أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ابرام لويس حنا - (المُخلص الإمبراطوري) رداً على (المُخلص اليهودي المصري)















المزيد.....

(المُخلص الإمبراطوري) رداً على (المُخلص اليهودي المصري)


ابرام لويس حنا

الحوار المتمدن-العدد: 8411 - 2025 / 7 / 22 - 08:55
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


سابقاً نشرت موضوعاً بعنوان كيف نشأت الحركة المسيحية الخلاصية !! وذلك بتاريخ الحوار المتمدن-العدد: 8410 - 2025 / 7 / 21

وهذا الموضوع هو استكمال له؛

شهدت المنطقة، في سياق الاحتلال الروماني، انتشارًا واسعًا لما يمكن تسميته بـ"الحركة الخلاصية"، والتي تجلّت في ثورات متزامنة في كلٍّ من مصر، واليهودية، وليبيا. وقد مثّلت هذه الثورات احتجاجًا وجوديًا شاملًا، لم يكن يستهدف بصورة اساسية (مقاومة الاحتلال) (وسلطة البلاد) المحتلة الظالمة (الرومان).


فكيف يمكن اذا اسكات الجموع الثائرة وحركة (خلصت او خرصت Χριστ) وتحويل الجهاد ضد المحتل للجهاد ضد الخطية والروح ؟


كان الرد الإمبراطوري بإن الثورة الحقيقية وأن الخلاص الحقيقي هو الثورة ضد الخطية وضد الجسد والنفس، وجاهد الروح.
والثورة ضد الخطية والشر وليس الإمبراطورية..


هذا هو كان الرد الإمبراطوري مع استخدام العنف ضد الثوار الذين يستخدمون العنف.


وان الشخص المخلص، هو الشخص الذي يحل فيه روح الله ويقيم مملكة الله في داخله، ويموت عن انسانه العتيق ليقوم معه انسان جديداً ، ويشترك في جهاد الجسد والدم ضد الخطية.


أي مواجهة (المُخلص المصري) و (المُخلص اليهودي) بـ (المخلص الروحاني الإمبراطوري)، والألتفاف حول شخصية محورية واحدة وهي (مُخلص الروح والجسد) (بالإيمان).


ومن هنا فإن الحركة الخلاصية التي كان هدفها تحرير الوطن و ومطالب معينة ومنها حرب الفساد الأخلاقي والثورة على الاحتلال، وقامت ثورة قي مصر وفي اليهودية وفي ليبيا، قُبولت باستخدام العنف ضد اتباعها (مثل هدم الهيكل سنة 70 على يد تيطس) و هدم المعابد المصرية، بل وكذلك توجيه الجماهير بالثورة على الذات والنفس والخطية وليس الدولة أو الإمبراطورية.


في هذا السياق، بدا واضحًا أن الدولة الإمبراطورية لم تكتفِ بمواجهة الجهاد الثوري بالعنف العسكري فحسب، بل عملت على إعادة توجيه هذا الجهاد ذاته؛ فبدلًا من أن يكون موجّهًا ضد الاستعمار والسلطة، تمّ تحويله تدريجيًا إلى صراع داخلي ضد "الخطية" و"الذات". وهكذا، برز خطاب خلاص جديد، لا يدعو إلى مقاومة الدولة، بل إلى مقاومة النفس، بحيث تتحوّل الثورة من كونها فعلاً سياسيًا إلى تجربة روحية.


إن التحوّل المفاهيمي هذا، تمّ بدعم مباشر من السلطة الإمبراطورية، التي رأت فيه فرصة لتفريغ النزعة الثورية من بعدها التحرّري، وتوجيهها نحو خطاب فردي خلاصـي، يعلن أن مملكة الله ليست من هذا العالم، بل تُقام في داخل الإنسان. فالمسيحي، وفق هذا المنظور، هو الذي يحل فيه روح الله، فتقوم داخله "المملكة"، ويُبعث رمزيًا من موته الروحي.


وأصبحت (الحركة الخلاصية) أداة في يد الأمبراطورية الرومانية.


هذا كان دور الانجيل، فالدعوة الخلاصية تحولت من اداة تحارب الاستعمار الى اداة تحارب الخطية ، ليموت الإنسان عن ذاته العتيق (القديم بمعتقداته القديمة وتحزباته وآراءه وكل شىء) ، ليصبح ذاتا جديدا روحاً على الأرض (بدون انتماء سوىء للمسيح)، ومِن هنا نشأت المساواة بين اليونانين والرومانيين واليهود والمصريين والأمم، لانهم ماتوا عن ذواتهم القديمة واصبحوا ذاتاً جديداً روحا نقية يحملون جميعاً اسم واحد وهو (المخلص).


وفي المقابل، فإن أي محاولة للجهاد ضد الدولة أو رفض سلطتها قُوبلت بالقمع والعنف، بينما جرى تشجيع "الجهاد الروحي"، وتسويقه كأداة في خدمة النظام القائم. ومن ثمّ، شكّلت دعوة الإنجيل الخلاصية استجابة ذكية من الدولة للثورة المنتشرة، إذ أُعيد تعريف مفاهيم الخلاص والتوبة والانتماء، بما يجعل الدولة شريكة للناس في "الثورة على الخطية"، لا خصمًا لهم.


بل إن الرواية نفسها، كما وُثّقت في الأناجيل، عملت على تبرئة الدولة الرومانية من قتل المسيح ("غسل بيلاطس يديه")، وإلقاء المسؤولية الكاملة على اليهود، وذلك في محاولة لتبرير العنف ضد اليهود الذي تم لاحقًا (سنة 70 وما قبلها وما بعدها)، ما لم يقبلوا الدخول في المسيحية بصيغتها الإمبراطورية، ولكن عبرة للبلاد الأخرى.
وباختصار، المسيح الإنجيلي لم يكن خارج السياسة، بل كان هو الردّ السياسي–اللاهوتي الأكثر فاعلية للإمبراطورية؛ به استوعبت الثورة، وبدّلت معانيها، وأعادت توجيهها من الخارج إلى الداخل، من ساحة المواجهة إلى ساحة الضمير.


وهكذا، لم يعد الانتماء يُقاس على أساس قومي أو ديني (لا يهودي، ولا يوناني، ولا مصري)، بل على أساس روحي خلاصـي؛ حيث يُعاد تشكيل الذات القديمة عبر التوبة، ويتحقق الخلاص الفردي بالنقاء الروحي، لا بالتحرّر السياسي.


وهكذا، تحوّلت الدعوة الخلاصية من مشروع تحرّر وطني إلى مشروع خلاص روحي فردي، يصبّ في مصلحة النظام القائم.
لقد قُدّم المسيح الإنجيلي باعتباره البار الذي لا يثور على السلطة، بل يقبل الصلب بصمت، ويُعلن أن مملكته "ليست من هذا العالم". وبهذا، صار هذا النموذج بديلاً عن المسيح الثائر، المصري أو اليهودي، واللذين قوبلا بالعنف؛ أما المسيح الإنجيلي فتمّ دعمه، وترويجه، وتقديمه على أنه المخلّص الحقيقي.


وهكذا بدأت الأديرة في إنتاج ما يُسمى بـ (الإنجيل) (الأمبراطوري) وهو (نتاج يهودي مصري يوناني) ضد الظلم واعترافه بأن العالم ظالم وإنه لا يوجد عدل في العالم، إلا انه يجب الخضوع للسياسات وضرب مثلا على هذا (بالجزية) في (انجيل متى 17) فبالرغم إن بني الوطن هم (احرار) وليسوا (غرباء) فيجب عليهم (أن يدفعوا الجزية) والطاعة:


( وَلَمَّا جَاءُوا إِلَى كَفْرَنَاحُومَ تَقَدَّمَ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ الدِّرْهَمَيْنِ إِلَى بُطْرُسَ وَقَالُوا: «أَمَا يُوفِي مُعَلِّمُكُمُ الدِّرْهَمَيْنِ؟»
قَالَ: «بَلَى». فَلَمَّا دَخَلَ الْبَيْتَ سَبَقَهُ يَسُوعُ قَائِلًا: «مَاذَا تَظُنُّ يَا سِمْعَانُ؟ مِمَّنْ يَأْخُذُ مُلُوكُ الأَرْضِ الْجِبَايَةَ أَوِ الْجِزْيَةَ، أَمِنْ بَنِيهِمْ أَمْ مِنَ الأَجَانِبِ؟»
قَالَ لَهُ بُطْرُسُ: «مِنَ الأَجَانِبِ». قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «فَإِذًا الْبَنُونَ أَحْرَارٌ.
وَلكِنْ لِئَلاَّ نُعْثِرَهُمُ، اذْهَبْ إِلَى الْبَحْرِ وَأَلْقِ صِنَّارَةً، وَالسَّمَكَةُ الَّتِي تَطْلُعُ أَوَّلًا خُذْهَا، وَمَتَى فَتَحْتَ فَاهَا تَجِدْ إِسْتَارًا، فَخُذْهُ وَأَعْطِهِمْ عَنِّي وَعَنْكَ».)


هل قرأت معى قوله (بإن ابناء الوطن احرار) (فَإِذًا الْبَنُونَ أَحْرَارٌ) !! وبالرغم من هذا (خضع للسياسيات) (أَعْطِهِمْ عَنِّي وَعَنْكَ) !

والتفرقة بين (الدولة) و (الدين) في قوله:


"فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «أَعْطُوا مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا للهِ للهِ». فَتَعَجَّبُوا مِنْهُ." (مر 12: 17).

وقول الإنجيل

"فَأَعْطُوا الْجَمِيعَ حُقُوقَهُمُ: الْجِزْيَةَ لِمَنْ لَهُ الْجِزْيَةُ. الْجِبَايَةَ لِمَنْ لَهُ الْجِبَايَةُ. وَالْخَوْفَ لِمَنْ لَهُ الْخَوْفُ. وَالإِكْرَامَ لِمَنْ لَهُ الإِكْرَامُ." (رو 13: 7).
"لِتَخْضَعْ كُلُّ نَفْسٍ لِلسَّلاَطِينِ الْفَائِقَةِ، لأَنَّهُ لَيْسَ سُلْطَانٌ إِلاَّ مِنَ اللهِ، وَالسَّلاَطِينُ الْكَائِنَةُ هِيَ مُرَتَّبَةٌ مِنَ اللهِ،" (رو 13: 1).



تلك الحركة الخلاصية التي انتشرت وغلبت روما، مما اضطرت بأن تقبلها وتقبل علامة (الخلاص = مفتاح الحياة = الصليب) علامة وافتخاراً لها. وتم دمج فيه تقاليد ونبؤات العهد القديم عن المسيح المخلص وكذلك تقاليد والطقوس المصرية القديمة لتصبح مملكته "ليست من هذا العالم".



#ابرام_لويس_حنا (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف نشأت الحركة المسيحية الخلاصية !!
- الترجمة الكاملة لأعمال أغسطس (نقش أنقرة Monumentum Ancyranum ...
- كليوباترا السابعة في مواجهة تشويه الدعاية الإمبراطورية
- الجذر المصري للألفاظ السامية (عبد، الأبد، إبادة، أبهة)
- الأصل المصري للكلمات السامية (واد، وَدَّأَ، وَأد، وطّأ، وطى، ...
- آشور لم تنتصر (كشف زيف الاحتلال الآشوري لمصر)
- الأصل المصري لمدينة (تِمْنة حارس) التوراتية
- الرد التطوري العلمي على المزاعم حول الأعضاء الأثرية؛ هل ضرس ...
- الرد التطوري العلمي على المزاعم حول الأعضاء الأثرية؛ هل عضلا ...
- الرد التطوري العلمي على المزاعم حول الأعضاء الأثرية؛ هل حلما ...
- نص العهد القديم، مدخل إلى الكتاب العبري (الجزء الأول)
- رؤية العالم اليوناني للمسيحية (سيلسوس) نَموذجًا (الجزء العشر ...
- رؤية العالم اليوناني للمسيحية (سيلسوس) نَموذجًا (الجزء التاس ...
- رؤية العالم اليوناني للمسيحية (سيلسوس) نَموذجًا (الجزء الثام ...
- رؤية العالم اليوناني للمسيحية (سيلسوس) نَموذجًا (السابع عشر ...
- رؤية العالم اليوناني للمسيحية (سيلسوس) نَموذجًا (الجزء الساد ...
- رؤية العالم اليوناني للمسيحية (سيلسوس) نَموذجًا (الجزء الخام ...
- المَصادر القديمة اليونانية لإسطورة الطوفان مع مُقارنتها بالم ...
- المختصر المفيد في أسطورة نوح وأولاده، والأصل الأسطوري لقصته
- التحقيق النصي لإعتماد رسالة بطرس على رسالة يهوذا والجحيم الي ...


المزيد.....




- يائير جولان: اليهود يرتكبون مذابح بحق الفلسطينيين في الضفة
- لماذا لم يعد اليهود الأميركيون على قلب رجل واحد؟
- عودة -حسم-.. هل تتجدد تهديدات الإخوان للأمن المصري؟
- هل تختفي الدراسات العربية والإسلامية من جامعات أوروبا بسبب ا ...
- السلطات المصرية تعتقل خلية لحركة حسم والإخوان تنفي ارتباطها ...
- خطوات تثبيت تردد قناة طيور الجنة على القمر الصناعي نايل سات ...
- أول اتصال هاتفي بين بابا الفاتيكان الجديد والرئيس الفلسطيني ...
- الرئيس الفلسطيني يطلب من بابا الفاتيكان مناشدة العالم وقف قت ...
- -سلوشنز- تجدد تسهيلات بنكية إسلامية قيمتها 1.5 مليار ريال
- المصارف الإسلامية في سوريا تنتزع الريادة من نظيراتها التقليد ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ابرام لويس حنا - (المُخلص الإمبراطوري) رداً على (المُخلص اليهودي المصري)