أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - داود السلمان - التطبيع هل سيحل أزمة الشرق الأوسط؟














المزيد.....

التطبيع هل سيحل أزمة الشرق الأوسط؟


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 8401 - 2025 / 7 / 12 - 10:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في كل مرة نسمع تصريحات من هنا وهناك تُروّج لفكرة أن التطبيع مع إسرائيل هو مفتاح حل أزمات العالم العربي والإسلامي، وهنا، يتبادر إلى الذهن سؤال جوهري: هل فعلاً يمكن لاتفاقات سياسية، مهما كانت، أن تُنهي عقودًا من التراجع، والانقسام، والضعف البنيوي في مجتمعات تعاني من أزمات عميقة الجذور؟؛ والإجابة التي يفرضها الواقع والمنطق، وتحليلات بعض المحللين السياسيين هي: كلا، التطبيع وحده لن يحل مشاكل العالم العربي والإسلامي، لأنه ببساطة لا يتعامل مع جذورها الحقيقية.
في تصريح ناري، متلفز، لأحد السياسيين العراقيين قال: إنّ التطبيع وارد للعراق، وأنه "سيبدأ من النجف" (معقل الشيعة) هذا التصريح وحده يحتاج إلى تحليل خاص.
الامارات حين طبعّت اصبحت دولة استراتيجية، وصرح كبير يشار إليه بالبنان، فضلا عن البناء والاعمار الذي لم تشهد في دولة عربية أخرى. هذا أيضا كلام نسمعه من هنا وهناك.
المهم ما في الموضوع، أزمات العالم العربي لا تبدأ من فلسطين، ولا تنتهي بإسرائيل. فالمشكلة الأكبر تكمن في غياب الحريات، وتفكك الدولة المدنية، وضعف أنظمة التعليم، وتهميش الشعوب، وغياب التنمية المستدامة، وانتشار الفساد في معظم هذه الدول، أن لم نقل كُلها. هذه تحديات داخلية لا تُحل بعلاقات خارجية، سواء مع إسرائيل أو غيرها. التطبيع ليس عصا سحرية تنهي البطالة أو تنقذ الاقتصاد أو تصلح التعليم أو تبني دولة القانون، وتنهي الفساد المستشري في هذه الدول.
ثم إن العلاقة مع إسرائيل – كما تُطرح اليوم في بعض الدول – لا تأتي على أساس شراكة عادلة أو رؤية استراتيجية تُنهي الاحتلال وتمنح الفلسطينيين حقوقهم، بل تُبنى على تحالفات أمنية ومصالح ضيقة تهدف غالبًا إلى تعزيز سلطات محلية لا إلى تمكين الشعوب. وهذا ما يجعل الكثير من المواطنين العرب ينظرون إلى هذه الخطوات بريبة، بل وبغضب، لأنهم يرون أن القضية الفلسطينية ما تزال مفتوحة: الاحتلال مستمر، والاستيطان يتوسع، وقطاع غزة محاصر، والقدس تُهوَّد، واللاجئون بلا أفق، وقضية الحرب بين اسرائيل وايران لم تنته بعد، إلى ساعة كتابة هذا المقال، وهي بحد ذاتها ازمة كبيرة.
أما الرأي القائل بأن التطبيع يجلب التكنولوجيا والتعاون الاقتصادي والتقدم، فهو قول يُخفي نصف الحقيقة. نعم، قد تنشأ مشاريع مشتركة هنا وهناك، لكن هل هذه المشاريع تنعكس فعلاً على حياة المواطن البسيط؟، هل هي متاحة للجميع؟ هل تعزز الاستقلال الوطني أم تعمّق التبعية؟ في أغلب الحالات، تُخدم بها فئة ضيقة من المتنفذين، دون أن تُحدث تغييرًا جوهريًا في بنية الاقتصاد أو العدالة الاجتماعية، بل وحتى الحرية، وقبول الرأي الآخر.
وفي السياق الثقافي، - وهذا هو الأهم من وجهة نظري الشخصية - لا يمكن تجاهل أن الشعوب ما تزال تنظر إلى إسرائيل بوصفها قوة احتلال، لا شريكًا طبيعيًا. ما دام الفلسطينيون محرومين من دولتهم، وما دامت السياسة الإسرائيلية قائمة على التمييز والقوة، فإن أي تطبيع يُنظر إليه شعبيًا كخيانة أو استسلام، لا كسلام حقيقي، يعبّر عن واقع.
بالتالي، فإن الحديث عن التطبيع كحل شامل لأزماتنا هو تبسيط مضلل. لا يمكن لسلام لا يقوم على العدالة أن يُثمر استقرارًا دائمًا، ولا يمكن لعلاقات فوقية تتجاوز الشعوب أن تُبنى على الثقة أو الاحترام المتبادل. التحدي الحقيقي أمام العالم العربي والإسلامي ليس في من نُصادق أو نُعادي، بل في من نكون: هل نملك مشروعًا داخليًا يعالج جراحنا، يبني إنساننا، ويستعيد مكانتنا في العالم؟ أم نكتفي بتصدير الأوهام وتدوير الأزمة؟. المشكلة ما تزال بعض شعوبنا غارقة بالجهل، وغاطسة بمياه التخلف الآسنة، وهناك من يغذي الجهل والتخلف شعوبنا هذه، بهدف السيطرة والهيمنة التامة.
وأخيرا نقول: إذا لم يُبنَ السلام على أسس حقيقية، تُراعي الكرامة والحقوق، فإنه سيبقى قشرة هشة، لا تصمد أمام أول اختبار.



#داود_السلمان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تزوير التاريخ وتزييف الحقائق
- مَن هم القرآنيون؟
- التديّن المذهبي ضد الإسلام المُحمديّ
- لماذا تأخرنا وتقدّم غيرنا؟
- خطورة الجماعات الإسلامية: تهديد مستمر للسلم المجتمعي
- نظام الحكم في الاسلام: ثلاث نظريات
- من قداسة النص إلى عصمة الفقيه: سيرة الاستيلاء على الدين
- الفساد في العراق.. بنية مستدامة لا مجرد خلل طارئ
- الاسلام السياسي: صعود الايديولوجيا الدينية
- مزايا الانكسار في نص (لا تقتلوا الأحلام) للشاعرة اللبنانية س ...
- الأخلاق بين كانت وماركس: صراع المبادئ والمادة
- المشكلة ليست في الدين انما في رجال الدين
- الإرهاصات الدامية في قضية (حسبي من الشعر الشهيّ) للشاعر وليد ...
- البُعد العاطفي والنفسي في قصيدة (أوراق مُعادن) للشاعر علي ال ...
- الأسى وسطوة الفقد في نص (قشعريرة نبض) للشاعرة سوسن يحيى
- الذات والهوية في نص (ليسَ غريباً عني) للشاعرة رجاء الغانمي
- المُسحة الجمالية في (ارهاصات أنثى) للشاعرة ورود الدليمي
- الاغتراب النفسي في أغنية (مرينة بيكم حمد) للكبير ياس خضر
- رواية العمى: فلسفة انهيار المبادئ والقيّم
- الترابط والموضوعية في مجموعة (تاتو) للقاصة تماضر كريم


المزيد.....




- طائرة مسيّرة تطيح بـ4 مراهقين ركبوا سطح قطار متحرك في مغامرة ...
- القوات الحكومية السورية تنتشر في مدينة السويداء عقب اشتباكات ...
- اكتشاف 1500 رتيلاء مهربة من فيتنام إلى ألمانيا داخل طرود بسك ...
- تريد صحة أفضل؟ إليك ما يحدث لجسمك عند تناول بذور اليقطين يوم ...
- انسحابات جديدة... حكومة نتنياهو على شفير الانهيار؟
- اليابان تحذر من تصاعد الأنشطة العسكرية الصينية وتعتبرها -تهد ...
- المعارضة الإسرائيلية تتهم نتنياهو بـ-بيع الجنود للبقاء في ال ...
- بالفيديو.. مستوطنون يحرقون مخزنا للسيارات شرق رام الله
- أحزاب دينية تعلن انسحابها من الحكومة الإسرائيلية
- -تم تضليلي-.. نتنياهو يرد على اتهامه بـ-إخفاقات 7 أكتوبر-


المزيد.....

- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي
- مغامرات منهاوزن / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - داود السلمان - التطبيع هل سيحل أزمة الشرق الأوسط؟