أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - المهدي بوتمزين - عبد السلام ياسين من البودشيشية إلى الياسينية















المزيد.....

عبد السلام ياسين من البودشيشية إلى الياسينية


المهدي بوتمزين
كاتب مغربي

(Elmahdi Boutoumzine)


الحوار المتمدن-العدد: 6714 - 2020 / 10 / 25 - 02:41
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تكتسي العلاقة بين الإسلاميين و الأنظمة الحاكمة في الدول العربية طابعا خاصا و استثنائيا , حيث تخشى الحكومات العميقة التي تُنتخب من السفارات و أجهزة الإستخبارات الغربية , بلوغ الإسلاميين المناصب الحساسة في الدولة و على رأسها رئاسة الحكومة .
و هذا الصراع مردُّه إلى استمرار ميكانيزمات الإستعمار السابق , حيث خرج الاحتلال من الباب و عاد من النافذة . و السواد الأعظم من الحكومات العربية تقع تحت الوصاية المباشرة للبيت الأبيض و الإليزييه و البيت الإسرائلي . فالنظام العالمي الذي يقصد به الإرادة الأحادية لإعادة رسم معالم نظام جديد على قالب النموذج الغربي , يرفض قيام ثورة إسلامية واعية و سلمية أساسها الكتاب و السنة و يهدف إلى توحيد العقائد و السياسات و الأفكار و هو أمر صعب المنال . لأن المد الإسلامي لا بخضع لقوانين الفزياء التي يمكن أن تحصره في زمان أو مكان محدد , فاليوم نلمح مرحلة جديدة من العلاقة بين الغرب و الإسلام من خلال معاهدة السلام بين واشنطن و حركة طالبان هذه الأخيرة تضع ضمن شروطها الأولى إقامة إمارة إسلامية دون اللعب بالمصطلحات و التماهي في التغني بالديمقراطية و الدستور و مفاهيم القوانيين الوضعية .
تكمن أهمية معرفة محددات التدخل الغربي في شؤون الجماعات الإسلامية , في تقدير مدى المصالح المتبادلة بين الحكومات الغربية و نظيراتها العربية . حيث نشهد في هذا المضمار تقعيد أسس تخضع لمنطق المصلحة و البرغماتية المطلقة التي تجهز على كل تصور ممكن لحاضر و مستقبل هذه المجاميع . فإذا بدَت للغرب الحاجة إلى بروز حركة أو دعوة إسلامية سلفية أصولية أو صوفية مبتدعة لتنفيذ بعض عوارض مخططاته سارع إلى دعمها و ضبط تحركاتها و هياكلها بما يخدم أجنداته و هذا يتم بطرق عدة مباشرة أو بعيدة و سواء بالتنسيق مع الأنظمة العربية أو بمنأى عن إشراكها في ذلك .
الموقف الغربي و معه الحكومي الوطني فيما يرتبط بالإسلاميين في المملكة المغربية, تبرعم و انبتقت عنه ألوان و فصول من السجال الذي بلغ مستويات كبيرة من العنف و المعارضة و التجلد و الإطباق على مواقف تعد من وجهة نظر النظام المغربي رفضا مبينا للطاعة و حلا لعقد البيعة ما يقتضي الضرب بيد من حديد لكل من خرج عن قول الأمير ,كما حدث مع خلية عبد القادر بلعيرج و بعض أعضاء و قيادات حزب البديل الحضري المنحل .
يملك الإسلاميون في المغرب موقعا خاصا يجعل منهم حلقة قوية إلى جانب التيارات اليسارية الإشتراكية الثورية التي لا تداهن و لا تفرط في الثوابت . ما فرض على النظام المغربي لعب أوراق تبدو في بعض الأحيان تنازلا أو تكيفا مع الوضع القائم لكن دون منح أو تسليم الثقة , لأن هذه الأطراف يمكن أن تعود إلى المانيفست بسرعة انتشار الصوت . بمكن القول أن العلاقة بين التيار الإسلامي و الدولة منذ عهد الحسن الثاني خضعت لمحددات فرضتها ضرورة حماية الحيز الخاص بإمارة المؤمنين و محاربة التطرف كمطلب غربي , و يقصد به إقامة نظام إسلامي جديد يقبل التعامل بالربى كاَلية اقتصادية و يذعن للهيمنة و الإملاءات الغربية في كل المجالات بما فيها الموافقة على التواجد الإسرائلي في منطقة الشرق الأوسط , علاوة على الإنفتاح الذي يساوي بين الرجل و المرأة و يمنح مساحة هائلة من الحريات الفردية و الجماعية أي فصل الدين عن الدولة و المجتمع . هذا هو الإسلام النموذج أو المثالي الذي تعمل على خلقه مكاتب الظلاميين و الطابور الخامس في الدول العربية التي منعت وصول الإسلاميين للحكم في مصرو تونس و الجزائر , رغم الإنتخاب الشعبي الوطني لهم , لأن تتويجهم بالرئاسة سيقلب الطاولة على المؤامرات التي حيكت و مازالت ضد الأوطان العربية .
من بين أهم الجماعات الإسلامية في المغرب نجد جماعة العدل و الإحسان التي أسسها الشيخ عبد السلام ياسين, و التي تقف على خط المعارضة للنظام السياسي المغربي و على منحى التيارات الأصولية التي تؤمن بالحاكمية و تدعو إلى تطبيق الشريعة الإسلامية حتى يقام العدل كأساس اجتماعي سياسي لا مناص منه و الغاية ترتبط بالإحسان. و هي من الأبابيل الصوفية التي تلتزم الهدوء في الدعوة و تقبل مبدئيا الحوار كمعبر للتحكيم رغم انكفائها و انزوائها و رفضها إقامة حوار مع الدولة .
المسار الروحي و العملي الذي خاضته أسرة الجماعة بوأها مكانة متميزة و منحها قاعدة شعبية تقدر بحوالي 3 ملايين مناصر أو متعاطف معها ,و ذلك لأنها نهجت الدعوة بالَّتي هي أحسن امتثالا للرسالة النبوية المحمدية و هي تلبي بذلك الحاجة الروحية إلى إقامة الشعائر و التذكير بالدين في كل زمان و مكان دون تعصب أو غوغائية غير مقبولة مستغلة بذلك ضعف النشاط الديني بالمملكة و أحاح الناس إلى تشرب فيوضات الإسلام .
ملامح التعارض بين الجماعة و الدولة يكمن في موقفها الأصولي الذي يدعو إلى إقامة دولة الخلافة , رغم أن المملكة المغربية يحكمها أمير المؤمنين , و هي بذلك لا تعترف بهذه الشرعية الدينية للملك , كما ترفض المشاركة في الانتخابات بدعوى عبثيتها و عقمها لأن النظام في المغرب بيروقراطي يقتصر على الملك و حاشيته, الذين – أي الحاشية- اتخذوا لأنفسهم يافطة خدام الدولة, و بالتالي هما الدائرة الوحيدة للحكم و تظل الحكومة صورية فقط . و هو نفس الأمر الذي أكده عبد الإلاه بن كيران رئيس الحكومة السابق عن الحزب الإسلامي العدالة و التنمية الذي صرح أن الملك هو الذي يحكم و ليس رئيس الحكومة , و هذا التصريح جاء في سياق عام يتضمن في باطنه كل العموميات الممكنة .
إذن فالمرجعية السياسية و الدينية للياسينيين لا يمكن أن تكون محل قبول من طرف أي نظام حاكم, مهما كان مستوى الدمقرطة و حقوق الإنسان و الحريات في البلد . إنه تهديد صريح للنظام القائم أو لنقل إنه طعم ظاهره حلو و باطنه سم زعاف . فالدولة استفادت من الجماعة بغض النظر عن حقيقة تأسيسها و و جودها , فهي تحتضن كل فرد يحمل في داخله قابلية لرفض المشروع السياسي و الديني في البلد لكن دون أن يستطيع تحقيق موقفه بالقوة لأن الجماعة ترفض ذلك . فالدولة المغربية استطاعت أن تجمع كل الأشخاص المحتملين لقلب الطاولة عليها و هبَّت لجمع المعلومات و تحليل المواقف و هي تملك الوقت الكافي لذلك لأنها تعلم أن الجماعة ملتزمة بالهدوء . و هو نفس الأمر الذي تحقق إبان الربيع العربي حيث سرعان ما انسحب الياسينيون من حركة 20 فبراير بحجة عدم الموافقة على بعض النقاط المطروحة . و سبق أن صرح مصطفى العامري و هو عنصر سابق في جهاز الدرك الملكي المغربي و يتواجد اَنيا كلاجئ في الولايات المتحدة الأميركية ؛ بأن الشرطة المغربية نفسها كانت تحمي منزلين فخمين في ملكية المرشد عبد السلام ياسين .
إن تأثير المرشد و المؤسس و المرجع على المتعاطفين مع جماعته يماثل القاعدة القائلة في البودشيشية أن المريدين يمتثلون للشيخ كالمريض بالطبيب . فجماعة العدل و الإحسان تحتاج إلى مراجعة مواقفها و أوراقها لاسيما السياسية منها , و هي في حاجة إلى إقامة أواصر الحوار مع الدولة قبل الأفراد ,و هذا لا يمكن أن يتحقق إلا بالإنخراط الوطني في الأحزاب السياسية و ممارسة العملية الانتخابية , و الدولة لا يمكن أن تمنح أوراق الإعتماد في هذا المضمار إلا إذا تخل الياسينيون عن موقفهم المعارض للملكية و تشبتهم بالخلافة الإسلامية التي ليس هذا وقت تحققها استنادا إلا الأحاديت النبوية .
لقد كانت هناك محاولات قام بها عبد السلام ياسين رحمه الله لجمع أقطاب الحركات الإسلامية بالمغرب لإنشاء حزب سياسي إسلامي , لكن دعوته لم تجد الصدى الكافي , و اليوم تبرز الحاجة نفسها بالنسبة للجماعة حتى تجد لها موطن قدم في الساحة الوطنية التي استطاع فيها حزب العدالة و التنمية أن يزاوج بين العمل السياسي و الدعوي المتجسد في جناحه الدعوي التوحيد و الإصلاح .
لقد عرفتُ العديد من أعضاء جماعة العدل و الإحسان أثناء الدراسة الجامعية و أشهد على دماثة أخلاقهم و بعد نظرهم و حسن علمهم و عملهم , لكن اَخذ عليهم عزلتهم و رهبانيتهم المدنية , و أدعوهم إلى الإنتقال إلى أطوار جديدة من العمل الدعوي و الميداني الفعلي بعد إصلاح بعض الأخطاء التي ارتكبت اتجاه مؤسسات الدولة , لأن الخلافة الإسلامية لا تتوفر شروط تحققها و لا أركان قيامها حاليا , و أن استقرار البلد لا يقوم بمنأى عن الملكية و هذا أمر أثبتته التجارب المقارنة و المسار التاريخي للبلد . أما العملية الانتخابية أو اللعبة السياسية فنرى أنه من الصواب الدخول فيها كما حاول ذلك الإسلاميون في مصر و تونس و تركيا و نجحوا في هذه الأخيرة , و نشهد الإنتصارات تلو الأخرى التي يحققها طيب أردوغان في العالم .
أما عن مستقبل الجماعة فلا رؤية بعيدا عن ما أسلفنا ذكره , و العالم الإسلامي سيشهد تحولات عميقة خلال الخمس سنوات القادمة , و سيكون للجماعات الإسلامية الدور الكبير , لذلك يجب أن تعيد هيكلتها و تراجع فكرها و تتخلى عن الإنزواء الذي يطبع و يسم الزوايا في المغرب . أما عن الهدوء الذي يميز الجماعة فهو هدوء يسبق العاصفة و يمكن وضع كل السيناريوهات الممكنة إذا أتيحت الفرصة للمشاركة في حكم البلد بالقوة و هذا أمر طبيعي في عمر الدولة و السياقات و المراحل التاريخية , إنها طبيعة الأشياء فقط .



#المهدي_بوتمزين (هاشتاغ)       Elmahdi_Boutoumzine#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غيفارية تندوف و سياسة الرباط
- إحاطة بمهنة التعليم لمن غابت عنه حقيقة التدريس
- أي بناء للرأسمال البشري في الدول العربية – المغرب نموذج - ؟
- المملكة المغربية تحاور إسرائيل حضاريا
- الدولة تسابق الزمن لبناء الوعي الجماعي
- الدول المتخلفة في مواجهة كوفيد-19 بالمدرَّعات
- الوطنية و الوثنية في العقد الإجتماعي
- المهدي المنجرة و اشكالية العالم العربي
- البروليتاريا تنتفض في يومها العالمي ضد جائحة الرأسمالية


المزيد.....




- مقتل العشرات من منتظري المساعدات جنوب قطاع غزة، وإغلاق المسج ...
- العراق.. السوداني يدعو الدول العربية والإسلامية للتعاون في ...
- هل تعتقد أن اغتيال المرشد الأعلى لإيران علي خامنئي فكرة جيدة ...
- 1400 عام من الصمود.. ما الذي يجعل أمة الإسلام خالدة؟
- وزراء خارجية 20 دولة عربية وإسلامية يدينون الهجمات الإسرائيل ...
- هكذا يتدرج الاحتلال في السيطرة على المسجد الإبراهيمي بالخليل ...
- خطوات تثبيت تردد قناة طيور الجنة نايل سات وعرب سات 2025 .. ث ...
- نتنياهو: لا أستبعد اغتيال المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي ...
- الخليل.. إسرائيل تخنق البلدة القديمة وتغلق المسجد الإبراهيمي ...
- الاحتلال يهدم غرفة زراعية ويواصل إغلاق مداخل سلفيت ومستعمروه ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - المهدي بوتمزين - عبد السلام ياسين من البودشيشية إلى الياسينية