سامي ابراهيم فودة
الحوار المتمدن-العدد: 8415 - 2025 / 7 / 26 - 22:45
المحور:
القضية الفلسطينية
في غزة، لم يعد هناك قانون يحكم، ولا دولة تحمي، ولا نظام يردع. لقد خرجت الأمور عن السيطرة، وانفلتت من عقالها، حتى صار السلاح الأبيض والسلاح المأجور هما الحَكَم، والبندقية ليست أداة مقاومة بل وسيلة ابتزاز وتخويف وإخضاع!
غزة اليوم تحكمها شريعة الغاب… الأقوى يأكل الأضعف، والبلطجي يتسيّد المشهد، والشبيحة يسيرون في الشوارع كأنهم حكّام الأرض، لا رادع لهم ولا محاسب. من يملك القوة والسلاح والولاء لهذا الفصيل أو ذاك، يملك الخبز، والدواء، والمسكن، والنجاة.
أما المواطن البسيط، الضعيف، المنهك من الحرب والجوع والنزوح، فلا قيمة له في سوق البلطجة المفتوح. يُذلّ ليحصل على كيس طحين، يُطرد من مأوى، ويُضرب إن احتج أو صرخ.
في غزة، لا تُسأل عن الأخلاق، بل عن “لمن تتبع؟”
لا تُحترم لعلمك أو تعبك أو نضالك، بل يُصنَّف الناس حسب قربهم من دوائر القوة، أو طاعتهم لأوامر السلاح المأجور.
ما الذي يحدث؟ تحوّلت الأسواق إلى غابة بشرية:
– تجّار الأغذية يستغلون الجوع ويحتكرون الطحين والخبز ليبيعوه لمن يدفع أكثر.
– قُطّاع الطرق ينتشرون كالأوبئة، ينهبون المساعدات، يبتزون العائلات، يفرضون “خُوّات” على النازحين!
– حملة السكاكين والسيوف والسلاح الأبيض يرهبون الشوارع لفرض نفوذهم.
– سماسرة “الواسطة” يحولون حقوق الناس إلى مزاد.
من يفتح فمه… يُهدد ويضرب
من يصوّر… يُختطف.
من يكتب… يُلاحق.
أي غابةٍ هذه التي نعيش فيها؟ وأي بشر تحولوا إلى ذئاب تنهش بعضها بعضاً على فتات؟ وأي وطنٍ هذا الذي يفرّط بأبنائه ويقدّمهم قرابين لحفنة من المتنفذين والمسلحين والحرامية؟!
غزة تنزف… لا فقط من طائرات العدو، بل من خناجر أبنائها.
تنزف من طعنات القريب، من صمت القيادة، من غياب العدالة، من تواطؤ الساكتين، ومن سُلطة تحوّلت إلى شركاء في القهر لا حماةً للشعب!
لقد صار القهر مزدوجاً:
– قهر الاحتلال من جهة،
– وقهر السلاح المنفلت واللصوص الحرامية وقطاعين الطرق من جهة أخرى.
نقولها بصوتٍ عالٍ لا يخشى أحداً:
كفى صمتًا على هذا الانفلات!
كفى حمايةً للفاسدين!
كفى تسويغًا للعصابات المقنعة بأقنعة المقاومة!
الشعب لا يطلب المعجزات…
يريد فقط الأمن، الخبز، الكرامة، العدالة، والمساواة.
يريد أن يُعامَل كإنسان، لا كخروف يُساق إلى الذبح كل يوم بألف شكل!
فمن يجرؤ من أصحاب القرار أن يعترف بالفشل؟
ومن يملك الشجاعة ليوقف شريعة الغاب هذه قبل أن تتحول غزة إلى مقبرة أخلاقية لكل ما تبقّى فينا من إنسانية؟!
.
#سامي_ابراهيم_فودة (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟