أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد بركات - المختار من الفتوحات المكية محيي الدين بن عربي (1)















المزيد.....

المختار من الفتوحات المكية محيي الدين بن عربي (1)


محمد بركات

الحوار المتمدن-العدد: 8401 - 2025 / 7 / 12 - 18:31
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


فإن المتأهب إذا لزم الخلوة والذكر وفرغ المحل من الفكر وقعد فقيرا لا شي ء له عند باب ربه حينئذ يمنحه الله تعالى ويعطيه من العلم به والأسرار الإلهية والمعارف الربانية التي أثنى الله سبحانه بها على عبده خضر.
فقال عَبْداً من عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً من عِنْدِنا وعَلَّمْناهُ من لَدُنَّا عِلْماً
وقال تعالى: واتَّقُوا الله ويُعَلِّمُكُمُ الله
وقال: إِنْ تَتَّقُوا الله يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً
وقال ويَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ به.
قيل للجنيد بما نلت ما نلت فقال بجلوسي تحت تلك الدرجة ثلاثين سنة
وقال أبو يزيد أخذتم علمكم ميتا عن ميت وأخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت.
فيحصل لصاحب الهمة في الخلوة مع الله وبه جلت هبته وعظمت منته من العلوم ما يغيب عندها كل متكلم على البسيطة بل كل صاحب نظر وبرهان ليست له هذه الحالة فإنها وراء النظر العقلي إذ كانت العلوم على ثلاث مراتب:
(علم العقل) وهو كل علم يحصل لك ضرورة أو عقيب نظر في دليل بشرط العثور على وجه ذلك الدليل وشبهه من جنسه في عالم الفكر الذي يجمع ويختص بهذا الفن من العلوم ولهذا يقولون في النظر منه صحيح ومنه فاسد.
(و العلم الثاني) علم الأحوال ولا سبيل إليها إلا بالذوق فلا يقدر عاقل على أن يحدها ولا يقيم على معرفتها دليلا كالعلم بحلاوة العسل ومرارة الصبر ولذة الجماع والعشق والوجد والشوق وما شاكل هذا النوع من العلوم فهذه علوم من المحال أن يعلمها أحد إلا بأن يتصف بها ويذوقها.
(و العلم الثالث) علوم الأسرار وهو العلم الذي فوق طور العقل وهو علم نفث روح القدس في الروع يختص به النبي والولي وهو نوعان نوع منه يدرك بالعقل كالعلم الأول من هذه الأقسام لكن هذا العالم به لم يحصل له عن نظر ولكن مرتبة هذا العلم أعطت هذا.
والنوع الآخر على ضربين ضرب منه يلتحق بالعلم الثاني لكن حاله أشرف والضرب الآخر من علوم الأخبار وهي التي بدخلها الصدق والكذب إلا أن يكون المخبر به قد ثبت صدقه عند المخبر وعصمته فيما يخبر به ويقوله كإخبار الأنبياء صلوات الله عليهم عن الله كإخبارهم بالجنة وما فيها.
ومثله من علوم العقل المدركة بالنظر فهذا الصنف الثالث الذي هو علم الأسرار العالم به يعلم العلوم كلها ويستغرقها وليس صاحب تلك العلوم كذلك فلا علم أشرف من هذا العلم المحيط الحاوي على جميع المعلومات وما بقي إلا أن يكون المخبر به صادقا عند السامعين له معصوما هذا شرطه عند العامة، وأما العاقل اللبيب الناصح نفسه فلا يرمي به ولكن يقول هذا جائز عندي أن يكون صدقا أو كذبا، وكذلك ينبغي لكل عاقل إذا أتاه بهذه العلوم غير المعصوم، وإن كان صادقا في نفس الأمر فيما أخبر به، ولكن كما لا يلزم هذا السامع له صدقه لا يلزمه تكذيبه ولكن يتوقف، وإن صدقه لم يضره لأنه أتى في خبره بما لا تحيله العقول بل بما تجوزه أو تقف عنده ولا يهد ركنا من أركان الشريعة ولا يبطل أصلا من أصولها فإذا أتى بأمر جوزه العقل وسكت عنه الشارع فلا ينبغي لنا أن نرده أصلا. ونحن مخيرون في قبوله فإن كانت حالة المخبر به تقتضي العدالة لم يضرنا قبوله كما نقبل شهادته ونحكم بها في الأموال والأرواح وإن كان غير عدل في علمنا فننظر فإن كان الذي أخبر به حقا بوجه ما عندنا من الوجوه المصححة قبلناه وإلا تركناه في باب الجائزات ولم نتكلم في قائله بشي ء فإنها شهادة مكتوبة نسأل عنها قال تعالى سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ ويُسْئَلُونَ وأنا أولى من نصح نفسه في ذلك ولو لم يأت هذا المخبر إلا بما جاء به المعصوم فهو حاك لنا ما عندنا من رواية عنه فلا فائدة زادها عندنا بخبره، وإنما يأتون رضي الله عنهم بأسرار وحكم من أسرار الشريعة مما هي خارجة عن قوة الفكر والكسب ولا تنال أبدا إلا بالمشاهدة والإلهام وما شاكل هذه الطرق ومن هنا تكون الفائدة
بقوله عليه السلام إن يكن في أمتي محدثون فمنهم عمر!
وقوله في أبي بكر في فضله بالسر غيره، ولو لم يقع الإنكار لهذه العلوم في الوجود
لم يفد قول أبي هريرة حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعائين فأما أحدهما فبثثته وأما الآخر فلو بثثته قطع مني هذا البلعوم.
ولم يفد قول ابن عباس حين قال في قول الله عز وجل (الله الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ ومن الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ) لو ذكرت تفسيره لرجمتموني وفي رواية لقلتم إني كافر.
فهؤلاء كلهم سادات أبرار فيما أحسب واشتهر عنهم قد عرفوا هذا العلم ورتبته ومنزلة أكثر العالم منه وإن الأكثر منكرون له. وينبغي للعاقل العارف أن لا يأخذ عليهم في إنكارهم فإنه في قصة موسى مع خضر مندوحة لهم وحجة للطائفتين وإن كان إنكار موسى عن نسيان لشرطه ولتعديل الله إياه وبهذه القصة عينها نحتج على المنكرين لكنه لا سبيل إلى خصامهم ولكن نقول كما قال العبد الصالح (هذا فِراقُ بَيْنِي وبَيْنِكَ).

ولا يحجبنك أيها الناظر في هذا الصنف من العلم الذي هو العلم النبوي الموروث منهم صلوات الله عليهم إذا وقفت على مسألة من مسائلهم قد ذكرها فيلسوف أو متكلم أو صاحب نظر في أي علم كان فتقول في هذا القائل الذي هو الصوفي المحقق إنه فيلسوف، لكون الفيلسوف ذكر تلك المسألة وقال بها واعتقدها وإنه نقلها منهم أو إنه لا دين له، فإن الفيلسوف قد قال بها ولا دين له، فلا تفعل يا أخي فهذا القول قول من لا تحصيل له إذ الفيلسوف ليس كل علمه باطلا فعسى تكون تلك المسألة فيما عنده من الحق ولا سيما إن وجدنا الرسول عليه السلام قد قال بها ولا سيما فيما وضعوه من الحكم والتبري من الشهوات ومكايد النفوس وما تنطوي عليه من سوء الضمائر فإن كنا لا نعرف الحقائق ينبغي لنا أن نثبت قول الفيلسوف في هذه المسألة المعينة وإنها حق فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قد قال بها أو الصاحب أو مالكا أو الشافعي أو سفيان الثوري. وأما قولك إن قلت سمعها من فيلسوف أو طالعها في كتبهم فإنك ربما تقع في الكذب والجهل، أما الكذب فقولك سمعها أو طالعها وأنت لم تشاهد ذلك منه، وأما الجهل فكونك لا تفرق بين الحق في تلك المسألة والباطل. وأما قولك إن الفيلسوف لا دين له فلا يدل كونه لا دين له على إن كل ما عنده باطل وهذا مدرك بأول العقل عند كل عاقل فقد خرجت باعتراضك على الصوفي في مثل هذه المسألة عن العلم والصدق والدين وانخرطت في سلك أهل الجهل والكذب والبهتان ونقص العقل والدين وفساد النظر والانحراف، أرأيت لو أتاك بها رؤيا رآها هل كنت إلا عابرها وتطلب على معانيها؟ فكذلك خذ ما أتاك به هذا الصوفي واهتد على نفسك قليلا وفرغ لما أتاك به محلك حتى يبرز لك معناها.
فكل علم إذا بسطته العبارة حسن وفهم معناه أو قارب وعذب عند السامع الفهم فهو علم العقل النظري لأنه تحت إدراكه ومما يستقل به لو نظر إلا علم الأسرار فإنه إذا أخذته العبارة سمج واعتاص على الأفهام دركه وخشن وربما مجته العقول الضعيفة المتعصبة التي لم تتوفر لتصريف حقيقتها التي جعل الله فيها من النظر والبحث، ولهذا صاحب العلم كثيرا ما يوصله إلى الأفهام بضرب الأمثلة والمخاطبات الشعرية.
وأما علوم الأحوال فمتوسطة بين علم الأسرار وعلم العقول. وأكثر ما يؤمن بعلم الأحوال أهل التجارب وهو إلى علم الأسرار أقرب منه إلى العلم النظري العقلي، لكن يقرب من صنف العلم العقلي الضروري بل هو هو لكن لما كانت العقول لا تتوصل إليه إلا بأخبار من علمه أو شاهده من نبي أو ولي، لذلك تميز عن الضروري، لكن هو ضروري عند من شاهده. ثم لتعلم أنه إذا حسن عندك وقبلته وآمنت به فأبشر إنك على كشف منه ضرورة وأنت لا تدري لا سبيل إلا هذا إذ لا يثلج الصدر إلا بما يقطع بصحته وليس للعقل هنا مدخل لأنه ليس من دركه إلا إن أتى بذلك معصوم حينئذ يثلج صدر العاقل وأما غير المعصوم فلا يلتذ بكلامه إلا صاحب ذوق



#محمد_بركات (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما هي العبادة المظلمة التي لا يبالي الله بها
- روض الرياحين من حكايات الصالحين (1)
- تعلم فن الكتابة (1)
- التفسير الصوفي الفلسفي للقرآن الكريم (6)
- التفسير الصوفي الفلسفي للقرآن الكريم (5)
- التفسير الصوفي الفلسفي للقرآن الكريم (4)
- التفسير الصوفي الفلسفي للقرآن الكريم (3)
- التفسير الصوفي الفلسفي للقرآن الكريم (2)
- التفسير الصوفي الفلسفي للقرآن الكريم (1)
- المختار من كتاب (علم الأديان) للدكتور خزعل الماجدي (5)
- المختار من كتاب (علم الأديان) للسيد خزعل الماجدي (4)
- المختار من كتاب (علم الأديان) للسيد خزعل الماجدي (3)
- المختار من كتاب (علم الأديان) للسيد خزعل الماجدي (2)
- المختار من كتاب (علم الأديان) للسيد خزعل الماجدي (1)
- المختار من كتاب (القصص القرآني ومتوازياته التوراتية) للسيد ف ...
- المختار من كتاب (القصص القرآني ومتوازياته التوراتية) للسيد ف ...
- المختار من كتاب (مغامرة العقل الأولى) للسيد فراس السواح (6)
- المختار من كتاب (مغامرة العقل الأولى) للسيد فراس السواح (5)
- المختار من كتاب (مغامرة العقل الأولى) للسيد فراس السواح (4)
- المختار من كتاب (مغامرة العقل الأولى) للسيد فراس السواح (3)


المزيد.....




- نيجيريا تدين 44 عنصرا من بوكو حرام بتهمة تمويل الإرهاب
- خلال زيارته لبلدة الطيبة والاطلاع على اعتداءات المستوطنين د ...
- TOYOUR EL-JANAH KIDES TV .. تردد قناة طيور الجنة بيبي على نا ...
- 400 عالم يؤيدون فتوى تصنيف من يُهددون المرجعية، بالحرابة
- بروجردي.. إيران الإسلامية ستتحول لواحدة من القوى الكبرى في ا ...
- الاحتلال الإسرائيلي يعتقل عرفات نجيب أحد حراس المسجد الأقصى ...
- الاحتلال يعتقل أحد حراس المسجد الأقصى
- إيهود أولمرت: اليهود يقتلون الفلسطينيين يوميا بالضفة
- -المسجد الإبراهيمي بين عراقة التاريخ وتحديات التهويد- انتصا ...
- “متعة جنونية” تردد قناة طيور الجنة الجديد على القمر الصناعي ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد بركات - المختار من الفتوحات المكية محيي الدين بن عربي (1)