أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - المهدي بوتمزين - -فيلسوفي ميكافيللي الصغير-














المزيد.....

-فيلسوفي ميكافيللي الصغير-


المهدي بوتمزين
كاتب مغربي

(Elmahdi Boutoumzine)


الحوار المتمدن-العدد: 7793 - 2023 / 11 / 12 - 09:42
المحور: الادب والفن
    


إلى روحي و.خ ،

أحرر لك هذه الرسالة في الساعات الأولى من صبيحة يوم الأحد الثاني عشر من تشرين الثاني ، لتكون شاهد قلبي في مدفن حبك المخامر ، وعهدا جديدا تتلى فيه ترانيم الغرام وتراتيل السدم على الأحياء والأموات ، وسجلا يحفظ ذاكرتي إذا فقدتها في يوم من الأيام ، فتقرئين لي منه بعض السطور لعلي أتعافى من مرض النسيان أو يحيى فؤادي بسر الكلمات . و إن جرؤ الزمان على أن أشرد عن اسمك أو صورتك أو اَثار رسيسك ، فإني لم أنساك أنا بل نسيت نفسي ،و إن قلت أنا فأنتِ ، وإن تفوهت ببنت شفة أو أطرقت فأنتِ ، فإني أصلي لخلوك سرا وجهرا ما دمت أعرفني وأعي وجودي ، فوجودي وجودك ، وغيابي وجود معك لكن بمسافة من الزمن .

تعرفين يا مجدليتي أنني لا أنسى دقائق الأشياء ، حتى ساعتك اليدوية وسلسلتك الذهبية اللتين كنت ترتدينهما عند أول لقاء مازلت أتذكرهما . إني أراك أمامي في كل يوم حتى في فنجان قهوتي الصباحي كقارئة كف ، كمَلك نزل من السماء ، كغيمة محملة بالغيث ، كراقصة غجرية تسحر المكان ، كوردة تنثر العبق، كحمامة للسلام . مازلت أحفظ عن ظهر قلب قصيدتك "فيلسوفي ميكافيللي الصغير" التي كتبت أبياتها الباهرة على ورقة صفراء مُنسمة برائحة عطرك الخاص ومذيلة بتوقيعك الذي يحمل اسمك بحروف لاتينية مخططة بفنية بديعة.


دعيني أعيد على مسامعك معلقتك الفريدة وأنا أتعندل بها بصوتك وهمسك.

ما كان عتابه إلا غزلا بي

يهوى أن يراني عزيزة نفسي

ويغضب من شوكة تشوكني

فيا شاعري وفارسي ومُعوَّلي

أنت كل شيء في حياتي

صرتُ شاعرة بشعركَ

و فيلسوفة بفلسفتكَ

و حمقاء بغلك

روحي وجسدي لك وحدك

فخدني إليك غير اَبهة بشيء غيرك

أسيرتك ، جاريتك أو فتاتك

فما عدت أتحمل الليل دونك

ولا حياة في الأفق ممكنة بعيدا عنك

أدين لك بحبك لي

وخوفك علي

ودراعا حولي

وملِكا يحميني

لن أنسى حديثك

ولا شعْرك

ولا فلسفلتك

ولا شجاعتك

ولا عقلك

ولا روحك

ولا شيء اَخر فيك

ولا شيء اَخر منك

يا فيلسوفي الصغير

ماذا سأناديك ؟

شوبنهاور لتشاؤمك

أم كانط لأخلاقياتك ؟

ديكارت لعقلانيتك

أم سارتر لوجوديتك ؟

سيوران لعدميتك

أم ميكافللي لنفعيتك ؟

صدقني يا حبيبي

عرفتك كمراَتي

ولم أعرف شيئا

هل كنت شبحا أم روحا ؟

أم كنت أنا ؟


............................................


اه يا ناهدتي ، كم يشدني التوق لتأليف دواوين من الشعْر الحر لينطلق حبنا من عقاله إلى سائر الأكوان ، لكن ليس الاَن ،فأنا لست في أحسن حال ، ولذلك أكتب لك هذه الرسالة ، شاربا سيجارتي من نوع" لوكامل" ، وأتسمَّع لموسيقى هادئة من التراث التركي الكلاسيكي لأنها تحمل نفس الحنين لشيء ما كان حيا في الماضي ، ربما كان غراما حبيب أو أرض فقير أو لحظة أُنس.

أريد أن أخبركِ سرا ، إني مصاب بالأرق ، كنت أظنه نيكتوفيليا ، لكنه في الحقيقة اضطراب في النوم ، لقد جعلني الامر منهكا جدا ومتعبا إلى أقصى الحدود . فقدت الكثير من التركيز ، ولم أعد أريبا وحذقا كما كنت . أصبحت أدخن كثيرا ، مدمنا على فناجين القهوة غارقا في التفكير العدمي ، ناقما على الأيام .أقضي الليل في التفكير فيك ، وفي الشعر والسياسة والأدب . بحثت عن العلاج لدى طبيب مختص ، فنصحني بتناول عقار السوفوريكسانت ، لكني لن أفعل أبدا ، أنا لا أثق في أحد ، فقد بدى لي هذا الطبيب مثل مستر فريز ، كما أني أعرف أن كل ما أحتاجه هو أن أعيش بعيدا عن العالم السفلي ، لكني لا أستطيع ذلك ، ولن أبوح لك بالسبب .

حبيبتي ، تعرفين كبريائي جيدا ، أكره أن يمس شيء كرامتي أو حريتي ، لكني الاَن مهدد بقوة تفوق قدرتي على الإعتراض ، إن نسيت اليوم تاريخ ميلادك فهذا نذير شؤم للأيام المقبلة ، قد أنسى كل شيء ، كل شيء تماما . الاَن تدرين أن عليك الوفاء بما عاهدتني عليه ، أن تخلصني من أسْر الإهانة كما يقتضي ذلك الشرف العسكري . سأنتظر بحب رصاصة الرحمة من يديك العذبتين. لا تترددي في قتلي ، احملي مسدسك بشجاعة لا متناهية وضعي رصاصة في رأسي ، سأبقى ممتنا لك ، ولا تخيبي ظني فيك بجبن أو احتيار ، وكوني قوية في مواجهة الحياة دوني كما تعلمتِ.


أرجوك لا تزري علي ، لأن هذه الحياة لعنة خالدة . كم هو صعب رؤية الأوغاد كل يوم ، لقد سئمت وجودهم ، إنهم كذابون ، مداهنون ، مغرورون ،متغطرسون ، نغلون ، سافلون ، وضيعون .ربما لهذا أحب الليل ، سكونه المحدود يوحي بأن الأرض تطهرت من هؤلاء . لكني أعلم أن هذا الهدوء هو في محيطي فقط ، فحياة الليل قاسية على العاهرات والمتشردين والأسرى والمرضى والمقترضين والمصابين بالزهايمر . لقد رأيت كل شيء في الحياة بشكل يكفي لأقتنع أن الموت خيار أفضل من البقاء في الفراغ والثقوب السوداء تتقاذفنا الأقدار السخيفة دون منطق يحكم الأشياء .

صغيرتي الجميلة ، وحدك من سيفهم كنه رسالتي ، إنها نهاية كل شيء أو البداية لشيء ما .



#المهدي_بوتمزين (هاشتاغ)       Elmahdi_Boutoumzine#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خريف الأيام
- الرؤية الجديدة لإعادة هيكلة التنسيقية الوطنية للأساتذة المتع ...
- مجنون ميدان
- المغرب يقود حربا إعلامية بالوكالة ضد طهران
- أخنوش إرحل... أخنوش إبق !
- إيرانوفيليا : الجمهورية الإيرانية قطب تاريخي وحضاري متميز
- اليسار واليمين على دائرة مستديرة
- الإنسانية المطلقة ونسبية الدين والتاريخ والعِرق
- متلازمة الطفل ريان
- أنا والعفريت
- عبد الإله بنكيران رجل المطافئ في حكومة عود الثقاب
- ٍالميركاتو الإنتخابي في المغرب... من هو صديق المخزن الجديد ؟
- المقاربة الأمنية لإزدواجية الجنسية لدى كوادر الدولة
- حدود و امتدادات معركة حد السيف في ضوء المواقف الأممية
- المقاربة الأمنية ضد أساتذة أفواج الكرامة تنهي دعاية حقوق الإ ...
- من صنعَ و ماذا يصنعُ حزب العدالة و التنمية المغربي ؟
- الأستاذ عبد الكبير الصوصي العلوي .. و سؤال نزاهة و راهنيَّة ...
- مدخل إلى المنطلقات الإصلاحية الوطنية الكبرى
- «تنظيم الدولة» واستراتجية بناء القوة اللامركزية الجديدة
- الفكر الخميني ميثاق للوحدة الدنيوية و الوحدانية الدينية


المزيد.....




- عبد الرحمن بن معمر يرحل عن تاريخ غني بالصحافة والثقافة
- -كذب أبيض- المغربي يفوز بجائزة مالمو للسينما العربية
- الوثائقي المغربي -كذب أبيض- يتوج بجائزة مهرجان مالمو للسينما ...
- لا تشمل الآثار العربية.. المتاحف الفرنسية تبحث إعادة قطع أثر ...
- بوغدانوف للبرهان: -مجلس السيادة السوداني- هو السلطة الشرعية ...
- مارسيل خليفة في بيت الفلسفة.. أوبرا لـ-جدارية درويش-
- أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة
- نيكول كيدمان تصبح أول أسترالية تُمنح جائزة -إنجاز الحياة- من ...
- روحي فتوح: منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطي ...
- طرد السفير ووزير الثقافة الإيطالي من معرض تونس الدولي للكتاب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - المهدي بوتمزين - -فيلسوفي ميكافيللي الصغير-