أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - المهدي بوتمزين - المقاربة الأمنية لإزدواجية الجنسية لدى كوادر الدولة















المزيد.....

المقاربة الأمنية لإزدواجية الجنسية لدى كوادر الدولة


المهدي بوتمزين
كاتب مغربي

(Elmahdi Boutoumzine)


الحوار المتمدن-العدد: 6942 - 2021 / 6 / 28 - 22:27
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    


الإنسان كائن عابر للجغرافيا و الأوطان، وهو بطبعه وطبيعته النفسية والإجتماعية قد ينتقي و ينتخب الإستقرار في موطن غير الذي تربطه به علاقة ولادة أو أبوة ، ملبيا بذلك تفاعلاته الباطنية، التي تدفع به نحو مجموعة ذات خصائص مشتركة معه ، لتحقيق قانون التكامل المطلوب الناظم للحياة البشرية .

في ظل سياقات تاريخية و سياسية متباينة ، سنَّت الدول قوانين الجنسية الخاصة بها التي حدد منطوقها مسوغات الحصول على جنسية البلد أو التجريد منها و التنازل عليها . إن الجنسية هي تعبير عن المواطنة ؛ و هي مفهوم عنقودي لمجموعة خلفيات مترابطة جزئيا تجعل الفرد يؤمن أن بلده هو كابوت موندي لحفظ مصالحه العليا و أمنه الداخي ، فمن شأن تعدد الولاء بين الدول ارتكاب خيانة تكون قريبة و عنيفة بهدوء ، لأن الدولة اَمنت بمواطنيها ، و كلما دنا الفرد من مناصب المسؤولية كلما زادت مأساة حصان طروادة .

طُرح في المغرب كما في الجزائر و دول أخرى ، تساءل عريض حول مدى مشروعية ازدواجية الجنسية لدى عدد من المسؤولين السياسيين و الحكوميين و غيرهما ، و مدى تنافي الأمر مع المعايير الأخلاقية و تعارضه مع الطرح الأمني للبلد . في هذا السياق سبق للجزائر أن أقرت مشروع قانون يمنع إزدواجية الجنسية بالنسبة لرئاسة الوزراء ، و عضوية الحكومة ، و رئاسة غرفتي البرلمان ، ورئاسة المحكمة العليا و المجلس الدستوري ، و المؤسستين الأمنية و العسكرية . في حين أن المغرب مازال لم يصدر أي قانون يحدد بموجبه منع الإحتفاظ بالجنسية المغربية للمواطنين المتجنسين بجنسية أخرى أو للمسؤوليين في المناصب الحساسة و المؤثرة فقط ، على غرار ثمان دول عربية وهي :البحرين ،جيبوتي ،الكويت ،سلطنة عمان، قطر,السعودية ، الإمارات العربية ،اليمن .


إن هذا الكبح للولاء المزدوج مرده إلى رفض الإختيار العدمي المبني على التسطيح و العشوائية ، و ليس فلسفة تشاؤمية شوبنهاورية ، لأن الدافع إلى تعدد الإرتباط القانوني بين الفرد و الدولة ليس دائما فريسكو ، بل يشكل أحيانا عملا مبطنا ذو غايات عميقة بعيدا عن المنظور و المتاح .

الموضوع يشكل في كل مرة نواة نقاش مركزية مع كل فترة انتخابية في المغرب، حيث يبسط الفرقاء السياسيون على اختلاف انتماءاتهم و مشاربهم حالة التنافي الواضحة بين تمثيل البلد و شغل مناصب حكومية و بين تملك جنسية دولة أجنبية ، ما يعد ضربا للمحددات الأخلاقية و الوطنية و الأمنية . فمن ناحية القيم و المبادئ يعتبر شغل منصب سيادي في الدولة أمانة تفرض التجرد من الثنائية و التعددية الباطنية و الظاهرية حتى يكون المسؤول أنموذج يحتذى به أمام العامة، و هذا نسغ له مبرراته التي تُفهم على مستوى سيكولوجية الجماهير . الأمر يماثل اعتلاء الخطيب الديني المنبر للوعظ الإسلامي، و هو يعتنق دينا أو فكرا ثانيا يتعارض مع الدين الإسلامي ، و ما يقال عن الخطيب يُمثتل عليه الإمام و العالِم و المؤذن ووزير الأوقاف و الشؤون الإسلامية و موظفو المجالس العلمية .

من منظور الوطنية ، تظهر جدية النقدات و صحتها، عندما تقع أزمة دبلوماسية بين المغرب و إسبانيا أو فرنسا على سبيل الذكر، حيث يسقط مزدوجو الجنسية في اختبار صعب لا تنفع معه الكريولية و الإزدواجية ، حيث يلزم حينها الكشف عن القرار الداخلي مظهرا و مخبرا، و إن جرت العادة على الوقوف مع البلد الأصلي لأن الدولة الأجنبية لا تقدم شيئا بالمجان .

لا أحد يغفل حقيقة العديد من المسؤولين المغاربة الذين يفتخرون بجواز السفر الأحمر و الجنسية الغربية و الزوجة الشقراء الأوروبية و الحذاء الإيطالي و النبيذ الفرنسي و المسكن الباريسي ، كما أنهم يترددون على مستشفيات كندا و أميركا و أوروبا عند إحساسهم بالزكام أو التخمة ، و يهيئون مستقبل أبناءهم داخل هذه الدول ، و لا يتذكرون المغرب إلا في موعد الإستحقاقات الإنتخابية، أو عند توزيع الأموال في برامج التنمية و الإصلاح و إنشاء المشاريع ، التي ينفذ جلُّها خارج المغرب، و يوضع جزء منها في حسابات بنكية في بنما و سويسرا ، و لا يبقى للمواطن إلا إنشاءات و خطابات الإعلام الموجه الركيك .

من غير الممكن أن نبتلع أن مسؤولا مغربيا لا يستطيع التحدث باللغة العربية أن يعلن ولاءه للمغرب ، هذه مسألة محسومة عندي ، لأن أيديولوجيا اللغة أو الإيمان باللغة يعكس إيمانا لا واعيا بالبيئة الفردية والبنية النفسية للفرد . أسرد في هذا السياق نكثة – خبر- مفادها أن حافلة كان على متنها شخصيات و مسؤولين متوجهين نحو القصر الملكي، لحضور مراسيم عيد تجديد البيعة ، فقام أحد الشخصيات السياسية و رفع جواز سفره الأجنبي متفاخرا به لحصوله عليه للتو، فتعالت القهقهات و بدت الإبتسامات على كل وجه . إن هذا الجواز الأحمر هو حصانة ضد الإعتقال و المحاسبة داخل المغرب ، سواء كانت التهمة أو الجريمة إختلاس ميزانية الدولة – ميزانية الشعب- أو التعبير عن أراء سياسية لا تتماهى و توجهات الدولة .

إننا نعيش في مرحلة ما بعد الإستعمار و هي لا تشكل قطيعة مع الإستعمار القديم بل هي إمتداد له، ما سبب إستلابا و غزوا ثقافيا أجنبيا ،أصبح معه سلوك و مجتمع و محكمة و نموذج الاَخر هو المثال القويم و النهج الصحيح الذي يجب اتباعه . إنه زمن المسؤولين الهلاميين ، إسلاميون عنوانا و علمانيون فكرا و منهجا ، حكوميون و سياسيون مغاربة بجنسيات ثانية و ثالثة ولاءهم للمال و السلطة ، إعلام وطني فقد مصداقيته يروج نمط حياة غربي و أخلاق دخيلة ، لجنة فرنكوفونية لنموذج تنموي مغربي قديم- جديد ، يمهد لمرحلة جديدة ستغدو قديمة .

إن اَزمتنا هي أزمة بنية حزبية و نخبوية تجر البلد نحو المجهول، تجترح المنازع و تسد الإمكان كلما أتيح . إنها نخبة تدعي الوطنية و هي غارقة في الخيانة ، تزعم رعاية مصالح البلد و الحال أنها تبرم الصفقات لحسابها الشخصي و الضيق ، و هذه فرادة الدول العربية التي فقدت هويتها و تعددت ولاءاتها بين فرنسا و بريطانيا و أميركا و إسرائيل .

البعد الأمني يمنع ازدواجية الجنسية في المناصب القيادية و في مؤسستي الجيش و الأمن بمختلف تشكيلاتها و تلويناتها ، لأن القهرمان يكون على اطلاع بأسرار الدولة و مخططاتها ، ما يقتضي حمايتها من التسرب و حماية المسؤول نفسه من الكشف عن هذه الأسرار؛ سواء عن خاطر و قصد أو تحت ضغط ، وهنا يكون المسؤول هدفا سهلا خارج البلد ، و لاشيئ يضمن حفاظه على المعلومة إذا انسكب و انصهر داخل المجتمع الأجنبي .

بالنسبة للمغرب نجد أن كبار ضباط الجيش و الأمن يترددون على تراب الدول الأجنبية للإستشفاء أو السياحة ، بل أن وزير داخلية سابق يعيش حاليا في فرنسا و متزوج من مواطنة فرنسية ، و هذا يطرح أكثر من سؤال عن حقيقة العلاقة بين الرباط و باريس ، هل هي علاقة دولة بدولة ؟ أم رابطة دولة فرنسية بمقاطعة مغربية ؟

و أختم بما قاله الحاج العربي المشرفي رحمه الله إبان إعلان الحماية الفرنسية على المغرب سنة 1912 م ، حيث ألف كتابين هامَّين بعنوان : الويل و الثبور لمن احتمى بالباسبور ، وكتاب اَخر هو الرسالة عن أهل الباسبور الحثالة . كما كتب الفقيه محمد السباعي كتابا سمَّاه كشف النور عن حقيقة كفر أهل الباسبور .



#المهدي_بوتمزين (هاشتاغ)       Elmahdi_Boutoumzine#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حدود و امتدادات معركة حد السيف في ضوء المواقف الأممية
- المقاربة الأمنية ضد أساتذة أفواج الكرامة تنهي دعاية حقوق الإ ...
- من صنعَ و ماذا يصنعُ حزب العدالة و التنمية المغربي ؟
- الأستاذ عبد الكبير الصوصي العلوي .. و سؤال نزاهة و راهنيَّة ...
- مدخل إلى المنطلقات الإصلاحية الوطنية الكبرى
- «تنظيم الدولة» واستراتجية بناء القوة اللامركزية الجديدة
- الفكر الخميني ميثاق للوحدة الدنيوية و الوحدانية الدينية
- الأساتذة الوطنيون : الإدماج أو الطوفان
- «القهر» كمفهوم أساسي في السياسة الداخلية للدول العربية
- أكاديمية أبو غريب للبحوث الحيوانية
- التطبيع مع العِبرية في اليوم العالمي للغة العربية
- المغرب يتحدث لغة الواقع التوافقي في صفقة القرن
- برقية عاجلة إلى مغاربة تندوف
- سهام المقريني في ميزان العدالة المغربية
- شارلي ايبدو : حرية التعبير أم حرية التدمير
- عبد السلام ياسين من البودشيشية إلى الياسينية
- غيفارية تندوف و سياسة الرباط
- إحاطة بمهنة التعليم لمن غابت عنه حقيقة التدريس
- أي بناء للرأسمال البشري في الدول العربية – المغرب نموذج - ؟
- المملكة المغربية تحاور إسرائيل حضاريا


المزيد.....




- لحظة انقلاب مروحية أثناء محاولتها الهبوط في أمريكا.. شاهد ما ...
- إيران تقصف قاعدة العديد في قطر وترامب يشكر طهران على إنذاره ...
- ترامب يجهر بكلمة بذيئة بعد خرق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و ...
- منعه من شن ضربات على إيران.. ماذا حصل في الاتصال بين ترامب و ...
- جي دي فانس: مخزون إيران من اليورانيوم لم يتضرر لكن هذا ليس م ...
- إيران مستعدة لحل الخلافات بـ-التفاوض وفق الأطر الدولية-
- الجزائر: محكمة الاستئناف تطلب السجن عشر سنوات للكاتب بوعلام ...
- ما قصة المثل القائل: -بعت داري ولم أبع جاري-؟
- كيف سينعكس وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل على الحرب في غ ...
- الفلاحي: عملية القسام الأخيرة نوعية وتعكس استخداما محكما للق ...


المزيد.....

- علاقة السيد - التابع مع الغرب / مازن كم الماز
- روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي ... / أشرف إبراهيم زيدان
- روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس ... / أشرف إبراهيم زيدان
- انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي / فاروق الصيّاحي
- بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح / محمد علي مقلد
- حرب التحرير في البانيا / محمد شيخو
- التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء / خالد الكزولي
- عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر / أحمد القصير
- الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي / معز الراجحي
- البلشفية وقضايا الثورة الصينية / ستالين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - المهدي بوتمزين - المقاربة الأمنية لإزدواجية الجنسية لدى كوادر الدولة