أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جعفر المظفر - ماسك والإسلام















المزيد.....

ماسك والإسلام


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 8264 - 2025 / 2 / 25 - 18:48
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تداول البعض فلماً* قصيراً يظهر فيه السيد ماسك وهو يجيب على سؤال لطفل طلب رأيه في الإسلام بينما راح صانع المحتوى يشرح بحماس كيف أن السيد ماسك, وهو سيد علوم هذا الزمان, قد أطنب في مديحه للإسلام وللحضارة الإسلامية التي مهدت بعلومها المختلفة لحضارة الغرب الحالية. وكما هي الحال مع أفلام أخرى من هذه النوع يستطيع المشاهد والسامع أن يكتشف بسرعة أن الغرض من هذه التركيبة الفنية هو الدعاية للإسلام بدعوى أنه لم يترك شاردة ولا واردة في الحياة الدنيا والآخرة إلا ووقف عندها.
بسرعة يستطيع من يتابع الفلم إكتشاف بعض الأخطاء الفنية التي وقع فيها صانعه. السيد ماسك الذي تتابع حركاته وأقواله كل وسائل الإعلام حتى قبل أن يصبح المستشار الأهم للرئيس ترامب تظهر صورته ثابتة طوال فترة الفلم في حين أن صانع المحتوى يدعي بأن الأمر كان قد جرى بينه وبين الطفل في ندوة مفتوحة. ذلك سوف يفقد شهيتنا مقدماً لتصديق فلم كهذا, فالفلم يفتقد بذلك إلى الحد الأدنى من التوثيق, ترى ألم يكن (البنكو) أو اللحظة التي لا تقدر بثمن والتي بإمكانها أن تؤكد على صحة الحدث, هو أن نرى الحدث على حقيقته, أي أن يظهر لنا الفلم السيد ماسك وهو يقف في قاعة محاضرات كبيرة محاوراً الطلبة الذين إستضافوه وليبرز بعدها الطفل إبن الأربعة عشر عاما وهو يخترق الصفوف لكي يسأل السيد ماسك ذلك السؤال المحرج عن الإسلام.
لغرض متابعة هذه اللغز المحير ذهبت إلى منصة اليوتيوب باحثاً عن ذلك الفلم فوجدت عكس المدعى به تمامأ, أي أن هناك ما يجعلك تعتقد أن الذي بين ماسك والإسلام لا يغري بالإعتقاد أن ثمة علاقة إيجابية بينهما.
أتعجب من السيد ماسك. هل هو أخرس ؟ أم أن صانع محتوى الفلم الذي جرى تداوله في الفترة الأخيرة قد وضع ما يعجبه هو على شفاه ماسك ؟. لا أعتقد أن المسؤولين عن الجانب الدعائي في جميع الديانات السماوية, ما عدا المسلمون بالطبع, قد راقت لهم فكرة أن كتبهم الدينية كالتوراة والانجيل, قد أعطت إهتماماً خاصاً للجوانب العلمية, أو صرفت جهدها لإعطاء تفسير لبعض الظواهر الطبيعية ساعين بالتالي للتأكيد على أن القرآن قد ضم بين دفتيه تفسيراً وتبشيراً لكل ما في الطبيعة ولكل ما وراءها, بل نرى أن أصحاب الديانات الأخرى قد إهتموا بالجوانب الأخلاقية والتشريعية والقصصية وتركوا الظواهر الطبيعية وعلومها لأهل العلوم المادية, دون أن ينقص ذلك بطبيعة الحال من أهمية كتبهم الدينية

الإعجاب بـ مشاهد حضارية من عصور الدولة الإسلامية, الذي قد يكون السيد ماسك قد أبداه, لا يعني الإعجاب بكامل تلك الدولة, فالغرب نفسه يعترف بأن إبن رشد مثلاً هو الوسيط الذي عرّف الغرب بثقافة اليونان وفسلفتها وفتح للغرب بوابة التقدم والتحضر في حين أن شيوخ الإسلام قد وقفوا موقفاً سلبياً من إبن رشد كما وكان بعضهم قد كفرّه.
لقد طردوه وإبنه من المسجد وهو يصلي والتهمة أنه كان يشتغل بالحكمة ويترك كتاب الله. لذلك فإن علينا أن نعيد فحص شريط ماسك لكي نتأكد من الحقيقة. بالنسبة لي الطفل في الصورة لا أعتقد أن عمره أربعة عشر عاماً بل هو أقل من ذلك بسنوات, كما أن شعره ليس فاحماً وإنما هو ميال للون الأصفر تماماً كشعر ماسك.
أما المناسبة فلا تبدو لي بأن لها علاقة بأية ندوة أو محاضرة كما أتى ذكرها في الشريط, والأقرب كما أظن أن الصورة التي جمعت بين الطفل وبين ماسك قد خضعت إلى مونتاج متعثر لكي تظهرها مخالفة لوصف المعلق على الصورة.
ثم إذا كان ماسك معجباً بالقرآن إلى المستوى الذي يتحدث به صانعو المحتوى فلماذا لا يردد الشهادتين ويدخل إلى الإسلام ويدعو مريديه لكي يحذون حذوه.
مسألة طبيعية أن يعجب السيد ماسك بالعصر الإسلامي الذي أنتج مفكرين وعلماء في شتى العلوم, ولكن فلنتذكر أن العديد من أولئك العلماء كان قد جرى تكفيرهم على يد شيوخ المؤسسة الدينية الإسلامية وتم إتهامهم بالكفر والزندقة وذلك من أمثال عالم الكيمياء الشهير إبن حيان (أبو الكيمياء) الذي إتهمه إبن القيم الجوزية بأنه رأس ملاحدة الملة وهناك أخرون لم يسلموا من لسان إبن تيمية وأولهم ابن الهيثم بعدما اعتبره البعض ملحداً خارجا عن الإسلام كأمثاله من الفلاسفة. والشكر موصول للخليفة المأمون الذي كان له فضل رعاية (الخوارزمي) أبو الجبر بعد أن جعله قيماً على بيت الحكمة ووفر له كثيراً من الفرص التي جعلته من أبرز علماء الحضارة الإنسانية, ولو أن العمر كان قد إمتد بالخوارزمي إلى عهد المتوكل, الخليفة الحنبلي الذي أغلق باب الإجتهاد بعد أن جعل العقل في خدمة النص لكان مصيره في جهنم قطعاً.
وما دمنا في الحديث عن إيلون ماسك المعجب بالقرآن من خارج الإسلام يعجبني أن اسأل لماذا لا ينتج المسلمون الآن علماء من داخل الإسلام بدلاً من أن يأتيهم علماء معجبون من خارجهم مثل إيلون ماسك لتنقلب الدنيا حالما يبدي الواحد منهم إعجاباً بجزئية معينة من عصور الحضارة الإسلامية. لماذا لم نعد نحضى بما تعنيه مفردة العالم بلغة العصر ولم نعد نراها تتجسد إلا من خلال العمائم البيضاء والسوداء.
قد يكون الجواب الأصح في اعتقادي هو أن الإسلام والقرآن غير مهتم أساساً بالثقافة العلمية الصرفة لأنه كتاب دين مهمته تعريف وتوثيق الصلة بين المخلوق والخالق وليس كتاباً للكيمياء او الجبر أو الطب والفلك.
وإنما هو البعض من يضغط عليه لكي يكون كذلك.
وهنا يكمن بيت الداء إذ أن هؤلاء هم من يزج القرآن والإسلام في مشاهد ليست منه, ولا ينتمي إليها أو تنتمي إليه, فنكون كمن يدخله إلى مناطق القتال دون درعٍ ولا خوذة.
كل أولئك الذين يدعون بأن القرآن هو كتاب علوم, أو أنه ذو اهتمامات علمية, أو أنه كان قد سبق العلماء في إكتشاف كهذا أو اختراعٍ كذاك, إنما يزجون دينهم في ميادين لا يدعي هو نفسه أنه جاء لكي يعالجها, وليجعلوه بعد ذلك في موقف ضعف لم يكن من الحكمة أو العقل أن يوضع فيه.
من الحق لا بل من الواجب أن نصيح في وجه كل من يدعي بأن القرآن يحمل في طياته كثيراً من الإكتشافات والقوانين العلمية: كفى أيها السادة. لا تزجوا القرآن في غير ميادينه لأنكم بهذا ستحولوه من كتاب دين إلى كتاب كيمياء أو فيزياء أو فلك أو ما شابه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* https://mail.google.com/mail/u/0/#inbox/FMfcgzQZTMMxvzzztcSfrTHmGkvCHNvX



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زيلينسكي .. ليس بالديمقراطية وحدها تحيا البلدان
- العقاري في خدمة السياسي وليس العكس
- وطني حبيبي الوطن الأكبر
- إن هما اجتمعا معا خربا معاً
- في ضيافة المدافع / بغداد الأنبار رايح جاي (2)
- في ضيافة المدافع ... من بغداد إلى الأنبار رايح جاي
- ترامب في الحالتين
- دمشق - بغداد ... رايح جاي
- لحين يثبت العكس
- مدخل بسيط لمشكلة معقدة (2)
- الطائفية ... مدخل بسيط لمشكلة معقدة
- صدام وعبدالناصر والخميني والسنوار هل كانوا عملاء للغرب والصه ...
- الديموكتاتورية
- مقتل وزير ..القسم السابع والأخير
- مقتل وزير(6)
- مقتل وزير ... (5)
- مقتل وزير ... (4)
- في ضيافة المدافع .. مقتل وزير(3)
- مقتل وزير(2)
- مقتل وزير* (1)


المزيد.....




- -فخ إسرائيلي- للإيقاع بدروز سوريا... وكراهية الإسلام أضحت -ع ...
- القدس في أبريل.. انتهاكات غير مسبوقة للاحتلال في المسجد الأق ...
- الأردن: أحكام بالسجن 20 عاما ضد متهمين في قضية مرتبطة بالإخو ...
- عاجل.. أعداد كبيرة من المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى بحماي ...
- لماذا يترك بعض النيجيريين المسيحية لصالح المعتقدات الأفريقية ...
- TOROUR EL-JANAH KIDES TV.. تردد قناة طيور الجنة على القمر ال ...
- متاحة الآن مجانًا .. أحدث تردد قناة طيور الجنة الجديد على نا ...
- ترمب مازحا: أود أن أصبح بابا الفاتيكان الجديد
- السجن 20 عاما لـ 4 متهمين في قضية الإخوان بالأردن
- خلي أولادك يفرحوا.. اضبط تردد قناة طيور الجنة 2025 على جميع ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جعفر المظفر - ماسك والإسلام