عبدالقادربشيربيرداود
الحوار المتمدن-العدد: 8433 - 2025 / 8 / 13 - 15:55
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في ظل التحولات الرقمية المتسارعة ؛ اصبحت القدرة المعرفية للانسان المعاصر تمر بحالة من الانحدار ؛ وصار التفكير رفاهية ؛ والمشكلة ليست في تراجع معدلات القراءة ؛ او ضعف التحصيل العلمي ؛ بل امتدت الى مستويات اعمق بكثير لتمس بنية الانتباه ؛ التركيز ؛ والقدرة على التفكير التحليلي بفعل الاقتصاد الرقمي السائد اليوم ؛ القائم على الجذب الفوري للانتباه ؛ والتعرض المتكرر للمحتوى السريع والمجزأ ؛ فصار العقل يميل الى الاستجابات السطحية ؛ ويجد صعوبة في الانخراط في مسارات تفكير طويلة ؛ او معقدة حتى بدأت ملامح انقسام اجتماعي جديد تتشكل بصمت ...
لو تمعنا أكثر في الموضوع ؛ نجد أن المعرفة كانت تأريخيا وسيلة للارتقاء الاجتماعي ؛ أما اليوم فبدأت تتراجع ؛ لتشكل تهديدا على مستوى الادراك ذاته ؛ والكفاءة القرائية ؛ ليعكس تدهورا في قدرات الفهم القرائي المبكر ؛ بذلك سنشهد صعودا مقلقا لما بات يسمى ( مجتمع مابعد الثقافة النصية ) في زمن الرقمنة ؛ حيث لاتعود القراءة النصية المصدر الاساسي للمعرفة...
فقراء اليوم ليسوا من المحرومين من الموارد الاقتصادية ؛ بل الغارقون في وسائط رقمية ؛ تضعف قدراتهم المعرفية ؛ الذاكرة ؛ المهارات اللغوية ؛ والقدرة على التحليل ؛ ليكونوا فريسة سهلة للدعاية ؛ الشعارات السطحية ؛ وللمعلومات الزائفة المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي ؛ وبالتالي تهديدا بنيويا للمعرفة...
ففي عالم تهيمن عليه خوارزميات انتقائية ؛ يستهلك فيه المحتوى على شكل مقاطع قصيرة ؛ لتتحول العلاقة بالمعرفة الى علاقة استهلاك ؛ لاعلاقة مساءلة ؛ وهذا التحول لايضعف وعي الافراد ؛ بل يفتح المجال امام تضليل واسع النطاق ؛ حيث تغيب القدرة على التحقق ؛ ويحل التفاعل العاطفي محل التحليل العقلاني ...
مقابل هذا الانحدار المعرفي ؛ بدأت النخب الثقافية ؛ الدينية ؛ ؛ التقنية ؛ وعمالقة التكنولوجيا بالتحصن خلف بدائل تربوية باهضة الثمن ؛ وتقنين أستخدام اطفالهم للشاشات ؛ للسيطرة على أدمان الهواتف الذكية ؛ لغياب سياسة عامة تحمي القدرات الذهنية الجماعية للمجتمع .. وللحديث بقية
#عبدالقادربشيربيرداود (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟