ابو يوسف الغريب
كاتب وشاعر
(Zuhair Al Shaibani)
الحوار المتمدن-العدد: 8343 - 2025 / 5 / 15 - 07:37
المحور:
الادب والفن
أخيرًا…
وصلتُ آخِرَ مَحطّةٍ في رِحلتي الطويلةِ والمُرهِقة،
ورُبّما… آخِرَ مُنتَهى الطُّرُقات.
كُنتُ أنامُ
من الفَجرِ حتّى الصّباح،
وأصحو على جَعيرِ العربات،
ودَبيبِ زُناةِ الليل.
تِلكَ الرِّحلةُ
استغرقتْ سبعينَ فَرسخًا،
وأطفأتُ فيها سبعينَ شمعةً.
في كُلِّ مَحطّةٍ
كُنتُ أُعيرُ قلبي لِبائعي الدُّخان،
وأشتري وُعودًا رَخوة،
وكلُّ شمعةٍ
أذابَت – عندَ اشتِعالِها –
أملًا بائسًا:
كوظيفةِ ساعٍ،
أو عقدِ نِكاح.
كانَ معي أربعُ حَقائبَ مُتورِّمة:
الأولى:
زوجُ حِذاءٍ له عُروتان،
تُستَخدَمانِ للرَّبطِ…
بِلا قَيدٍ يُرهِقُ الدّولة.
الثانية:
أوراقٌ مُثبَتٌ فيها
أنّني “آدَميّ”.
الثالثة:
قارورتانِ مَليئتانِ بسائلٍ
يُسالُ من العُيون،
جَمَعتُهُ من زِيارةِ المقابر،
وقَصيدَةِ رِثاءٍ لأبي،
وتَرنيمةِ أُمّي
حينَ كانتْ تَهُزُّ مَهدِي
لِكَي أنامَ… جائعًا، على الشَّجَن.
أمّا الرابعة:
فكانت فارغةً تمامًا.
لا شيء فيها…
سِوى نكباتٍ خَفيفة
تُرجِّعُ صدىً قديمًا لِصوتٍ
قالَ لي ذاتَ يأس:
“رُبّما في المَحطّةِ القادمة…”
وفي الجَيبِ الأخير،
تكدَّست قَراراتُ مُؤتَمراتِ القِمَم،
وقُصاصَةُ ورقٍ
كُتِبَ عليها:
" تفيد بإيه يا ندم؟
يا ندم”
#ابو_يوسف_الغريب (هاشتاغ)
Zuhair_Al_Shaibani#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟