أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد ابراهيم بسيوني - ميرامار














المزيد.....

ميرامار


محمد ابراهيم بسيوني
استاذ بكلية الطب جامعة المنيا وعميد الكلية السابق

(Mohamed Ibrahim Bassyouni)


الحوار المتمدن-العدد: 8402 - 2025 / 7 / 13 - 18:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


رواية “ميرامار” لنجيب محفوظ واحدة من أذكى أعماله وأكثرها جرأة في تشريح المجتمع المصري في ستينيات ما بعد الثورة. تدور الأحداث داخل بنسيون صغير تديره سيدة يونانية تدعى مدام مارينا، يطل على شاطئ الإسكندرية، لكنه في الحقيقة يمثل الوطن بكل ما فيه من صراعات طبقية وأيديولوجية. الشخصيات التي تقطن البنسيون ليست عابرة، بل تمثل أطياف المجتمع: زهرة، الفتاة الريفية التي تبحث عن الأمان والتعليم والعمل الشريف، هي مصر النقية التي يتنازعها الجميع. سرحان البحيري، عضو الاتحاد الاشتراكي، يجسد الانتهازية والفساد المغلف بالشعارات الثورية. منصور باهي هو المثقف المتردد، الضعيف، الذي فقد بوصلته. عامر وجدي يرمز إلى جيل الصحفيين والكتاب العجائز الذين يحملون ذاكرة الماضي ولا يستطيعون التأثير في الحاضر. حسني علام شخصية لاهية، تعيش لملذاتها، بينما طلبة مرزوق، الإقطاعي السابق، يبدو الأكثر حكمة في زمن فقد الجميع فيه البصيرة.

الرواية تُروى من خلال أربعة أصوات، في بناء سردي متعدد الرؤى، يبرز التناقضات بين الشخصيات، ويُظهر عمق أزمتهم النفسية والفكرية. التقنية التي استخدمها محفوظ تعكس بدقة تفتت المجتمع، وضياع الرؤية الجماعية، وتحول كل فرد إلى جزيرة معزولة. “ميرامار” كانت نصًا أدبيًا يحمل في قلبه بيانًا سياسيًا ضد ما آلت إليه الثورة من تحولات وانغلاق، وضد النفاق والفساد الذي أصبح جزءًا من الخطاب الرسمي. البنـسيون، وهو المكان المغلق الظاهري، المفتوح دلاليًا، يجسد مصر ذاتها التي تتجاذبها القوى المختلفة دون أن يكترث أحد بمصير زهرة، أي بمصير الوطن الحقيقي.

في النهاية، تهرب زهرة من البنسيون وتخرج إلى البحر مع بائع الصحف الفقير الذي أحبها بصدق، في مشهد رمزي شديد الجمال. البحر هنا ليس فقط فضاءً جغرافيًا، بل هو رمز للحرية والانفتاح على مستقبل نظيف، بعيدًا عن الفساد والانتهازية. ومع أن نهاية الرواية بدت متفائلة، إلا أن محفوظ نفسه سيتخلى عن هذا التفاؤل في أعماله اللاحقة، كما في “أحلام فترة النقاهة”، حين تظهر مصر وقد فقدت توازنها، ولم تعد تعرف إلى أين تتجه.

“ميرامار” ليست فقط قصة فتاة بين رجال، بل هي رواية وطن بين خطابات متضادة، بين مشروع ثوري فقد بوصلة العدالة، ومجتمع لم ينجح في حماية زهوره الصافية. محفوظ لم يكن يهاجم الثورة، بل كان يحاكم من حرفوها، وصمتوا على فسادها، وخذلوا أبسط أحلام شعبها. الرواية كتبت في زمن كان فيه الكلام مكلفًا، لكنها قالت الكثير دون ضجيج، بكلمات رزينة، وشخصيات تحمل من الواقع ما يكفي لجعل الخيال مجرد مرآة.



#محمد_ابراهيم_بسيوني (هاشتاغ)       Mohamed_Ibrahim_Bassyouni#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التعليم اليوم
- حوادث الطرق في مصر
- قانون ايجار الشقق القديمة
- تطوير التعليم
- تكلفة الضربة الأمريكية
- الهروب من اسرائيل
- ماذا يريد ترامب؟
- الصراع الإيراني الاسرائيلي
- أكل لحوم الأضحية
- الحرب الروسية الاوكرانية
- باريس سان جيرمان.. هوية بلا حدود في عالم جديد
- فيروس جديد
- الزعيم جمال عبدالناصر
- عندما تقترب النيران من الحدود، لا يبقى الصمت حكمة، بل تهديدا ...
- تحسين الجودة الصحية
- أنت ما تأكله
- السياسة والدين
- السياسة والدين
- أزمة المجتمع العميقة
- هجرة الاطباء من مصر


المزيد.....




- أول تعليق روسي على إعلان ترامب بيع أسلحة لأوكرانيا
- تحليل لـCNN: لماذا تشعر أوكرانيا بالأمل والإحباط معا تجاه إع ...
- إيران تضع -خطا أحمر- للمشاركة في المحادثات النووية مع أمريكا ...
- الجيش اللبناني يضبط أحد أضخم معامل الكبتاغون على حدوده مع سو ...
- مقتل 48 مدنيا بهجوم لقوات الدعم السريع وسط السودان ونزوح آلا ...
- المحكمة العليا تمنح ترامب الضوء الأخضر لتفكيك وزارة التعليم ...
- هآرتس: تصاعد معدلات الانتحار في صفوف الجنود الإسرائيليين
- البرلمان الجزائري يناقش تعديلات قانون مكافحة تبييض الأموال و ...
- إسبانيا - المغرب: توقيف 9 أشخاص بعد اشتباكات بين متطرفين يمي ...
- المفوضية الأوروبية تقول إنها ستعيد إرسال وفد أوروبي طُلب منه ...


المزيد.....

- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي
- مغامرات منهاوزن / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد ابراهيم بسيوني - ميرامار