أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - إعادة التوازن الديمغرافي في غربي كوردستان ضرورة تاريخية وعدالة مؤجلة 3/4














المزيد.....

إعادة التوازن الديمغرافي في غربي كوردستان ضرورة تاريخية وعدالة مؤجلة 3/4


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8362 - 2025 / 6 / 3 - 08:05
المحور: القضية الكردية
    


هكذا، لم يكن "الحزام العربي" مجرد مشروع تغيير سكاني، بل كان محاولة لطمس هوية جغرافية، واقتلاع شعب من جذوره، وتحويل خريطة قومية إلى لعبة سياسية في يد نظام استبدادي يرفض التعدد ويرتعب من الاعتراف بالآخر.
لم يكن هذا سوى تمهيد كارثي لما تلاه من موجات منظمة من العبث الديمغرافي قادها النظام البعثي، كسياسات الإفقار الممنهجة التي مارستها السلطات السورية عشوائية، والتي استهدفت البنية الاجتماعية الكوردية في عمقها، بدءًا من زعماء العشائر والعائلات المؤثرة، عبر فرض الحصار الاقتصادي عليهم لدفعهم نحو الهجرة وتفكيك النسيج العشائري المتماسك، وصولًا إلى الشريحة الثقافية والفكرية من معلمين ومهندسين وكتّاب، من خلال حرمانهم من فرص التوظيف أو نفيهم إلى مناطق نائية، أو زجّهم في وظائف لا تمتّ لاختصاصاتهم بصلة، بهدف تهميشهم وتجفيف منابع الوعي القومي الكوردي. وكانت الغاية النهائية من كل ذلك دفعهم نحو الهجرة الطوعية، وكأنهم يختارون الرحيل عن وطنهم بأيديهم، بينما الحقيقة أنهم كانوا يُقتلعون منه بصمت وببطء.
تواصلت هذه الموجات العنصرية المنظّمة لاحقًا مع الاحتلال التركي لعفرين ومناطق من الشهباء وسري كانيه وكري سبي؛ حيث، وبسبب الحرب، وتحت غطاء العمليات العسكرية، وفيما بعد بفعل انتهاكات الفصائل المسلحة المدعومة من أنقرة، هاجرت عشرات الآلاف من الكورد من مناطقهم. وفي المقابل، وبتواطؤ تركي مباشر، أُسكنت عائلات من مناطق أخرى مكانهم ضمن سياسة ممنهجة لتغيير البنية السكانية، مما أدى إلى تفريغ جغرافي منظم للوجود الكوردي في مناطقه التاريخية.
تُشير تقارير منظمات حقوق الإنسان، ومراكز الدراسات الكوردية التي تابعت هذه الإشكالية عبر عقود، إلى أن إجمالي من تم تهجيرهم قسرًا، أو نزحوا خوفًا من السياسات العنصرية، يناهز المليونَي كوردي. وهذه ليست أرقامًا فضفاضة، بل مستندة إلى بيانات تراكمية من تقارير دولية، أبرزها تقارير هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية، بالإضافة إلى أرشيفات المجلس الوطني الكوردي، والإدارة الذاتية، ومنظمات الشتات الكوردي في أوروبا.
المسألة لم تكن مجرد نزاع سياسي، بل عملية اقتلاع من الجذور، تم فيها محو القرى، وتبديل لوحات التاريخ واللغة، وتبديل السكان أنفسهم، في واحدة من أقسى عمليات التغيير القسري في الشرق الأوسط الحديث.
وبناءً عليه، فإن معالجة هذه الإشكالية لا تتعلق فقط بحقوق الكورد، بل بمستقبل سوريا كلها؛ فبلدٌ يقوم على أساس الخداع الديمغرافي، والاقتلاع القومي، هو بلد مهدّد بالتفكك، مهما طالت الأيام. والمصالحة الحقيقية لا تقوم إلا على أرضية الاعتراف، والعدالة، وإعادة الحق إلى نصابه.
لذلك، حين نقرأ أو نسمع ما ينشره أيتام البعث وورثة الخطاب العروبي المتطرف، خاصة أولئك الذين احتضنهم الكورد يومًا على أرضهم في غربي كوردستان، والجزيرة الكوردستانية، قبل أن تولد سوريا كوطن مفترض، ندرك حجم الزيف الذي يُساق حول "أغلبية عربية" مزعومة في غربي كوردستان. إنهم اليوم يتبجحون بتفوقهم العددي، ويتحسسون من مجرد ذكر النظام الفيدرالي اللامركزي، رغم أنه، في جوهره، ليس سوى أداة ديمقراطية تُعيد توزيع السلطة وفقًا لصناديق الاقتراع لا الدبابات.
لكنّهم يعلمون، تمامًا، أن ما يخشونه ليس النظام الفيدرالي، بل الحقيقة. يعلمون أن الخرائط الديمغرافية التي يعتزون بها رسمتها أنظمة الاستبداد بخنجر قسري، عبر مستوطنات، وتهجير، وسحب جنسية، وقوانين عنصرية، وأن فتح هذا الملف في ظل دولة قانون، ومراقبة دولية، ومؤسسات حقوق إنسان، سيُخرج كل شيء إلى العلن، نسب التغيير القسري، خريطة المستوطنات، قرى تم اجتثاث الكورد منها، وبلدات غُرّب سكانها الأصليون ليُستجلب مكانهم من لا صلة لهم بالجغرافيا والتاريخ.
ستنكشف أكذوبة الأغلبية حين تعود الحقوق إلى أصحابها، وعندها فقط، لن تكون لهم حجة تُخفي ورائهم حقيقة تاريخهم الملطخ بالتواطؤ مع مشاريع التعريب، بل ستكون صناديق الاقتراع بمثابة شهادة وفاة لأيديولوجيا الاستعلاء القومي، وبداية لحقبة يُبنى فيها الوطن على الاعتراف المتبادل، لا على الطمس والإقصاء.
مع ذلك وليعلم الجميع، وبشكل خاص الحكومة السورية الانتقالية التي ترفض النظام الفيدرالي اللامركزي لغايات عنصرية لا تختلف عن غايات أيتام البعث والنظام البائد، والتي يجب أن تعترف قبل أي منظمة سورية أو دولية إقليمية أو عالمية، إن استعادة التوازن الديمغرافي اليوم ليست مشروع انتقام، بل ضرورة لتحقيق العدالة التاريخية والتنمية المتوازنة. وهي تستدعي منهجيتين مترابطتين:
يتبع...
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
31/5/2025م



#محمود_عباس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إعادة التوازن الديمغرافي في غربي كوردستان ضرورة تاريخية وعدا ...
- إعادة التوازن الديمغرافي في غربي كوردستان ضرورة تاريخية وعدا ...
- الرهان على الحراك الكوردي بين النقد الحصيف والدعم الثابت
- لو أصاب القناص ترامب هل كانت أمريكا ستغزو العالم بالذكاء وال ...
- نداء مفتوح إلى سعادة السفير الأمريكي في أنقرة،
- لو أصاب القناص ترامب هل كانت أمريكا ستغزو العالم بالذكاء وال ...
- النظام السوري الانتقالي بين الوصاية التركية وسقوط الأقنعة
- الفيدرالية أو إعادة إنتاج الظلم
- حين تصبح الحقيقة جريمة
- تحوّل عالمي في التعامل مع القضية الكوردية
- قراءة في العداء للكورد في زمن الانهيار الأخلاقي
- لو أصاب القناص ترامب هل كانت أمريكا ستغزو العالم بالذكاء وال ...
- أسعد الشيباني من فقه الإرهاب إلى فقه العنصرية باسم سوريا
- الذكاء الاصطناعي جناح الأدب ومطرقة المتخلفين عن الحضارة
- لو أصاب القناص ترامب هل كانت أمريكا ستغزو العالم بالذكاء وال ...
- دماء هفرين خلف تُهان من جديد عندما يُكافأ الجلاد باسم التغيي ...
- استقلال غربي كوردستان خيار استراتيجي في مواجهة الاستبداد الت ...
- من أنياب الأسد إلى مخالب داعش سوريا تُسْلَب من جديد
- أنا الكوردي وهذا وسامي
- ترامب يحرق العالم في مئة يوم الدولة العميقة العصرية تبتلع ال ...


المزيد.....




- واللا العبري: الولايات المتحدة تدرس تقديم نصف مليار دولار لص ...
- أولمرت: على إسرائيل إنهاء الحرب.. والعمليات في غزة لن تؤدي ل ...
- برلين تلجأ لـ-العدل الأوروبية- بشأن قانونية إعادة المهاجرين ...
- شهداء بغزة في ثاني أيام العيد و-اليونيسيف- تطلق نداء استغاثة ...
- الإحتلال يشن حملة اقتحامات واعتقالات في الضفة والقدس
- للأسبوع الـ79.. آلاف المغاربة يتظاهرون نصرة لغزة والأقصى (في ...
- اليونيسف: هناك غضب عالمي مما يجري في غزة
- -واجه الموت بكل شجاعة-.. رغد صدام تنشر بيانا بذكري إعدام وال ...
- حزب الدعوة يستذكر إعدام صدام: القصاص منه تحقق بالعدل ولن نسم ...
- فيديو منسوب للحظة اعتقال إيران -عميل للموساد-.. هذه حقيقته


المزيد.....

- “رحلة الكورد: من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر”. / أزاد فتحي خليل
- رحلة الكورد : من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر / أزاد خليل
- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - إعادة التوازن الديمغرافي في غربي كوردستان ضرورة تاريخية وعدالة مؤجلة 3/4