أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلمى حداد - حين لايكون الموت كافيا .....مقاربه للأستاذ نضال الخليل














المزيد.....

حين لايكون الموت كافيا .....مقاربه للأستاذ نضال الخليل


سلمى حداد
أ-شاعرة وكاتبه سوريه تعيش في المغترب لديها مجموعه دوواوين شعريه ورايه


الحوار المتمدن-العدد: 8410 - 2025 / 7 / 21 - 00:55
المحور: الادب والفن
    


"حين لايكون الموت كافيا "
وإذا ظننتَ بأنّ موتي سوف يُنهي كلَّ أسئلتي
فاسألْ خطايَ المائلاتِ على العراءْ
واسألْ جدارَ البيتِ
هل نامتْ ظلالُ الخوفِ أم ما زالَ يحرسها البلاءْ؟
قل لي: لماذا كنتَ ترتادُ الدموعَ
كأنها بابٌ لجنّاتِ السماءِ؟
هل جرّبتَ أن تبكي على وجهِ الحقيقةِ
حينَ أطفأها العُريُّ العميقُ من الرجاءْ؟
أنا لا أطلبُ الرحمةْ
أنا أطلبُ موتاً نزيهاً
دونَ فأسِكَ أو دمائِكَ أو خطاباتِ الخُطباءْ
أنا لستُ أُسطورةً تُروى
ولا وهماً يُباعُ على الرصيفِ
أنا سؤالُ الأرضِ إن صمتتْ
ودمعُ الغيمِ إن نَسِيَ الدعاءْ
هبني جداراً أكتبُ التاريخَ فوقَ دماه
أو حفرةً تُنهي ارتباكي
واكتبْ نهايتي على ورقٍ خفيفٍ
مثلما تُكتبُ الوصايا للسُفَهاءْ
يا صانعَ الأوهامِ
جربْ أن تموتَ قليلاً مثلي
أن تسيرَ حافياً فوقَ الغيابِ
وتحتمي من نارِك الكبرى بماءْ
هل فيك ظلٌّ من نبيٍّ
أم شظايا من هباءْ؟
ما دمتَ تبحثُ عن خلاصكَ في مماتي
لن ترى شيئاً سوى وجهي
إذا ما لاحَ في الأفقِ البعيدِ
يغني للحياةِ
وللحياةِ… ملايينُ النداءْ.
الشاعرة سلمى حداد
قصيدة تمشي حافية على جمر الأسئلة
حين يصرخ الشعر لا بوصفه زخرفة لغوية بل بصفته اقتحامًا ميتافيزيقيًا لجوهر العدم نكون إزاء نصٍّ كقصيدة "حين لا يكون الموت كافياً"— قصيدة تتقدم إلينا كأفقٍ مجروح لا لتصف الألم بل لتعيد تشكيله من الداخل كما تُعاد صياغة النار في رمادها.
في هذا النص لا يُطرح الموت بصفته نهاية بل كاحتمال ناقص كخيانة للهاوية التي كان ينبغي لها أن تكون أعمق.
فالشاعرة لا تموت بل تنفي اكتمال الموت وكأن هذا العالم لا يستحق حتى نهاياته
كل بيت في القصيدة يقف كحافةٍ مسنّنةٍ لحقيقة أكبر: ليس الموت هو الخاتمة بل هو مجرد علامة ترقيم مشوشة في جملة لم تكتمل.
أنتروبولوجيا السؤال
"وإذا ظننتَ بأنّ موتي سوف يُنهي كلَّ أسئلتي
فاسألْ خطايَ المائلاتِ على العراءْ"
هنا لا يُقدَّم السؤال كأداة للمعرفة بل ككائن وجودي يتنفس من داخل الحطام.
الشاعرة لا تكتفي بتفكيك الموت بل تعيد اختراعه ككائن أعزل، عاجز عن تبرير معناه.
إن "خطايَ المائلاتِ" لا تسير إلى الأمام بل تميل، تترنح، تتهاوى— كأنها تترك أثرًا لا على الرمل بل على الفراغ.
جدل الظل والجدار
"واسألْ جدارَ البيتِ
هل نامتْ ظلالُ الخوفِ أم ما زالَ يحرسها البلاءْ؟"
الجدار هذه الأيقونة الساكنة لا يُستدعى ليحمي بل ليسأل البيت لم يعد مأوى بل مرآة للخوف المرسوم على ظلاله والظل هنا ليس مجازًا للغائب بل هو الحارس الحقيقي للرعب الماثل حتى في انكسارات الضوء.
الدمع بوصفه طقسًا وجوديًا
"هل جرّبتَ أن تبكي على وجهِ الحقيقةِ
حينَ أطفأها العُريُّ العميقُ من الرجاءْ؟"
هذا البكاء لا يُفهم بوصفه انفعالًا بل تمرينًا معرفيًا الشاعرة تقلب المشهد:
البكاء على "وجه الحقيقة" كأن الحقيقة كائن مجروح تُطفأ بالنظر الرجاء لم يعد خلاصًا بل انكشف كعُري آخر لا يستر سوى يأسه.
التمرد ضد البلاغة السلطوية
"أنا لا أطلبُ الرحمةْ
أنا أطلبُ موتاً نزيهاً
دونَ فأسِكَ أو دمائِكَ أو خطاباتِ الخُطباءْ"
القصيدة تعلن قطيعة أخلاقية مع آلة القتل المرتدية لأردية البلاغة- الخطاب الديني، السياسي، البطولي— كلها تفقد شرعيتها أمام طلب بسيط:
"موت نزيه" . النزاهة هنا ليست صفة للفضيلة بل لوسيلة الموت نفسها التي يجب أن تتحرر من أدوات العنف الفائض.
تفكيك البطولة والأسطورة
"أنا لستُ أُسطورةً تُروى
ولا وهماً يُباعُ على الرصيفِ
أنا سؤالُ الأرضِ إن صمتتْ"
في هذه اللحظة ترفض الشاعرة الأسطورة بوصفها شكلًا من أشكال المحو لا تريد أن تروى ولا أن تباع بل أن تبقى سؤالًا غير مُجاب مجردًا، موصولًا بالأرض لا بالخرافة.
مجاز الحفرة والتاريخ
"هبني جداراً أكتبُ التاريخَ فوقَ دماه
أو حفرةً تُنهي ارتباكي"
هنا الجدار يعود لكن لا كمساحة حماية بل كورقة يُكتب عليها "تاريخ الدم" أما الحفرة فهي ليست قبرًا بل صمتًا أخيرًا يُنهي التيه - الموت لا يُراد لأنه نهاية بل لأنه قطيعة ضرورية مع الزيف مع الخطاب مع الخطباء.
النداء المضاد
"جربْ أن تموتَ قليلاً مثلي
أن تسيرَ حافياً فوقَ الغيابِ"
تطالب الشاعرة قاتلها أو جلادها أو خصمها بأن يتورط في الغياب لم يعد يكفي أن تتأمل الألم من بعيد بل عليك أن تمشي فوقه حافيًا عاريًا من البلاغة.
الوجه- النداء
"لن ترى شيئاً سوى وجهي
إذا ما لاحَ في الأفقِ البعيدِ
يغني للحياةِ
وللحياةِ… ملايينُ النداءْ"
القصيدة لا تنتهي بموت البطل بل بظهوره الأخير لا كشهيد بل كوجهٍ يغني الحياة تُستعاد لا من باب الأمل بل من فوهة الألم ذاته النداء الأخير ليس خلاصًا فرديًا بل نشيد جماعي يتردد في "ملايين" من الحناجر المؤجلة.
"حين لا يكون الموت كافياً" ليست قصيدة عن الموت بل عن فشل الموت قصيدة تتحدث من فم الخديعة عن خديعة البطولات وخديعة الخطابة وخديعة الرموز التي لا تُنقذ أحدًا.
هذه قصيدة تخلع كل المجازات وتعيدها إلى خامتها الأولى كأنها تقول:
- ما عاد يكفينا الشعر نريد الحقيقة... عاريةً، داميةً وعادلة.
قصيدة تستحق أن تُقرأ لا كموقف بل كفلسفة لا كشكوى بل كمساءلة للزمن والتاريخ والجدران وكل الذين قرأوا الموت ولم يفهموه.
نضال الخليل



#سلمى_حداد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعال
- وطني ..يا ايها الصقر المحترق
- وصية شاعر
- انكسارك الأخير
- حين لا أدري لماذا
- نشيد لامرأة
- نبي الكلام
- الله اكبر
- انا بدء القصيدة
- أوتار الغيم
- الزبد المسكون
- حفيدة المطر
- سوادهم يكسر
- بالدمع يحاكيني
- وجهك نبوءتي
- فرات وبحر
- شاعر محتال
- انا زينب
- خذلان
- لانرتوي


المزيد.....




- مصر.. غرامة مشاركة -البلوغرز- في الأعمال الفنية تثير الجدل
- راغب علامة يسعى لاحتواء أزمة منعه من الغناء في مصر
- تهم بالاعتداءات الجنسية.. فنانة أميركية تكشف: طالبت بأن يُحق ...
- حمامات عكاشة.. تاريخ النوبة وأسرار الشفاء في ينابيع السودان ...
- مؤلَّف جديد يناقش عوائق الديمقراطية في القارة السمراء
- الأكاديمية المتوسطية للشباب تتوج أشغالها بـ-نداء أصيلة 2025- ...
- 5 منتجات تقنية موجودة فعلًا لكنها تبدو كأنها من أفلام الخيال ...
- مع استمرار الحرب في أوكرانيا... هل تكسر روسيا الجليد مع أورو ...
- فرقة موسيقية بريطانية تقود حملة تضامن مع الفنانين المناهضين ...
- مسرح تمارا السعدي يسلّط الضوء على أطفال الرعاية الاجتماعية ف ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلمى حداد - حين لايكون الموت كافيا .....مقاربه للأستاذ نضال الخليل