أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - المهدي بوتمزين - إليكِ في رأس السنة














المزيد.....

إليكِ في رأس السنة


المهدي بوتمزين
كاتب مغربي

(Elmahdi Boutoumzine)


الحوار المتمدن-العدد: 7843 - 2024 / 1 / 1 - 05:56
المحور: الادب والفن
    


تحت ضوء خافت أخط إليك هذه الأسطر لأحتضن بصدر رحب ونفس زاهية وقلب عاشق بروح صوفية ميلاد شخص جديد مغمور بإيمان وحب جديدان كمذنب عمَّده راهب أو مسيح وُلد من جديد . سأعترف لك بكل المشاعر الإيمانية التي اختلجت روحي منذ تلاقت عينانا وتلامست شفاتنا بعضهما ببعض . لقد اَمنت بك كنصاراني للمسيح ويهودي لموسى ، قدستُ كل شيء في تلك الرابطة بيننا ، وكنتِ مخلصة كمريم العذراء ، كراهبة في الحب ، كحورية في الجنة ، كنت أجمل شيء وستبقين أسمى ما في الوجود ، وإن كان غيابك إعلانا لموت المسيح فسأظل أؤمن به كما المسلم أن عودتك حتمية وإن صِرتُ ذكرى بعيدة طواها الثرى وأنساها الزمان .

حبيبتي و.خ ، هذه اَخر الاَيات المقدسة أكتبها لك ، لقد انتهى زمن النبوة والوحي ، ولم ينتهي حبنا ، لكن للغياب أثر أقوى من الإيمان ، حتى الأنبياء تأثروا عند فتْرة الوحي ، فهل أكون نبيا أكثر من ابراهيم ؟ إن الأقدار أبعدت بيننا ، لكني سأبقى مؤمنا بك حتى نهاية الوجود ، وأعرف أنك تنظرين إلي من السماء كملك أو نجم أو قمر . فيا جميلتي ، أشكر الرب الذي وهبني فتاة مثلك ، أميرة بجمالها ، بحرا بثقافتها ، ملكة بلغة جسدها ، صحابية بوفائها . إن تناغم روحينا في عوالم التتيمم كان حقيقيا إلى أقصى السماوات ، عرجنا معا إلى ماورائيات ، عشنا أوقاتا كأبطال قصص الغرام ، لن أكتب عنها ، أخشى أن ينتحر أولائك الذين يحبون الجسد لا الروح ، يعشقون من المرأة ثدييها وقبلها ولا تغريهما عيناها أو تسكرهما كلمات الحب التي تنطق بهما شفتاها كصوت اَت من الغيوم ، أشفق على هؤلاء الذين جربوا الحب كغريزة عابرة ولم يعتنقوه كديانة سماوية.

سامحني يا ملاكي إن قررت أن أترك ذكراك ورائي ، متخليا عن هيامي الجنوني وشعري الركيك وموسيقى الفراق الحزينة ومشاعرا كتلك التي ظل قباني يكنها لزوجته ، لا لشيء إلا وفاء لك ولما عاهدتك عليه بأن أبقى فارسا ومغوارا وبحارا في لجج المحيطات . إن للحب حدودا كما الديانات ، فهل أصير زاهدا مثل أبا العتاهية بعتبة ؟ أم مجنونا مثل قيس بليلى ؟ أم وحيدا مثل درويش دون ريتا ؟ لا أعرف سوى أن حبك سيجعلني شاعرا مثل جون كيتس لأهدي لك ديوانا كنجم الشرق . دعيني أستذكر الاَن شذرات من حياتنا معا كشخص تحضره ذكريات حياته وهو على سرير الموت ، لأن الوجد في القلب أقوى من قبضة الموت.

في يوم مشمس من شهر حزيران كنا نتمشى سويا في زقاق أحد الأحياء الغنية ، فأشرتُ ببناني إلى إحدى الفلل التي راقني جمالها الاَخاذ متمنيا أن نقضي بقية حياتنا في مسكن مثلها ، ابتسمتِ ، فاستدرتِ قُبالتي لتمسكي بيدي وتهمسي في أذني أنك ستعيشين معي حتى في كوخ وسط الغابة . اَه يا صغيرتي ، لو بقيت معي لحققنا حلمنا ، لكن غيابك هدم كل شيء ، غياب لم تكوني مذنبة فيه ، ولا انا أيضا ، لكن سوط الزمان يشق حتى الجبال عن بعضها ، وأنا اليوم أسلم للقدر أن يفعل بنا ما يشاء ، سأنساك ، لن أنساك . هل تسمحي لي أن أخبرك عن بعض الفتيات اللواتي عرفتهن في غيبتك الطويلة ، أرجوك لا تغاري ، إنهن لا يقبلن بالكوخ ، ولا بأن نتسكع منتعشين بهواء الأشجار بعد الشروق ، إنهن يردن رجلا فاحش الثراء يملك قصرا وسيارات ولباسا أنيقا وربما جواري وحريم ، فهن لا يأبهن بالحب بل بالمال فقط ، إنهن عاهرات فقط ، نعم ، عاهرات فقط . يردن من الرجل أن يحقق لهن كل شيء في لحظة واحدة حتى الاَلهة لم تحققه لهن عبر سنوات.

هل مازلت تذكرين يوم ذهبنا نبحث عن تنورة صيفية لك وحذاء لي من "البال" (سوق تباع فيه الأشياء المستعملة) ، لقد اخترنا بعناية مقتنياتنا التي جئنا من أجلها ، تشاركنا في دفع الدراهم القليلة من أجل ذلك ونحن نتبادل نظرات الحب ربما كنا نحس أن تلك بداية لحياة مشتركة سنشتري فيها كل شيء نحتاجه وننجب طفلا يحمل جيناتك. كم كنت أنيقة ومنظمة ، التنورة كانت أسفل ركبتيك مع حذاء رياضي أبيض وساعة يدوية رمادية ، كنت أجمل وأرقى فتاة عرفتها .

كانت أياما صافية وبهية ونحن ندرس معا ونقلب صفحات الكتب ، لقد اَثارني فيك كثيرا حبك للقراءة ، اسمحي لي أن أقول لك بتواضع أنك كنت ذكية ، موسوعية ، مثقفة ، ساحرة . وكم كنت ناقمة على ما ندرسه في الثانوية معتبرة إياه مضيعة للوقت ، لم أكن أوافقك الرأي ، لكني الاَن فهمت أنك كنت تحملين فكرا سابقا لعمرك ، نعم ، أنا الاَن في أقرب زاوية لمعرفة خبابا الأمور ، لكني في زاوية بعيدة جدا عنك لأحتضنك وأقبلك . سألتني يومها عن رأيي في رواية "La Boîte à merveilles" لكاتبها أحمد الصفريوي ، فأجبتك أنها رواية تحمل بين دفتيها واقعا اجتماعيا ، لتعقبي أنه واقعنا نحن فقط ، فأبناء الطبقة الغنية سيعتبرون الرواية خيالية في حيثياتها فقط ، لانهم لم يعيشوها . لقد طلبت مني أن أدرس جيدا من أجل أن أصير شيئا ما ، لقد عرفتِ دواخلي واختلاجاتي ، علمتني الحب ، وألهمتني في الشعر والكتابة ودفعني جنونك للفلسفة ، من أنت بحق السماء ؟

حبيبتي ، سأتركك تنعمين بالهدوء والحب ، لقد ألزمتنا الأيام أن نترك بعضنا في غفلة منا ، إني مطمئن عنك ، وكوني واثقة أني سأحقق ما اتفقنا عليه ، بأن أصير شيئا ما ، ربما شاعرا قتله الحب أو كاتبا أرداه القلم ، فلترقد ذكرانا في سلام .

حبيبك الوفي م.ب



#المهدي_بوتمزين (هاشتاغ)       Elmahdi_Boutoumzine#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -فيلسوفي ميكافيللي الصغير-
- خريف الأيام
- الرؤية الجديدة لإعادة هيكلة التنسيقية الوطنية للأساتذة المتع ...
- مجنون ميدان
- المغرب يقود حربا إعلامية بالوكالة ضد طهران
- أخنوش إرحل... أخنوش إبق !
- إيرانوفيليا : الجمهورية الإيرانية قطب تاريخي وحضاري متميز
- اليسار واليمين على دائرة مستديرة
- الإنسانية المطلقة ونسبية الدين والتاريخ والعِرق
- متلازمة الطفل ريان
- أنا والعفريت
- عبد الإله بنكيران رجل المطافئ في حكومة عود الثقاب
- ٍالميركاتو الإنتخابي في المغرب... من هو صديق المخزن الجديد ؟
- المقاربة الأمنية لإزدواجية الجنسية لدى كوادر الدولة
- حدود و امتدادات معركة حد السيف في ضوء المواقف الأممية
- المقاربة الأمنية ضد أساتذة أفواج الكرامة تنهي دعاية حقوق الإ ...
- من صنعَ و ماذا يصنعُ حزب العدالة و التنمية المغربي ؟
- الأستاذ عبد الكبير الصوصي العلوي .. و سؤال نزاهة و راهنيَّة ...
- مدخل إلى المنطلقات الإصلاحية الوطنية الكبرى
- «تنظيم الدولة» واستراتجية بناء القوة اللامركزية الجديدة


المزيد.....




- خريطة أدب مصغرة للعالم.. من يفوز بنوبل الآداب 2025 غدا؟
- لقاءان للشعر العربي والمغربي في تطوان ومراكش
- فن المقامة في الثّقافة العربيّة.. مقامات الهمذاني أنموذجا
- استدعاء فنانين ومشاهير أتراك على خلفية تحقيقات مرتبطة بالمخد ...
- -ترحب بالفوضى-.. تايلور سويفت غير منزعجة من ردود الفعل المتب ...
- هيفاء وهبي بإطلالة جريئة على الطراز الكوري في ألبومها الجديد ...
- هل ألغت هامبورغ الألمانية دروس الموسيقى بالمدارس بسبب المسلم ...
- -معجم الدوحة التاريخي- يعيد رسم الأنساق اللغوية برؤية ثقافية ...
- عامان على حرب الإبادة في غزة: 67 ألف شهيد.. وانهيار منظومتي ...
- حكم نهائي بسجن المؤرخ محمد الأمين بلغيث بعد تصريحاته عن الثق ...


المزيد.....

- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت
- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - المهدي بوتمزين - إليكِ في رأس السنة