أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد بركات - التفسير الصوفي الفلسفي للقرآن الكريم (3)















المزيد.....


التفسير الصوفي الفلسفي للقرآن الكريم (3)


محمد بركات

الحوار المتمدن-العدد: 8333 - 2025 / 5 / 5 - 20:17
المحور: الادب والفن
    


183 ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183))
[البقرة : 183]
الصيام حبس الحواس الظاهرة والباطنة في وقت معلوم من أيام معدودات لصرف النظر إلى من العالم الخارجي إلى العالم الباطني ، ومشكلة القلب تعلقه بعالم العيان حتى إنه ينسى عالم العين ، فيأكل العيان ، والصوم وحده هو الذي يرد الشاة الضالة إلى القطيع ، وكل صوم لا يؤتي أكله من النظر في داخل الذات فصاحبه ليس بصائم ، ولهذا قال عليه‌السلام : (كم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش).
184 ـ (أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (184))
185 ـ (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185))
[البقرة : 185]
رمضان اسم من أسماء الله ، وهو أكثرها خصوصية ، فأول تعين للروح كان في هذا الشهر ، فهو في عالم الروح بدء الزمان وسيرورته ، ولقد أنزل القرآن في رمضان ، والقرآن الصحف الجامعة للعلوم الطالبة للفرقان والتبيين ، وشهود رمضان شهود الحق سبحانه ، كما قال صلى‌الله‌عليه‌ وآله وسلم في ربه : (نور إني أراه) ، فالصيام صوم الحواس في الخلوة كي تتحقق الجلوة.
186 ـ (وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186))
[البقرة : 186]
القرب التجلي الإلهي للعبد في الخلوة ، وصاحب الخلوة يسأل أين الله ، فإذا المنادِي صوت الأنا ، وإذا المنادَى صوت الأنا أيضا ولكنها الأنا الكلية أو الأنا الخالصة المطلقة ، فالقرب هنا قرب حقيقي ، لأنه قرب ذاتي ، وليس بعد هذا القرب إلا الفناء في الأنا الكبرى.
187 ـ (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ وَعَفا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا ما كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلا تَقْرَبُوها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (187))
[البقرة : 187]
الرفث إلى النساء إشارة إلى صلة الاسم بالعالم الخارجي ، إذ الأنوثة محل الانفعال كما هو الحال في النكاح ، واللباس الشروع في لبس العالم الخارجي المادي لأنه أداة للنفس ووسبيلها إلى التعيين والظهور ، والخيط الأبيض والخيط الأسود العالم الجواني والعالم البراني ، ولدى الوصول إلى هذا التفريق بين العالمين ، وسمي بمصطلح الصوفية البرزخ ، فإن على العبد أن يصوم ، أي أن يكف عن الالتفات إلى عالم الحس لأنه يكون عند ذاك ووقت ذاك في حضرة الروح ، ويظل الصائم صائما إلى الليل ، أي إلى حين طي سماء الروح بعد طي الأرض ، فهذا مدخل إلى الحضرة حيث المعرفة والعرفان.
195 ـ (وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195))
[البقرة : 195]
الإلقاء إلى التهلكة الاستسلام لطغيان الحواس ، وأعقب هذا قوله وأحسنوا ، فمن اتقى ربه ، ولم يستسلم لطغيان حواسه ، وصل مقام الإحسان الذي هو رؤية الله ، أو كالرؤية ، كما قال صلى‌الله‌عليه‌ وآله وسلم : (الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإنك إن لم تره فإنه يراك).
196 ـ (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (196))
[البقرة : 196]
الحج والعمرة القصد والسفر إلى الله تعالى ، والحصر يكون من قبل العدو ، فيكون المعنى الحيلولة بين المرء وقلبه وهو عدوان الحواس ، والمداواة تكون بذبح النفس ، أي التضحية بها ، أي تجاوز الأنا الجزئية إلى الأنا الخالصة ، أما إذا اشتكى صاحب الأنا رأسه ، أي حال بينه وبين التضحية بأنانيته حائل ، فإنه يعوض عن التضحية بالصوم أو الصدقة أو النسك ، والثلاثة أسباب لإتمام التضحية بالنفس عن طريق متابعة المعراج إلى سموات المعقولات وصولا إلى كعبة الذات ، وصوم ثلاثة أيام في الحج ، وسبعة أيام بعده ، والمجموع عشرة أيام ، هذا الصوم يكون بمثابة صوم حاسة من حواس الجسم التي مجموعها عشرة ، الظاهرة والباطنة ، وهذه الحواس جسور النفس إلى عالم المحسوسات ، فلا غنى عنها ، وهي مطية إن صلحت ، وبلاء إذا طغت.
208 ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (208))
[البقرة : 208]
الدخول في السلم التحقق بسر الأسماء المزدوجة ، وهذا لا يتم إلا بالعلم ، والمحجوبون محجوبون بشق اسم دون الشق الثاني ، فكونه سبحانه الضار النافع يعني التوحيد وإتمام التسليم لله صاحب القبضة ، والوقوف مع شطر الاسم النافع دون التحقق بشطره الآخر هو الذي يحجب الإنسان عن الله ، فيكون أسير قرينه.
209 ـ (فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْكُمُ الْبَيِّناتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (209))
[البقرة : 209]
الزلل الخطأ ، والأمر تم لحكمة ، إذ لا يخرج سبحانه عليه شيء ، ولقد ربط الحق بين الزلل وكونه عزيزا حكيما ، فوردت صفة الحكمة التي هي هبة من الله لعبده ، ولا تحقق من غير زلل ، إذ في الخروج عودة إلى الدخول ، ولا صعود إلا بعد هبوط ، وبين هذا وذاك تكمن بذور الحكمة ، إذ لم يولد الحكيم من بطن أمه حكيما.
212 ـ (زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَياةُ الدُّنْيا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَاللهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ (212))
[البقرة : 212]
مد العينين إلى الدنيا من الزينة المهلكة ، والسخرية ممن مد عينيه إلى الآخرة نتيجة لمن اكتفى بالدنيا دون الآخرة ، والمتقون فوق المحجوبين لأنهم نصبوا جسورا بين المحسوسات والمعقولات ، فإذا جاء يوم القيامة انكشف الأمر فدك جبل العالم الحسي ، وبقيت حقائق المعقولات ، وهذه النتيجة هي الرزق الإلهي لذوي القلوب المؤهلة لاستقبال الأنوار.
214 ـ (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ (214))
[البقرة : 214]
اشترط سبحانه للوصول إلى الجنة أن يمس الإنسان البأساء والضراء ، والمس سببه انشطار الأسماء نفسها بعد خروجها من كونها بالقوة إلى كونها بالفعل ، فلا بد من الكد والكدح وتحمل الأذى من أجل إتمام فرز الأسماء التي لا تفرز إلا بالجهاد ، ومن جاهد آل أمره إلى النصر ، لأن المعركة كلها هي بالله ولله وفي الله وإلى الله ، والله حاضر قريب ناصر سميع مجيب.
216 ـ (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (216))
[البقرة : 216]
شاءت المشيئة الإلهية أن يكون عبور الإنسان إلى بحر النور عبر الديجور ، فلا بد من ورود جهنم كما جاء في موضع آخر من الكتاب ، والإنسان بفطرته يطلب السّلام ويكره القتال ، فبين فطرته وما شاء الله هوة ظاهرها شر وباطنها الخير ، والله بما شاء وكتب على الإنسان عليم.
219 ـ (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (219))
[البقرة : 219]
الخمر والميسر من الحجب الصادة عن سبيل الله ، فالخمر تعطل قوى الفكر ، وتبلبل الإنسان ، وتجعله أعمى عن رؤية سبيله ، والميسر يهيج قوة الغضب ، فتزداد بالتالي حجب الأنا كثافة ، لأن شعار المقامر الأنا والدفاع عنها ضد الآخر ، ولا يكون المقامر مقامرا إذا كف عن الدفاع عن أناه ، ونظر إلى خصمه نظرة حبية.
220 ـ (فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شاءَ اللهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (220))
[البقرة : 220]
اليتامى هم أبناء السبيل الذين يمدون أعينهم إلى الآخرة منتظرين رحمة الله ، ووجه اليتم كون القلب محجوبا بالشهوات ، فلا تصل إليه رحمة الروح والنفس الكلية ، فالروح الأب ، والنفس الأم ، وإصلاح اليتامى خرق حجاب الشهوة لتنفتح كوى الروح والنفس الكلية.
224 ـ (وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (224))
[البقرة : 224]
حذر سبحانه من القسم به على الطالع والنازل لئلا يهون القسم ، وفي الأمر لطيفة ، ذلك أن القوابل في كرها وفرها تتنازع وتتصارع صراع الوحوش ... والقسم بالله في كل مناسبة ، أو بغير

مناسبة ، يعني إنزال رتبة القسم الإلهي إلى مرتبة الأحداث اليومية المتقلبة ، وهذا لا يليق بالرتبة الإلهية.
225 ـ (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (225))
[البقرة : 225]
كسب القلب الصفة التي يكسبها بعد خوض معركة الجهاد ، ففي كل مجاهدة يتم فرز صفة ، وتفتيق لها ، ويكتسب القلب ما جاهد من أجله.
228 ، 229 ـ (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (228) الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاَّ أَنْ يَخافا أَلاَّ يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلا تَعْتَدُوها وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229))
[البقرة : 228 ، 229]
المطلقات إشارة إلى أصحاب النفوس الجزئية من بعد ما بعد بينهم وبين الروح الفاعل ، والقرء الحيض ، والإشارة إلى الروح الحيواني المحرك للحواس الظاهرة ومعها الشهوة والغضب.
وعدم كتم ما خلق الله في الرحم إشارة إلى دعوة الحق صاحب الفتح إلى نشر علومه ، إذ الرحم هنا رحم الطبيعة ، وهي كناية عما يجعل الله في هذه الرحم من علم مطوي قابل للنشر ، إذ الطبيعة كلها محل لانتشار العلم الإلهي ، ولطيفة كون الخطاب موجها إلى الإناث الأزواج كون القلب محل الانفعال بالنسبة إلى صاحب الفعل وهو الروح ، ولهذا فضل سبحانه الرجال على النساء ، وجعل لهم عليهن درجة ، ومن هذه الرؤية فإن كل مخلوق هو رحم يضع الله فيها أو فيه علومه.
232 ـ (وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ إِذا تَراضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكُمْ أَزْكى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (232))
[البقرة : 232]
الزواج بين شقي القلب ضروري للإنتاج العلمي ، وبعد انجذاب القلب إلى حضرة الروح ، وفصله عن النفس ، يكون قد أتم الغاية من السفر القلبي ، وحصل المطلوب ، والعودة بعد ذلك إلى عالم الحس ضرورة ، لأن القلب مخلوق أصلا لإعمار هذا العالم ، وعودة القلب إلى النفس عودة سلام ، ولا خطر على القلب من خاطر النفس بعد ذلك ، لأنه يكون قد علم الغاية من وجود هذا الخاطر.
234 ـ (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (234))
[البقرة : 234]
تربص الأرامل بأنفسهن ما يحمله القلب من آثار الإشراقات الروحية بعد الاتصال بالروح الكلي الذي هو روح القلب ، والتربص ضروري لظهور الحمل بعد التلقيح النفثي ، والعارف الواصل بحاجة إلى هذه المدة كي يسفر حمله ويظهر ، بعد أن يكون قد عاش تجربة الذوق العظمى التي لا تبقي ولا تذر.
238 ، 239 ـ (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ (238) فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً فَإِذا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَما عَلَّمَكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (239))
[البقرة : 238 ، 239]
الصلاة الوسطى القلب عند استوائه كاملا ليلة بدر التمام ، فعندئذ يكون توجهه نحو الشمس بكليته فيكون ضوؤه تاما ، ويكون مرآة يأخذ من شمس الذات ، وينير أرض البدن ، ويأخذ من البدن باعتباره الحاجة إليه لينيره.
243 ، 244 ـ (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ (243) وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (244))
[البقرة : 243 ، 244]
الألوف المؤلفة أصحاب النفوس الجزئية الخارجون من بحر الذر الكلي ، والذين خافوا الموت ، فقال لهم الله موتوا ، فأماتهم الموت الطبيعي ، وذلك بأن يروا ويتحققوا أنهم ميتون لقيام أمرهم بالحق لا بهم ، وقيام نفوسهم بالروح لا بنفوسهم ، فلما علموا هذا أحياهم بالعلم ، وحياتهم التحقق بجلية الأمر ، وكون الحق الفاعل والوارث.
246 ـ (أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى إِذْ قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ قالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ أَلاَّ تُقاتِلُوا قالُوا وَما لَنا أَلاَّ نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَقَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا وَأَبْنائِنا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ تَوَلَّوْا إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (246))
[البقرة : 246]
شدد الحق على بني إسرائيل في وجوب القتال ، وكنا قد قلنا إن بني إسرائيل هم الذين أهبطوا إلى عالم العناصر والمحسوسات ، إذ أصل اسم إسرائيل هو يعقوب ، وهو من سرى ليلا ، لأن يعقوب كان يختبئ من أخيه عيص نهارا ويفر ليلا ، والليل ليل المادة ، أو ما سماه سبحانه : (أسفل سافلين) ، والقتال هنا ضروري للخلاص من شرك العالم السفلي ، ولا نجاة منه بغير قتال.
جالوت رمز قوى العالم المادي الذي أشير إليه في حديث أشراط الساعة بأنه الأعور الدجال ، فللعالم الظاهري سلطان على الذين آمنوا به واستراحوا فيه ، ومن طغاه هذا العالم قتله ، والذين يؤمنون بالحواس دون الروح يخافون مواجهة طغيان الحواس وآثارها في حين أن المؤمنين لا يهابون هذه المواجهة.
250 ـ (وَلَمَّا بَرَزُوا لِجالُوتَ وَجُنُودِهِ قالُوا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (250))
[البقرة : 250]
إفراغ الصبر وتثبيت الأقدام ما يسأله القلب الله تعالى عند المواجهة ، فإذا انفتح قمقم الشهوات انطلق منها المارد ذو البطش ، ولم يعد للقلب سلطان على هذا السلطان.
251 ، 252 ـ (فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللهِ وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ وَآتاهُ اللهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ ولولادَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ (251) تِلْكَ آياتُ اللهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (252))
[البقرة : 251 ، 252]
في الآية إشارة إلى النصر الذي يحققه القلب المؤيد بالروح على الشهوات ، والذي يفضي

بصاحبه إلى الملك ، الذي هو سيطرة القلب على حواسه وقواه ، ومدخل هذا النصر انفتاح باب العلوم الإلهية المركوزة في القلب أصلا ، ولقد اشترط الحق تحقيق النصر بالمواجهة ، وجعل الجهاد ضريبة ولما كان الملك كله لله ، وما يقع في العالمين يقع بمشيئته وإرادته وعلمه كان ما يقع تحقيقا لقصد إلهي هو دفع الفساد عن الأرض ، فلحكمة أقام سبحانه بناء الوجود على قطبين هما الموجب والسالب ، أو الخير والشر.
253 ـ (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ وَلكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلكِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ (253))
[البقرة : 253]
تفضيل الرسل على بعضهم بعضا ظهور الله فيهم ، فمنهم من ظهر فيه بالذات ، ومنهم بالصفة ، ومنهم بالاسم ، ومنهم بالفعل ، ولقد أوتي عيسى عليه‌السلام روح القدس ، أي خص بالتأييد النفثي ، فكان كلمة باطنها الروح الفعال ، وظاهرها الأنا ، وأيد الروح عيسى بالبينات كشفاء الأكمه وإحياء الموتى وإخبار الناس بما يأكلون في بيوتهم ويدخرون.



#محمد_بركات (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التفسير الصوفي الفلسفي للقرآن الكريم (2)
- التفسير الصوفي الفلسفي للقرآن الكريم (1)
- المختار من كتاب (علم الأديان) للدكتور خزعل الماجدي (5)
- المختار من كتاب (علم الأديان) للسيد خزعل الماجدي (4)
- المختار من كتاب (علم الأديان) للسيد خزعل الماجدي (3)
- المختار من كتاب (علم الأديان) للسيد خزعل الماجدي (2)
- المختار من كتاب (علم الأديان) للسيد خزعل الماجدي (1)
- المختار من كتاب (القصص القرآني ومتوازياته التوراتية) للسيد ف ...
- المختار من كتاب (القصص القرآني ومتوازياته التوراتية) للسيد ف ...
- المختار من كتاب (مغامرة العقل الأولى) للسيد فراس السواح (6)
- المختار من كتاب (مغامرة العقل الأولى) للسيد فراس السواح (5)
- المختار من كتاب (مغامرة العقل الأولى) للسيد فراس السواح (4)
- المختار من كتاب (مغامرة العقل الأولى) للسيد فراس السواح (3)
- المختار من كتاب (مغامرة العقل الأولى) للسيد فراس السواح (2)
- المختار من كتاب (مغامرة العقل الأولى) للسيد فراس السواح (1)
- محادثات مع الله - الجزء الثالث (52) نيل دونالد والش
- الفلسفة أنواعها ومشكلاتها (5)
- الفلسفة أنواعها ومشكلاتها (4)
- الفلسفة أنواعها ومشكلاتها (3)
- الفلسفة أنواعها ومشكلاتها (2)


المزيد.....




- أدّى أدوارًا مسرحية لا تُنسى.. وفاة الفنان المصري نعيم عيسى ...
- في عام 1859 أعلن رجل من جنوب أفريقيا نفسه إمبراطورا للولايات ...
- من النجومية إلى المحاكمة... مغني الراب -ديدي- يحاكم أمام الق ...
- انطلاق محاكمة ديدي كومز في قضية الاتجار بالجنس
- ترامب يقول إن هوليوود -تحتضر- ويفرض رسوما بنسبة 100% على الأ ...
- حرب ترامب التجارية تطال السينما ويهدد بفرض الرسوم على الأفلا ...
- وفاة الفنان المصري نعيم عيسى بعد صراع مع المرض
- باللغة السواحيلية.. صدور قصص عن الحرب الوطنية العظمى للكتّاب ...
- ترامب يأمر بفرض رسوم جمركية بنسبة 100? على الأفلام الأجنبية. ...
- ثقافات روسيا القومية


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد بركات - التفسير الصوفي الفلسفي للقرآن الكريم (3)