عبدالقادربشيربيرداود
الحوار المتمدن-العدد: 8223 - 2025 / 1 / 15 - 21:25
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
نعيش اليوم في عالم مزدحم بالناس وصاخب ؛ لهيمنة التكنولوجيا على الكثير من مفاصله ؛ وبفضله ( التكنولوجيا ) توفرت العديد من وسائل التواصل الاجتماعي مقارنة بالماضي ؛ وبرغم ذلك يبدو أن الشعور بالوحدة آخذ بالنمو ؛ حتى سماها البعض ب (الوباء ) الذي لايعرف الحدود ؛ كونه يصيب الكبار والصغار على حد سواء ؛ وبسبب قدرته العجيبة على اعادة برمجة أدمغتنا شئنا أم ابينا ...
الشعور بالوحدة ليس حالة ذهنية واحدة ؛ بل هي مجموعة من المشاعر ؛ يشمل الحزن ؛ الغضب ؛ الغيرة ؛ الصحة ؛ الفقر ؛ والتمييز غير العادل في البيت ؛ او في بيئة العمل ؛ التي تفرض العزل غير المحمود ؛ ويعرف هذا النوع من الوحدة بالمزمنة ؛ وهو عكس الوحدة العابرة ...
في دراسة تؤكد أن الشعور بالوحدة متأصل في الانسان ؛ ويخدم وظيفة تطورية تدفعنا الى اتخاذ تدابير تعزز قدراتنا على البقاء على قيد الحياة ؛ لان التغلب على الوحدة لايتعلق ببناء علاقات ؛ بل تحتاج الى بناء ورعاية علاقات ذات مغزى أنساني جميل ؛ اما مفتاح القضية هو أن ننظر الى المواقف على انها تخضع لسيطرتنا ؛ وليس خارج قدراتنا وطاقاتنا كبشر ...
برغم تصنيف الوحدة على انها وباء وفق بعض التعريفات المتداولة ؛ فهذا لايمنع ومن خلال بعض التجارب العملية ؛ ان نقول بانها ليست سيئة دائما ؛ سواء شعرنا بالعزلة وسط الناس او في علاقة ؛ لانها جزء من هويتنا كأنسان ...
من هذا المنطلق ؛ اذا مررنا بمختلف أنماط حياتنا كأنسان ؛ سنجد ان الاشياء التي نشعر بالارتباط بها ستنتهي غالبا ؛ وما يتعين علينا ان نفعله هو اعادة اختراع انفسنا بعد ذلك ؛ واعادة الارتباط بشيء آخر ؛ لكن هذا لايحدث بين عشية وضحاها ؛ لان هناك فترة أشبه بالصحراء القاحلة ؛ علينا ان نعبرها وحيدا فريدا لنصبح شخصا جديدا ؛ وان ننظر الى ذلك كجزء من واقعنا الوجودي كوننا بشرا ؛ وليس مجرد اشارة الى اننا نشعر بأنكسار ؛ او بحاجة الى اصلاح ...
في ظل ازدحام العالم اكثر فأكثر ؛ قد يصبح ايجاد طرقا للتواصل مع الآخرين شيئا نستفيد منه جميعا ؛ ولكن لاينبغي لنا ان ننتقد انفسنا كثيرا عندما نشعر بالوحدة ؛ والا ننسى ان الوحدة ظاهرة طبيعية ؛ متنوعة ؛ ومفيدة في بعض الاحيان ؛ لذلك ومن باب النصح ؛ لابد لنا ان ننصت اليها بكل جوارحنا ؛ كي نجني ثمارها عبر تقلبات حياتنا في القادم من الايام ... وللحديث بقية
#عبدالقادربشيربيرداود (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟