المهدي بوتمزين
كاتب مغربي
(Elmahdi Boutoumzine)
الحوار المتمدن-العدد: 8412 - 2025 / 7 / 23 - 18:49
المحور:
كتابات ساخرة
كان من الممكن أن أكتب عن تهديد تطبيقات عديدة للأمن القومي للمغرب سواء سيبرانيا أو مجتمعيا وأخلاقيا ، لكن الأمور تغيرت ، أنا بقيت كما كنت ، الذي تغير هو الاَخر الذي يقبل المفرد والجمع العاقل وغير العاقل. من الاَن حتى الرَّواق سأكتب عن الحب ، الروتين اليومي للمغاربة ، كرة القدم ، موازين وتیکتوک ... .سأكون مغربيا أكثر من المغاربة ، منفتحا أكثر من السجن على حميد المهداوي ، عادلا أرفع من الوزير وهبي ، مثقفا على طراز عصيد ، فقيها أسوة بالفيزازي ، مغنيا أفضل من طوطو ، صحفيا عالميا كنجيبة جلال ، مدافعا عن "تمغرابيت" و "تإيماريت" كالصنايبي . لن أكون غبيا مثل المهدي المنجرة حتى لا أمنع من إلقاء محاضرة في الجامعة ، سأقتدي بقليش فأتبرع بالشواهد وأسهر الليالي . لا أريد أن أكون مثل فاطمة الافريقي فيطوى مساري قبل أن أُبَشِّر بالأفارقة الوافدين إلى بلدي وأدافع عن حقهم في الصحة والشغل والتعليم والتمثيل البرلماني أيضا ، سيهب لهم وهبي مقعده في البرلمان أو حقيبته في الوزارة . لا أرغب في أن أكون فنانا غير ملتزم كسعيدة فكري ولا وضيعا كجبال الريف ، سأكون ذو شهامة وكرامة فأعيش في الأحياء الراقية مثل حي الرياض بالرباط أو كاليفورنيا في كازابلانكا أو حي النخيل في المدينة الحمراء ليلا ونهارا ، أو في حي مالاباطا في طنجة الدولية، فأعاشر العائلات المخملية التي تنظم حفلات خيرية يستقطبون فيها أجمل الفتيات والفتيان من دور الرعاية والعائلات الفقيرة والمتوسطة لإحياء ليالي روحية خالدة في ذاكرة الأطفال وأجسادهم التي ارتاحت على الأسرة والكنبات بعدما عانوا النوم على الأرض .
لن أقترب أو أتكلم عن السياسة مثل المهدي بن بركة ، أنا لا أضيع الوقت في أشياء تافهة كالرياضيات و البوليتيك ، أريد أن أغني "مهبول انا" أو أحمل حقيبة المستشار الملكي فأصير وزيرا في سبعة أيام . إذا مارست الإخراج والتمثيل فلن أكون فرونكوفونيا أو عبريا أو مغرورا ومتكبرا مثل سعيد الناصيري وعبد الخالق فهيد ، سأكون مغربيا أصيلا وشريفا وملتزما مثل نبيل عيوش فأحضى بدعم مالي سخي من المركز السينمائي وأكون معفيا من دفتر التحملات والضرائب .
سؤؤمن بمؤسسات الأحزاب و البرلمان والحكومة والقضاء والمجالس بنفس الحجم الذي أكنه لنزاهة المجلس الوطني للصحافة وحديث الكنبة وإدارة مكافحة المخدرات في وزارة اللواء محمد رحمون . سأحمل راية بلدي وأتوجه من حي الرياض إلى الكركرات بسيارتي الفخمة لألتقط صورا مع الجنرالات من عائلتي ونشرب معا النبيذ بعد ثلاث عقود من الحرب . إنه نصر حققه الجنرالات من عائلتي الذين لم يُقتلوا في "الرومبلي" فيضيع الوطن أو يؤسروا فتُحرج الدولة، لقد بقوا ساهرين في الرباط وباريس ومراكش على أمن البلد .
سأردد في كل لحظة أن المغرب أجمل بلد في العالم ، فلدينا مدارس خاصة ومستشفيات خاصة وأحياء خاصة وشواطئ خاصة وقريبا مدن خاصة ؛ وبنية تحتية مهمة كالقطار السريع والمطارات وجالية مغربية في كل بلدان العالم تشرفنا بأخلاقها في الإمارات ومناصبها العسكرية الرفيعة في إسرائيل . سأردد أن المغاربة أذكى شعب في العالم ، فقد حققنا إنجازات كبيرة جدا حيث سجلنا أرقاما قياسية في صناعة أكبر بَلْغة وطجين وقالب سكر وأطول بيتزا ، وهذه البداية فقط ، أو كما تقول الأغنية " هِيِ هُوُ مبروك علينا هذي البداية مازال مازال" . سأكون مضيافا مثل أبناء حي كاريان طوما ودرب ميلان و درب الكبير في كازابلانكا الذين يكرمون المغربي القادم من حي أو مدينة أخرى عندما يمر من أزقتهم فيقدمون له المال والهاتف وربما الملابس، ويغلقون عليهم الباب إذا طرقها الأفارقة خجلا وحشمة وحياء من أن يرفضوا لهم طلب المبيت في غرف نومهم.
سأصير مغربيا حرا ، أرتدي قميص المنتخب الوطني ، أقبل العلم الوطني، أتسلم الهبة من المنتخبين ، أشتري تذاكر حضور المهرجانات لدعم الاقتصاد الوطني ، سأقرأ الصحف المغربية والقنوات الوطنية لأصبح مثقفا وواعيا وأحصل على دكتوراه بعد أداء الخدمة الوطنية الأمنية داخل الجامعة. بعدها سأفتح حسابا على تيكتوك لأحلل الأمور السياسية والأمنية والعسكرية والإستراتيجية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية والرياضية وحتى "الدمياطي .
سأكون تكتوكر ناجح مثل أبرنوص ونعوم ومولينيكس وكيميتا ، فلم تعد السياسة تختلف عن عفة "الملالية" ولا عن فلسفة "الخلاط البشري". سأطالب الداعمين الإماراتيين والإسرائليين بالتكبيس وإرسال الهدايا لغسل الأموال حتى تكون نظيفة ورائحتها زكية .
حتى أعرف "تمغرابيت" جيدا ، تابعت التيكتوك فتوصلت إلى نتيجة واحدة ، وهي أنه يعكس حياتنا الواقعية الجميلة . فيكفي أن تفتح اللايفات من خارج البلد لتعيش مع الأسر داخل منازلها وأحيانا غرف نومها ، لأننا شعب شريف ومكرم .
ستشاهد الرجل المغربي الذي يملك القوامة والشرف يظهر مع زوجته ببيجامة النوم أو السباحة ، لأن الأسرة المغربية أصبحت منفتحة ومثقفة وهذه ثمار النسوية والإعلام والغنى المادي والثقافي والإلتزام الديني . ستصادف فتيات في ريعان الشباب يرتدين لباسا قصيرا وجذابا ، يقمن بحركات إغراء يتحدثن في الحكمة والفلسفة والقانون والطب وغيرها من العلوم والاَداب ، كأنهن دُنانير أو الخيزران .
الزوايا والأضرحة موجودة أيضا على تيكتوك ، فهناك أصحاب البركة الذين يحملون اسم مقدم ، شريف ، ولد الميمة عايشة ، ولد مليكة ، ولد حمو الكزار ، بنت الكُحْلْ ، بنت لالة ميرا ... ، هؤلاء يختارون ألوانا وطقوسا وخواتما وأطباقا وعطورا وبخورا ويقومون بزيارات ويحييون ليال حسب إملاءات الروح العلوية أو السفلية التي تسكنهم . وهنا يتأكد أننا فعلا شعب مضياف ، فحتى الجسد تفتح بواباته ليسكنها الجن المسلم الرباني (حسب تعبيرهم) ، أو الجن السفلي ، وهكذا نكون قد ساهمنا في تعزيز البنية التحتية الصحية في المغرب وساعدنا في حل أزمة السكن عند الجن . لكن الشيء الذي اثار انتباهي هو أن أغلب الشباب والرجال الذين يعيشون مع الميمة عايشة أو مليكة أو ميرة يضعون أساورا وسلاسلا وخواتما من الذهب بكميات كثيرة ، ويرتدون زيا أقرب للنساء ويلطخون أيديهم بالحناء ويقومون بحركات أنثوية ، وهذا يذكرني بالمثل الشعبي "من عاشر قوما أصبح منهم". فإذا دعت الضرورة أن أترك السياسة للقايدة غيثة ، فسأختارُ عمل الكشف لأستحضر الجزار حمو مول الدم ،لأنه الأقرب إلى الواقع المغربي الذي يفرض أن تكون "ولد الوقت"،أوبالدارجة المغربية " اللهم شمكار أولا فيك اللولة".
وكما أن الصمت له تأثير في فن شارلي شابلن أو رقصة الطفل توكانغ تاري صاحب رقصة زراعة الهالة ، فإن عددا من المؤثرات يقفن أمام الكاميرا ويلتزمن الصمت مع الإغراء فيتلقين الهدايا من الأسود والحوت والزرافات ، فصدق من قال أن الصمت حكمة .
شاهدت داعية إسلامي يطلب من المتتبعين إرسال أسد حتى يدعو الله لهم ، فأدركت أن تيكتوك يبرز ما هو واقعي ومخفي ، وهنا دور الباحثين في السوسيولوجيا ليس أمثال محمد جسوس ولا فاطمة المرنيسي ولا عبد الكبير الخطيبي ولا مليكة البلغيثي ، فقد تم إغلاق معهد السوسيولوجيا بالرباط سنة 1970 لانه يسبب الإزعاج للسلطة ، و "تمغرابيت" ترفض هذا الإزعاج ، ونحن فرحين بإغلاق هذا المعهد وفتح تيكتوك ، وكما يقول المثل الشعبي "ما بقى ما يعجب حتى البومة ولات تغني" .
#المهدي_بوتمزين (هاشتاغ)
Elmahdi_Boutoumzine#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟