أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امغار محمد - السياسة القانونية والتنمية بمغرب الانتقال الديمقراطي اطروحة جامعية















المزيد.....

السياسة القانونية والتنمية بمغرب الانتقال الديمقراطي اطروحة جامعية


امغار محمد
محام باحت في العلوم السياسية

(Amrhar Mohamed)


الحوار المتمدن-العدد: 8432 - 2025 / 8 / 12 - 00:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الحلقة العاشرة
اطروحة الدكتور محمد امغار
جامعة الحسن الثاني الدارالبيضاء المغرب

المبحث الأول: السلطة القبليــــة
تعتبر القبيلة أقدم الوحدات السياسية التي عايشها المغرب وذلك في ظل تواجد نوع من الاستقلالية في تدبير الشأن العام وخاصة المتعلق بوضع وتطبيق القاعدة المعيارية العرفية .
إن ما يمكن إسثنتاجه من خلال مقاربة تحديدات القبيلة سواء في المنظور البنائي الوظيفي" الأنتروبولوجيا" أو في التحاليل الإنقسامية، أو في المقاربة الماركسية، هو أن القبيلة كيان سلالي ينبني على القرابة والنسب ويلتزم بالحفاظ والدفاع على المجالات الحيوية التي تستمد منها وجوده كالمراعي والحقول، وهو أيضا كيان ثقافي يتشبث برموزه وتنظيمه وشعائره وتقاليده وهو في الوقت نفسه ينطوي على نوع من النظام السياسي(1) .
وهذا ما يؤكد أن القبيلة في المغرب كلمة تخفي من ورائها تشكيلات إجتماعية واقتصادية متباينة (2) لكون القبيلة تعرف في إطار تشكيلة إجتماعية تتعايش فيها جملة من الأنماط الإنتاجية مع هيمنة أحدها عن الأنماط الأخرى في بعض الحالات .
وهذا ما يؤكد أن النظام أو النسق القانوني المغربي لايمكن فهمه دون الحديث عن مؤسسة القبيلة وأداوتها المعيارية العرفية.
ان النظام القبلي التقليدي القائم على إقتصاد الريع والخصوصيات الثقافية والذي جعل القبائل تنتظم في إطار مقنن لعلاقات الزواج و الذي ترتب عنه تكوين أسر روابطها دموية وسلالية أعطت للانسان المغربي خصائص معينة جعلته يستبطن هذا الإنتماء ولحد الآن الشيء الذي يفسر أن القبيلة صارت مجتمعا كامل التنظيم(3) .
إن القبيلة إذن هي تنظيم يتكون من وحدات إجتماعية عشائرية قائمة هي نفسها على روابط دموية بحكم إنتسابها إلى سلالة واحدة أو بحكم دخولها في حلف مع غيرها من القبائل، وتتحدد مشروعية الفرد داخل هذا النظام بالوراثة، هذه الوراثة قد تكون سلالية أو روحية وقد تجتمع في نسب من الأنساب بشقيها السلالي أو الروحي، ذلك أن الوراثة بالدم او الروح ممكنة لأن العزوبة ليست من الصفات التي تشترط في رجال الدين الاسلامي كما هو الحال في رجال القبيلة المغربية . (4)












المطلب الأول : القبيلة كوحدة اجتماعية
لقد طرحت القبيلة في المرحلة الكولونيالية للمغرب كمقولة أساسية لمعظم الدراسات الإجتماعية والسياسية التي أنجزت حول المجتمع والدولة المغربيين.
وفي هذا الإطار قدم المستكشف الفرنسي إدموند دوتي EDOUTTE بحثا إثنوغرافيا إستكشافيا تحت عنوان في القبيلة EN TRIBU تناول فيه الجوانب البيولوجية للأصل القبلي والمحيط الجغرافي، والحياة الإجتماعية داخل القبيلة، والأساطير المتداولة، والطقوس الدينية، والتنظيمات السياسية.
وهذا ما يوضح أن هذا الباحث لم يقدم تعريفا للقبيلة في مختلف أبحاثه بل إهتم فقط بوصف بنياتها القرابية وأشيائها المادية والمعنوية، كما إهتم بالأدوات الدهنية للناس البسطاء بالإضافة إلى مقاربته وتحليله لعلاقات المخزن ببعض القبائل الجبلية كحاحة وسكساوة(5) .
وقد كانت أبحاثة القاعدة الأساسية التي إعتمدت عليها الحماية للتغلغل داخل المغرب وفي هذا الإطار يقول مارسيل ماوس، على أن التقارير التي كتبها دوتي لحكومة الجزائر ولوزارة الشؤون الخارجية حول المغرب كانت قد شكلت القاعدة الأساسية التي إعتمدت عليها الجمهورية الفرنسية في عملية الحماية، إن دوتي اذن هو الذي أسس التقليد الذي إرتبط به السيد المارشال ليوطي والذي طبقه السيد ستيك STEEG لإخضاع القبائل المغربية (6) .
وعلى عكس دوتي الذي ركز على المنهج الوصفي فإن ميشو بلير M. Bellaire وفي كتاباته التي يصف بها الواقع المغربي عبر الإنتاجات المونوغرافية(7) فقد تعرض لمفهوم القبيلة من منطق الثنائية القائمة على التعارض ما بين القبيلة والمخزن.
فالقبيلة لديه تعترف بسلطة المخزن الدينية وسيادته الروحية دون أن تعترف كليا بسلطته السياسية وبجهازه الإداري، ومن ثم فالقبيلة باعتبارها بلاد السيبة، هي نظام منغلق ومنعزل ومستقل عن الحياة السياسية الشرعية والتنظيمات المخزنية، بل لها نظامها السياسي الخاص بها ونمط إقتصادها وطقوسها وأعرافها، ولم يتمكن ميشو بلير من إظهار الأبعاد النسقية لمكونات الحياة القبليةالمغربية ولم يحدد التفاعل والترابط (8) داخلها، بل إعتبرها كوحدة تقوم على إمتلاك جماعي لنفس الحاجيات والمصالح والأهداف والوسائل واقتسام نفس الرموز الثقافية من أعراف وعادات ومعتقدات، لذلك فهو يحدد القبيلة" بما هو مشترك بين الأفراد المكونين لها وبما اعتادوا تملكه جماعيا (9) .
و إذا كانت هذه بعض المقاربات النظرية المرتبطة بالبحت الكولونيالي حول القبيلة في المغرب فان النظرية الإنقسامية تعتبر أهم النظريات المعرفية التي إهتمت بتحليل مكانيزمات القبيلة المغربية، هذه النظرية التي قدمت بديلا منهجيا لم يتوقف تأثيره عند حدود القبيلة كمجتمع مدروس بل إمتدت إلى تحليل مؤسسات عصرية كالأحزاب السياسية المغربية وممارسات النخب المغربية(10) .
وهذه النظرية المأخوذة من أعمال دوركايم في كتابه حول تقسيم العمل الإجتماعي يمكن تلخيصها في أن المجتمع الإنقسامي يتأسس على تداخل مكونات المجتمع القائمة على اعتبار سلالي موحد ومميز، وهذا التداخل هو المشرع للقانون الذي يسري على الأفراد والجماعات سواء بسواء، وهو القانون الذي تتحدد من خلاله درجة الإستقلال أو الضعف السياسي للوحدة المتشكلة بالتالي عن انصهار مجموع الوحدات السلالية، ذلك أن هذا يجعل النسب هو العامل المنظم للعلاقات المجتمعية التي تنتفي فيه النزاعات المحتملة (11).
ومن هذا المنطلق فإن بنية القبيلة كمجتمع تقليدي يوجد خارج الإطار المؤسسي للدولة، ذلك أنه باعتباره مجتمعا مطبوعا بالمساواة فهو لايعترف بالتراتبية الإجتماعية التي تعتبر الأساس في تكوين السلطة المركزية،غير أن هذه النظرية ليست دائما صحيحة ولايمكن تعميمها (12) .
وقد ذهب ريمون جاموس في هذا الإتجاه بحيث عمل على إبراز المعالم الثقافية لإحدى المجتمعات القبلية المتمركزة بالشمال" الاقلعيون" ، وهو في ذلك يهذف إلى الكشف عن طبيعة البنيات المجتمعية والنسق القيمي المنظم للعلاقات التي تربط بين الأفراد والجماعات المكونة للقبيلة في شمال المغرب، حيث إعتبر أن التشبت بالأرض أقوى وأشد عند سكان القبيلة من عامل القرابة (13) الشيء الذي يكشف على أن جاموس ركز على أولوية المكان الجغرافي عوض النسب الذي يعتبر عنده معطى تابعا وخاضعا لروابط المكان (14)، كما ركز على ملكية الأرض باعتبارها شرطا لإمتلاك مراكز النفود والسلطة والمكانة الإجتماعية المتميزة داخل القبيلة، وإن كان جاموس يعترف بوجود نوع من المساواة داخل الأسرة من جهة باعتبارها حد أدنى •، ومن جهة أخرى داخل الإتحادية القبلية المسماة بخمس أخماس كحد أقصى للجماعة التقليدية.
ويذهب روبير مونطاني إلى أن القبيلة تتحدد لابإنتمائها لجد مشترك بقدر ما تتحدد وبالدرجة الأولى بالوحدة الجغرافية للمجال، وبالإحساس وفق المصالح المشتركة التي تعطي لتاقبيلت شخصيتها وتحكم نشاطها الخارجي وفي نفس الوقت يعتبر مونطاني أن وحدة التراب وضرورة الدفاع عنه أو توسعه هما اللذان يمكنان من تمتين أواصر الروابط الإجتماعية الدائمة بين الأسر المقيمة في نفس المدشر(15) .
وتاقبليت عنده تبعا لذلك هي جزئية تستمد كيانها وماهيتها من وحدة الرقعة الجغرافية التي تسكنها وتدافع عنها ويدعي أهلها النسب المشترك ولو كان وهميا، في حين أن القبيلة وحدة كبرى تحمل إسما مشتركا وتملك أرضا محددة لها تقاليدها وعاداتها وأعرافها ومؤسساتها السياسية ومواسيمها وأسواقها، إلا أن وحدتها لاتظهر إلا إذا كانت مهددة من الخارج الشيء الذي يدفع إلى الدخول في اتحادات وتكوين أحلاف كبرى التي كانت معروفة باللف(16).
هذا في الوقت الذي ركز فيه جاك بيرك على العنصر الإيكولوجي في تحديده للقبيلة دون إغفال العناصر الأخرى كالعادات والأعراف والتقاليد والإقتصاد والجغرافيا وأيضا التاريخ.
وتتحدد أهمية العنصر الإيكولوجي عند بيرك في فهم البنية الإجتماعية لقبيلة سكساوة والتي تقوم على مبدأين، مبدأ الإكتفاء الذاتي ومبدأ الدفاع الذاتيl’auto-défense(17) ، ذلك أن أهداف الجماعة وبنيتها العليا مجسدة بصفة خاصة في البنية العقارية وأساليب توزيع المياه وهذا أمر طبيعي عنده ما دامت قطعة الأرض مقياس هوية الفرد في القبيلة ومادام النسق الإجتماعي محكوما بالأرض.
فالأرض ليست في تصور أمازيغ سكساوة عاملا إقتصاديا فقط بل هي أيضا رمز للأصالة والقوة والتشبت بالأعراف المتوارثة، فالعلاقة بين العائلة الأصيلة والأرض علاقة إرتباط أنطولوجي وقدسي في نفس الوقت وهو نفس التصور الذي ذهب إليه بول باسكون P.PASCON في التجزيئية والتراتبية (18) عندما إعتبر القبيلة إتحادا بين مجموعة من العشائر حول ضرورات إجتماعية وإقتصادية أهمها علاقة الإنسان بالأرض، هذه العلاقة التي قامت على تأكيد قيم المساواة وترسيخ شرعية نظام إجتماعي وثقافي ذي جدور ضاربة في القدم (19) .
يتضح إذن من خلال هذه المقاربات أن القبيلة قدمت أحيانا كوحدة سياسية وأحيانا أخرى كوحدة إقتصادية أو كوحدة إيكولوجية تفسر مدى إرتباط الإنسان القبلي بالأرض كرمز للقوة والتحدي والحفاظ على الرموز والثقافة الموروثة والمتجدرة في صميم المجتمع القبلي، كما يتضح أيضا أن بعضا من هذه المساهمات جعلت المجتمع المغربي بنيانا من وحدات قبلية قادرة على تقرير إستقلاليتها عن النفوذ المركزي والعيش في إنغلاق مؤسسي (20) .





المطلب الثاني: إختصاص الجماعة التقليدية في مجال التشريع والتنفيــــــــذ

إن احترام القاعدة المعيارية العرفية والسهر على تنفيذها كان موكلا في ظل تواجد البنية القبلية إلى الجماعة. هذه المؤسسة التقليدية التي كانت حاضرة دائما في الحياة داخل المغرب العميق" الأطلس" (21) والتي كانت تتمتع بسلطة أخلاقية وقانونية مطلقة والتي كانت تسمى مجلس نواب القبيلة أو إينفلاس.•
ويتم تحديد أعضاء مجلس الجماعة وإختيارهم بناءا عن التمثيلية للعشيرة أوالفخدة أوالقرية وبناءا على أهمية الوحدة الإجتماعية داخل القبيلة حيث يتراوح عدد الممثلين ما بين واحد وخمسة أعضاء ، وهؤلاء الأعضاء يلتقون في إجتماع النواب أي أنموقار إينفلاس. (22)
وهذه المنظومة تبعا لذلك تشكل مؤسسة كسلطة تشريعية في مجال العدل الجماعي، وهي مؤسسة تقليدية عرفية أو كلت لها عملية تحرير ووضع بنود الأعراف المنظمة لسلوك الأفراد والجماعات داخل القبيلة، وكذلك تمثيل القبيلة في عقد الأوفاق القبلية(23).
وقد إختلفت وجهات نظر الباحثين في الحكم على طبيعة نظام الجماعة التقليدية فوصفه البعض بأنه نظام يتسم بالديمقراطية لكونه قائم على مفهوم التمثيلية والإنتخاب (24) .
وإعتبره البعض الآخر بأنه نظام يتسم بالفوضوية لانعدام السلطة المركزية الفعالة،(25) في الوقت الذي إعتبره البعض نظاما أو ليغارشيا تستبد فيه الأقلية النخبوية بالتشريع والحكم (26).
هذا في الوقت الذي إعتبر فيه محمد الحبابي هذه المجالس نوع من ممارسة اللامركزية الإدارية التي لا تتناقض مع التماسك الحكومي الوطني(27).
ومهما يكن من إختلاف في طبيعة هذا النظام فإن الجماعة التقليدية كانت لها مهمة محددة من طرف الوحدة السياسية المتمثلة في القبيلة وتتجلى هذه المهمة بالإضافة إلى السلطة التشريعية التي يزاولونها بمشاركة أعيان القبيلة، أو بمفردهم حينما يشرعون فيما لم تنص عليه الألواح، في تحملهم أعباء السلطة التنفيذية، فيعقدون إجتماعات متوالية لإتخاذ تدابير ضد من يخالف الأعراف، أو قصد إنجاز مصالح ذات الطابع الجماعي، او عندما يطرأ أمر يهدد بخطورته كيان القبيلة في الداخل أو في الخارج (28).
ويستخلص من الألواح وكتب النوازل أن مؤسسة إينفلاس ليست بسيطة، إذا علمنا أن هناك مجالس متعددة لدى القبائل التقليدية(29) فهناك مجالس للشؤون المحلية على مستوى القرية يحضره جميع الرجال البالغين، إينوزام، وفي هذا المستوى ينتخب من يمثل العشيرة الفرقة أو الفخدة في مجلس القبيلة.
وهذا المجلس بدوره ينتخب من يمثله على مستوى ثالث، وهو مجلس الحلف بين القبائل. وتبعا لذلك فإن الجماعة باعتبارها مصدر التنظيم وتطبيق القاعدة العرفية فإن قواعدها توضع من طرف الجماعة بحسب طبيعة الميدان الذي تم تنظيمه.
والملاحظ أن مفهوم العضو داخل هذه الجماعة أو المجلس يقوم على الذكورة ولامجال للحديث عن المرأة كمشرعة أو ساهرة على التشريع في المجتمع القبلي، التقليدي باعتباره مجتمع بتريمونيالي ذكوري.
كما أن تمثيلية الجماعة تتم بواسطة السلطة الشخصية لشيخ القبيلة أمغار والذي لم تكن له سلطات حقيقية باستقلال عن الجماعة(30) باعتبار أنه جزء من القبيلة التي ينتمي إليها.
والملاحظ أن الفرد المشكل للجماعة غالبا ما ينصاع إلى قرارات الجماعة التي لا يمكنه مواجهتها باعتبار أن تواجده وأمنه وسلامته رهين بانتمائه إلى القبيلة(31).
وقدعملت هذه الجماعة التقليدية على تقنين بعض هذه الأعراف وخاصة منها ما يتعلق بالميدان الزجري، حيث مارست مهمة التشريع من خلال وضع المدونات الجنائية في هذا الميدان، هذه المدونات التي كانت تحدد الأفعال المجرمة والعقوبات المطبقة عليها إعتمادا على الصلاحيات المخولة لممثلي هذه الجماعة القبلية التقليدية(32).
والقواعد المعيارية المطبقة أوالموضوعة من طرف الجماعة التقليدية تختلف باختلاف طبيعة المنطقة الجغرافية وخصوصياتها الإقتصادية والثقافية، ويميز روبير مونطاني في هذا الإطار في جنوب المغرب مابين ثلاثة مناطق وهي:
- منطقة الأطلس الكبير وشمال سهل سوس.
- منطقة الأطلس الصغير الغربي والسهل الساحلي.
- منطقة الأطلس الصغير وجبل سيروا.
حيث اعتبر العرف في المنطقة الأولى عرفا محافظا وصارما في أحكامه وقواعده وفي الثانية أكثر تطور وأعطى مثال بالمدونة الجنائية لأمجاط، وفي المنطقة الثالثة أثار إنتباهه القواعد المتعلقة بتنظيم إكودار، أي المخازن الجماعية (33).
والملاحظ أن السلطة التشريعية للجماعة التقليدية كانت دائما تصر على مطابقة الأعراف المدونة مع الشريعة الإسلامية من خلال الحرص على حضور ممثلي الإسلام الشعبي المتمثل في أكرام أو شيخ الزاوية، وهذا ما لحظته الأستاذة أمينة أعوشار في دراستها لعرف أيت إزديك (34) .
لذلك فإن القواعد العرفية الموضوعة من طرف الجماعة التقليدية لاتشكل نظاما قانونيا متعارضا مع الشرع كما لجأ إلى تفسير ذلك البحث الإستعماري الذي قسم المجتمع المغربي إلى أزواج:المخزن/السيبة،العرب/البربر،الشرع/العرف،بقدر ماهو تقنين لحياة إجتماعية وسياسية خاصة، وللتناقضات التي تتخلل هياكلها.
يستمد العرف، على الرغم من تأثره في بعض الأحيان بالشرع، عناصره الضرورية من التعبير عن الحياة الإجتماعية والسياسية والاقتصادية للقبائل باعتبارها جماعات تقليدية(35) .
و القبيلة في شخص الجماعة التقليدية كانت تجل السلطان باعتباره شريفا وحاملا للبركة، لكن اعضاءها عرفوا دائما كيف يميزون بين قداسته الشخصية، وسلطة حكومته، وغالبا ما يعترفون بالأولى دون الإعتراف بالثانية.
ورغم محاولاتهم المتكررة لم يكن بوسع السلاطين المغاربة قبل الحماية فرض إجراءات قانونية لاشعبية إلا بصورة مؤقتة، وبعد إخماد ردود فعل عنيفة ولم تكن تعوزهم وسائل القهر، لكنهم لم يكونوا يحتكرونها إلا ناذرا، وفي أحيان عديدة واجهت سياستهم مقاومة حدت من فعاليتها أو جعلت نتائجها تنقلب ضدهم(36) .
وهذا ما يوضح بأن الجماعة التقليدية داخل القبيلة ليست سوى عاملا من عوامل تشكل المجتمع، عاملا أساسيا وضروريا طبعا، ولكنه ليس كافيا لفهم السلطة التأسيسية للقانون المغربي، لذلك فإن تقديم تاريخ المغرب على انه تاريخ القبائل يشكل حكما إختزاليا يختزل تاريخ المغرب في القبيلة، وهو بذلك حكم تعليلي يتصف بالتعميم وبالنسبية(37) ويستبعد مؤسسة أخرى كان لها دور بارز في تشكل القاعدة القانونية في المغرب المعاصر وهي مؤسسة الفقهاء.



#امغار_محمد (هاشتاغ)       Amrhar_Mohamed#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السياسة القانونية والتنمية في مغرب الانتقال الديمقراطي اطروح ...
- السياسة القانونية والتنمية بمغرب الانتقال الديمقراطي اطروحة
- السياسة القانونية والتتمية في مغرب الانتقال الديمقراطي اطروح ...
- السياسة القانونية والتنمية في مغرب الانتقال الديمقراطي
- السياسة القانونية والتنمية في مغرب الانتقال الديمقراطي اطروح ...
- قوة التقاليد في الفعل السياسي
- السياسة القانونية والتنمية في مغرب الانتقال الديمقراطي اطروح ...
- السياسة القانونية والتنمية في مغرب الانتقال الديمقراطي
- السياسة والتتمية في مغرب الانتقال الدبمقراطي اطروحة في العلو ...
- الحكومة ومشاريع القوانين
- تحليل الخطاب السياسي نموذج لقاء صحافي مع السيد وزير العدل ذ ...
- حرية في التعبير والنسبية في الاراء
- ماذا بعد اللقاء الوطني للمحاماة بالمغرب؟
- لماذا ترشحت لتولي منصب النقيب؟
- المحاماة القوية
- مختصر افكار برنامج 2024_2026
- عمل المحاكم الادارية بالمغرب
- كفالة الاطفال اليتامى ضحايا الزلزال بين قانون 01_15 وقانون 9 ...
- الزلزال وعلاقته بالقانون في المغرب
- الوكيل الرياضي بين الواقع والقانون


المزيد.....




- ترامب عن خطة إسرائيل بشأن غزة: تذكروا السابع من أكتوبر
- ثلاثة خيارات صعبة أمام حزب الله
- اغتيال صحفيي الجزيرة.. هل تنجح إسرائيل في إسكات الحقيقة؟
- ترامب عن قمته مع بوتين: ربما خلال دقيقتين سأعرف ما إذا كان س ...
- بقيمة 7.7 مليار دولار.. -باراماونت- تبرم عقداً لبث -يو إف س ...
- جورجينا تستعرض خاتما.. هل تتزوج رونالدو أخيرا؟
- ليبيا: خليفة حفتر يعين نجله نائبا له - فما هي مهامه؟
- دوجاريك: إسرائيل تقتل الصحفيين لمنعهم من نقل ما يحدث بغزة
- كيف حاولت إسرائيل تبرير جريمة استهداف صحفيي غزة؟
- القوات السودانية تصد هجوما واسعا للدعم السريع على الفاشر


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امغار محمد - السياسة القانونية والتنمية بمغرب الانتقال الديمقراطي اطروحة جامعية