أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - طوفان الأقصى 665 - كيف تحكم الصهيونية المسيحية سياسة واشنطن؟















المزيد.....

طوفان الأقصى 665 - كيف تحكم الصهيونية المسيحية سياسة واشنطن؟


زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8422 - 2025 / 8 / 2 - 12:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ترجمة وتحليل د. زياد الزبيدي

2 أغسطس 2025

1 .....

الصهيونية المسيحية: الوجه الأخطر لتحالف الدين والإمبراطورية

في زحمة النقاشات التي تدور حول الصهيونية ودولة الإحتلال الإسرائيلي، غالبًا ما يُختزل الموضوع في اليهود واليهودية، ويتم التغاضي عن تيارٍ أكثر جذرية وخطورة: الصهيونية المسيحية. في مقاله بتاريخ 4 تموز/يوليو المنصرم على منصة "Medium" التشاركية، يسلّط الكاتب والناشط الأمريكي ديفيد سبيرو الضوء على هذا التيار ويصفه بأنه "أسوأ أنواع الصهيونية"، ليس فقط لأنه يدعم الإحتلال الإسرائيلي، بل لأنه يفعل ذلك مدفوعًا بعقيدة دينية تؤمن حرفيًا بنهاية العالم.

جذر غير يهودي لصهيونية متطرفة

تعود جذور الصهيونية المسيحية إلى القرن السابع عشر، حين بدأ المتطهرون في إنجلترا بالدعوة إلى عودة اليهود إلى فلسطين باعتبار ذلك مقدمة لعودة المسيح. ومنذ ذلك الحين، تبنّى آلاف المفكرين والسياسيين المسيحيين في أوروبا وأمريكا هذه الفكرة، وراحوا يضغطون لتهجير اليهود من أوروبا إلى الأرض المقدسة. المفارقة أن كثيرًا من اليهود، بحسب مؤرخين يهود أنفسهم، كانوا يرفضون هذه الفكرة حتى ما قبل الحرب العالمية الثانية.

من الحروب الصليبية إلى الكنيست

سبيرو لا يرى في الصهيونية المسيحية إلا استمرارًا حديثًا للحروب الصليبية. لكن بدلاً من أن يقاتل المسيحيون بأنفسهم، فإنهم – عبر الصهيونية – أوكلوا مهمة "التحرير" لليهود. اليوم، تتجسد هذه العقلية في الدعم المطلق من المسيحيين الإنجيليين في أمريكا لإسرائيل، ليس حبًا في اليهود، بل إيمانًا بأن قيام دولة إسرائيل هو تمهيد لمعركة "هرمجدون"، تلك المواجهة النهائية التي سيفني فيها الله غير المؤمنين، بمن فيهم اليهود الذين لا يؤمنون بالمسيح.

دعاية بإسم الرب وسلاح أمريكي

منظمة "المسيحيون المتحدون من أجل إسرائيل" (CUFI)، التي تضم أكثر من 10 ملايين عضو، تعتبر أكبر جماعة ضغط صهيونية في العالم، وتفوق في عددها الجالية اليهودية الأمريكية بأسرها. هذه المنظمة، بقيادة القس الإنجيلي جون هاجي، تموّل سياسات إسرائيلية وتروج لخطابات نهاية العالم، وتدعو علنًا إلى حرب شاملة ضد إيران وروسيا والصين، باعتبارهم أعداء الرب.

في المقابل، يستفيد بعض الساسة الإسرائيليين من هذا الدعم دون أن يشاركوا هذه العقيدة بالضرورة. لكن العلاقة تبادلية: الصهاينة المسيحيون يجمعون التبرعات لبناء المستوطنات، والحكومة الإسرائيلية تمنحهم شرعية سياسية ودينية.

ثيوقراطية مموّهة بغطاء ديمقراطي

يعترض سبيرو على التناقض في الخطاب الغربي: تُدان إيران لأنها "دولة دينية"، بينما يتم تجاهل أن الصهيونية المسيحية واليهودية تستخدمان نبوءات توراتية لتبرير الاحتلال والعنف. ويضيف: لا أحد من العقلاء يصدق أن الله يوزع صكوك ملكية لشعوب، أو أن إسرائيل ستمهّد حرفيًا لعودة المسيح. لكن هذه الخرافات اللاهوتية تُسخّر لخدمة مشاريع استعمارية بلبوس روحي.

في النتيجة: الخطر مزدوج

الصهيونية المسيحية ليست تيارًا دينيًا فقط، بل مشروع أيديولوجي يهدد العالم مرتين: مرة باسم الدين، وأخرى باسم الجيوسياسة. إنها دعاية دينية تُستخدم كسلاح سياسي، تدفع نحو الحروب، وتُلبس الاحتلال ثوب الخلاص الإلهي.

إن كشف هذا الوجه من الصهيونية لا يقل أهمية عن نقد الاحتلال أو السياسات العنصرية الإسرائيلية. إنه دعوة لإعادة تعريف المعركة: من مواجهة مع كيان، إلى مواجهة مع منظومة فكرية تسعى حرفيًا إلى نهاية العالم.

*****
2 ....

الصهيونية المسيحية في واشنطن: ثلاثية النفوذ والتأثير

عندما يتحول اللاهوت إلى سياسة

في عمق البنية السياسية للولايات المتحدة، نشأت طبقة جديدة من السياسيين الذين لا يكتفون بتأييد إسرائيل سياسيًا، بل يرون دعمها واجبًا دينيًا. يقود هذا التيار شخصيات مثل مايكل هاكابي، تيد كروز، والمنظمات الإنجيلية الكبرى مثل "المسيحيون المتحدون من أجل إسرائيل" (CUFI). هذا التحالف بين الدين والسياسة، الذي يُطلق عليه "الصهيونية المسيحية"، أعاد تشكيل السياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط، خصوصًا تجاه القضية الفلسطينية.

مايكل هاكابي: منبر ديني في سفارة سياسية

منذ تعيينه سفيرًا للولايات المتحدة في إسرائيل عام 2025، أصبح مايكل هاكابي الوجه الدبلوماسي للصهيونية المسيحية. يروج علنًا لفكرة أن "إسرائيل هبة من الله لليهود"، ويرى أن دعمها غير قابل للتفاوض. يرفض حل الدولتين، ويعتبر أن الضفة الغربية جزء لا يتجزأ من "أرض إسرائيل الكبرى".

هاكابي ليس دبلوماسيًا تقليديًا، بل هو واعظ إنجيلي ذو ماضٍ إعلامي حافل. علاقته الوثيقة بمنظمة CUFI، ومواقفه الدينية المتشددة، جعلت منه واجهة لدمج الدين في قلب القرار السياسي الأميركي.

تيد كروز: السيف اللاهوتي في مجلس الشيوخ

تيد كروز، السيناتور الجمهوري عن ولاية تكساس، لا يخفي انتماءه العقدي للصهيونية المسيحية. يستند في دعمه لإسرائيل إلى نصوص دينية مثل سفر التكوين: "من يبارك إسرائيل يُبارك، ومن يلعنها يُلعن". لكنه لا يتوقف عند اللاهوت، بل يمضي إلى تشريع قوانين تُجرّم مقاطعة إسرائيل، وتمنح شرعية مطلقة لسياستها التوسعية.

في حوار مثير للجدل مع الإعلامي تاكر كارلسون عام 2025، واجه كروز انتقادات حادة بشأن تفسيره الديني للصراع في الشرق الأوسط، إلا أنه تمسك بموقفه، معتبرًا أن دعم إسرائيل "واجب إلهي".

دونالد ترامب: القوة التنفيذية لعقيدة نبوءات آخر الزمان

في قلب هذا التحالف، لا يمكن تجاهل دور الرئيس السابق والمرشح الدائم دونالد ترامب، الذي يُعتبر الذراع التنفيذية الأبرز للصهيونية المسيحية. خلال ولايته، لم يكتفِ بالتصريحات، بل ترجم الخطاب الديني إلى قرارات غير مسبوقة في السياسة الأميركية:
- نقل السفارة الأميركية إلى القدس في 2018، في تحدٍ صارخ للقرارات الدولية.
- الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان المحتل، رغم اعتراض الأمم المتحدة.
- وقف تمويل الأونروا، وتقويض حق العودة الفلسطيني.
- رعاية "صفقة القرن"، التي شرعنت المستوطنات ورفضت حدود 1967.
- ترامب تبنّى خطابًا إنجيليًا مباشرًا، وأحاط نفسه بمستشارين وممولين صهاينة وإنجيليين متشددين، مثل ديفيد فريدمان (سفيره في إسرائيل خلال ولايته الأولى)، وجاريد كوشنر، وصديقه الحميم القس جون هيغي.

- حصل على دعم واسع من جماعات مثل CUFI، وقدّم نفسه كـ"ملك إسرائيل" و"أفضل صديق لها في التاريخ الأميركي"، بل ذهب في أحد تصريحاته إلى القول إن "اليهود في إسرائيل يحبونه كما يحبون الله".

الصهيونية المسيحية: اللاهوت في خدمة الإمبراطورية

البعد الأخطر في هذه الظاهرة هو العلاقة بين الصهيونية المسيحية ونظرية نهاية العالم. آلاف الإنجيليين حول العالم، خصوصًا في أميركا، يعتقدون أن تأسيس إسرائيل عام 1948 كان مقدمة لعودة المسيح، وأن معركة "هرمجدون" النهائية ستبدأ من القدس.

منظمات مثل CUFI، ووعاظ مثل جون هيغي، يرون أن دعم إسرائيل ليس فقط سياسيًا أو أخلاقيًا، بل مقدمة دينية لتحقق النبوءات. وتشارك إسرائيل الرسمية بهذا الخطاب، وإن بشكلٍ براغماتي، مستفيدة من الدعم المالي والسياسي الأميركي المستمر.

النتيجة: عقيدة تُشرعن الاحتلال

ما يجمع هاكابي وكروز وترامب ومنظّري الصهيونية المسيحية، هو توظيف النصوص الدينية لتبرير سياسات الاحتلال والتهويد. يتم اختزال الفلسطينيين إلى عوائق أمام "خطة إلهية"، وتُحول القدس من مدينة السلام إلى ساحة معركة نبوئية.

بهذا، تتحول الدبلوماسية الأميركية من وسيط محتمل إلى طرف عقائدي. ليس فقط في إسرائيل، بل في كل الشرق الأوسط، حيث بات اللاهوت يُستخدم كغطاء للهيمنة، وتصبح النصوص الدينية سلاحًا سياسيًا بامتياز.

خاتمة: تحالف التوراة والبنتاغون

في ظل هذا المشهد، لا يمكن فصل المواقف الدينية عن النفوذ السياسي في واشنطن. إن صعود هاكابي وكروز وترامب ليس مجرد صدفة انتخابية، بل تعبير عن اتجاه أعمق في الثقافة السياسية الأميركية، حيث تندمج النبوءة بالإستراتيجية، والعقيدة بالخارطة.

إن تفكيك هذه العلاقة بين الصهيونية المسيحية وصناعة القرار الأميركي، لم يعد خيارًا فكريًا بل ضرورة سياسية لكل من يسعى لفهم جذور الصراع واستشراف نهاياته المحتملة.



#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ألكسندر دوغين - -روسيا كدولة-حضارة: نقد الإنحدار الغربي ومسا ...
- ألكسندر دوغين – -الجنرال هرمجدون- الجديد: روسيا تُخيف الغرب ...
- طوفان الأقصى 664 - فلسطين تفجّر الغرب: صراع العواصم الغربية ...
- طوفان الأقصى 663 - إنكشاف التحيّز المنهجي لصالح إسرائيل داخل ...
- طوفان الأقصى 662 - من إيلات إلى جيبوتي: كيف غيّر الحوثيون وا ...
- طوفان الأقصى 661 - -إسرائيل ليست شرًا فريدًا من نوعه.. إنها ...
- طوفان الأقصى 659 - إغتيال جيمس فورستال وجون كينيدي – هل سقطا ...
- طوفان الأقصى 659 - داخل مستشفى في غزة: جراح بريطاني يروي ما ...
- طوفان الأقصى 658 - إسرائيل وتحويل الإفتراءات المعادية لليهود ...
- طوفان الأقصى 657 – روسيا وفلسطين... ضحيتان لمسار واحد من الإ ...
- الصين والإبادة في غزة: بين خطاب العدالة وحسابات المصالح
- طوفان الأقصى 656 - -مطالب شعبنا بالعدالة تتجاوز التدمير-
- ألكسندر دوغين – الديمقراطية الغربية الوحشية
- طوفان الأقصى 655 - الولايات المتحدة غير راضية عن تعامل إسرائ ...
- غزة لا تجوع، بل يتم تجويعها
- طوفان الأقصى 654 - إيران والإتفاق النووي: صفقة مع المجهول... ...
- فك شفرة ترامب: ما فهمته أوروبا أو ما فاتها
- طوفان الأقصى 653 - -سذاجة أم بطولة؟ ملحمة الحوثيين في البحر ...
- ألكسندر دوغين يتحدث عن المحور الرئيسي الذي لا يجب المساس به ...
- طوفان الأقصى 652 - العالم في أتون النار - الحرب العالمية الث ...


المزيد.....




- -لم أستطع تجاوز الأمر-.. روبرت إيفريت يقول إنه طُرد من مسلسل ...
- بركان بروسيا يثور بعد قرون من السكون.. هل الزلزال هو السبب؟ ...
- غارات إسرائيلية تستهدف مقر الهلال الأحمر الفلسطيني في غزة
- لبنان على مفترق حاسم حول ملف السلاح.. وزير العدل: لن نسمح ل ...
- تصعيد جديد في السويداء.. خرق لوقف إطلاق النار ووضع إنساني يت ...
- البطاطا تنحدر من الطماطم! .. كشف أصل غذاء البشر الرئيسي
- صحف عالمية: البحث عن طعام قاتل كما الجوع بغزة ومفتاح الحل مع ...
- أسانج يشارك في مسيرة حاشدة مؤيدة للفلسطينيين في سيدني
- مناورات بحرية روسية صينية في بحر اليابان
- مسيرات في الضفة تضامنا مع غزة وبن غفير يجدد دعوته لاحتلال ال ...


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - طوفان الأقصى 665 - كيف تحكم الصهيونية المسيحية سياسة واشنطن؟