أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - الصين والإبادة في غزة: بين خطاب العدالة وحسابات المصالح














المزيد.....

الصين والإبادة في غزة: بين خطاب العدالة وحسابات المصالح


زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8413 - 2025 / 7 / 24 - 15:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


د. زياد الزبيدي


24 يوليو 2025

منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي الواسع على قطاع غزة في أكتوبر 2023، لم تعد المجازر تُرتكب في الخفاء، بل تُبث على الهواء مباشرة، ومع ذلك، فإن ردود أفعال القوى الكبرى كشفت أكثر مما أخفت. وبينما إنحازت الدول الغربية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، بشكل شبه مطلق إلى جانب إسرائيل، برزت الصين بموقف أكثر هدوءًا، لكنه لا يخلو من دلالة.

فالصين، التي تسعى لترسيخ صورة القوة المسؤولة والعادلة على الساحة الدولية، إختارت منذ اللحظة الأولى التنديد بالعنف وإستهداف المدنيين، داعيةً إلى وقف فوري لإطلاق النار، وإلى إحترام القانون الدولي الإنساني. غير أن بكين، رغم هذا الموقف الإنساني الظاهري، لم تصف ما يجري في غزة بـ"الإبادة الجماعية"، ولم تذهب إلى خطوات ملموسة تتحدى بها الإحتلال أو داعميه، كما فعلت واشنطن حين إستخدمت "الفيتو" عدة مرات لحماية إسرائيل من المساءلة.

ومع مرور الشهور وتفاقم الكارثة الإنسانية في غزة، وبلوغ أعداد الضحايا مستويات غير مسبوقة، بدا موقف بكين وكأنه يتأرجح بين خطاب أخلاقي محسوب وحسابات جيوسياسية دقيقة. فهي تدين "إستخدام العنف المفرط" وتطالب بإيصال المساعدات، لكنها لا تقطع علاقاتها الإقتصادية المتقدمة مع إسرائيل، خاصة في مجالات التكنولوجيا والبنية التحتية، ولا تنخرط في دعم مباشر للشعب الفلسطيني كما تفعل إيران أو حتى تركيا في خطابها.

في المقابل، إختارت واشنطن أن تتماهى كليًا مع الرواية الإسرائيلية. لا حديث عن مجازر، لا تساؤل عن إستهداف المستشفيات والمدارس والمخيمات، بل إصرار مستمر على أن لإسرائيل "الحق في الدفاع عن نفسها"، ولو على حساب مئات آلاف الضحايا. أما أوروبا، فبدت منقسمة؛ بين حكومات تقف في الصف الأمريكي بلا تردد، وأخرى تحاول إنتقاد بعض التجاوزات "الإنسانية" دون المساس بجوهر العلاقة مع إسرائيل.

الفرق الجوهري بين الموقفين الصيني والغربي، لا يكمن في الدعم العسكري أو المواقف المعلنة فحسب، بل في المنظور الحضاري والسياسي. الغرب، الذي طالما رفع شعارات حقوق الإنسان، أسقط قناعه كليًا حين تعلق الأمر بفلسطين، ليكشف عن إزدواجية معايير راسخة. أما الصين، فترى في القضية الفلسطينية فرصة لتقديم نفسها كبديل أخلاقي للهيمنة الأمريكية، دون أن تفرّط بمصالحها مع الأطراف كافة، من إسرائيل إلى السعودية، ومن إيران إلى تركيا. وخاصة أن أي تصعيد واسع النطاق قد يهدد طرق الملاحة (كمضيق هومز) ويؤثر على مبادرة "الحزام والطريق".


وفي هذه العجالة لا بد من الإشارة إلى الدوافع العميقة للموقف الصيني التي يمكن تلخيصها في عدة محاور:

-رؤية أيديولوجية: الصين تسعى لترسيخ "نظام عالمي متعدد الأقطاب"، ما يدفعها للوقوف ضد السلوكيات الأحادية الأمريكية.

-مصلحة إستراتيجية: الصراع الفلسطيني يُوظَّف كوسيلة لتقويض شرعية القيادة الأمريكية للنظام الدولي.

-محاولة إختراق المجال العربي: تبني الصين سردية مناهضة للإستعمار وإسرائيل لكسب الحاضنة العربية والإسلامية، خاصة بعد نجاح وساطتها بين إيران والسعودية عام 2023.

-العلاقات الاقتصادية مع إسرائيل: رغم الموقف السياسي المتوازن، تعد إسرائيل شريكًا إقتصاديًا مهمًا للصين في مجالات التكنولوجيا والبنية التحتية، خصوصًا عبر مشاريع مرتبطة بموانئ البحر المتوسط. وهذا أحد العوامل التي تحد من تصعيد الصين في وجه تل أبيب.


والسؤال الذي يفرض نفسه اليوم: هل يكفي الخطاب الصيني المتزن في وجه آلة الإبادة؟ وهل يمكن لقوة عالمية تدّعي الدفاع عن النظام الدولي العادل أن تظل "محايدة" أمام مشاهد تطهير عرقي تبث على شاشات العالم كل يوم؟

الصين، وإن بدت أكثر إحترامًا للمشاعر العربية من حلفاء الأمس في الغرب، إلا أنها لا تزال تحبس موقفها داخل حدود "البراغماتية الآمنة". وفي عالم تُرسم فيه السياسات الدولية بدماء الأبرياء، لم يعد الصمت حكمة، ولا الحياد عدالة.
---



#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طوفان الأقصى 656 - -مطالب شعبنا بالعدالة تتجاوز التدمير-
- ألكسندر دوغين – الديمقراطية الغربية الوحشية
- طوفان الأقصى 655 - الولايات المتحدة غير راضية عن تعامل إسرائ ...
- غزة لا تجوع، بل يتم تجويعها
- طوفان الأقصى 654 - إيران والإتفاق النووي: صفقة مع المجهول... ...
- فك شفرة ترامب: ما فهمته أوروبا أو ما فاتها
- طوفان الأقصى 653 - -سذاجة أم بطولة؟ ملحمة الحوثيين في البحر ...
- ألكسندر دوغين يتحدث عن المحور الرئيسي الذي لا يجب المساس به ...
- طوفان الأقصى 652 - العالم في أتون النار - الحرب العالمية الث ...
- ألكسندر دوغين – -القيادة الإسرائيلية المعاصرة تفتح أبواب الج ...
- طوفان الأقصى 651 - العدوان الإسرائيلي على سوريا - الدروز، ال ...
- ألكسندر دوغين - -لقد حان الوقت لماغا MAGA أن تقود، لا أن تتب ...
- طوفان الأقصى 650 - السعودية في قلب المعادلة: هل تُنقذ دبلوما ...
- طوفان الأقصى 649 - خطة «شمشون» أو «هرمجدون النووي»: حين يُفز ...
- ألكسندر دوغين يكشف الجانب الخفي للسياسة الأمريكية – -ترامب أ ...
- طوفان الأقصى 648 - -أذربيجان بين مطرقة إيران وسندان روسيا: م ...
- ألكسندر دوغين يكشف جوهر تصريح ترامب حول روسيا -والآن أُعلنُ ...
- طوفان الأقصى - 647 -حزب الله عند مفترق طرق: نهاية مرحلة أم إ ...
- رؤية ألكسندر بوتيلوف: إنهيار الثقة بالمؤسسات الدولية و-تفكك ...
- طوفان الأقصى 646 – -مافيا الذرة – 5 خطايا كبرى تفضح إنهيار ث ...


المزيد.....




- مصر وقطر تصدران بيانا بشأن تعليق المفاوضات المتعلقة بغزة
- الحاخام أبراهام كوبر في بلا قيود: المطلب بحل الدولتين على ح ...
- سوريون يعلّقون على -لقاء سوري-إسرائيلي في باريس-: ما بين جدل ...
- المفتاح في طبق العشاء.. كيف يتحكم الطعام في أحلامنا؟
- فوق السلطة: وئام وهاب متهم بالعمالة وأبو شباب يطالب بحماية د ...
- السكر ليس السبب الوحيد.. لماذا يفرط الأطفال في الحركة قبل ال ...
- انسحاب واشنطن من مفاوضات غزة.. مناورة أم مقدمة للتصعيد؟
- انهيار سقف مدرسة يودي بحياة عدد من الأطفال في الهند
- الجيش الجزائري يتدخل لإخماد حرائق في عدة ولايات
- موقف محرج بين ترامب ورئيس الاحتياطي الفيدرالي أمام الكاميرات ...


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - الصين والإبادة في غزة: بين خطاب العدالة وحسابات المصالح