محمد بركات
الحوار المتمدن-العدد: 8395 - 2025 / 7 / 6 - 22:14
المحور:
الادب والفن
فمنها ما سمعت من الشيخ رضي الله عنه يقول: كان بعض من أراد الله رحمته في الماضين يحب الصالحين، فألقى الله في قلبه أن خرج من ماله فباعه وجمع ثمنه، فذهب به لبعض من شهر عنه الصلاح وكانت تقصده الوفود من النواحي، فذهب إليه هذا المرحوم بجملة ماله حتى بلغ بلده، فسأل عن داره فدل عليها، فدق الباب فخرج الخادم فقال: ما اسمك؟ فقال: عبد العلي. وكان الشيخ المشهور بالولاية من العصاة المسرفين على نفوسهم، وكان له نديم يتعاطى معه الشراب وغيره اسمه عبد العلي، فوافق اسمه اسم هذا المرحوم، فذهبت الجارية فقالت للشيخ: اسم هذا الذي دق الباب عبد العلي. فقال وظن أنه نديمه: ائذني له. فدخل على الشيخ فوجد الشراب بين يديه وامرأة فاجرة معه، ورزقه الله تعالى الغفلة عن ذلك كله، فتقدم إليه فقال: يا سيدي سمعت بك من بلادي، وجئتك قاصدا لتدلني على الله عز وجل، وهذا مالي أتيتك به لله تعالى. فقال له الشيخ: يتقبل الله منكم. ثم أمر الجارية أن تدفع له رغيفا فأخذه، وأعطاه الفأس وأمره بالخدمة في بستاه للشيخ عينه له. فذهب ذلك المرحوم من ساعته، ونفسه مطمئنة وقلبه مسرور بقبول الشيخ له. فذهب فرحا للخدمة، وقد لقي نصبا من سفره للشيخ، وما استراح حتى بلغ البستان وجعل يخدم بفرح وسرور ونشاط نفس. فكان من قدر الله عز وجل وحسن جميله بذلك المرحوم أن صادف مجيئه للشيخ الكذاب المسرف وفاة رجل من أكابر العارفين، وكان من أهل الديوان، فحضر وفاته الغوث والأقطاب السبعة، فقالوا له: يا سيدي فلان، كم مرة ونحن نقول لك اهبط إلى مدينة من مدن الإسلام، فعسى أن تلقى من يرثك في سرك ولم تساعدنا، فالآن حانت وفاتك فيضيع سرك وتبقى بلا وارث. فقال لهم: يا سادتي قد ساق الله إليَّ من يرثني وأنا في موضعي.
فقالوا له: ومن هو؟ فقال: عبد العلي الذي وفد على فلان المبطل، فانظروا إلى حسن سريرته مع الله عز وجل، وإلى تمام صدقه، ورسوخ خاطره، ونفوذ عزمه، وصلابة جزمه، فإنه رأى ما رأى ولم يتزلزل له خاطر ولا تحرك له وسواس، فهل سمعتم بمثل هذا الصفاء الذي في ذاته، أفتوافقون على إرثه؟ فقالوا: نعم. فخرجت روح الولي، واتصل سيدي عبد العلي بالسر، وأثابه الله عز وجل على حسن نيته، فوقع له الفتح، وعلم من أين جاءته الرحمة، وأن الشيخ الذي وفد عليه مسرف كذاب، وأن الله تعالى رحمه بسبب نيته لا غير.
#محمد_بركات (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟