محمد ابراهيم بسيوني
استاذ بكلية الطب جامعة المنيا وعميد الكلية السابق
(Mohamed Ibrahim Bassyouni)
الحوار المتمدن-العدد: 8361 - 2025 / 6 / 2 - 18:36
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في تطور مفصلي قد يعيد رسم خريطة الحرب في أوكرانيا، نفّذت القوات الأوكرانية هجوماً واسعاً بطائرات مسيّرة استهدفت عدة قواعد جوية روسية تُستخدم لانطلاق القاذفات النووية، في واحدة من أجرأ وأخطر العمليات منذ اندلاع الحرب. ووفقاً للمصادر الأوكرانية، أُطلقت الطائرات من داخل الأراضي الروسية نفسها، بواسطة شاحنات كانت متمركزة بالقرب من المطارات المستهدفة، ما يُعد تحولاً نوعياً في أسلوب الحرب وجرأتها.
الهجوم ألحق أضراراً جسيمة بأكثر من 40 طائرة عسكرية، بينها قاذفات استراتيجية تشكل العمود الفقري لمنظومة الردع النووي الروسي، مثل طرازات TU-95 وTU-160. بذلك، لم يكن الهجوم مجرد ضربة تكتيكية، بل رسالة مباشرة إلى قلب العقيدة الدفاعية الروسية، تمسّ أحد أخطر الخطوط الحمراء التي لطالما اعتُبرت خارج نطاق الاشتباك.
لم يعد الصراع يقتصر على إنهاك روسيا في الخطوط الأمامية، بل بدأ يلامس البنية الأمنية الأعمق للدولة. هذا التحدي غير المسبوق يضع موسكو أمام اختبار مصيري: هل تتعامل مع الهجوم بضبط النفس لتفادي التصعيد النووي، أم تردّ بقوة وتُعيد خلط أوراق الحرب في اتجاه أكثر خطورة؟ التاريخ القريب يُظهر أن روسيا حين تُحاصر وتُستفَز في عمقها، تميل إلى التصعيد لا إلى التراجع، وهو ما يزيد القلق من أن يكون هذا الهجوم مقدمة لردّ روسي قاسٍ، وربما غير تقليدي.
ما يزيد المشهد تعقيداً أن هذا التصعيد الأوكراني جاء متزامناً مع تصاعد الضغوط الغربية، خاصة من إدارة الرئيس ترامب، التي تسعى إلى دفع موسكو نحو تسوية سياسية عبر فرض واقع عسكري جديد على الأرض. غير أن مثل هذا النهج قد يؤدي إلى نتائج عكسية، ويُغلق باب التفاوض لصالح منطق القوة والمجابهة.
المخاوف الآن لا تتعلق فقط بتكتيك عسكري أو خسائر ميدانية، بل بتغير نوعي في قواعد الاشتباك. فالهجوم على منشآت الردع النووي، حتى وإن لم يكن نووياً، يُعيد تعريف ما هو “مسموح” وما هو “محظور” في هذه الحرب. وإذا تكررت مثل هذه الضربات، فقد تدخل الحرب طوراً جديداً تتكسر فيه كل الخطوط الحمراء، وتقترب فيه الجغرافيا من حافة صراع شامل قد لا يكون محصوراً داخل حدود أوكرانيا وحدها.
إنها لحظة حرجة في صراع مفتوح، تتقلص فيها مساحات المناورة، وتزداد فيها المخاطرة، وتُختبر فيها أعصاب العالم بأسره
#محمد_ابراهيم_بسيوني (هاشتاغ)
Mohamed_Ibrahim_Bassyouni#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟