أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ربيع نعيم مهدي - وأنا أحبك أيضاً..














المزيد.....

وأنا أحبك أيضاً..


ربيع نعيم مهدي

الحوار المتمدن-العدد: 8429 - 2025 / 8 / 9 - 14:01
المحور: الادب والفن
    


"1"
في زقاقٍ ضيّقٍ من أزقة بغداد القديمة، حيث تعانق الجدران ذكريات أولاءك الذين كانوا يختطفون النظر الى النوافذ لعلهم يقتنصون نظرة محبوبة أو ابتسامة عابرة منها، كانت "حنين" إحدى تلك الفتيات اللواتي يتسترن خلفها لقضاء بعض الوقت، والذي غالباً ما كان يمضي في مراقبة جارها العجوز "حمدان"، والذي يجلس كل يوم قرب داره يدخن النارجيلة، ويتهجم على كل شخص يمر في الزقاق، فالرجل لم يكن إلا ماكينة تعليقات عدائية، وإذا حدث وغاب الناس عن دربه شكا لربه سوء الحال، ودعا الله ان يؤنس وحشة الزقاق بمرور أحدهم.
"2"
كانت دعوات حمدان عادةً ما تسبق مرور "عبد الله"، والذي لم يسلم من تعليقات "حمدان" وسخريته، خصوصاً في تلك اللحظة التي يرمي فيها "عبد الله" رسالته نحو نافذه "حنين"، والتي تتلقفها لتضعها مع أخواتها في كيسٍ صغير، دون ان تعلم ما فيها، فهي لا تعرف القراءة، وبالرغم من سعادتها برسائل "عبد الله" إلا انها قررت ان تعيد الرسائل لصاحبها.
"3"
في مساء ذلك اليوم، علمت ان "عبد الله" يمر كعادته في الزقاق بعد ان سمعت "حمدان" يسخر منه قائلاً:
- يا عبد الله.. إذا مِتُ فلا تقرأ على روحي الفاتحة.. لأنك ربما تحتاج الى شهرين لإتمامها..
كان "عبد الله" يحمل معه هذه المرّة وردة وضعها عند عتبة دار "حنين"، وما إن همّ بالرحيل حتى فُتح الباب، وخرجت "حنين" تحمل كيس الرسائل لتقدمه له، وبسبب ارتباكه لرؤيتها رفع الوردة دون ان ينتبه الى الكيس
- هـ.... هـــــ .... هذه.. لـ.. لــــكِ
أخذت "حنين" الوردة وقدمت له الرسائل قائلة
- أنا لا أعرف القراءة
شعر "عبد الله" بالصدمة فانسحب بخطوات متعثرة تاركاً إياها مع كيس الرسائل، لعله يستطيع الهرب من تعليق "حمدان" الساخر
- هذه الفتاة ستبلغ السبعين قبل ان تسمع منك ما في قلبك
"4"
على شاطئ دجلة، جلس "عبد الله" يفكر في وسيلة تمكنه من إخبارها بحقيقة مشاعره نحوها
- هي لا تعرف القراءة... وأنا إن أردت أن أقول لها أحبك... وبحالي هذا فلربما سأحتاج الى يومين أو أكثر...
وفجأة، دارت في رأسه فكرة قرر تنفيذها.
"5"
في اليوم التالي دفع "عبد الله" عربة خشبية تحمل سبورة صغيرة، كتب عليها بخطوط كبيرة حروف الهجاء، وسار بها في الزقاق حتى توقف بها قبالة نافذة "حنين" قبل ان يرميها بحجر صغير، أصابها هي، فطلت تنظر متسائلة لتفاجأ به.
- "قال لها باسماً" سـ ... سأعلمك.. الـ .. القراءة... فـ... فقط.. قو... قولي... و.. ورا... ورائي... ألف... بـ .. باء... تـ.. تاء..
بالرغم من ترددها في أول الأمر إلا انها رددت الحروف بعده.
"6"
في الأيام التالية واظب "عبد الله" على تقديم دروسه متجاهلاً سخرية "حمدان"، فما كان ما يشغله هو ان تتعلم "حنين" لتتمكن من قراءة رسائله، ولأول مرة شعر "حمدان" بالخجل بعدما وجد في "عبد الله" إصراراً على تعليم الفتاة، فراح يشارك "حنين" في ترديدها للحروف... "حاء... باء... كاف..."
"7"
بعد ان أكمل "عبد الله" دروسه، أخرجت "حنين" واحدة من الرسائل، وأمسكتها بيدين مرتجفتين، تتلمس الحروف على سطورها وكأنها انشودة لم تُغنى من قبل، فقررت ان تقرأ بصوت مسموع، حتى انسابت الكلمات على لسانها وشعرت بدفئها، فما كان منها إلا ان بحثت في المنزل عن قلم رصاص منسي، كتبت به على ظهر الرسالة "وأنا أحبك أيضاً"، وانتظرت مرور "عبد الله" في اليوم التالي لترميه بها.



#ربيع_نعيم_مهدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ساعة مع الحجاج بن يوسف
- عند قبر الحلاج
- ذاكرة التل (الإيشان)
- على هامش أوراق التحقيق
- ثلاثُ سبعٍ عجاف
- خطابٌ أموي بلسان علَويّ
- نوري المالكي والوزير ابن بقية
- مجرد مدينتين
- أمالي عبد الحميد مصطفى - 3-
- جناية العمامة
- أمالي عبد الحميد مصطفى - 2-
- أمالي عبد الحميد مصطفى
- أسماء الرئيس الحسنى
- الجريمة المنظمة في صدر الاسلام – 2 -
- الجريمة المنظمة في صدر الاسلام - 1 -
- دكانة الشطري - شيخ الوراقين
- تشرين
- اقتصاديات الجنس
- رسالة في أخبار الجنّ عند العرب
- من غرائب الأخبار في تاريخ العرب


المزيد.....




- مظهر نزار: لوحات بألوان صنعاء تروي حكايات التراث والثقافة با ...
- في حضرةِ الألم
- وزير الداخلية الفرنسي يقدّم شكوى ضدّ ممثل كوميدي لتشببيه الش ...
- -بائع الكتب في غزة-.. رواية جديدة تصدر في غزة
- البابا يؤكد أن السينما توجد -الرجاء وسط مآسي العنف والحروب- ...
- -الممثل-.. جوائز نقابة ممثلي الشاشة SAG تُطلق اسمًا جديدًا و ...
- كيف حوّل زهران ممداني التعدد اللغوي إلى فعل سياسي فاز بنيويو ...
- تأهل 45 فيلما من 99 دولة لمهرجان فجر السينمائي الدولي
- دمى -لابوبو- تثير ضجة.. وسوني بيكتشرز تستعد لتحويلها إلى فيل ...
- بعد افتتاح المتحف الكبير.. هل تستعيد مصر آثارها بالخارج؟


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ربيع نعيم مهدي - وأنا أحبك أيضاً..