أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ابو يوسف الغريب - إيران بين الدولة والثورة: ضريبة التاريخ والموقف














المزيد.....

إيران بين الدولة والثورة: ضريبة التاريخ والموقف


ابو يوسف الغريب
كاتب وشاعر

(Zuhair Al Shaibani)


الحوار المتمدن-العدد: 8391 - 2025 / 7 / 2 - 15:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بقلم: أبو يوسف الغريب

إيران اليوم تجد نفسها عالقة بين حسابات الدولة وميراث الثورة، تدفع ثمن قرارات سياسية متراكمة منذ عام 1979، حين نجحت الثورة الإسلامية بقيادة الإمام الخميني في إسقاط نظام الشاه. ومنذ ذلك الحين، لم تكتفِ إيران بإعادة تشكيل نظامها الداخلي، بل سعت لتصدير نموذجها الثوري إلى الخارج، أملاً في إلهام أو تغيير الأنظمة والمجتمعات المحيطة بها، تحت شعار نصرة المستضعفين وتوحيد الأمة.

لكن هذا المشروع اصطدم بعقبات كثيرة، ليس أقلها الحساسيات المذهبية والتاريخية التي لم يكن من السهل تجاوزها. فقد اتُّهمت الثورة بأنها تعتمد خطابًا مذهبيًا حادًا، حتى وإن غلفته بشعارات إسلامية عامة. هذه الهوية العقائدية الخاصة لم تكن مقبولة في أوساط واسعة من المحيط العربي والإسلامي، الذي تشكّل وعيه الديني عبر قرون من الفقه والتفسير السني، على يد علماء كابن تيمية ومن سبقه.

منذ اللحظات الأولى، أظهرت الثورة الإيرانية رغبة واضحة في تجاوز حدودها الجغرافية، ما أثار مخاوف عميقة لدى جيرانها، خاصة أولئك الذين يختلفون معها مذهبيًا أو قوميًا. ومع مرور الوقت، تعمّقت هذه المخاوف مع كل حدث أو خطاب أو تدخل سياسي، ولم تُقدِّر القيادات الإيرانية المتعاقبة عمق التوتر التاريخي الطائفي الذي لم يُحلّ، بل كُرّس عبر كتب وفقه ومجلدات وفتاوى لا تزال تؤجج الكراهية المتبادلة حتى يومنا هذا.

وفي خضم هذا المشهد، لم يكن من السهل على إيران أن تغيّر النظرة إليها. فمهما بذلت من دعم أو تحالفت مع قوى عربية في مواجهة أعدائها، ستبقى – في أعين كثيرين – “الآخر الطائفي”، أو “الصفوي”، أو حتى “المجوسي”، وهي تسميات تستخدم أحيانًا كإهانات سياسية أكثر من كونها توصيفات دينية. وتمّ اختزال ملايين الشيعة في صورة نمطية تختزلهم في معتقدات محددة، وتضعهم خارج إطار الإسلام الصحيح من وجهة نظر خصومهم.

ولعل الأخطر من ذلك هو التناقض الكامن في الوعي العربي العام، الذي يهاجم الشيعة ويصفهم بالمجوس، رغم أن كثيرًا من أعلام الدين، وعلماء اللغة، والمؤرخين الذين صاغوا التراث الإسلامي، كانوا من الفرس أنفسهم، وبعضهم وُلد في بيئات مجوسية ثم أسلم. ومع ذلك، يبقى الانتماء العرقي والمذهبي حاضرين كمعيار للحكم على الآخر، لا سيما حين يحتدم الصراع السياسي.

في ظل هذه المعادلة، قد يبدو من السهل الحكم على الناس من خلال هويتهم الطائفية: الشيعي مجوسي حتى يثبت العكس، والسني عربي قرشي حتى إن كان من سلالة يزدجرد. هذا التصنيف غير العادل غذّى الحروب والكراهية، وكرّس الفصل بين الشعوب المسلمة على أسس مذهبية وعرقية لا تمتّ بصلة إلى قيم الإسلام الجامعة.

الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينات مثّلت ذروة هذا الصدام الطائفي والعرقي المقنّع. فقد وصفها الخطاب البعثي آنذاك بأنها “القادسية الثانية”، إحياءً لماضٍ غابر لا يزال يُستدعى في كل معركة، وكأن التاريخ قدر محتوم لا يمكن تجاوزه. وهكذا، وبدل أن تُقرأ الحرب باعتبارها صراع مصالح وجغرافيا، تمّ تأطيرها ضمن منطق الغزوات والفتوحات، واستُخدم الدين كأداة تعبئة شعبية.

هذه العقلية الطائفية لا تقتصر على جهة دون أخرى. فكما أخطأت الأنظمة العربية في تعميمها، وقعت القيادات الإيرانية بدورها في فخ تصدير الثورة بمنطق التفوق المذهبي، وتجاهلت حساسيات المنطقة. ومع مرور العقود، تحوّلت الهوية الدينية إلى سلاح سياسي، يُشهر في وجه الخصوم بدل أن يكون جسرًا للتواصل والتكامل.

ولعل الخروج من هذا النفق يبدأ من الاعتراف بأن ما يجمع العرب والفرس، السنة والشيعة، أكبر بكثير مما يفرقهم، إذا ما توفرت الإرادة الحقيقية للنقد الذاتي والبحث عن المشترك. فالطائفية ليست قدرًا، بل خيارًا سياسيًا وثقافيًا يمكن تجاوزه، متى ما أُدركت كلفته على الجميع.



#ابو_يوسف_الغريب (هاشتاغ)       Zuhair_Al_Shaibani#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لمْ أعُدْ أذكُرُها
- عشق النهاوند
- وجع مبتكر
- طبقات البصل
- سُلّم الدخان
- سباق النبض.
- راوية الطَّلَل.
- تعبت من الراحة.
- مملكة الغنج.
- حين يتحدث التراب.
- الدفء.
- موسم الكمأ.
- سُلَيمى.
- آخر المحطات.
- زنزانة رقم : 18.
- زنزانة ، 18.
- غُربَةٌ متوحشة.
- العشق.
- هذيان مواطن سابق.
- نشكرهم على المعاول.


المزيد.....




- شاهد لحظة تفجير برجي تبريد في محطة للطاقة النووية بألمانيا
- فيديو توضيح أمير قطر لترامب عن سبب قدومه للطائرة الرئاسية يث ...
- مصر.. فيديو ما فعله السيسي مع طفلة فلسطينية مصابة يثير تفاعل ...
- مصر.. السيسي يشعل تكهنات بما قصده بكشف وجود 6 أنفاق تحت السو ...
- إنذار مزدوج في بومبي الإيطالية: سائحان أجنبيان حاولا سرقة قط ...
- بينيت: سياسات نتنياهو أدت لتدهور مكانة إسرائيل وفقدها الدعم ...
- مقتل 3 أشخاص وإصابة 29 آخرين في هجوم روسي على كييف
- إسطنبول تستضيف القمة الإنسانية الدولية من أجل غزة في نوفمبر ...
- بعد وصوله ماليزيا.. ترامب يرقص على السجادة الحمراء أثناء است ...
- بتناقض صارخ مع ما قاله عن الصراع بالشرق الأوسط وأزمة أوكراني ...


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ابو يوسف الغريب - إيران بين الدولة والثورة: ضريبة التاريخ والموقف