نحو عصور وسطى جديدة/بقلم جورجيو أغامبين - ت: من الإيطالية أكد الجبوري

أكد الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 8380 - 2025 / 6 / 21 - 16:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

اختيار وإعداد الغزالي الجبوري - ت: من الإيطالية أكد الجبوري

"كيف إذن ينبغي لنا أن نفكر في بزوغ عصور وسطى جديدة؟ كيف يُمكننا تحويل العزوف السياسي الذي نلاحظه من حولنا إلى "إخفاء شعبي" قادر على ابتكار أشكال جديدة ومجهولة من التعبير والحياة؟" جورجيو أغامبين

نُشر المقال التالي للفيلسوف الإيطالي جورجيو أغامبين (1942-)() في عموده "صوت واحد" تحت عنوان: "العصور الوسطى: مغامرون قادمون"

النص؛
يصف مقطع من كتاب سيرجيو بيتيني (1905-1986)()، "الفن في نهاية العالم" (1998)()، عالمًا يصعب تجاهل تشابهه مع العالم الذي نعيشه حاليًا:

"تتولى بيروقراطية الدولة المهام السياسية، وتزداد هذه البيروقراطية عزلةً (متوقعةً بذلك المحاكم البيزنطية والعصور الوسطى)، بينما تتجه الجماهير نحو الامتناع عن المشاركة (بذرة الإخفاء الشعبي في العصور الوسطى)؛ ومع ذلك، تتشكل داخل الدولة نوى اجتماعية جديدة حول أشكال مختلفة من النشاط (بذرة النقابات في العصور الوسطى)، وتُمهّد اللاتيفونديا، التي أصبحت مكتفية ذاتيًا، الطريق لتنظيم بعض الأديرة الكبيرة والدولة الإقطاعية. نفسها.()

إذا كان تركيز الوظائف السياسية في أيدي بيروقراطية الدولة، وعزلها عن القاعدة الشعبية، وتزايد عزوف الجماهير، يتناسب تمامًا مع وضعنا التاريخي، فيكفي تحديث مصطلحات السطور التالية لندرك أمرًا مألوفًا هنا أيضًا. إن اللاتيفونديا الكبيرة التي يستحضرها بيتيني اليوم تتوافق مع مجموعات اقتصادية واجتماعية تتصرف بطريقة مكتفية ذاتيًا بشكل متزايد، متبعةً منطقًا منفصلًا تمامًا عن المصالح الجماعية. أما النوى الاجتماعية التي تتشكل داخل الدولة، فلا تتوافق فقط مع جماعات الضغط التي تعمل داخل بيروقراطيات الدولة، بل أيضًا مع دمج فئات مهنية بأكملها في الوظائف الحكومية، كما حدث في السنوات الأخيرة مع الأطباء.

يعود تاريخ كتاب بيتيني إلى عام 1948. وفي عام 1971()، نُشر كتاب روبرتو فاكا (1927-)() "المستقبل القريب: العصور الوسطى" (1973)(). وفيه، تنبأ المؤلف بتطور كارثي في أكثر البلدان تقدمًا، والتي لن تكون قادرة على حل المشكلات المتعلقة بإنتاج الطاقة و... التوزيع، والنقل، وإمدادات المياه، وإدارة النفايات، ومعالجة المعلومات. وبينما كتب فاكا أن إعلانات الكوارث الوشيكة كانت كثيرة في تلك السنوات لدرجة أنها أنتجت أدبيات "مدمرة" حقيقية، فإن التنبؤات المروعة اليوم - وخاصة تلك المتعلقة بالمناخ - تضاعفت على الأقل.

على الرغم من أن الكوارث - مثل تلك التي تسببها الطاقة النووية - محتملة، إن لم تكن محتملة، إلا أنه يمكن النظر إلى تدهور الأنظمة التي نعيش فيها دون أن يتخذ بالضرورة شكل كارثة. فالخراب السياسي والاقتصادي والروحي للدول الأوروبية، على سبيل المثال، واضح اليوم، حتى لو استمرت في البقاء لبعض الوقت.

كيف إذن يمكننا تصور ظهور عصور وسطى جديدة؟ كيف يمكن للجمود السياسي الذي نلاحظه من حولنا أن يتحول إلى "إخفاء شعبي" قادر على ابتكار أشكال جديدة ومجهولة من التعبير والحياة؟ وكيف يمكن لعزلة بيروقراطيات الدولة وتوسع السلطات الاكتفائية أن يُبشر بظهور ظواهر مشابهة لـ... الأديرة العظيمة، حيث يُؤدي الخروج من المجتمع القائم إلى ظهور أشكال جديدة من المجتمع؟

من المؤكد أن هذا لا يمكن أن يحدث إلا إذا استطاع عدد صغير في البداية، ولكنه متزايد، من الأفراد أن يقرأوا في الأشكال السياسية المتحللة نذيرًا لأنماط حياة جديدة - أو قديمة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Copyright © akka2024
المكان والتاريخ: آوكسفورد ـ 06/21/25
ـ الغرض: التواصل والتنمية الثقافية
ـ العينة المستهدفة: القارئ بالعربية (المترجمة).

#أكد_الجبوري (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل