أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - رحيم حمادي غضبان - الرأي العام














المزيد.....

الرأي العام


رحيم حمادي غضبان
(Raheem Hamadey Ghadban)


الحوار المتمدن-العدد: 8351 - 2025 / 5 / 23 - 22:08
المحور: المجتمع المدني
    


الرأي العام هو أحد أعمدة الحياة السياسية والاجتماعية في أي مجتمع، وقد شغل اهتمام الفلاسفة والباحثين منذ العصور القديمة وحتى اليوم، كونه القوة الخفية التي يمكن أن تبني أنظمة أو تهدمها. ورغم غياب تعريف موحد للرأي العام، فإن جوهره يتمثل في ذلك التعبير الجماعي عن موقف أو شعور إزاء قضية عامة، وقد يكون هذا التعبير منظّمًا أو عفويًا، كما يحدث في الشارع عند اشتداد الظلم أو الشعور بالحرمان.

من منظور الأنظمة الديمقراطية، يمثل الرأي العام أداة رقابية فاعلة تؤثر في صُنع القرار السياسي. فالسياسي في النظام الديمقراطي يسعى لنيل رضا الجماهير، لأن شرعيته مستمدة منهم، وبالتالي يتأثر بمواقفهم وتفضيلاتهم التي تظهر عبر الانتخابات، وسائل الإعلام، أو حتى الاحتجاجات السلمية. فالرأي العام هنا ليس فقط صوتاً، بل قوة تدفع للتغيير، وتضغط على صانع القرار للاستجابة لمطالب الناس.

أما في الأنظمة الدكتاتورية، فرغم محاولات قمع الرأي العام، إلا أنه يتحول إلى طاقة كامنة تتفجر عندما تتوفر الظروف المناسبة. المثال الأبرز هو ما حدث في تونس عام 2010، عندما أحرق الشاب محمد البوعزيزي نفسه احتجاجاً على الظلم والفقر، لتشتعل بعده شرارة ثورة شعبية أسقطت نظامًا دام لعقود. هذا الفعل الفردي عبّر بشكل عميق عن إحباط جماعي، ما يوضح أن سلوكاً شخصيًا قد يجسد رأي أمة كاملة إذا توافر فيه الشعور الجمعي بالمظلومية.

الفلاسفة القدماء ناقشوا مفهوم الرأي العام من زوايا متعددة. أفلاطون، على سبيل المثال، كان حذرًا من جمهور العامة ورآه عرضة للتلاعب، في حين دعا أرسطو إلى إشراك المواطنين في الحكم، معتبرًا أن الحكمة الجماعية يمكن أن تكون أداة للحكم الصالح. في العصر الحديث، تناول جان جاك روسو أهمية "الإرادة العامة" كقوة أعلى من الفرد، وهي أساس العقد الاجتماعي.

أما من وجهة نظر علم الاجتماع، فيرى الباحثون أن الرأي العام يتشكل من خلال التفاعل بين الأفراد داخل المجتمع، تحت تأثير مؤسسات مثل الإعلام، الدين، والتعليم. إميل دوركايم ركّز على فكرة "الوعي الجمعي" الذي يوجه سلوك الأفراد داخل المجتمع، بينما رأى ماكس فيبر أن الجماهير قادرة على خلق "الشرعية" لأي نظام سياسي، أو سحبها منه.

من جانب علم النفس الاجتماعي، نجد أن الرأي العام يرتبط ارتباطًا وثيقًا بمفاهيم مثل الضغط الاجتماعي، والتطابق، والتأثير الجماعي. يرى علماء النفس أن الأفراد يتأثرون بمحيطهم، وقد يتحول رأي فردي إلى قناعة جماعية عندما يُعبر عنه بجرأة ويجد صداه في الآخرين، كما حدث في بدايات "الربيع العربي".

خلاصة القول، إن الرأي العام ليس فقط انعكاسًا لما يريده الناس، بل هو قوة دافعة قد تُعيد تشكيل الأنظمة، خاصة عندما تلتقي الإرادة الشعبية مع لحظة مناسبة من الوعي والغضب الجماهيري. وهو في الديمقراطيات وسيلة للحكم الرشيد، وفي الدكتاتوريات وسيلة للتغيير الثوري.
في النهاية، يظل السؤال: هل تستمع الأنظمة لصوت شعوبها قبل أن يتحول من رأي إلى صرخة؟



#رحيم_حمادي_غضبان_العمري (هاشتاغ)       Raheem_Hamadey_Ghadban#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحقيقة الثابتة
- الأحتيال المالي
- طرق الوصول إلى السلطة
- الوعد والعهد هل مازال من يعمل بهما
- الأنتحار بين الجريمة والظاهرة والمرض
- بكاء الجوع
- الصداقة بين الأمس واليوم
- القمم العربية مابين قمة دمشق وقمة بغداد
- دفتر ابو الثلاثين
- بين قوسين من الصمت
- التقارب السعودي التركي الى أين؟
- أخر المحطات
- دمشق وبغداد والتوجه الأمريكي
- غياب العراق عن القمة الخليجية الأمريكية الأسباب والتداعيات
- نجاح الدبلوماسية السعودية
- التيارات القومية العربية من جديد
- حزب العمال الكردستاني يحل نفسه هل هو ارادة قومية ام ضغوط أقل ...
- تقنية ال-VAR-هل سرقت المتعة من كرة القدم؟
- التمييز العنصري
- التفكك الأسري في المجتمعات المعاصرة


المزيد.....




- اليونيسف: الكوادر الطبية في غزة تعمل تحت ضغط شديد ونقص حاد ب ...
- الأونروا تطالب بتدخل دولي عاجل لمنع التهجير وحصر الفلسطينيين ...
- جنود الاحتلال يعترفون باستخدام المعتقلين الفلسطينيين كدروع ب ...
- -الأونروا- لسكاي نيوز عربية: مئات الآلاف في غزة يتضورون جوعا ...
- اعتقال الراقصة البرازيلية المدعية صلتها بنيمار وتوجيهها تهما ...
- مستوطنون يقتلعون أشجار زيتون في يطا واعتقالات في نابلس وجنين ...
- عاجل | أ. ب عن جنود إسرائيليين ومعتقلين: استخدام إسرائيل للد ...
- بلدة بروقين في سلفيت تواجه عقوبات جماعية واعتداءات مشتركة من ...
- الجوع يفتك باللاجئين السودانيين في معسكر -قاقا- 
- بيرو تفتح تحقيقا ضد جندي إسرائيلي بتهمة ارتكاب جرائم حرب في ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - رحيم حمادي غضبان - الرأي العام