محمد ابراهيم بسيوني
استاذ بكلية الطب جامعة المنيا وعميد الكلية السابق
(Mohamed Ibrahim Bassyouni)
الحوار المتمدن-العدد: 8432 - 2025 / 8 / 12 - 23:17
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مصر تعيش حالة من التيه والارتباك في هويتها، فهي لا تستطيع أن تكون مصرية خالصة بخصوصيتها التاريخية والحضارية، ولا عربية صادقة تلتزم بروح التضامن والعمل المشترك، ولا إسلامية بحق تمثل القيم والمبادئ في صورتها العادلة، بل تحاول أن تكون كل شيء وعكسه في آن واحد. ليست ليبرالية كاملة ولا دينية واضحة، لا اشتراكية ولا رأسمالية، ولا حتى عسكرية بالمعنى الصارم، بل خليط غير متجانس أشبه بالمهلبية؛ لا في حالة حرب مع إسرائيل والغرب ولا في سلام راسخ، وإنما في حالة ضبابية أشبه بـ”حالة دماغ” ممتدة، ولّدت ارتباكًا في الفكر وإحباطًا في النفوس، تمامًا كما عبّر مشهد من فيلم “عسل أسود” عن التناقض والازدواجية.
في ظل هذا المناخ المربك، تتخذ الدولة قرارات ومبادرات تثير الدهشة، مثل إطلاق كشافين يجوبون القرى والنجوع والجبال والواحات، ليس بحثًا عن عباقرة أو علماء يمكن أن يغيروا وجه مصر، ولا عن مشروعات علمية تعيد لها مكانتها، بل في مهمات غامضة لا تمت بصلة إلى التنمية أو النهضة. في الوقت نفسه، تبقى الكفاءات الحقيقية والعقول النابغة في مصر صامتة، إما لأن المناخ العام لا يسمح لها بالعمل، أو لأنها ترفض أن تكون جزءًا من مشهد عبثي لا يليق بتاريخ البلاد ولا بطموحات شعبها.
ومع ذلك، لا ينبغي أن نفقد الثقة بمصر وأبنائها؛ فبين ربوعها يعيش عظماء وعلماء وأدباء وعباقرة لا يحصيهم عدد، اختاروا الصمت مؤقتًا حتى تتغير الظروف، ويعود القرار إلى أهل الكفاءة الذين يعرفون كيف يقودون البلاد إلى المكانة التي تستحقها بين الأمم. وعندها، لن تكون مصر مجرد خليط مرتبك من كل شيء وعكسه، بل دولة تعرف نفسها، وتعرف طريقها، وتعرف كيف تبني مستقبلها بثبات ورؤية.
#محمد_ابراهيم_بسيوني (هاشتاغ)
Mohamed_Ibrahim_Bassyouni#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟