أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محيي الدين ابراهيم - شرائح بحجم حبة الأرز تتحكم في العقول وأحداث العالم أجمع!














المزيد.....

شرائح بحجم حبة الأرز تتحكم في العقول وأحداث العالم أجمع!


محيي الدين ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 8435 - 2025 / 8 / 15 - 00:04
المحور: الادب والفن
    


"في أعمق أرفف الأرشيف المحظور، حيث تتراكم طبقات الغبار فوق أوراق لم تمسها يد منذ عقود، عثرتُ على ملف بلا عنوان. كان مُغلقًا بشريط أحمر باهت، وعليه ختم دائري يحمل عينًا وحيدة تحدق في الفراغ. وعندما كسرت الختم، انسكبت أمامي كلمات لم تُكتب للبشر العاديين... تقارير مبعثرة، خرائط مشفرة، وصور لأشخاص تنظر عيونهم في اتجاهات لا يراها أحد. في قلب هذه الأوراق، تكررت كلمة واحدة: RFID. وكأنها مفتاح لغز يربط بين أجساد البشر وخيوط خفية تمتد عبر القارات..."
تخيل أن حياتك ليست ملكك، وأن قراراتك التي تظن أنها وليدة عقلك، ما هي إلا أوامر تُبث إلى دماغك من مصدر مجهول على بُعد آلاف الكيلومترات. تخيل أن كل خطوة، كل كلمة، كل لحظة انفعال، قد تكون مُبرمجة مسبقًا. هذا ليس مشهدًا من فيلم خيال علمي... بل واقع يتشكل أمامنا.
في قلب هذه القصة تكمن رقاقة التحكم RFID، شريحة بحجم حبة أرز، لكنها قادرة على تغيير مسار حياة إنسان — أو مصير أمة.

من المراقبة إلى السيطرة:
بدأت شرائح الـRFID كتقنية بريئة نسبيًا: وسيلة لتعقب البضائع، تسهيل الدفع، أو تحديد هوية الحيوانات الأليفة. لكن، مثل أي أداة قوية، وجدت طريقها إلى استخدامات أكثر ظلامية. التطور المذهل جعلها اليوم أصغر من رأس الدبوس، مغلفة بمواد حيوية تجعل اكتشافها شبه مستحيل بأجهزة الفحص التقليدية، وقابلة للزرع أو حتى القذف في الجسد عبر أدوات تشبه المسدسات، دون أن يشعر الشخص المستهدف بأي ألم.
هذه الشرائح ليست مجرد بطاقة هوية رقمية، بل مراكز استقبال وإرسال أوامر مشفرة. بإمكانها تلقي تعليمات لاسلكية من أجهزة بعيدة، وربط جسدك — وعقلك — بشبكة غير مرئية.

مشاريع ظل وأجندات خفية:
في أروقة وكالات الاستخبارات، ظهرت مشاريع مثل "فينكس" وامتداداته الدولية. الخطة: زرع هذه الشرائح في أشخاص يتم إعدادهم لتنفيذ عمليات — إرهابية، استخباراتية، أو حتى اغتيالات — ثم إتلاف الشريحة أو إيقافها عن بُعد، تاركين الشخص في حالة إنكار أو فقدان للذاكرة عند القبض عليه. بعضهم يُصفّى فور انتهاء "مهمته"، كما لو كان جنديًا آليًا انتهت صلاحيته.
في 2004، منحت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) موافقتها الرسمية لزرع هذه الشرائح في البشر. وبعدها، تسارعت الأحداث: قوانين رعاية صحية أمريكية تضمنت بنودًا لإجبار المواطنين على حملها، الجيش الإسرائيلي يزرعها في جنوده، وقوى شرطة في لندن تحملها يوميًا.

عين ترى كل شيء:
الأمر لا يتوقف عند التتبع. بدمج تقنية النانو مع مشروع SensorNet، يمكن للشرائح مراقبة نبض قلبك، ضغط دمك، وحتى نشاط دماغك، وربما التأثير فيه. شبكة من 30 ألف برج خلوي تتصل بمراكز تحكم رئيسية، مرتبطة بأنظمة تجسس عالمية، لتشكل ما يشبه "العين التي ترى كل شيء" — الحلم القديم للمتنورين وأي سلطة تسعى للهيمنة المطلقة.

صناعة الأحداث... وصناعة الأبطال:
هل تساءلت يومًا عن غرابة بعض الشخصيات التي قادت أحداثًا في الشرق الأوسط أو ما عُرف بـ"ثورات الربيع العربي"؟ ربما لم يكونوا سوى دمى في مسرح ضخم، تحركها موجات كهرومغناطيسية وبرمجيات داخل أجسادهم. هذه ليست نظرية مؤامرة عادية، بل سيناريو مدعوم بتقنيات موجودة بالفعل، وبتاريخ موثق لتجارب زرع وتحكم في السلوك البشري.

من الأسواق إلى العقول:
الشركات العملاقة مثل "هيتاشي" و"PositiveID" أنتجت رقاقات قادرة على تخزين تاريخك الشخصي بالكامل: هويتك، تعاملاتك المالية، ملفك الطبي، وحتى سجل تحركاتك. وفي حين تُسوّق هذه التقنيات على أنها أدوات أمان أو راحة، إلا أن الوجه الآخر أكثر قتامة: زرعها في جسدك يجعل حياتك — بكل تفاصيلها — تحت رحمة من يملك مفتاح التحكم.

المعضلة الأخلاقية:
هل يتحمل من زُرعت في جسده هذه الشرائح المسؤولية عن أفعاله؟ الجواب ليس بسيطًا. الخبراء يشيرون إلى أن السيطرة الكاملة صعبة، لكنها قد تصل إلى 80% من السلوك، مما يكفي لدفع شخص إلى ارتكاب ما لم يكن ليفعله بوعيه الحر.

المستقبل القريب... أو الحاضر الخفي:
قد تتخيل أن الأمر يخص دولًا بعيدة أو أفلامًا سينمائية، لكن الحقيقة أن تقنيات الـRFID أصبحت تندمج في حياتنا اليومية بلا ضجيج: بطاقات الهوية، جوازات السفر، السيارات الذكية، أنظمة الدفع، وحتى ألعاب الأطفال. وفي عالم تتسارع فيه الحدود بين التقنية والإنسان، يصبح السؤال الحقيقي: هل سنظل نملك إرادتنا الحرة، أم سنصبح نسخًا بشرية في شبكة تحكم كونية؟

صدق أو لا تصدق...
في مكان ما، قد تكون هناك قاعدة بيانات تتلقى الآن إشارات من جسد شخص يقرأ هذه السطور. ربما تلتقط نبضه، تحلل مستوى توتره، وتخزن ذلك في ملف لا يعرف عنه شيئًا. وربما، يومًا ما، يُرسل ذلك الملف أمرًا صغيرًا، لا يتجاوز بضع بتات من البيانات، لكنه كافٍ لتغيير حياته إلى الأبد.
ومن ثم، فالسؤال هنا ليس ما إذا كانت هذه التقنية موجودة... بل من يستخدمها، ولأي غاية.



#محيي_الدين_ابراهيم (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في كتاب ( المصري - The Egyptian by Mika Waltari Transl ...
- قراءة نقدية في الرواية الحائزة على جائزة الدولة التشجيعية -غ ...
- دراسة مقارنة بين مهرجانات المسرح في مصر والعالم
- النجم يحي الفخراني وعرض الملك لير على المسرح القومي نسخة عام ...
- غزة تحت القصف وضمير العالم في غرفة الإنعاش
- ثورة ٢٣ يوليو والتعليم .. حين تصبح الطباشير شعلة ...
- النظرية الكمية تثبت أن هناك ملايين يشبهونك
- العرض المسرحي يمين في أول شمال رائعة المخرج عبد الله صابر
- البلبوص ! ( من القصص السياسي )
- نجيب محفوظ .. عين الفلسفة في الحارة المصرية ( الجزء الثالث )
- نجيب محفوظ .. عين الفلسفة على الحارة المصرية ( الجزء الثاني ...
- نجيب محفوظ .. عين الفلسفة على الحارة المصرية ( الجزء الأول )
- التغيير التربوي وتوسيع آفاق التفكير النقدي
- مذكرات تحية جمال عبد الناصر ( الجزء العاشر - الحلقة الأخيرة ...
- السينوغرافيا في مسرح الغرفة: إعادة إنتاج الفضاء وإعادة تعريف ...
- مسرح العبث: الوعي في حضرة اللاجدوى
- مسرحية حكايات الشتا رائعة المخرج محمد العشري على مسرح الغد
- السعادة بين الفلسفة والعرفان: دراسة مقارنة في تصور ابن سينا ...
- مذكرات تحية جمال عبد الناصر ( الجزء التاسع - الحلقة السابعة ...
- مذكرات تحية جمال عبد الناصر ( الجزء الثامن - الحلقة السادسة ...


المزيد.....




- شاهين تتسلم أوراق اعتماد رئيسة الممثلية الألمانية الجديدة لد ...
- الموسيقى.. ذراع المقاومة الإريترية وحنجرة الثورة
- فنانون يتضامنون مع حياة الفهد في أزمتها الصحية برسائل مؤثرة ...
- طبول الـ-ستيل بان-.. موسيقى برميل الزيت التي أدهشت البريطاني ...
- بين الذاكرة وما لم يروَ عن الثورة والانقسامات المجتمعية.. أي ...
- كيف نجح فيلم -فانتاستيك فور- في إعادة عالم -مارفل- إلى سكة ا ...
- مهرجان تورونتو يتراجع عن استبعاد فيلم إسرائيلي حول هجوم 7 أك ...
- بين رواندا وكمبوديا وغزة.. 4 أفلام عالمية وثقت المجاعة والحص ...
- المعمار الصحراوي.. هوية بصرية تروي ذاكرة المغرب العميق
- خطه بالمعتقل.. أسير فلسطيني محرر يشهر -مصحف الحفاظ- بمعرض إس ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محيي الدين ابراهيم - شرائح بحجم حبة الأرز تتحكم في العقول وأحداث العالم أجمع!