أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدي سيد محمد محمود - حروب بلا جنود: صعود الذكاء الاصطناعي كقوة ضاربة في أيدي الجماعات المسلحة














المزيد.....

حروب بلا جنود: صعود الذكاء الاصطناعي كقوة ضاربة في أيدي الجماعات المسلحة


حمدي سيد محمد محمود

الحوار المتمدن-العدد: 8418 - 2025 / 7 / 29 - 11:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


د.حمدي سيد محمد محمود
في السنوات الأخيرة، شهدت الساحة الدولية تطورًا خطيرًا تمثل في توظيف الجماعات المسلحة لتقنيات الذكاء الاصطناعي ضمن بنيتها العملياتية والتكتيكية، ما شكّل تحديًا غير مسبوق أمام أجهزة الأمن والاستخبارات. لقد أدركت هذه الجماعات، سواء كانت تنظيمات إرهابية عابرة للحدود أو ميليشيات محلية مدعومة من قوى إقليمية، الإمكانات الهائلة التي توفرها تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تعزيز قدراتها على التخفي، والتحليل، واتخاذ القرار، وتنفيذ العمليات بدقة وفاعلية، مع تقليل الاعتماد على العنصر البشري المباشر.

تبدأ عملية التوظيف غالبًا من خلال استغلال أدوات الذكاء الاصطناعي مفتوحة المصدر والمنصات التقنية منخفضة الكلفة، والتي تتيح لهذه الجماعات استخدام تقنيات مثل تحليل الصور عبر خوارزميات الرؤية الحاسوبية لتحديد الأهداف العسكرية أو الأمنية، أو استخدام تقنيات التعرف على الوجوه لتعقب شخصيات بارزة أو خصوم محتملين. كما باتت بعض هذه التنظيمات تستخدم نماذج الذكاء الاصطناعي اللغوية في صياغة دعاياتها، وتوجيه خطابها الإعلامي بأساليب نفسية دقيقة تستهدف فئات معينة من الجماهير، من أجل التجنيد أو التحريض أو بث الخوف وعدم الاستقرار.

ومن الجوانب الأكثر إثارة للقلق أن بعض الجماعات طورت قدرات هجومية تعتمد على الذكاء الاصطناعي، كاستخدام الطائرات المسيّرة (الدرونز) المزوّدة بأنظمة ذكية للملاحة الذاتية أو التعرف على الأهداف، دون الحاجة إلى تدخل بشري مباشر. إن هذا النوع من الاستخدام يوسع دائرة الاستهداف، ويزيد من دقة العمليات، ويقلّل من الأخطاء البشرية التي طالما كانت تشكل تحدياً كبيرًا للجماعات المسلحة. كما تُستخدم هذه التقنيات في تخطيط الهجمات المعقدة، من خلال جمع وتحليل البيانات الجغرافية والديموغرافية، وتحديد نقاط الضعف في البنية الأمنية للخصم.

من جهة أخرى، تقوم هذه الجماعات باستغلال الذكاء الاصطناعي في مجالات الأمن السيبراني والهجمات الإلكترونية، من خلال تطوير برامج خبيثة قادرة على التعلم والتكيف مع الأنظمة المستهدفة، بما يُمكّنها من التسلل إلى شبكات الاتصالات والبنية التحتية الحيوية. وهذا لا يقتصر على استهداف الخصوم التقليديين، بل يمتد إلى بث الفوضى في البنى المجتمعية، ونشر المعلومات المضللة، والتلاعب بالرأي العام، وهي استراتيجيات تُعرف في أدبيات الحروب الحديثة باسم "حروب الإدراك" أو "الاستهداف الإدراكي"، حيث يصبح العقل الجمعي نفسه ساحة معركة.

ولعل ما يضفي مزيدًا من الخطورة هو أن هذه الجماعات لا تعمل في فراغ، بل غالبًا ما تتلقى دعمًا غير مباشر من أطراف دولية أو كيانات غير حكومية تسعى لاستخدامها كأدوات في صراعات الوكالة. وفي هذا السياق، يصبح توظيف الذكاء الاصطناعي جزءًا من التحولات العميقة في مفهوم الحرب، من المواجهات التقليدية إلى الحروب الرمادية والهجينة، التي تدمج بين القوة العسكرية الصلبة والقدرات الرقمية الناعمة، ما يخلق تحديات أمنية واستراتيجية غير تقليدية، يصعب التنبؤ بها أو احتواؤها ضمن الأطر التقليدية.

وفي ضوء هذه التطورات، لا بد من إعادة النظر في السياسات الأمنية الوطنية والدولية، ووضع أطر تنظيمية ورقابية شاملة للحد من تسرب هذه التقنيات إلى الفاعلين غير الدوليين. كما يُعد التعاون الدولي في مجال الذكاء الاصطناعي أمرًا ضروريًا لتتبع الشبكات المشبوهة، ورصد الاستخدامات غير المشروعة، وتطوير آليات دفاعية استباقية قائمة على الذكاء الاصطناعي نفسه، في إطار ما يمكن تسميته بـ"الردع الذكي". لقد دخل العالم عصرًا جديدًا تتقاطع فيه التكنولوجيا مع العنف المسلح، وتتآلف فيه المعرفة التقنية مع نوايا التدمير، مما يضع الإنسانية برمتها أمام سؤال وجودي وأخلاقي حول مصير هذه الأدوات في أيدي قوى تتغذى على الفوضى والدمار.



#حمدي_سيد_محمد_محمود (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إعادة رسم خرائط النفوذ : السباق الفضائي وأشباه الموصلات في م ...
- التحرر من الهيمنة الرقمية: نحو سيادة معرفية وتقنية عادلة
- المرتزقة السيبرانية وحروب الظل بالوكالة
- القيادة الإبداعية في عصر الذكاء الفائق: التحول من الكاريزما ...
- العقل المستبدّ: جنوح التيار العلماني المتطرف لتفكيك ثوابت ال ...
- حين تتكلم الخوارزميات: المؤسسة السياسية في زمن التفاعل الذكي
- التواصل المفقود: كيف اغترب الإنسان عن الإنسان في عصر الذكاء ...
- السرديات القُطرية وعقبة الوحدة العربية
- فلسفة ما بعد الإنسان: تحولات الذات في عصر الكائنات المعززة
- إدارة الأزمات بعد الإنسان: الدولة الخوارزمية، والمجتمع تحت ا ...
- الفلسفة في مواجهة المستقبل: تأملات عميقة في وعي الآلة، أخلاق ...
- المؤسسات في زمن الذكاء الفائق: من البيروقراطية إلى الخوارزمي ...
- التكامل الذكائي: من سيادة العقل إلى خوارزمية السيطرة
- أنقاض المعنى: الفلسفة الأوروبية بين مشروع العقل وانهيار اليق ...
- الكسب في الفكر الأشعري: فلسفة التوفيق بين الجبر والاختيار
- الفلسفة الأوروبية المعاصرة وتحديات العصر الحديث: بين العلمنة ...
- الأمن القومي في زمن السيادة الرقمية: الذكاء الاصطناعي والخوا ...
- الفلسفة في مواجهة الزمن : قراءة عميقة في تحولات العقل الأورو ...
- الفاتيكان والسردية الاستعمارية: من بركات الغزو إلى مباركة ال ...
- العلمنة النقدية في فكر محمد أركون: بين تحرير المقدّس ونقد ال ...


المزيد.....




- آيا صوفيا.. الصرح المقدس والشاهد الصامت على سقوط العروش وقيا ...
- طلاب جامعة الفلبين يحتجون على تخفيضات الميزانية والفساد
- حظر إسبانيا قد يعوق واردات إسرائيل من الأسلحة وتجارتها الخار ...
- عاجل| نيويورك تايمز عن مسؤولين أوروبيين: الأفعال المنسوبة لر ...
- ماذا يحمل مجلس الشعب لسوريا؟
- خبيرة سياسية للجزيرة نت: هناك فرصة لمواجهة تفرد الاحتلال بال ...
- سلسلة حوادث غامضة منها رؤوس خنازير أمام مساجد.. هل يُؤجج عمل ...
- شاهد ما قالته أرملة تشارلي كيرك في أول كلمة علنيةً لها منذ و ...
- تخلّى عن -منصب الأحلام- في -فوغ-.. فهل ينجح إدوارد إينينفول ...
- غزة.. مقتل العشرات من الفلسطينيين بهجمات إسرائيلية الجمعة مع ...


المزيد.....

- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدي سيد محمد محمود - حروب بلا جنود: صعود الذكاء الاصطناعي كقوة ضاربة في أيدي الجماعات المسلحة