أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدي سيد محمد محمود - إعادة رسم النفوذ: أوروبا و أمريكا في معترك التوازنات الجديدة بشمال أفريقيا














المزيد.....

إعادة رسم النفوذ: أوروبا و أمريكا في معترك التوازنات الجديدة بشمال أفريقيا


حمدي سيد محمد محمود

الحوار المتمدن-العدد: 8420 - 2025 / 7 / 31 - 17:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


د حمدي سيد محمد محمود
تتداخل عدة عوامل دولية وإقليمية في صياغة التوجهات الاستراتيجية لكل من أوروبا والولايات المتحدة نحو الساحل الشمالي الإفريقي، وهي توجهات لم تعد تنبع فقط من ضرورات الجوار الجغرافي أو الحسابات الاقتصادية التقليدية، بل باتت تتحدد وفق منظومات أمنية وجيوسياسية معقدة تتفاعل فيها قضايا الهجرة غير النظامية، ومكافحة الإرهاب، وتنافس القوى الكبرى، وتغير المناخ، والتحولات التكنولوجية، خاصة في مجالات الطاقة والرقمنة. هذا التداخل البنيوي بين المستويين الدولي والإقليمي يعيد رسم خطوط النفوذ والسيطرة في هذه المنطقة ذات الأهمية الجيوستراتيجية البالغة، والتي تربط ضفتي البحر الأبيض المتوسط وتمثل بوابة عبور محورية بين أوروبا وأفريقيا جنوب الصحراء.

فعلى المستوى الدولي، تشكل المنافسة المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين، من جهة، وبين روسيا والدول الغربية من جهة أخرى، عاملاً ضاغطًا في تحديد ملامح الاستراتيجية الغربية إزاء شمال أفريقيا. فالولايات المتحدة تنظر إلى المنطقة كجزء من فضاء أوسع يمتد من الساحل الأطلسي إلى الشرق الأوسط، وتُدرجها ضمن استراتيجياتها الهادفة إلى تقليص نفوذ بكين وموسكو في القارة. في هذا الإطار، تركز واشنطن على تعزيز الشراكات الأمنية الثنائية، مثل تلك القائمة مع المغرب وتونس، وتوسيع نطاق التعاون الاستخباراتي والعملياتي، خاصة في مواجهة التهديدات الإرهابية العابرة للحدود، والحد من الهجرة، ومراقبة التحركات الروسية والصينية في البنية التحتية الحيوية والموانئ والمجالات السيبرانية.

في المقابل، تنظر أوروبا إلى شمال أفريقيا من منظور أكثر ارتباطًا باستقرارها الداخلي، حيث تمثل دول المغرب العربي حاجزًا أمنياً أولياً ضد موجات الهجرة، وتحديات التهريب العابر للحدود، والنشاطات الإرهابية، فضلاً عن كونها مزودًا مهمًا للغاز الطبيعي والطاقة المتجددة في ضوء مساعي القارة للتحرر من التبعية للغاز الروسي. وقد أعاد الغزو الروسي لأوكرانيا ترتيب أولويات بروكسل، فبات تعزيز الشراكات مع الجزائر، كمصدر طاقة بديل، ومع المغرب، كمركز لوجستي واستثماري، أمرًا ذا أولوية ملحّة. كما يسعى الاتحاد الأوروبي إلى ترسيخ نماذج "الاستقرار المُدار" في المنطقة، عبر دعم حكومات قوية قادرة على احتواء الأزمات الداخلية، حتى وإن كانت بعيدة عن المعايير الديمقراطية الأوروبية.

إقليميًا، تشكل التوترات الداخلية في دول شمال أفريقيا، وتنافس الأدوار بين الفاعلين المحليين (مثل الصراع المغربي-الجزائري، وعدم الاستقرار في ليبيا، والتحولات في تونس)، عناصر تؤثر في مدى قابلية تلك الدول للانخراط في استراتيجيات الغرب أو مقاومتها. فبينما تبدي الرباط انفتاحًا متزايدًا على الشراكة مع الغرب، بما في ذلك في مجالات التكنولوجيا الدفاعية والذكاء الاصطناعي، تتبنى الجزائر سياسات خارجية أكثر استقلالية تتقاطع أحيانًا مع المصالح الروسية والصينية. أما ليبيا، فتمثل ساحة نفوذ متعددة المستويات، تنخرط فيها قوى غربية وشرق أوسطية، مما يجعلها نقطة اختبار لتوازن القوى في جنوب المتوسط.

وبالرغم من هذا الزخم الجيوسياسي، تبقى هناك حدود واضحة لتأثير هذه العوامل على المدى البعيد، إذ تصطدم التوجهات الغربية بعقبات بنيوية تتعلق بانعدام الاستقرار السياسي المزمن في بعض دول المنطقة، وصعود الفواعل غير الدولتية، واستمرار أزمات التنمية والبطالة وضعف الحكم الرشيد. كما أن السياسات الغربية كثيرًا ما تُتهم بالازدواجية، حيث يُفضل الاستقرار على الديمقراطية، وتُغلب المصالح الاقتصادية على العدالة الاجتماعية، وهو ما يحدّ من شرعية تلك الاستراتيجيات أمام شعوب المنطقة، ويعزز من فرص تدخل قوى دولية بديلة أكثر مرونة.

وعليه، فإن التوجهات الاستراتيجية لكل من أوروبا والولايات المتحدة نحو الساحل الشمالي الإفريقي لا يمكن فهمها إلا من خلال عدسة مركبة، تنظر إلى تقاطع التنافس الجيوسياسي الدولي مع التفاعلات الإقليمية، وتضع في الاعتبار أن المستقبل الاستراتيجي للمنطقة سيتحدد بمدى قدرة الغرب على صياغة شراكات أكثر توازناً، تستند إلى المصالح المتبادلة، والاحترام المتبادل، والاندماج في ديناميات التنمية المستدامة، لا على منطق السيطرة والتبعية.



#حمدي_سيد_محمد_محمود (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من المنطق إلى الوجود: كيف أعادت الفلسفة الإسلامية تشكيل العق ...
- الذكاء الاصطناعي واختبار الديمقراطية: بين التمكين والخطر
- حروب بلا جنود: صعود الذكاء الاصطناعي كقوة ضاربة في أيدي الجم ...
- إعادة رسم خرائط النفوذ : السباق الفضائي وأشباه الموصلات في م ...
- التحرر من الهيمنة الرقمية: نحو سيادة معرفية وتقنية عادلة
- المرتزقة السيبرانية وحروب الظل بالوكالة
- القيادة الإبداعية في عصر الذكاء الفائق: التحول من الكاريزما ...
- العقل المستبدّ: جنوح التيار العلماني المتطرف لتفكيك ثوابت ال ...
- حين تتكلم الخوارزميات: المؤسسة السياسية في زمن التفاعل الذكي
- التواصل المفقود: كيف اغترب الإنسان عن الإنسان في عصر الذكاء ...
- السرديات القُطرية وعقبة الوحدة العربية
- فلسفة ما بعد الإنسان: تحولات الذات في عصر الكائنات المعززة
- إدارة الأزمات بعد الإنسان: الدولة الخوارزمية، والمجتمع تحت ا ...
- الفلسفة في مواجهة المستقبل: تأملات عميقة في وعي الآلة، أخلاق ...
- المؤسسات في زمن الذكاء الفائق: من البيروقراطية إلى الخوارزمي ...
- التكامل الذكائي: من سيادة العقل إلى خوارزمية السيطرة
- أنقاض المعنى: الفلسفة الأوروبية بين مشروع العقل وانهيار اليق ...
- الكسب في الفكر الأشعري: فلسفة التوفيق بين الجبر والاختيار
- الفلسفة الأوروبية المعاصرة وتحديات العصر الحديث: بين العلمنة ...
- الأمن القومي في زمن السيادة الرقمية: الذكاء الاصطناعي والخوا ...


المزيد.....




- من دون مكياج تقريبًا... باميلا أندرسون بإطلالتين أنيقتين في ...
- الأرض تغلي تحت قدميه.. هكذا وثّق مغامر كويتي الينابيع البركا ...
- مصدر: المبعوث الأمريكي يصل إلى موقع لتوزيع المساعدات في رفح ...
- غزة: واشنطن تفرض عقوبات على السلطة الفلسطينية وويتكوف يلتقي ...
- ترامب يفرض رسوما جمركية تصل إلى 41% على عشرات الدول بدءا من ...
- باريس تسقط 40 طنا من المساعدات الإنسانية على قطاع غزة انطلاق ...
- ترامب يزيد الرسوم الجمركية على المنتجات الكندية إلى 35%
- السودان: تقارير عن وفاة مزيد من الأشخاص بسبب الجوع وسوء التغ ...
- بوتين يجتمع بالشيباني والشرع يتلقى دعوة لحضور القمة الروسية ...
- إنزال مساعدات إنسانية فرنسية في غزة


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدي سيد محمد محمود - إعادة رسم النفوذ: أوروبا و أمريكا في معترك التوازنات الجديدة بشمال أفريقيا