جعفر المظفر
الحوار المتمدن-العدد: 8328 - 2025 / 4 / 30 - 20:08
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لكي لا يقع المثقفون في الفخ : هناك فرق كبير بين الدولة المدنية والدولة العلمانية.
الأخيرة بشكلها السياسي هي التي تفصل بين الدين والسياسة وتحرم على رجال الدين وغيرهم أن يؤسسوا لأحزاب ذات صبغة دينية. مكان رجل الدين هو الجامع, ودوره في المجتمع هو روحي.
أما الدولة المدنية فقد جاء تعريفها لكي يفصل بينها وبين الدولة العسكرية, لكنه من الناحية الأهم لم يحرم على رجال الدين أو غيرهم تشكيل الأحزاب الدينية كما ولم يحرم على هذه الأحزاب العمل في السياسة والمشاركة في التنافس الديمقراطي.
هذا الحق يمنح الأحزاب الدينية فرصة الاستيلاء على قيادة الدولة وفرض منظومتها الفكرية والسياسية على الدولة والمجتمع, كما كاد أن يحدث في مصر بعد السنة التي فاز فيها السيد مرسي العياط بمنصب رئاسة الجمهورية وتمكن الإخوان المسلمون من الهيمنة على الحكم ثم الشروع لفرض حكم الفتاوى على مصر العظيمة التاريخ.
الدولة العلمانية الديمقراطية على خلاف الدولة المدنية تمنع قيام أحزاب ذات صبغة دينية لكن هذه الدولة لا تشرعن الإلحاد كما يقال عنها, فقد يكون رئيسها متديناً بشكل شخصي لكنه يحتكم إلى دستور وقوانين إنسانية غير مقيدة بالدين إلا حينما تتفق الثقافة الدينية مع قيم التحضر الإنساني.
نحن لسنا مجبرين على التقيد بالمفردة على حساب المعنى, ولا بد إذن من ثقافة لا تخرج على الموروث الإنساني, وهنا العلمانية بشكل عام, ولا تتقاطع من الخصوصيات إلى حد الصدام, وهنا الدين على وجه الخصوص, آخذين بنظر الإعتبار أن العلمانية الغربية نفسها تختلف من بلد إلى آخر تبعاً للبنية التحتية التي أنتجتها, فالفرنسية اللائكية هي غيرها في بعض التفاصيل إذا قارناها بالإنكليزية التعايشية, ويختلف الأمر أكثر حال المقارنة مع الأمريكية, وهكذا من ناحية الخصوصيات أما من ناحية العام الإنساني المبدئي فتجتمع كل العلمانيات على مبادئ وقوانين والتزامات واحدة تبدأ من فصل الدين عن الدولة.
ما قصدته هو منع تأسيس الأحزاب على اساس ديني لأنها حين تمكنها ستكون ملزمة للعمل بثقافتها الدينية التي تحاول -اسقاط- السماء على الأرض, وهنا التعبير يأتي مجازياً, وكلمة الإسقاط كتبتها للتعبير عن طبيعة الإلتزامات التي ستقيد حركة المجتمع بما يتقاطع وحركة التطور.
#جعفر_المظفر (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟