أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ربيع نعيم مهدي - جناية العمامة














المزيد.....

جناية العمامة


ربيع نعيم مهدي

الحوار المتمدن-العدد: 7138 - 2022 / 1 / 17 - 16:49
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


"1"
في يومٍ من الأيام أُجبِرت من باب المجاملة على دخول الجامع لأداء صلاة الجمعة، وشاءت الصدفة أن يكون دخولي متزامناً مع إلقاء إمام الجماعة للخطبة، والتي شهدت سوءَ توزيعٍ مفرط في علامات الرفع والنصب والجر.
إلتفتُ الى صاحبي وقلت له: (ان الرجل يرفع المجرور)!!. فأجابني: (ليفعل ما يريد باللغة، وليَقُل ما يشاء.. المهم ان لا يتحدث بالسياسة).. فلجأت الى الصمت ورحت أفكر في حال بعض رجال الدين، ممن لبس العمامة وجنى عليها وعلى اتباعها، ففي تاريخنا العربي والذي يتسم بكونه اسلامياً في الغالب، نلاحظ وجود دورٍ للعمامة في أغلب الاحداث سواء أكانت سياسية أو اجتماعية، وحتى اساليب الحياة الفردية لم تكن بعيدة عن تأثيرات العمامة التي فصّلَت للمسلم افعاله العبادية والمعاشية، بدءاً من طرق الاستنجاء (النظافة الشخصية) ووصولاً الى تحديد المكاسب المشروعة والمحرمة.
واذا تفحصنا في التاريخ وتحديداً التاريخ السياسي، سنجد من الاخبار ما يشير صراحة الى ان العمامة كانت جزءاً من صراعٍ شغل الكثير من الزمن، حيث تنوعت أحداث هذا الصراع ما بين ثورةٍ ودعوةٍ وفتوى، واذا حاولنا سرد تلك الاحداث سنحتاج الى آلاف الصفحات لعرض تفاصيلها وما نتج عنها من أثر على حياة الشعوب في المنطقة، لذلك سأكتفي في هذا المقال بعرض إشكالية نقل بعض الروايات وترديدها مضامينها.
"2"
لا يخفى على أحد ان العراق بعد عام ٢٠٠٣ قد شهد نمواً مفرطاً في أعداد المعممين، ويبدو – بل بالتأكيد – ان اغلبهم إما جاهل لا يجوز له ارتقاء المنبر، وإما متعلم قاصد أن ينشر الجهل بين الناس ليصنع منه ثقافة.
والحديث هنا ليس افتراء على أحد، فبعص المعممين أثار استياء حتى اقرانه من خطباء المنابر، فعلى سبيل المثال تحدث احدهم عن فوائد اللطم على الحسين، وقال (ان في كل ضربة على الصدر تقتل سبعين كرة دمٍ بيضاء، وهذا السلوك في المحصلة سيعزز من مناعة الانسان!!). وحاله حال خطيب يعلل للناس طيران البومة ليلاً بعد ان كانت تسكن القصور، وأنها اعتزلت حياة النهار بعد قتل الحسين في عاشوراء!!.. وآخر يورد خبر الغراب الذي يحمل قطرة من دم الحسين في ذات اليوم.. وخطيب آخر يتحدث عن اقرار البطيخ بولاية علي بن ابي طالب، وآخر يروي حكماً شرعياً بجواز أكل سمكة مشهورة بسوء الأخلاق!!، وآخر يرى ان الارنب من الحشرات ولا يجوز أكله، وآخر ينقل خبراً يجزم بصحته عن إمامٍ اعاد الحياة لبقرةٍ ميتة، وآخر ينقل خبراً عن عصفور أقسم بإمامة جعفر الصادق... والقائمة طويلة. - ومن يريد التأكد من صحة ما ذكرت، فما عليه سوى إجراء بحث سريع على شبكة الانترنت وسيجد الكثير من التسجيلات المرئية-.
وهنا تجدر الاشارة الى ان هذه التسجيلات تحولت الى مفردة في الصراع والجدل الدائر بين ما يُسمى بالدعاة وحماة المذهب و.. و.. الى آخر التسميات والصفاة التي يرددها السذج من البشر.
"3"
وبغض النظر عن الموقف تجاه المنظومة الدينية، هناك علامة استفهام كبيرة تبحث عن اجابة في ظل هذه الفوضى، فالرواية والخبر في اطار الخطاب الديني ليست في حقيقتها سوى أدوات توجيه، وبالتالي نحن أمام اشكالية التوجيه، والذي للأسف يبدو في ظاهره كأنه صناعة للجهل، الجهل الذي تسعى المنظومة الدينية الى محاربته ونشر ثقافة تشجع على طلب المعرفة والعلم. وبالتالي فإن المسؤولية تجاه الخطاب الديني تفترض على اهل العمامة ان يكونوا اشد الناس حرصاً على مضمون الخطاب وتنقية مصادره من هذه الاخبار والروايات.
وبالرغم من وجود تيار من الخطباء يعتمد على النقل، إلا اننا نجد في اخبار العمامة حالات من الحرص على التأكد من مصداقية الرواية ومصدرها قبل نشرها بين الناس، ففما يُنقل عن الشيخ أحمد الوائلي انه خضع لسؤال واستجواب من قبل ابو القاسم الخوئي، كان محور الاستجواب عن رواية ذكرها الوائلي في إحدى محاضراته، حيث شدد الاستاذ على تلميذه بضرورة التحقق من صحة الرواية ومصدرها قبل ترديدها بين عامة الناس.
ومع وجود مثل هذه الحالات من الحرص على تنقية الخطاب الديني في ظل موجة من خطباء النقل وصناعة الجهل، فإننا في واقع الحال امام مشكلة كبيرة تتمثل بالعمامة المنفلتة -اذا جاز لنا القول-، ونحن أمام جناية يرتكبها بعض من ارتدى العمامة، سواء أكانت هذه الجناية مقصودة ام لا، لأنها في المحصلة ستعمل على افراغ الدين من محتواه الحقيقي، والذي من اهدافه القضاء على الجهل بأي صورة كانت.
"4"
وعند البحث ومحاولة تشخيص الاسباب التي شجعت ومهدت لبروز هؤلاء الخطباء والمعممين سنجد ان ضعف المستوى التعليمي للمستمعين، وغياب الرقابة على مضمون الخطب من قبل مرجعيات المؤسسة الدينة، وتأثيرات القوى السياسية الداخلية والخارجية – واللتان تتفقان على ضرورة الحفاظ على مستويات الجهل مرتفعة-، اضافة الى الفوضى السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كلها أسباب تمثل أرضية خصبة لصناعة الجهل، وتحقيق المكاسب على حساب الخطاب الديني.
وهذه المكاسب، في حقيقتها تمثل جناية على مجمل المنظومة الدينية، ولا يمكن اعتبارها سياسة فاعلة أو صحيحة لتعزيز الواقع والاهداف السياسية لقوى الاسلام السياسي، والتي غالباً ما تلجأ الى استخدام العمامة كوسيلة لنشر ثقافتها وكسب التأييد. وإذا اعتبرنا ان ما يحدث من صناعة للجهل هو سياسة ممنهجة لتوفير قوى شعبية داعمة لقوى الاسلام السياسي، فإننا أمام واقع يُنذر بثورة فكرية من داخل القاعدة التي تسعى هذه القوى الى تجهيلها وتدجينها، وفي المحصلة ستكون الآثار المترتبة على هذه الثورة أكبر من المكاسب المحدودة التي يتم التخطيط لها، بل ان قوى الاسلام السياسي ستنجح -إن استمرت على هذا النهج- في خلق حالة من النفور الطويل الأمد لدى عامة الناس من الخطاب الديني بشكل عام. وستكون العمامة أول المتهمين بالجناية على الاسلام.



#ربيع_نعيم_مهدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمالي عبد الحميد مصطفى - 2-
- أمالي عبد الحميد مصطفى
- أسماء الرئيس الحسنى
- الجريمة المنظمة في صدر الاسلام – 2 -
- الجريمة المنظمة في صدر الاسلام - 1 -
- دكانة الشطري - شيخ الوراقين
- تشرين
- اقتصاديات الجنس
- رسالة في أخبار الجنّ عند العرب
- من غرائب الأخبار في تاريخ العرب
- دكانة الشطري – 6 -
- شامٌ بلا بعضِ الشام
- البغاء الرقمي
- بتكوين لله
- يجب ان يرحل!!
- بين العجم والروم..
- خطوة تبحث عن ثقة
- أزمة الشعارات
- دكانة الشطري -5-
- دكانة الشطري -4-


المزيد.....




- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...
- -تصريح الدخول إلى الجنة-.. سائق التاكسي السابق والقتل المغلف ...
- سيون أسيدون.. يهودي مغربي حلم بالانضمام للمقاومة ووهب حياته ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ربيع نعيم مهدي - جناية العمامة