أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - طوفان الأقصى 669 --عقيدة السيسي-: مصر تعود إلى الفراعنة لتقود الشرق الأوسط














المزيد.....

طوفان الأقصى 669 --عقيدة السيسي-: مصر تعود إلى الفراعنة لتقود الشرق الأوسط


زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8426 - 2025 / 8 / 6 - 01:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




في تحليل موسّع نُشر بصحيفة "زافترا" الروسية بتاريخ 29 تموز/يوليو الماضي، يُقدّم المؤرخ والباحث والمحلل السياسي الروسي، الخبير في شؤون الشرق الاوسط والقوقاز، ستانيسلاف تاراسوف رؤية معمقة لما يسميه بـ"عقيدة السيسي"، بوصفها تحوّلًا نوعيًا في الدور المصري داخل الشرق الأوسط. فبعد سنوات من الإنكماش والإنكفاء، يرى تاراسوف أن القاهرة "خرجت من حالة السُبات الجيوسياسي"، مستندة إلى هوية فرعونية سياسية تتجاوز الإطار العربي والإسلامي التقليدي.
«السيسي يحاول الخروج من "الحالة النائمة" سياسيًا وجيوسياسيًا، مرتديًا عباءة إرث الفراعنة، لا الخلافات العربية أو الإسلامية» – يذكر تاراسوف.

مصر بين واشنطن والفراعنة: شراء القوة بتوازن دقيق

شكل إعلان وزارة الخارجية الأمريكية عن صفقة بيع منظومات الدفاع الجوي NASAMS لمصر، بقيمة 4.67 مليار دولار، حدثًا نوعيًا، يتجاوز طابعه العسكري. إذ فسّره تاراسوف بأنه اعتراف أمريكي بالدور المحوري الجديد الذي تلعبه مصر كقوة إقليمية: «الصفقة ستُسهم في تحقيق أهداف السياسة الخارجية والأمن القومي الأمريكي عبر تعزيز أمن دولة ليست عضوًا في الناتو لكنها محرّك للإستقرار السياسي والتقدم الإقتصادي في الشرق الأوسط» – حسب بيان البنتاغون الذي نقله تاراسوف.

لكن هذه الصفقة ليست إلا وجهًا من وجوه إعادة التموضع المصري، في وقت تسعى فيه القاهرة إلى إقامة توازنات معقدة بين واشنطن، موسكو، بكين، والرياض، دون الإرتهان لأيٍّ منها.

من القاهرة إلى أوروبا: مصر كدولة متوسطية

يرى تاراسوف أن السيسي يعيد صياغة هوية الدولة المصرية، متجاوزًا فكرة "الزعامة العربية"، نحو مشروع فرعوني متوسطي: «ظهرت مقالات في الإعلام المصري والغربي تروّج لفكرة أن مصر واليونان هما أصل الحضارة الأوروبية، على خلاف بقية دول الشرق الأوسط، بإستثناء إسرائيل».

ويشير إلى أن هذه النزعة التاريخية ليست جديدة، بل تعود إلى بدايات القرن العشرين، عندما نشأ تيار "الفِرعونية السياسية" الذي دعا لفصل الهوية المصرية عن الإسلام السياسي وعن القومية العربية، كما في مشروع "مصر الكبرى" الذي أسسه الزعيم أحمد حسين عام 1939.
«الفِرعونية فصلت مصر عن بقية العالم العربي، وإعتبرتها دولة متوسطية ذات روابط حضارية بأوروبا أكثر من صلتها بالعالم الإسلامي»

الخروج من التحالفات: إستقلال لا عزلة

يلاحظ تاراسوف أن مصر السيسي تتجنب الإنخراط التلقائي في التحالفات العربية، سواء في اليمن أو في النزاع مع إثيوبيا، أو حتى في الحرب السورية، وتتصرف بمنطق "الدولة – المحور" لا الدولة التابعة.
«لم يُسحب السيسي إلى عقد الصراع الكبرى في المنطقة، لكنه إحتفظ بقنوات تواصل مع كل الأطراف، ولم يُلدغ كما حدث مع بشار الأسد»

في ذات الوقت، تُحافظ القاهرة على علاقات براغماتية مع كل من إسرائيل والولايات المتحدة، لكنها ترفض الإندماج الكامل في مشاريعهما، كما في "خطة ترامب" لتحويل غزة إلى مشروع إقتصادي منفصل.

غزة: بين القاهرة وتل أبيب – مشروع بديل

يشير الكاتب إلى أن مصر قدمت مشروعًا بديلاً لإعادة إعمار غزة، يمتد على خمس سنوات، ويتضمن:
- عدم ترحيل سكان القطاع
- تشكيل حكومة وحدة أو تكنوقراط
- قوى أمنية فلسطينية بغطاء مصري وغربي
«في هذا السياق، أعلن حماس استعداده للتخلي عن السلطة في غزة لصالح حكومة وحدة أو حكومة تكنوقراط»

ويرى تاراسوف أن هذا الطرح المصري يستند إلى رؤية سيادية تنطلق من الأمن القومي المصري، لا من تضامن عربي أو إسلامي، وهو ما يفسر إمتناع القاهرة عن إستقبال لاجئين من غزة، ورفضها القاطع لأي سيناريو إسرائيلي يهدف إلى "تصدير المشكلة إلى سيناء".

مواجهة "صفقة القرن" بميراث الفراعنة

في قراءة فكرية عميقة، يعتبر تاراسوف أن ما يفعله السيسي هو محاولة لبعث الدولة المصرية من رماد الإمبراطوريات القديمة، عبر إستحضار الإرث الفرعوني، وربطه بمفهوم الهوية الوطنية: «كما حاول محمد علي باشا في القرن التاسع عشر تحدي السلطنة العثمانية، يحاول السيسي اليوم خلق هوية مصرية متفردة تستند إلى تاريخها العميق، وليس إلى الإنتماء القومي أو الإسلامي».

ويضيف: «الفِرعونية السياسية تخلع عن مصر صفتها الإسلامية والعربية، وتضعها في موقع مستقل، يجعلها قابلة للتحالف مع أوروبا أو روسيا، حسب مصلحتها».

واشنطن في حيرة: إسرائيل أم مصر؟

في ذروة التحليل، يطرح تاراسوف السؤال الحاسم: «هل ستستبدل واشنطن مشروع إسرائيل الكبرى بمشروع مصر الكبرى؟»

في ظل تصدّع التحالفات الأمريكية في الشرق الأوسط، بات واضحًا أن واشنطن تُراهن على مصر كـ"ثقل إستراتيجي"، من أجل:
- حماية مصالحها في قناة السويس (8% من التجارة البحرية العالمية)
- حفظ توازن مع إسرائيل
- ضمان إستمرار السيطرة على مفاتيح الملاحة البحرية من البحر المتوسط إلى المحيط الهندي

خاتمة: عقيدة السيسي – فرعونية سياسية في زمن الفوضى

لا تطرح "عقيدة السيسي" بديلاً أيديولوجيًا ثوريًا، بل تستعيد الماضي لتوجيه الحاضر. إنها "عودة إستراتيجية" إلى الذات المصرية، في لحظة إنهيار إقليمي وفوضى دولية. وبينما تتهاوى المشاريع الكبرى الأخرى – من العروبة الناصرية إلى الإسلاموية – تطرح القاهرة مشروعًا مركّبًا يجمع:
- هوية قومية خاصة
- إستقلالًا إستراتيجيًا نسبيًا
- واقعية سياسية في التعامل مع القوى الكبرى

وكما يلخّص تاراسوف: «عقيدة السيسي ليست مشروعًا جديدًا، بل محاولة فريدة لتكييف الموروث الفرعوني مع الواقع الجيوسياسي المتغير في الشرق الأوسط».

*****
هوامش

أحمد حسين (1905–1982) هو زعيم قومي مصري ومؤسس "حزب مصر الفتاة" عام 1933، دعا إلى استقلال مصر وبعث هويتها الفرعونية في مواجهة الاستعمار البريطاني والنفوذ العثماني. عُرف بمشروعه السياسي "مصر الكبرى" الذي سعى لإحياء مجد مصر التاريخي وتوسيع نفوذها الإقليمي.



#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إرث بوتسدام: روسيا ما زالت تجني ثمار مؤتمر عمره 80 عاماً، كي ...
- ألكسندر دوغين - -فلسطين تُفجّر إنقسام الغرب... ولكن العدو ال ...
- ألكسندر دوغين - إذا لم ينقرض الروس بأنفسهم، فهناك من يساعدهم ...
- طوفان الأقصى 667 - ماذا لو تغيّر المشهد؟ السيناريو الذي يخشا ...
- ألكسندر دوغين - ترامب بين فشل الإصلاح وإمكانات الهدم - قراءة ...
- طوفان الأقصى 666 - إسرائيل بين نهاية فلسطين وبداية الهيكل ال ...
- ألكسندر دوغين - بوتين يميط اللثام عن حقائق الجيوبوليتيكا (بر ...
- طوفان الأقصى 665 - كيف تحكم الصهيونية المسيحية سياسة واشنطن؟
- ألكسندر دوغين - -روسيا كدولة-حضارة: نقد الإنحدار الغربي ومسا ...
- ألكسندر دوغين – -الجنرال هرمجدون- الجديد: روسيا تُخيف الغرب ...
- طوفان الأقصى 664 - فلسطين تفجّر الغرب: صراع العواصم الغربية ...
- طوفان الأقصى 663 - إنكشاف التحيّز المنهجي لصالح إسرائيل داخل ...
- طوفان الأقصى 662 - من إيلات إلى جيبوتي: كيف غيّر الحوثيون وا ...
- طوفان الأقصى 661 - -إسرائيل ليست شرًا فريدًا من نوعه.. إنها ...
- طوفان الأقصى 659 - إغتيال جيمس فورستال وجون كينيدي – هل سقطا ...
- طوفان الأقصى 659 - داخل مستشفى في غزة: جراح بريطاني يروي ما ...
- طوفان الأقصى 658 - إسرائيل وتحويل الإفتراءات المعادية لليهود ...
- طوفان الأقصى 657 – روسيا وفلسطين... ضحيتان لمسار واحد من الإ ...
- الصين والإبادة في غزة: بين خطاب العدالة وحسابات المصالح
- طوفان الأقصى 656 - -مطالب شعبنا بالعدالة تتجاوز التدمير-


المزيد.....




- غزة: عشرون قتيلا وعشرات الجرحى إثر انقلاب شاحنة على مئات من ...
- الحرب في غزة: ما حقيقة الخلافات بين الحكومة والجيش في إسرائي ...
- ما حظوظ أن تثمر زيارة ويتكوف إلى روسيا وقفا للحرب في أوكراني ...
- أفريكا ريبورت: صورة كينيا كوسيط محايد تتصدع وسط اتهامات بإيو ...
- أطباء عادوا من غزة: هل بقيت لدينا في أوروبا ذرة من الإنسانية ...
- لماذا اختار الأميركيون هيروشيما بالذات بعد قرار قصف اليابان؟ ...
- كيف علق المغردون على الخطة الإسرائيلية لاحتلال غزة؟
- يوم وطني لدعم غزة.. مبادرة جزائرية للتحفيز على التبرعات الشع ...
- أصوات من غزة.. أطفال مرضى السكري معاناة وسط الانهيار الصحي
- ويتكوف يصل إلى موسكو في -الرحلة المرتقبة-


المزيد.....

- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - طوفان الأقصى 669 --عقيدة السيسي-: مصر تعود إلى الفراعنة لتقود الشرق الأوسط