواقع الاجتماعي، لكن غريبة عن الشعب نفسه.
"لا يمكن للشعوب أن تتحرر إلا حين تستعيد زمام مصيرها بيدها، لا حين يقرر لها الجنرالات." – فرانز فانون
"لا يمكن بناء الديمقراطية على جماجم الفقراء؛ الحرية لا تتحقق إلا بالخبز والكرامة." – توماس سانكارا
▪︎جذور الأزمة: دولة بدون شعب :
الدولة السودانية لم تولد دولة وطنية، بل كانت مشروعا لإعادة إنتاج الاستعمار بأدوات محلية. كل محاولة لبناء مشروع وطني شعبي قُوبلت بالقمع والإجهاض المنهجي: ثورات مسروقة، أصوات مكتومة، حقوق مُهضومة، وشعوب محرومة من أبسط متطلبات الحياة. كان الإعلام المحلي والدولي يحصر الأزمة في خصومة بين جنرالين، بينما الواقع أكثر تعقيدًا: صراع بين مشروع دولة للجنرالات والطبقة الحاكمة، ومشروع شعبي ثوري يسعى للعدالة الاجتماعية والسيادة الشعبية.
"الشعوب لا تتحرر إلا حين تتحد ضد من يستغلونها." – ليليانا تونجو
"السيادة الحقيقية تبدأ حين ينظم الفقراء أنفسهم ويصنعون مؤسساتهم." – أميناتا تراوري
▪︎الحرب الحالية… استمرار لأزمة تاريخية :
الحرب السودانية الراهنة ليست حادثا عابرا، بل ذروة لمسار طويل من الخراب المنهجي. الشعب السوداني ليس متفرجا، بل ضحية وهدفا في آن واحد: يُذبح في الشوارع، يُجَوَّع في القرى، ويُدفع إلى المنافي والمخيمات، بينما القوى الدولية والإقليمية تتصارع على موارد البلاد وكأنها سلعة في مزاد عالمي.
"الاستعمار اليوم ليس بالجنود، بل بالاقتصاد والثروات المُسلبَة." – فرانز فانون
"الثورة الحقيقية هي التي تعيد السلطة للشعب، وليس لمرتزقة الجنرالات." – توماس سانكارا
▪︎الثورة من تحت… البداية الحقيقية :
الثورة ليست حدثا مؤقتا، ولا شعارا يُرفع. الثورة هي سيرورة مستمرة، تجربة يومية، تنظيم شعبي، بناء مؤسسات بديلة، وإعادة صياغة الدولة من الأساس. تبدأ الثورة من اللجان الشعبية، النقابات المستقلة، التعاونيات الزراعية، نساء الأرياف، وعمال المصانع والشباب العاطلين. من تحت ينبثق المشروع الوطني الحقيقي، وليس من فوق القصور أو غرف الاجتماعات المغلقة.
"الثورة ليست مجرد لحظة، بل نضال دائم لإعادة بناء الإنسان والمجتمع." – فرانز فانون
"من قلب المعاناة يولد التنظيم، ومن التنظيم يولد التحرر." – توماس سانكارا
▪︎الفرضية المركزية :
هذا المقال يطرح فرضية واضحة: لا دولة حقيقية في السودان ما لم تُبنى من تحت، ولا سيادة للشعب ما لم يتمكن من إدارة مصيره بنفسه، ولا عدالة اجتماعية ما لم تتحقق إعادة توزيع للثروة والسلطة بشكل جذري. كل فصل من الفصول القادمة يعالج جزء من هذه العملية: التشخيص، التحليل الطبقي، البناء الشعبي، الاقتصاد البديل، التعليم المستقل، الإعلام الشعبي، والعدالة الثورية، وصولا إلى الدولة الشعبية البديلة والسيادة الحقيقية.
"كل ثورة تبدأ بفكرة، وتستمر بوعي، وتنمو بتنظيم الشعب نفسه." – أميناتا تراوري
"من يملك الأرض والعمال، يملك مستقبل الحرية." – توماس سانكارا
في هذه المقدمة المطوّلة، نسعى إلى إعادة النظر في السودان، ليس كحالة أزمة فقط، بل كفرصة تاريخية لإعادة صياغة الدولة والمجتمع من جديد، على قاعدة العدالة، السيادة الشعبية، والوعي الجماعي. إنها دعوة لفهم أن الثورة ليست مجرد حدث، بل بناء يومي مستمر، تتشابك فيه القوى الشعبية، وتنمو فيه المؤسسات من القاعدة نحو القمة، لتعيد للشعب حقوقه، وتبني المستقبل بيده.

الفصل الاوّل: الدولة السودانية ليست لنا! .

منذ لحظة الاستقلال في عام 1956، لم يُمنح السودان لشعبه، بل لطبقة هجينة انتزعت السلطة من رحم الاستعمار. هذه الطبقة كانت مزيجًا معقدًا من كبار الضباط المتعلمين في مدارس المستعمر البريطاني، وزعماء الطوائف الدينية الذين ارتبطوا بالشبكة الاستعمارية، وكبار ملاك الأراضي في الشمال والوسط. شكلت هذه القوى نواة ما سُمّي بـ"الدولة الوطنية"، لكنها لم تكن وطنية في جوهرها، بل كانت أداة لإدامة استغلال الطبقات العليا على حساب الأغلبية المهمشة.
الجيش السوداني، منذ انقلاب عبود مرورا بالنميري، وصولا إلى البشير والبرهان، لم يكن يوما مؤسسة محايدة، بل أصبح أداة لحماية مصالح الطبقة المالكة، يقتل باسم "الوحدة الوطنية"، ويكمّم الأفواه تحت راية "الأمن القومي". كل محاولة لإشراك الشعب في إدارة شؤونه أو فتح المجال للعدالة الاجتماعية كانت تُقمع بالقوة، لتصبح الدولة مجرد جهاز لحماية مصالح النخبة، وليس لتنمية البلاد أو خدمة المواطنين.
لقد أصبح واضحا أن الدولة السودانية بعد الاستقلال كانت امتدادا ناعما للاستعمار، مشروعا مشوّها لإعادة إنتاج الهيمنة الأجنبية باستخدام أدوات محلية. لم يُعِد توزيع الثروة، ولم يتحرر الإنسان من الفقر أو الجهل أو المرض. الدولة كانت دولة النخبة، وخارجها الأغلبية المهمّشة، التي لم تجد سوى الجوع والقمع والنزوح.
"لا يمكن بناء الديمقراطية على جماجم الفقراء، الديمقراطية لا تكون إلا بالخبز والحرية معًا." – توماس سانكارا
"الشعوب التي تفقد قدرتها على المقاومة تفقد مستقبلها." – أميناتا تراوري، مفكرة ثورية أفريقية
"الثورة لا تُقاس بما تأخذه الدولة من السلطة، بل بما تمنحه للطبقات المقهورة." – وليام دابوي، مفكر عالمي ثوري
"الثورة لا يمكن أن تتحقق إلا إذا أُفرغت السلطة من سيطرة النخبة على مصير الشعب." – فرانز فانون، مفكر ثوري عالمي
في هذا السياق، يظهر محمد حمدان دقلو، المعروف بـ"حميدتي"، في بعض الدوائر الغربية والعربية كزعيم شعبي خرج من رحم دارفور المكلومة، لكن هذا تصوير مضلل. فهو ليس نتاج المعاناة الشعبية، بل نتاج رأس المال الحربي والسياسات النيوليبرالية المتوحشة، وأداة لتأمين مصالح خارجية. قوات الدعم السريع التي يقودها لم تُنشأ لحماية الوطن، بل لحماية مصالح اقتصادية وسياسية خارجية، سواء في السودان أو خارجه. لقد قاتلت في اليمن، وحصلت على أجور بالدولار من السعودية، وشاركت في ليبيا، وخزّنت الذهب في دبي، لتصبح آلة للربح الحربي وليس لخدمة الشعب السوداني.
"حين تتحوّل الجغرافيا إلى ساحة تصفية حسابات، تصبح دماء الشعوب العملة الوحيدة المتداولة بين الجنرالات." – كوادر الحركة الطلابية، جامعة الخرطوم
"من يسيطر على الجيش يسيطر على الدولة، ومن يسيطر على الدولة يسيطر على الشعب." – أميناتا تراوري
هذا التحليل يُظهر أن الحرب الحالية ليست مجرد نزاع بين جنرالين، بل صراع طبقي وجذري بين مشروع الدولة كأداة للسلطة الخاصة، ومشروع شعبي ثوري يسعى للحرية والعدالة الاجتماعية. الشعب السوداني ليس متفرجًا، بل هو الهدف والضحية في الوقت ذاته، يُذبح في الشوارع، يُجوع في القرى، ويُدفع إلى المنافي والمخيمات، بينما القوى الدولية والإقليمية تتصارع على الموارد والموانئ، كأن البلاد سلعة تُعرض في مزاد القوى.
"الشعب الذي ينسى صراعه اليوم، سيدفع ثمن نسيانه غدا." – أوكتافيو باث، مفكر ثوري عالمي
"أي محاولة لبناء دولة حقيقية يجب أن تبدأ من الأسفل، من القواعد الشعبية، وليس من الأبراج." – توماس سانكارا
"العدالة لا تُبنى بالقوانين فقط، بل بالمشاركة الشعبية والمقاومة اليومية." – ليليانا تونجو، مفكرة ثورية أفريقية.

الفصل الثاني: الدولة الطبقية تنهار… لكن من يملأ الفراغ؟ .

لقد وصلت الدولة السودانية إلى مرحلة من التفسخ البنيوي العميق، حيث لم تعد قادرة على أداء أبسط وظائفها الأساسية. تنهار البنية الاقتصادية، تتعطل الكهرباء، يغيب الماء عن المدن، وتُنهب المساعدات الإنسانية. الموظفون العموميون لا يتقاضون رواتبهم، والمرافق الصحية والتعليمية في حالة انهيار شبه كامل. الدولة، التي من المفترض أن تكون أداة تنظيم وحماية للجماهير، صارت جسمًا هشًا متآكلًا من الداخل.
لكن التاريخ لا يعرف الفراغ. حين تتراجع الدولة، تتقدم القوى غير الرسمية: مليشيات مسلحة، شيوخ قبائل، أمراء حرب، شركات أمنية خاصة، منظمات أجنبية، وواجهات استخباراتية متعددة. في هذه الفوضى، يتعمق النزيف الطبقي: الجوعى يزدادون جوعا، المهجّرون يزدادون تيها، وأمراء المال الحربي يتكاثرون مثل الفطريات بعد المطر.
الواقع المؤلم أن الثورة لم تفشل لأنها غير عادلة، بل لأنها حوصرت من الداخل والخارج. من الداخل، عبر قوى "الهبوط الناعم" التي أرادت ترويض الشارع وتدجينه، ومن الخارج، عبر مؤتمرات المانحين والمبادرات الغربية التي أرادت سودانا بلا سيادة حقيقية، يمكن السيطرة عليه وفق مصالح الدول الكبرى والأسواق العالمية.
"من يسيطر على وسائل الحياة، يسيطر على مصير الشعوب." – فرانز فانون، مفكر ثوري عالمي
"الفوضى ليست دائما فشل الجماهير، أحيانا هي دليل على انهيار السلطة التقليدية." – آشانتيا أكونا، مفكرة أفريقية
"لا يمكن لأي سلطة أن تظل قائمة إذا لم تُبنى على مشاركة الناس الحقيقية." – إدوارد سعيد، مفكر عالمي ثوري
الحل ليس في انتظار الأمم المتحدة، ولا الركون إلى وساطة أمريكية أو إماراتية أو سعودية، التي غالبا ما تحوّل الشعب إلى مجرد رقم في معادلات النفوذ. الحل يكمن في بناء السلطة الشعبية من تحت، من الأحياء، القرى، والمدن الهامشية، حيث تنبثق المبادرات الحقيقية للنضال الشعبي. هذه السلطات البديلة تبدأ كـلجان مقاومة، لا تتعامل مع القوانين الرسمية فحسب، بل تتحول تدريجيا إلى نواة مجتمع جديد، قائم على العدالة والمشاركة الشعبية الفعلية.
"اللجان الشعبية ليست أدوات إدارة، بل نواة دولة أخرى ممكنة." – توماس سانكارا
"كلما كان الناس متحركين من الأسفل، كلما اقتربت الثورة من تحقيق العدالة." – أميناتا تراوري
إننا نشهد لحظة شبيهة بما شهدته شعوب كثيرة: انهيار الدولة المركزية. لكن في هذه اللحظات، لا يربح فقط من يملك السلاح، بل من يملك الخيال السياسي، القدرة على التنظيم، والارتباط بالجماهير. فإما أن نعيد إنتاج الخراب بوجوه جديدة، أو ننتزع مصيرنا بأنفسنا، من خارج كل المعادلات الرسمية، نحو نظام جديد جذري، تُعاد فيه الثروة إلى الشعب، ويُبنى فيه القرار على قاعدة الطبقات الشعبية وليس على القواعد العسكرية أو مصالح الشركات الكبرى.
"الثورة ليست هبة تأتي من فوق، بل هي نضال يومي مستمر من الأسفل." – أوكتافيو باث
"إن لم نبنِ سلطة شعبية حقيقية، فإن الدولة ستظل مجرد واجهة للنهب والتحكم." – ليليانا تونجو
في هذه اللحظة الحرجة، يصبح واضحا أن القوة الحقيقية لا تكمن في احتكار الدولة للأجهزة، بل في قدرة الجماهير على تنظيم نفسها وإنشاء بدائل مستقرة وفاعلة. من لجان المقاومة إلى النقابات المستقلة، من التعاونيات الزراعية إلى المدارس الشعبية، يجب أن تتحول المبادرات اليومية إلى مشروع وطني شامل قادر على مقاومة الهيمنة الطبقية، وإعادة تعريف معنى السلطة والدولة الحقيقية في السودان.

الفصل الثالث: الثورة من تحت… أو لا تكون .

لن تكون الثورة السودانية ثورة حقيقية إذا لم تنبع من قلب المعاناة الشعبية، من الأزقة الفقيرة، من النضالات اليومية للنساء والفلاحين والعمال والطلاب. الثورة ليست مجرد شعار أو حدث إعلامي، بل سلسلة يومية من النضال والصراع ضد القهر والاستغلال. كل خطوة صغيرة في السوق الشعبي، كل تجمع للعمال والمزارعين، كل لجنة مقاومة في حي هامشي، هي إشارة حية على ولادة سلطة شعبية جديدة.
الثورة من تحت تعني خلق سلطة بديلة لا تشبه مؤسسات الدولة القديمة، سلطة تنمو من رحم الجماهير، من المشاركة المباشرة، من التنظيم القاعدي. هذه السلطة البديلة لا تأتي بمرسوم، بل تنشأ من ممارسات الناس اليومية، من التضامن في الحي، ومن مقاومة الجوع والفقر والقمع.
"الثورة لا تصنعها المؤسسات، بل تصنعها الجماهير التي تناضل يوميا لتأمين حياتها." – فرانز فانون
"السلطة التي لا تنبع من الجماهير ليست سوى قناع للديكتاتورية." – أميناتا تراوري
"كل حركة شعبية حقيقية تبدأ من الأسفل، من حيث يعيش الناس ويعملون ويقاومون." – توماس سانكارا
هذه الثورة تتحدى هرم السلطة وتفكك الوصاية. هي ثورة ضد طبقة، ضد نظام، ضد الاستلاب الاقتصادي والسياسي، وليس ضد شخص أو حكومة بعينها. الثورة من تحت لا تخاف الفوضى، لأنها تعلم أن الفوضى القائمة ليست من صنع الجماهير، بل من إنتاج الجنرالات والممولين الدوليين.
في الواقع السوداني، الجوع والنزوح والبطالة ليست مجرد أعراض اقتصادية، بل أدوات تحكم تستخدمها النخبة الحاكمة للسيطرة على الجماهير. إن الثورة من تحت تتحرك لتحويل هذه المعاناة إلى قوة تنظيمية، استراتيجية، ومقاومة. كل مخبز يُنتزع من احتكار السلطة، كل حقل يُدافع عنه الفلاحون ضد البائعين الدوليين، كل حي ينظم نفسه ذاتيا، هي خطوة نحو بناء السودان الحقيقي، السودان الذي يملكه الشعب، لا الجنرالات ولا الشركات الكبرى.
"لن يتحرر الشعب إلا حين يتولى زمام مصيره بيده، وليس حين يُمنح له جزء من السلطة." – وليام دابوي
"الثورة من الأسفل هي التي تحرر الإنسان من الاستلاب السياسي والاقتصادي." – ليليانا تونجو
"المستقبل لا يُكتب في غرف مغلقة، بل في أحياء الفقراء والمزارع والحقول." – أوكتافيو باث
إن الثورة من تحت ليست مجرد فعل مقاومة، بل برنامج لبناء دولة جديدة من قلب الجماهير: دولة تُدار بشفافية، بوجوه معروفة للجميع، لا بموظفين مرتبين في دواليب بيروقراطية لا ترحم. إنها ثورة يومية، تبدأ من التنظيم الشعبي، مرورا بالتخطيط الاقتصادي والاجتماعي، وصولا إلى تحرير الأراضي، المصانع، الموارد، وإعادة توزيع الثروة بما يضمن العدالة الاجتماعية والسيادة الشعبية.
"الثورة ليست حدثا، بل سيرورة. ليست شعارا، بل برنامج. ليست حلما، بل نضال يومي ضد القهر." – توماس سانكارا
"من لا ينظم نفسه من الأسفل، يُسحق من فوق." – أميناتا تراوري

الفصل الرابع: الخرائط تتغيّر… من يرسمها؟ .

العالم يعيد رسم خرائطه من جديد، لكن ليس على طاولات مفاوضات الشعوب، بل في غرف مغلقة بين رجال أعمال وسماسرة حروب ودبلوماسيين نافذين. السودان، مثل غيره من بلدان الجنوب العالمي، لا يُعامل كدولة حقيقية، بل كخريطة مصالح، سلعة تُباع وتُشترى وفق أجندات القوى الكبرى.
تسعى فرنسا للحصول على نفوذ سياسي واستراتيجي، الإمارات تبحث عن موانئ ومراكز لوجستية، روسيا تطرح قواعد بحرية لمشروعها الإقليمي، أمريكا تهدف إلى استقرار استثماري يُغلق الباب أمام أي نفوذ منافس، بينما الصين تعمل بهدوء على نسج شبكة اقتصادية عبر مشاريع البنية التحتية والاستثمارات المباشرة. في هذا المشهد الدولي، غالبا ما ينسى أن الخرائط التي تُرسم في الغرف المغلقة ليست سوى خطوط تفصل مصالح الجنرالات والممولين الدوليين، لا مصالح الشعب السوداني.
"إذا لم تتحرك الجماهير، فإن الخرائط تُرسم على حساب دماء الفقراء." – فرانز فانون
"المستقبل لا يُحدد في القاعات الملوّنة، بل في ساحات النضال الشعبي." – توماس سانكارا
"لا يمكن للحرية أن تتحقق إذا كانت الحدود تُرسم بأيدي المستعمرين الجدد." – أميناتا تراوري
لكن الخريطة الحقيقية، الخرائط التي تخدم الثورة، لا تُرسم إلا حين تتحرك القواعد الشعبية. حين تنتظم لجان المقاومة في تنسيقيات واسعة، وتعلن برنامجا سياسيا واضحا، وتشارك فيه العمال في المصانع، الفلاحون في الحقول، الشباب في الجامعات، النساء في الأحياء الشعبية، عندها فقط تُرسم خرائط السودان الحقيقية، خرائط تقوم على العدالة، المشاركة الشعبية، وتوزيع الموارد بشكل متساوٍ.
في هذه اللحظة، يظهر الفرق بين القوى الحقيقية التي تنتزع حقوق الناس من الأسفل، وبين القوى الرسمية التي تفرض خرائطها من فوق. إن لم نشارك في رسم هذه الخرائط، فإننا سنُمحى من التاريخ، سنصبح مجرد مساحة بين حدود رسمها الآخرون، بلا إرادة، بلا سيادة، بلا أمل.
"من لا يرسم مصيره بيده، يُرسم له من قبل الآخرين." – ليليانا تونجو
"الحرية لا تُمنح، بل تُنتزع عبر التنظيم والعمل الجماعي." – أوكتافيو باث
"القوة الحقيقية للثورة تكمن في قدرة الشعب على رسم خريطته الخاصة." – توكو أكونا
إن لحظة إعادة تعريف السودان لا تعني مجرد التغيرات السياسية على القمة، بل بناء سلطة بديلة متكاملة، قدرة الجماهير على التأثير، وتنظيم الموارد والقرارات الاقتصادية والاجتماعية من الأسفل إلى الأعلى. الخرائط التي تُرسم من القواعد الشعبية ليست مجرد خطوط على ورق، بل خطوط حياة، خطوط نضال، خطوط تحرير.
"الثورة ليست هبة من السماء، بل عملية متواصلة لإعادة رسم العالم وفق العدالة." – فرانز فانون
"إذا لم تُبنى الدولة على المشاركة الحقيقية للجماهير، فإن الخرائط ستظل أدوات للنهب والسيطرة." – توماس سانكارا
في النهاية، الخرائط تتغيّر كل يوم، لكن من يملك القدرة على تحريك الشعب وتنظيمه، هو من يرسم الخرائط الحقيقية التي تحدد مصير السودان. الخرائط الرسمية لا تخدم الشعب، بينما خرائط المقاومة الشعبية هي التي تفتح الطريق نحو الحرية والعدالة والكرامة.

الفصل الخامس: الطريق إلى البدائل… من الخراب إلى البناء .

إنَّ طرح البدائل لا يكون فعليا إلا حين يُقارب جذور الأزمة، لا قشورها. فالثورات لا تُنتج نفسها تلقائيا، بل تحتاج إلى أدوات تنظيمية، شبكات قوية، تصور شامل لتغيير الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي. البدائل ليست شعارات رنانة تُرفع في ساحات المدن، بل استراتيجيات عملية تبدأ من البسيط، وتنتهي بتحول تاريخي شامل.
1. بديل اقتصادي من الشعب وللشعب :
لا خلاص من التبعية الاقتصادية إلا بالخروج من منطق السوق الحر الذي سلّع كل شيء، حتى التعليم والصحة. أولى البدائل تبدأ باسترداد الأرض من الشركات الكبرى وإعادة توزيعها على الفلاحين. يجب بناء نموذج اقتصاد تعاوني، قائم على التعاونيات الزراعية والعمالية من الأسفل، لا بإملاء من الوزارات أو رجال الأعمال. حين يملك العامل آليته ويشارك في اتخاذ القرار، لا تعود الثورة وعدا، بل تصبح واقعا ملموسا.
"لا يمكن للحرية أن تتحقق دون استقلال اقتصادي حقيقي، دون سيطرة الشعوب على مواردها." – فرانز فانون
"كل مشروع تحرري يبدأ من الأرض، ومن قدرتنا على التحكم في غذائنا." – توماس سانكارا
2. نقابات مستقلة حقيقية لا صورية :
تحرير النقابات من قبضة السلطة والأحزاب الانتهازية أمر أساسي. لا تمثيل للعمال إلا إذا كان ينبثق من صفوفهم مباشرة، عبر انتخابات حرة من القاعدة إلى القمة. النقابة ليست مجرد أداة لتحصيل الرواتب، بل جزء من القرار السياسي، من موقع الطبقة، لا من موقع التكنوقراط أو الواجهات الرسمية.
"العمال الذين لا يملكون نقابات حقيقية، لا يملكون الثورة." – أميناتا تراوري
"النقابات الحقيقية هي أساس بناء السلطة الشعبية." – وليام دابوي
3. التعليم الثوري كثورة دائمة :
التعليم ليس حياديا، إما أن يكون أداة تحرر أو وسيلة استعباد. يجب صياغة مناهج تعكس واقع السودان، تحرر الفكر، وتقدّم معرفة عملية وفكرية للجماهير. المدارس والمراكز الشعبية تُدار جماعيا، ويُعلَّم فيها العمل، اللغة، التاريخ من زاوية المقهورين، لا من زاوية النخبة أو البنك الدولي.
"التعليم هو السلاح الأقوى لتحرير الإنسان والمجتمع." – فرانز فانون
"كل مشروع تحرري حقيقي يبدأ من تغيير طرق التفكير والتعليم." – ليليانا تونجو
4. إعلام من الناس، لا من الشركات :
ثورة بلا إعلام بديل هي ثورة تُذبح في الظلام. يجب خلق شبكات إعلامية أفقية: راديوهات محلية، مجلات حائطية، فيديوهات قصيرة، مسرحيات متنقلة، وغيرها. الإعلام الحقيقي ينقل نبض الحي والشارع والمعاناة اليومية للجماهير، لا بروتوكولات القصر وبيانات الجنرالات.
"من يملك الإعلام، يملك القدرة على تشكيل الوعي الجماعي." – توماس سانكارا
"الإعلام الحر هو جزء من الثورة اليومية." – أوكتافيو باث
5. العدالة الثورية لا الانتقامية :
القصاص العادل لا يكون في محاكم الجنرالات، بل في محاكم شعبية تحاكم المنظومات وليس فقط الأفراد. العدالة الثورية تعيد توزيع الحقوق، تعاقب النهب المنظّم، وترد الاعتبار للضحايا، لتصبح الأساس في بناء دولة قائمة على القانون الشعبي والمساواة.
"لا حرية بدون عدالة، ولا عدالة بدون شعب قادر على محاسبة القادة." – فرانز فانون
"العدالة الحقيقية تبدأ من الأسفل، من حيث يعيش الناس ويقاتلون يوميا." – توماس سانكارا
إن البدائل الثورية، اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا، لا تُبنى من الأعلى ولا تُفرض بالقوة، بل تُنتزع عبر التنظيم الشعبي والنضال اليومي. هي عملية سيرورة مستمرة، تتطور مع الزمن، وتتشابك مع كل جوانب الحياة اليومية، من العمل إلى التعليم، من الإعلام إلى العدالة.
"الثورة ليست لحظة، بل برنامج طويل الأمد لبناء مجتمع جديد." – أميناتا تراوري
"من لم يشارك في صنع البدائل من الأسفل، لا يمكنه الادعاء بالمشاركة في الثورة." – توماس سانكارا

الفصل السادس: الدولة الجديدة… سلطة من تحت

إن انهيار الدولة التقليدية في السودان لم يترك فراغا مجردا، بل فتح الباب أمام إمكانية تأسيس سلطة جديدة تنبثق من أسفل المجتمع. هذه السلطة لا تُبنى على المباني الحكومية، ولا على بروتوكولات القصر، بل على الأرض الواقعية للمعاناة اليومية، من الأحياء الشعبية إلى المزارع، من النقابات إلى التجمعات الطلابية، ومن النساء في الأسواق إلى الشباب في الحيّز المدني.
"من يريد الثورة الحقيقية، يجب أن يخلق سلطة تتجاوز المؤسسات القديمة، سلطة تنبثق من الناس." – فرانز فانون
"لا يمكن للحرية أن تتحقق إلا حين تنظم الجماهير نفسها، وتصبح جزءًا من القرار اليومي." – توماس سانكارا
تأسيس هذه السلطة الجديدة يبدأ باللجان الشعبية، التي تعمل على تنظيم المجتمع من الأسفل. هذه اللجان ليست مجرد أدوات للخدمات أو الدفاع عن الحي، بل هي نوى دولة أخرى ممكنة، دولة تقوم على العدالة الاجتماعية، المشاركة الحقيقية، وإدارة الموارد المحلية بشكل مباشر.
إن الدولة الجديدة يجب أن تكسر كل هياكل السلطة التقليدية: لا جيوش تحكم بالحديد والنار، لا زعماء يُرسمون لهم مصير السكان، ولا مشاريع اقتصادية تُفرض من الأعلى. بدلاً من ذلك، يجب أن تكون السلطة أفقية، تشاركية، تتعامل مع الناس كشركاء في القرار، لا كأدوات تنفيذية.
"إن سلطة الشعب الحقيقية ليست في البندقية فقط، بل في قدرة الناس على إدارة حياتهم بشكل جماعي." – أميناتا تراوري
"الثورة ليست فقط إسقاط طاغية، بل خلق نظام جديد حيث يصبح الشعب مصدر القوة والسيادة." – ليليانا تونجو
الدولة الجديدة من الأسفل تحتاج إلى إدارة متكاملة للموارد، تشمل توزيع المياه، الكهرباء، الغذاء، والتعليم، وتحديد الأسعار وفقا لاحتياجات المجتمع، لا وفقا لحسابات الجنرالات أو شركات النفوذ الخارجي. هذه السلطة يجب أن تكون مرنة، قادرة على التكيف، ومتصلة بكل مستوى من مستويات الحياة اليومية، بحيث تتحول كل مؤسسة شعبية صغيرة إلى جزء من شبكة أكبر تدير السودان على أسس العدالة والمساواة.
في هذا الإطار، تصبح اللجان الشعبية، التعاونيات الزراعية، النقابات المستقلة، والمراكز التعليمية الشعبية أدوات لتأسيس هذه الدولة الجديدة. كل خطوة في هذه العملية هي بناء متواصل للثورة من تحت، حيث يصبح المجتمع ذاته هو الحاكم، وليس أي شخصية أو سلطة مركزية.
"لا ثورة بلا سلطة من تحت، ولا حرية بلا إدارة جماعية للمجتمع." – توماس سانكارا
"الشعب هو الدولة، والدولة هي الشعب." – فرانز فانون
إن بناء الدولة الجديدة ليس مهمة سهلة، فهو عمل يومي مستمر، يتطلب صبرا وتنظيما وشجاعة. لكنه الطريق الوحيد لتجنب أن يصبح السودان مجرد ساحة لتصفية حسابات الجنرالات والمستثمرين الأجانب، ولضمان أن تتحول الثورة إلى واقع ملموس، بدل أن تبقى مجرد شعارات تُردد في ساحات المدن.

الفصل السابع: النضال اليومي… من الشارع إلى المؤسسة .

إن الثورة لا تُصنع في مؤتمرات، ولا تُنجز بالتصريحات الإعلامية. الثورة تنبثق من الحياة اليومية، من الشارع، من الأسواق، من الحقول، ومن المدارس، ومن كل زاوية يعيش فيها الناس ويقاتلون من أجل البقاء والكرامة. النضال اليومي هو قلب الثورة، وهو الذي يمنحها القدرة على الاستمرار، وتحويلها من مجرد حالة احتجاجية إلى مشروع اجتماعي سياسي متكامل.
"الثورة ليست لحظة انفجار، بل سلسلة يومية من الأفعال والاختيارات التي تصنع التغيير." – فرانز فانون
"التحرر يبدأ من العمل اليومي، من المقاومة اليومية، من كل خطوة يخطوها الناس نحو الكرامة." – توماس سانكارا
1. الشارع كساحة للنضال:
الشارع ليس مجرد مكان للاحتجاج، بل هو فضاء لإعادة تعريف السلطة والمجتمع. كل وقفة احتجاجية، كل مسيرة سلمية، كل تجمع شعبي هو درس عملي في التنظيم، وإعادة صياغة العلاقات الاجتماعية والسياسية. الشارع يكشف هشاشة الدولة التقليدية، ويتيح للناس أن يختبروا قوتهم الحقيقية عندما يتحدون القمع ويصرون على مطالبتهم بحقوقهم.
"كل ثورة تبدأ في الشارع، وكل دولة جديدة تنشأ من قوة الناس على الأرض." – أميناتا تراوري
"القوة الحقيقية للشعوب تظهر حين يرفضون الركوع أمام الطغاة." – ليليانا تونجو
2. المؤسسات الشعبية… من الحي إلى الميدان :
النضال اليومي يتوسع ليشمل المؤسسات الشعبية التي تبدأ من الحي وتنتقل إلى الميدان الأكبر. اللجان الشعبية، التعاونيات الزراعية، النقابات المستقلة، المدارس والمراكز الشعبية، جميعها تمثل شبكة مترابطة تُعيد بناء الدولة من الأسفل. هذه المؤسسات لا تنتظر إذنًا من أي حكومة، بل تتصرف وفق مصلحة الناس الحقيقية، وتخلق نموذجا لإدارة الموارد واتخاذ القرار بشكل جماعي.
"إذا أراد الشعب أن يعيش بحرية، يجب أن ينشئ مؤسساته بنفسه، لا أن يتركها للجنرالات أو النخبة." – فرانز فانون
"الشعب الذي ينظم نفسه من القاعدة هو الشعب الذي يحمي مستقبله." – توماس سانكارا
3. التعليم والعمل كأدوات للنضال :
النضال اليومي يشمل أيضا التعليم والعمل. كل مدرسة تُدار جماعيا، كل ورشة إنتاج أو مشروع زراعي يشارك فيه العمال والفلاحون هو درس عملي في الثورة، وإعادة بناء المجتمع على أسس العدالة والمساواة. هنا يتعلم الشباب والنساء معنى الإدارة، واتخاذ القرار، والمساءلة، ويصبحون جزء من السلطة الشعبية التي تبني المستقبل.
"التعليم والعمل هما السلاحان الأقوى في يد الشعب لتحرير نفسه." – فرانز فانون
"من لم يشارك في الإنتاج والتعليم اليومي، لا يمكنه الادعاء بالمشاركة في الثورة." – توماس سانكارا
4. التواصل والتنسيق… شبكة الثورة:
النضال اليومي يتطلب شبكة فعّالة للتواصل والتنسيق بين كل المؤسسات الشعبية. هذا يشمل الاجتماعات المنتظمة، التنسيق بين اللجان، تبادل المعلومات بين الأحياء، مشاركة التجارب الناجحة، وإدارة الموارد بشكل جماعي. هذه الشبكة هي العمود الفقري للدولة الشعبية الجديدة، وهي التي تمنع استغلال الفراغ الذي خلفه انهيار الدولة التقليدية.
"الثورة التي لا تنسق بين أبنائها تموت قبل أن تبدأ." – أميناتا تراوري
"شبكة النضال اليومي هي الدولة الحقيقية، وليست المباني الرسمية أو القوانين المكتوبة." – ليليانا تونجو
إن النضال اليومي هو قوة استمرارية الثورة، وهو الذي يربط بين المعاناة اليومية وبين البناء المؤسساتي والاجتماعي. بدون هذه العملية المستمرة، تبقى الثورة مجرد شعارات، لكن مع هذه الممارسة اليومية، يمكن للناس أن يخلقوا سلطة حقيقية، ودولة جديدة، ومجتمعا عادلا وقادرا على مقاومة القمع والهيمنة.
"الثورة ليست حدثا، بل سيرورة مستمرة، تنبثق من الحياة اليومية للشعوب." – توماس سانكارا
"من يعيش الثورة يوميا، هو من يبني المستقبل." – فرانز فانون

الفصل الثامن: القوة الشعبية… أدوات المقاومة والتحرر .

القوة الشعبية ليست مجرد تعبير شعبي عن الغضب، ولا هي مجرد حشود تتظاهر في الشوارع. إنها نسيج من التنظيم، والإرادة، والوعي الجماعي، والقدرة على تحويل المعاناة اليومية إلى فعل سياسي واقعي. القوة الشعبية هي التي تستطيع أن تواجه الجنرالات، وأن تتحدى السياسات الجائرة، وأن تبني مستقبلا جديدا لا يكون ملكا للأقوياء أو الأغنياء فقط، بل لكل من يعيش على أرض السودان.
"الشعب الذي لا يعرف قوته، يظل عبدا للجنرالات والأسياد." – فرانز فانون
"القوة الحقيقية هي في الجماهير المنظمة، لا في الأسلحة فقط." – توماس سانكارا
1. المقاومة اليومية :
المقاومة ليست حدثا واحدا، بل سلسلة من الأفعال اليومية التي تحدد قدرة الناس على البقاء والمقاومة. كل إضراب، كل تجمع شعبي، كل رفض لسياسة جائرة، وكل مشروع تعاوني صغير في الحي أو القرية هو جزء من بناء القوة الشعبية. المقاومة اليومية تعلم الناس كيفية التحرك ضمن استراتيجيات طويلة المدى، وكيفية تحويل الصعوبات إلى دروس عملية للنضال.
"لا ثورة بلا مقاومة يومية، ولا تحرر بلا صبر وعمل مستمر." – أميناتا تراوري
"كل فعل مقاوم، مهما كان صغيرًا، هو خطوة نحو الحرية." – ليليانا تونجو
2. اللجان الشعبية والتنسيق القاعدي :
اللجان الشعبية ليست مجرد أدوات للخدمات أو الحماية، بل مراكز لتشكيل السلطة الشعبية وتوزيع المسؤوليات بين الأفراد والمجتمع. التنسيق القاعدي بين هذه اللجان، سواء في المدن أو الأرياف، يشكل شبكة قوة قادرة على مواجهة الانقسام الذي تحاول الدولة التقليدية فرضه. من خلال هذه الشبكات، يتعلم الناس الإدارة الجماعية، والتخطيط الاستراتيجي، والتعامل مع الموارد بشكل عادل وشفاف.
"إن السلطة الحقيقية ليست في القصر، بل في الأحياء والقرى حيث يعيش الناس ويقاومون." – فرانز فانون
"كل شبكة مقاومة شعبية هي نواة لدولة جديدة." – توماس سانكارا
3. التعليم الشعبي كأداة للتحرر :
التعليم ليس مجرد نقل للمعلومات، بل أداة لتحرير الوعي، وفهم النظام الطبقي، وتطوير القدرة على الفعل الجماعي. المدارس الشعبية، الورش التعاونية، والمراكز الثقافية المجتمعية هي محطات تعليمية للثورة، حيث يتعلم الناس حقوقهم، وواجباتهم، وأدوات النضال من أجل مجتمع جديد.
"تعليم الشعب هو السلاح الأقوى ضد الطغاة." – فرانز فانون
"المعرفة التي تنبع من الواقع اليومي هي أساس الثورة." – توماس سانكارا
4. الإعلام البديل ونقل التجارب :
القوة الشعبية تحتاج إلى وسائل للتواصل ونقل التجارب بين الجماهير. الإعلام البديل، سواء كان راديو محلي، مجلة حائط، فيديوهات قصيرة، أو منصات رقمية مستقلة، هو أداة مركزية لبناء الوعي، وتوثيق النجاحات والفشل، ومواجهة الإعلام الرسمي الذي يحاول تزييف الحقائق.
"الثورة التي لا تملك وسيلة لتوثيق الأحداث ونقل الحقيقة، هي ثورة محكومة بالفشل." – أميناتا تراوري
"الإعلام الشعبي هو صوت الناس، ليس صوت القوى الخارجية أو الجنرالات." – ليليانا تونجو
5. الاقتصاد الشعبي… من البقاء إلى الاستقلال :
القوة الشعبية تتطلب تحويل القدرة على المقاومة إلى مشروع اقتصادي بديل. التعاونيات الزراعية، المشاريع الصغيرة، والشركات التعاونية التي يملكها المجتمع نفسه هي أدوات للتحرر من التبعية الاقتصادية ومن سيطرة رأس المال العسكري والتجاري. هذه المشاريع لا توفر فقط الموارد الأساسية، بل تعزز من استقلالية الناس وتمكنهم من إدارة حياتهم دون الاعتماد على الدولة الفاشلة أو المستثمرين الأجانب.
"التحرر الحقيقي لا يمكن أن يتحقق إلا بالسيطرة على أدوات الإنتاج." – فرانز فانون
"اقتصاد من الناس وللناس هو أساس كل ثورة ناجحة." – توماس سانكارا
القوة الشعبية، بهذه المعاني، هي الركيزة التي يمكن أن تبني السودان الجديد. هي التي تحول المعاناة اليومية إلى فعل سياسي مؤثر، وتربط النضال الاجتماعي بالنضال السياسي، وتجعل من الشعب نفسه مصدر السلطة والمستقبل.

الفصل التاسع: المجتمع المدني كحاضنة للثورة والسلطة الشعبية

المجتمع المدني ليس مجرد حركات ثقافية أو جمعيات خيرية، بل فضاء حيوي لتشكيل الوعي الجماعي، وبناء قوة الشعب، وصياغة مستقبل مستقل عن الدولة التقليدية والطبقة العسكرية الحاكمة. إنه مكان تتلاقى فيه مقاومة الشارع مع تنظيم المؤسسات الشعبية، حيث تتحول المطالب اليومية إلى استراتيجيات تحررية شاملة.
"المجتمع المدني هو المدرسة الحقيقية للحرية، وهو المكان الذي يصنع فيه الناس أدواتهم للنضال." – فرانز فانون
"الشعوب لا تتحرر إلا حين تتجمع قواها في مؤسسات مدنية قوية." – توماس سانكارا
1. الجمعيات والتعاونيات… مدارس الثورة :
الجمعيات المحلية والتعاونيات هي مؤسسات عملية، ليس فقط لتقديم الخدمات، بل لتعليم الناس كيفية إدارة مواردهم، واتخاذ القرار بشكل جماعي، والتخطيط المستقل بعيدا عن هيمنة الدولة أو رأس المال. في هذه المؤسسات، يتعلم الناس مسؤولية أنفسهم ومجتمعهم، وكيفية حماية مصالحهم، وكيفية بناء شبكة من الثقة المتبادلة.
"كل مؤسسة شعبية تدرب الناس على إدارة حياتهم، هي درس عملي في الحرية." – أميناتا تراوري
"التعاون الجماعي هو حجر الأساس لكل مجتمع مستقل وثوري." – ليليانا تونجو
2. النقابات المستقلة… قلب النضال الطبقي :
النقابات المستقلة ليست مجرد أدوات لتحصيل الحقوق المادية، بل محور للوعي الطبقي والنضال المستمر ضد الاستغلال الاقتصادي والسياسي. عندما تنشأ النقابات من القاعدة، ويختارها العمال بأنفسهم، تصبح صوتا حقيقيا يعبر عن مصالح الجماهير ويشكل قوة ضغط على أي طبقة حاكمة تسعى للاستغلال.
"العمل الجماعي في النقابات هو المدرسة الحقيقية للنضال ضد الطغاة." – فرانز فانون
"منظمة العمال هي قلب كل ثورة ناجحة." – توماس سانكارا
3. التعليم البديل والتثقيف السياسي :
المجتمع المدني هو أيضا حاضنة للتعليم البديل والتثقيف السياسي. المراكز الثقافية، المدارس الشعبية، وورش العمل المجتمعية تعلم الناس تاريخهم، وقضاياهم، وأدوات النضال ضد الظلم، وكيفية بناء مؤسسات مستقلة قادرة على مقاومة الاستبداد. هذه العملية لا تقتصر على التعليم الأكاديمي، بل تعليم الحياة، والوعي، والسياسة، والاقتصاد، والاجتماع.
"التثقيف الشعبي هو السلاح الأقوى ضد الهيمنة." – أميناتا تراوري
"الوعي السياسي يولد من الواقع اليومي والمعاناة المشتركة." – فرانز فانون
4. الإعلام المدني ونقل الخبرات :
الإعلام المدني المستقل يشكل جسرا لنقل التجارب، وتوثيق الأحداث، وكشف الانتهاكات، وبناء وعي جماعي. من خلال منصات إعلامية بديلة، يمكن للمجتمع المدني أن يخلق سرديته الخاصة، ويواجه التضليل الإعلامي الرسمي، وينشر قيم الثورة والمقاومة اليومية.
"الإعلام الشعبي هو صوت الجماهير، وليس صوت الحكام أو المستثمرين." – ليليانا تونجو
"تسجيل الأحداث ونقلها هو جزء من النضال ضد الظلم." – فرانز فانون
5. التضامن الشعبي… شبكة مقاومة واسعة :
المجتمع المدني هو شبكة من التضامن الشعبي الممتد بين المدن والقرى والأحياء. هذا التضامن يسمح بربط المجتمعات المختلفة، وتبادل الخبرات، وتقديم الدعم المتبادل في أوقات الأزمات. إنه القوة التي تجعل من الثورة مسألة شاملة، وليست محصورة في حي أو مدينة معينة.
"التضامن هو القوة التي تربط بين جميع المظلومين." – توماس سانكارا
"لا يمكن لشعب أن يقاوم وحده، بل يحتاج إلى شبكة من التضامن المستمر." – أميناتا تراوري
المجتمع المدني، بهذه المعاني، هو حاضنة الثورة الحقيقية، وسياج القوة الشعبية، ومختبر بناء الدولة البديلة. إنه المكان الذي يربط بين الشارع، والمؤسسات الشعبية، والنضال الطبقي، والتثقيف الجماعي، والإعلام البديل، ويحول كل ذلك إلى قوة استراتيجية قادرة على مواجهة كل أشكال القمع والهجوم على الشعب.
"القوة الشعبية الحقيقية تولد من المؤسسات المدنية، وليست من الرصاص أو القوانين." – فرانز فانون
"المجتمع المدني هو قلب الثورة، والمكان الذي تبنى فيه الدولة الشعبية الحقيقية." – توماس سانكارا

الفصل العاشر: بناء الدولة الشعبية البديلة… من التنظيم إلى السيادة .

بناء الدولة الشعبية البديلة ليس مجرد شعار أو فكرة نظرية، بل عملية عملية وعميقة، تبدأ من القاعدة، وتنمو من قلب المجتمع، لتصبح نموذجًا للسلطة الحقيقية التي تمثل مصالح الشعب وليس مصالح الطبقات الحاكمة أو الجنرالات أو المستثمرين الأجانب. هذه الدولة لا تُبنى في القصور أو غرف الاجتماعات المغلقة، بل في الأحياء الشعبية، والقرى، والمزارع، والأسواق، والمصانع، حيث يتعلم الناس إدارة مواردهم، واتخاذ القرارات الجماعية، وممارسة الديمقراطية الحقيقية في حياتهم اليومية.
"الدولة ليست مجرد جغرافيا أو قوانين، بل هي القوة المنظمة للشعب." – فرانز فانون
"لا يمكن بناء الحرية على أساس الخضوع، ولا الدولة الحقيقية على أساس الطاعة." – توماس سانكارا
1. السلطة الشعبية… جذورها في القاعدة :
السلطة الشعبية تبدأ من اللجان الشعبية، النقابات المستقلة، التعاونيات الزراعية، وروابط الأحياء. كل منظمة أو لجنة تمثل نواة لدولة بديلة، حيث يتعلم الناس كيفية المشاركة، وكيفية اتخاذ القرار، وكيفية حماية مصالح المجتمع بشكل جماعي. هذه القاعدة الشعبية هي حجر الزاوية لأي مشروع دولة حقيقية، بعيدة عن الطبقات الحاكمة التقليدية.
"الديمقراطية تبدأ من القاعدة، وليس من الأعلى." – أميناتا تراوري
"من يريد دولة حقيقية يجب أن يبدأ من الشعب وليس من الجنرالات." – ليليانا تونجو
2. القوانين الشعبية والإدارة الجماعية :
الدولة الشعبية البديلة تعتمد على قوانين ومبادئ تحكمها مصالح الناس، وليس مصالح النخبة أو المستثمرين. الإدارة الجماعية للموارد، توزيع الثروات، حماية الحقوق، وضمان الخدمات الأساسية هي الركائز الأساسية لبناء دولة عادلة ومستدامة.
"الحرية الحقيقية لا تتحقق إلا عندما يشارك الجميع في صنع القرار." – فرانز فانون
"إدارة الشعب لمواردهم هي أساس السيادة." – توماس سانكارا
3. الاقتصاد الشعبي… من الاستهلاك إلى الإنتاج :
الاقتصاد في الدولة الشعبية البديلة ليس قائما على التبعية أو الاستهلاك، بل على الإنتاج الذاتي، التعاون، وإدارة الموارد بشكل عادل. الفلاحون، العمال، والحرفيون يصبحون شركاء في الثروة، لا مجرد موظفين أو مستهلكين. هذا الاقتصاد يحمي المجتمع من الجوع والفقر، ويخلق استقلالية حقيقية، ومرونة أمام الضغوط الخارجية.
"التحرر الاقتصادي هو شرط أساسي للتحرر السياسي." – فرانز فانون
"من يملك أدوات الإنتاج، يملك الحرية." – توماس سانكارا
4. الدفاع الشعبي… حماية الثورة والسيادة :
الدولة الشعبية تحتاج إلى أدوات دفاعية تنشأ من الشعب نفسه، لا من الجنرالات أو القوات الخاصة المستأجرة. هذه الأدوات تشمل لجان حماية المجتمع، ميليشيات شعبية، وتنظيمات محلية قادرة على مواجهة أي تهديد داخلي أو خارجي. الدفاع الشعبي ليس للعنف، بل للحفاظ على استقلالية المجتمع، وحماية مكتسباته، وضمان استمرار الثورة من القاعدة إلى القمة.
"الدفاع عن الحرية يبدأ من الشعب نفسه." – أميناتا تراوري
"القوة ليست في الأسلحة فقط، بل في التنظيم الجماعي والوعي." – فرانز فانون
5. التعليم والثقافة… بناء المواطن الحر :
الدولة الشعبية تضع التعليم والثقافة في قلب المشروع الوطني. المدارس والمراكز الثقافية لا تعلم فقط القراءة والكتابة، بل تزرع الوعي السياسي والاجتماعي، وتعزز قيم العدالة والتضامن، وتربي مواطنين قادرين على المشاركة الفاعلة في إدارة المجتمع.
"التعليم هو السلاح الأقوى للثورة والتحرر." – توماس سانكارا
"المجتمع الذي يعرف نفسه هو مجتمع حر." – فرانز فانون
6. الإعلام المستقل… صوت الشعب :
الإعلام في الدولة الشعبية البديلة هو أداة لتوصيل صوت الجماهير، وتوثيق التجارب، ومواجهة التضليل، ونشر الثقافة الشعبية والسياسية. من خلال الإعلام المستقل، يمكن للمجتمع أن يحافظ على وعيه، ويخلق سرديته الخاصة، ويجعل السلطة الحقيقية مرئية للجميع.
"الإعلام الشعبي هو القوة التي تجعل الثورة حيّة." – ليليانا تونجو
"تسجيل الأحداث ونقلها هو جزء من النضال ضد الظلم." – فرانز فانون
7. التضامن الأممي… ربط الثورة بالعالم :
الدولة الشعبية البديلة لا تعيش في فراغ، بل تحتاج إلى شبكة تضامن دولية تربطها بثورات الشعوب الأخرى. التعاون بين الحركات الشعبية في إفريقيا، أمريكا اللاتينية، آسيا، وأوروبا، يخلق قوة مضاعفة، ويمنح المشروع الشعبي قدرة على الصمود أمام الضغوط الدولية والتهديدات الخارجية.
"لا يمكن لأي ثورة أن تنتصر بمعزل عن تضامن الشعوب." – توماس سانكارا
"الثورات تصبح عالمية حين تتوحد الشعوب ضد الاستغلال." – فرانز فانون
الدولة الشعبية البديلة، بهذه العناصر، ليست مجرد حلم، بل مشروع قابل للتحقيق، مبني على القوة الشعبية، والتنظيم، والوعي، والاقتصاد التعاوني، والتعليم المستقل، والدفاع الذاتي، والإعلام الشعبي، والتضامن الأممي. إنها الدولة التي تمثل الشعب فعليًا، وتعيد للثورة روحها، وتعيد للسيادة معناها الحقيقي، بعيدا عن وجوه الجنرالات ورؤوس الأموال الأجنبية.

☆السودان… من الدمار إلى الإمكانية الثورية .

بعد كل ما سبق، وبعد استعراض الفصول العشرة المطوّلة التي تشخّص الواقع السوداني، تحلل الصراعات الطبقية، وتطرح البدائل الاقتصادية والسياسية، نجد أنفسنا أمام حقيقة لا يمكن تجاهلها: السودان اليوم ليس مجرد دولة محطمة، بل مساحة مفتوحة لإعادة بناء المشروع الوطني من جديد، من الأسفل، من الشعب نفسه، من جموع الفقراء والمهمشين، ومن ضحايا الاستبداد والجشع.
"كل مجتمع يسقط حين يبتعد عن العدالة، وكل ثورة تنجح حين تتقوى جذورها في الشعب." – فرانز فانون
"الثورة ليست رفاهية، بل ضرورة حياة أو موت للشعوب المقهورة." – توماس سانكارا
-مسؤولية الجماهير :
إن الخطر الأكبر ليس في الخراب نفسه، بل في الصمت أو التردد أمامه. الشعب السوداني، الذي عاش مآسي لا تُحصى، لم يعد بإمكانه انتظار حلول تأتي من فوق، من الجنرالات، أو القوى الأجنبية، أو المؤسسات الرسمية. السلطة، العدالة، السيادة، والحرية يجب أن تُستعاد من الجماهير نفسها، من خلال تنظيمهم اليومي، وإدارتهم لمجتمعاتهم، ومشاركتهم في صنع القرار.
"لا تحرر بدون شعب منظم، ولا دولة حقيقية بدون مشاركة جماعية." – أميناتا تراوري
"كل نصر يولد من وعي جماعي، ومن القدرة على مواجهة الخطر بتنظيم وإبداع." – ليليانا تونجو
-الدولة البديلة… رؤية ممكنة :
الدولة البديلة ليست حلما بعيد المنال، بل خارطة طريق عملية لبناء سلطة شعبية حقيقية. هذه الدولة:
تعتمد على لجان المقاومة والنقابات المستقلة والتعاونيات الشعبية.
تدير الموارد الاقتصادية والسياسية بشكل جماعي.
تحمي المجتمع من التهديدات الداخلية والخارجية عبر الدفاع الشعبي والتنظيم الذاتي.
تعتمد التعليم والثقافة كأدوات للتحرر والوعي الشعبي.
تضمن الإعلام المستقل كوسيلة لتسجيل الأحداث ونقل صوت الجماهير.
تربط نفسها بشبكات التضامن الأممي لتعزيز القوة والقدرة على الصمود.
"الحرية ليست عطية، بل نضال مستمر؛ والدولة الحقيقية ليست ملكا للجنرالات، بل هي ملك الشعب." – توماس سانكارا
"من يبني مؤسسات الشعب، يبني مستقبله." – فرانز فانون
-الثورة كمسيرة حياة :
الثورة ليست لحظة واحدة، وليست مجرد احتجاجات عابرة، بل مسيرة حياة طويلة، تتطلب التنظيم، الصبر، التعليم، التحليل، والعمل اليومي المتواصل. الثورة تتجذر في كل زاوية من المجتمع، في كل شارع، كل حقل، كل مصنع، وكل بيت من بيوت المهمشين. هي إعادة بناء العلاقة بين المواطن ومصيره، بين الإنسان وحقوقه، بين الشعب والسلطة.
"الثورة لا تتوقف إلا عندما يتحقق التحرر الكامل للشعب." – توماس سانكارا
"كل جيل يجب أن يصنع ثورته، لأن الحرية لا تُورث، بل تُنتزع." – فرانز فانون

إذا كانت السنوات الماضية في السودان شاهدة على الخراب، فإن اللحظة الراهنة هي فرصة استثنائية لإعادة كتابة التاريخ، لبناء دولة للشعب، من الشعب، وبالشعب. الفرصة ليست فقط لإسقاط الجنرالات أو إعادة توزيع السلطة، بل لخلق مشروع وطني يربط العدالة الاجتماعية بالسيادة الشعبية، ويربط الاستقلال السياسي بالتحرر الاقتصادي، ويربط الحرية بالكرامة الحقيقية لكل إنسان سوداني.
"الوطن ليس خريطة على الورق، بل فعل يومي، نضال مستمر، وإرادة جماعية." – توماس سانكارا
"الثورة ليست لهبًا يمر، بل جمرة نخبئها تحت الرماد، لتنفجر حين يحين وقتها." – فرانز فانون
من لجان الأحياء، من النقابات المستقلة، من النساء اللاتي واجهن القنابل بصدور عارية، من الطلاب الذين حوّلوا القاعات إلى منابر، من العمال والمزارعين الذين يصرّون على كرامتهم وحياتهم. الثورة لم تمت، بل تنتظر من يضيء شعلة الأمل من جديد، من يكتب التاريخ بيده، ومن يثبت أن السودان ليس ملك الجنرالات أو رأس المال، بل ملك الشعب، ومن رحم المعاناة يولد المستقبل الحقيقي.
"السودان لم يُخلق للجنرالات، ولا للدولارات، ولا للمقاولين الدوليين. وُلد من رحم المجاعة، ومن دماء الأطفال الذين ماتوا، ليكون بيتا للفقراء، ومعملا للثورة، ومدرسة لتعليم الكرامة." – توماس سانكارا.



#رياض_الشرايطي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة نقدية لديوان -في أن يستكين البحر لفرح موج- لإدريس علوش ...
- البناء القاعدي: من فكرة التحرر إلى أداة الهيمنة؟
- الحداثة والظلامية: وجهان لعملة واحدة في مأزق التاريخ العربي.
- ما بعد الجمهورية: زمن الوحوش أم زمن الاحتمال؟
- الخديعة الأمريكية الكبرى: الإمبريالية وخراب فلسطين.
- اليسار التونسي: بين الأمس الإيديولوجي واليوم السياسي.
- الأخلاق في الميزان السياسي في القرن 21.
- الشعبية: من التحرير الرمزي إلى بناء السيادة الفعلية
- قراءة في رواية -1984- لجورج أورويل.
- الكتابة فعل نضال
- جنوب يخرج من ظلّ الأمم المتّحدة: مقترحات للفكاك من نظام الغل ...
- الحرف ساحة صراع طبقيّ: تفكيك الخطاب وتحرير اللغة من الهيمنة.
- بيان نواة مجموعة يسارية متمرّدة
- الرّأس
- الى الرفيق جورج ابراهيم عبدالله مباشرة
- اليسار المتحزّب واليسار المستقل: بين البيروقراطية والمقاومة. ...
- عالم متعدد الأقطاب الإمبريالية: خرافة التوازن وخطر التجزئة.
- صدى النازية في قلب الحداثة.
- قراءة سريعة في كتاب معذّبو الأرض لفرانز فانون
- ردّ على تفاعل نقدي من رفيق مع مقال- هل لا يزال لليسار معنى ف ...


المزيد.....




- ليبيا: انتخابات بلدية جزئية وسط أعمال عنف وتأجيل بعض مراكز ا ...
- ترامب ينقل لزيلينسكي شروط بوتين لوقف الحرب في أوكرانيا
- البرنامج السري المرعب الذي قادته الاستخبارات الأميركية للتلا ...
- -مستحيل-.. الشرع يرد على مطالب تقسيم سوريا و-الاستقواء- بإسر ...
- لاريجاني: اختراق إسرائيل لإيران موضوع جدي وتجب مواجهته
- عاجل | مصدر بمستشفى المعمداني: 7 شهداء في قصف من مسيرة إسرائ ...
- ميلانيا ترامب تكتب رسالة إلى بوتين.. ماذا جاء فيها؟
- مسؤول أمريكي لـCNN: ترامب دعا عددًا من القادة الأوروبيين لحض ...
- خطة ماكرون الجديدة في أفريقيا
- نائب رئيس الحكومة اللبنانية للجزيرة: علينا تجنب التخوين والت ...


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض الشرايطي - السودان يحترق... والطبقات الحاكمة تتقاسم الخراب