أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - بعد تموز عام 1958 .. هذا ما حدث














المزيد.....

بعد تموز عام 1958 .. هذا ما حدث


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 8414 - 2025 / 7 / 25 - 16:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بدلاً من أن يتعامل الشيوعيون مع معادلة الولاء التي تجمعهم مع نظام الزعيم بأقصى قدرٍ من الحساسية فإن غرورهم بشعبيتهم الكبيرة كان قد انتقل بهم إلى مساحة التعامل الندّي مع سلطة الزعيم وبالطريقة التي راحت تهدد بسحب رباط التحالف بين الطرفين. لقد شعر قاسم أن الشيوعيين سيشكلون خطراً حقيقياً عليه بعد أن تتم إزاحة أو إضعاف التيار القومي المناوئ لنظامه فتختل بذلك معادلة التوازن بين التيارين الأقوى والتي كانت تشتغل لصالح زعامته.
واقع الحال لقد كان صعباً على العامة من الناس في السنتين التي تلتا انهيار النظام الملكي أن تتحسس الفرق بين الطرفين. وقد استفاد الشيوعيون من هذا التداخل والتفاعل بينهم وبين شعبية الزعيم حيث صار بإمكانهم كسب نسبة كبيرة من تلك العامة الذين لم يحسنوا التمييز وقتها, وصار من إهتمام الزعيم بعدها كيفية إعادة التوازن بين التيارين, بعد أن تم له ترويضهما, فخفف بعض الشيء من عدائيته للتيار القومي, متوجاً خطواته تلك بالعفو عن عبدالسلام عارف الذي كان قد إتهمه بمحاولة قتله كما وأصدر عفواً عن الفريق البعثي الذي حاول إغتياله في شارع الرشيد, بعد إقدامه على إعدام ثلة من العسكريين القوميين الكبار المتهمين بموالاة الحركة الذي قادها العقيد الشواف ضد نظامه في مدينة الموصل.
كان إعدام أولئك الضباط الكبار الذي تقدمهم الزعيم الركن ناظم الطبقجلي واحدة من الأخطاء الكبيرة التي إرتكبها قاسم حيث كان بإمكانه على الأقل تأجيل التنفيذ إلى أجل غير مسمى, وليتحرك سياسياً تحت ذلك الغطاء لإعادة ترتيب ساحة الولاءات والخصومات, غير أن تضخم عقدة الذات لدى قاسم بعد أن ساهم الشيوعيون بالدور الإبرز في النفخ بها, وذلك كعربون للتقرب منه أولاً, ولهدف الوصول السلس والناعم لمشاركته السلطة ثانياً, مبتدئين بالتركيز على وحدانيته كزعيم أوحد للعراق (الزعيم الأوحد) وصولاً إلى شعارهم الذي تحول إلى أغنية يومية (عاش زعيمي عبدالكريمي حزب الشيوعي بالحكم مطلب عظيمي).
إن من المهم حتماً تحديد البادئ بالصراع. على مستوى القتل والسحل في الشوارع. كان الشيوعيون هم الذين بدأوا دورة العنف الدموي آنذاك. لقد حسبوها فرصة غير قابلة للتكرار وذلك للقضاء المبرم على خصومهم القوميين والبعثيين الذين كانت قد ضمتهم معهما جبهة واحدة وذلك في السنة الأخيرة قبل انقلاب تموز الدامي ضد الملكية, وموجهين إلى قاسم هتافهم اليومي المعروف آنذاك (إعدم إعدم لا تكول "أي لا تقل", ما عندي وقت إعدم إعدم).
أما الزعيم ففي وسط غيابه بملحمة تعظيم الذات التي ساهم المغنون والشعراء والكتاب كالعادة في تفخيمها, فقد رأى أيضاً في تلك (الفوضى الدموية الخلاقة !) فرصة لإعادة ترتيب ميزان القوى ومواقع الخصوم, فهو من ناحية كان شجع الشيوعيين على الإغراق في دورة العنف وتغاضى عن الكثير من الجرائم التي إرتكبوها في مناطق متفرقة من العراق ولم يتخذ بحقهم إجراءات قانونية رادعة, لا بل وسمح لهم بتسيير قطارهم الملئ المشحون بالعداء نحو مدينة الموصل المعروفة بنزعتها العروبية والدينية المعادية للشيوعية والشيوعيين.
وآه, ويا أسفاه على الشعارات في تلك المرحلة فالقطار الذي كان قد تحرك بإسم (قطار السلام) والذي ضم (أنصار السلام) الذاهبين لإقامة (مهرجان السلام) في الموصل, كانوا في الحقيقة أبعد الناس عن (السلام السلام !), وبدلاً من أن يذهبوا إلى هناك وفي أيديهم الحمامات البيض فقد ذهبوا وبايديهم (حبال السلام) التي تم نصبها لشنق الخصوم فإرتكبوا المجزرة الشنيعة التي سحلوا من خلالها العديد من الضحايا. وفي واحدة من أبشع الجرائم تم تعليق بعض الضحايا على أعمدة الكهرباء ومنهم الشهيدة (حفصة العمري).
ولم تنجُ مدينة كركوك من تلك المجزرة فشارك الشيوعيون حلفائهم من مجموعة الكرد البارزانيين قتل وسحل العديد من الضحايا التي كانوا في غالبيتهم من التركمان وذلك تنفيذاً لأحقاد زرعها الصراع المبيت على هوية المدينة النفطية لكونها تشكل العصب الشرياني للدولة الكردية المستقلة التي يقاتل الأكراد من أجل قيامها ويعتبرونها قدس أقداسهم, حتى إذا فاحت رائحة بقايا الجثث المسحولة بالحبال وتفسخت جثث المعلقين على أعمدة الكهرباء, ورآها العالم وإحتج وقَرِف, أعلن قاسم إدانته لتلك الجرائم الشنيعة, ورأيناه أثناء إفتتاحه لكنيسة مار يوسف في الكرادة يدين مرتكبيها تحت تسمية (الفوضويين). لكن الشارع العراقي لم يجد صعوبة في تفسير من كان المقصود بتلك الكلمة, وقد أدت تلك الأعمال الوحشية وإدانة قاسم لها إلى الحد من نفوذ الشيوعيين وإلى انحسار نفوذهم بعد أن تبين للفقراء من الشيعة المسافة الفاصلة بين الزعيم وبين الشيوعيين.
الواقع أن الشيوعيين هم من بدأ حفلات الإنتقام الجسدي ضد البعثيين والقوميين لكن هؤلاء الأخيرين لم يكونوا أبرياء من المشاركة فيها حتى بدى أقطاب ذلك الصدام وكأنه مثلث بثلاثة رؤوس, فالبعثيون والقوميون وعلى رأسهم عبدالسلام عارف كانوا هم الذين قصوا شريط النزاع حينما طالبوا بإقامة الوحدة الفورية مع جمهورية عبدالناصر التي كان قد أفلح قبل عام بإقامتها بين سوريا ومصر, ورغم أن رد الفعل الشيوعي كان عنيفاً فإن من العدل الإعتقاد أن الشيوعيين ما كانوا ليقدموا على تلك الجرائم لولا إحساسهم بخطر التيار القومي على الجمهورية التي كانوا قد إلتصقوا بها لأنها أنهت السلطة الملكية المناوئة لهم سواءً على المستوى المحلي أو على مستوى التناقض مع المعسكر الشيوعي, لعمالة تلك السلطة للغرب وقبولها أن تكون إحدى أهم رؤوس الحراب ضد السوفيت وزعامة عبدالناصر العروبية.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المقاطعة المشاركة
- في ضيافة المدافع .. صمت الفرسان
- لن نمسح مساوئ إيران بمساوئ إسرائيل
- بين السيء والأسوأ منه
- صدام حسين لم يكن عميلاً
- الشاعر كأديب والشاعر كإنسان
- (الحرام الحرام) و(الحرام الحلال)
- بين الدولة المدنية والدولة العلمانية
- حوار مع الأستاذ سالم مشكور فساد في النظام مقابل نظام للفساد ...
- مقالة من سبعة سطور .. (العراقي السوري .. الصورة والمرآة)
- طوفان الأقصى وما أدراك ما طوفان الأقصى
- العقائدي السايكوباث
- الطائفية التقدمية
- أصحاب الحناجر المريضة
- الدولة المدنية والدولة العًلمانية
- ماسك والإسلام
- زيلينسكي .. ليس بالديمقراطية وحدها تحيا البلدان
- العقاري في خدمة السياسي وليس العكس
- وطني حبيبي الوطن الأكبر
- إن هما اجتمعا معا خربا معاً


المزيد.....




- -بينهم أوبرا وينفري وبيونسيه-.. ترامب: يجب محاكمة هاريس بتهم ...
- قائد شرطة يكشف تفاصيل حادثة طعن 11 شخصًا في متجر أمريكي
- بن غفير يعلق على قرار زيادة المساعدات إلى غزة.. ويعلن استبعا ...
- نهاية -احتجاج الجسر-.. ناشطو -غرينبيس- ينجحون في إيقاف ناقلة ...
- التجنيد الإجباري.. تعميق لأزمة نقص العمالة الماهرة في ألماني ...
- إسرائيل تعلن -تعليقا تكتيكيا- يوميا لعملياتها العسكرية في من ...
- ويتكوف: المفاوضات مع حماس تعود إلى مسارها
- غزة بلا إذاعات.. من يملأ فراغ الأثير بعد أن أسكتته الحرب؟
- دكار تحتضن اتفاقيات سنغالية-فيتنامية لتعزيز التعاون الثنائي ...
- الجزائر.. الدفاع المدني يكافح للسيطرة على حرائق بشرق البلاد ...


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - بعد تموز عام 1958 .. هذا ما حدث