أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - العيد 80 للنصر - الجزء الثامن عشر - من الذي رعَى النازية في ألمانيا؟















المزيد.....

العيد 80 للنصر - الجزء الثامن عشر - من الذي رعَى النازية في ألمانيا؟


زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8351 - 2025 / 5 / 23 - 13:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


*إعداد وتعريب د. زياد الزبيدي بتصرف*

ألكسندر سامسونوف
كاتب صحفي ومحلل سياسي
مؤرخ وخبير عسكري روسي

8 فبراير 2023

على أنقاض الإمبراطورية
لقد أثّرت الكآبة وروح الهزيمة التي سادت في الجبهة الداخلية على هتلر (كما في المقال السابق أدولف هتلر: صُنع في أوروبا)– الذي كان حينها في إجازة بعد إصابته. وكان ذلك هو الوقت الذي بدأ فيه يفكر بمسيرته السياسية. فقد إعتبر الهزيمة في حرب الرايخ الثاني والثورة الألمانية في نوفمبر عام 1918 نتيجةً لما سماه "الطابور الخامس" الذي "طعن الجيش الإمبراطوري والقيصر في الظهر".

بعد إصابته مجددًا، نُقل هتلر في ديسمبر 1918 – يناير 1919 للخدمة كعنصر في حراسة معسكر أسرى الحرب في تراونشتاين. لكن لم يلبث أن أُطلق سراح الأسرى، ووجد العريف نفسه بلا مهمة. تم حل الجيش، وأصبح عدد كبير من الجنود والضباط يكافحون من أجل البقاء في ظروف إنهيار الإمبراطورية. ملايين من العاطلين عن العمل يرتدون المعاطف العسكرية، يعيشون وسط الخراب الإقتصادي والإجتماعي. بعضهم إنخرط في جماعات ثورية أو مضادة للثورة، أو في تشكيلات يمينية. وآخرون تحولوا إلى قطاع طرق، أو أنهوا حياتهم إنتحارًا، غير قادرين على تحمل الكارثة الإجتماعية.

عاد هتلر إلى ميونيخ، إلى ثكنات خالية كانت تابعة لفوجه البافاري الثاني. وقد قُدّر له وفاؤه، فسمحوا له بالبقاء. آنذاك كان لا يزال مهتمًا بالفن، لكن السياسة أسرته تدريجيًا. وهنا دخل الكابتن "كارل ماير"، رئيس قسم الإستخبارات في المجموعة الرابعة من قوات الرايخسفير، على خط حياة هتلر. حيث عرّفه على "إرنست روم"، عضو في إتحاد سري للضباط اليمينيين.

كانت الفوضى تعم الجيش في ذلك الحين، وكانت تُنشأ قوات جديدة – الرايخسفير. وكان الضباط يبحثون عن وسائل للتهرب من شروط معاهدة فرساي المذلة، من أجل الحفاظ على جيش فعّال. وكان روم يعمل في هيئة أركان القائد البافاري "فون إيب"، وإقترح إنشاء دورات للضباط-المرشدين والدعاة. وتم إرسال هتلر إلى هذه الدورات. وكان المدرسون هناك، كما جرت العادة في الرايخ الثاني، يعتنقون أفكارًا بان-جرمانية، قومية ولا سامية.

برز هتلر كخطيب موهوب. وجرى إلحاقه بالقسم السياسي في الرايخسفير البافاري. لم يكن لديه وظيفة رسمية أو راتب. وكانت مهام القسم السياسي نفسها غير محددة.

"جمعية تولِّه"
The Thule Society (Thule-Gesellschaft)
كانت الحياة السياسية في ألمانيا تغلي. أحزاب جديدة كانت تظهر كالفطر بعد المطر الدافئ. معظمها لم يكن معروفًا خارج نطاق حيها أو حانتها. وظهرت في هذا المشهد تيارات متعددة: من الملكيين، والقوميين، والوثنيين-البانجرمانيين، والإنفصاليين، والديمقراطيين، واليساريين بأنواعهم.

وكان القسم السياسي يحاول مراقبة هذه الأحزاب الناشئة في ميونيخ. وفي 12 سبتمبر 1919، أرسل الكابتن ماير هتلر إلى حانة كانت تُعقد فيها جلسة لحزب العمال الألماني.

تأسس هذا الحزب في أوائل عام 1919. وكان في جوهره يعتمد على منظمات صوفية وسرّية مثل "الرتبة الألمانية"
The Germanenorden (Germanic Order)
و"جمعية توله". كانت دعواتهم تقوم على "نقاء العرق"، ووجوب "التطهّر من ممثلي الأجناس الدنيا"، والعودة إلى الجذور للحصول على "المفاتيح السحرية للنصر". أما أهداف "توله" الرسمية، فكانت دراسة التاريخ والثقافة الجرمانية القديمة. ولاحقًا أصبحت أيديولوجية "توله" قاعدة لأيديولوجيا الرايخ الثالث.

وكان الفرع المحلي لجمعية "توله" في ميونيخ بقيادة رودولف فون زيبوتهندورف (إسمه الحقيقي: آدم غلاور). وكان هذا رجلًا مقامرًا ومحتالًا بارعًا. عاش في مصر وتركيا، وتبنّى المواطنة العثمانية وتأثر بالتصوف الإسلامي والمذاهب الصوفية المحلية (هو مزيج من الوثنية الجرمانية، التصوف العرقي، نظريات التفوق العنصري، والأساطير الشعبية، التي استُخدمت لتبرير فكرة "تفوق العرق الآري" وخلق دين نازي جديد). كما إنخرط في الماسونية، وعمل في التنجيم، والمحاضرات عن الغيبيات، وتنظيم الأندية الروحية. عاد إلى ألمانيا عام 1913، وإدعى أنه بارون، رغم أنه من أسرة عمالية. أقام علاقات مع "الرتبة الألمانية".

وقد أبدى براعة تنظيمية، وجنّد مئات الأعضاء. وإشترى صحيفة أسبوعية في ميونيخ، إسمها "مراقب ميونيخ" (Münchener Beobachter)، والتي سُمّيت لاحقًا "المراقب الشعبي" (Völkischer Beobachter). وكان كارل هارر، الصحفي، هو رئيس تحرير الجريدة، وأصبح لاحقًا أول رئيس لحزب العمال الألماني. أما أنطون دريكسلر فكان رئيس فرع ميونيخ.

لكن زيبوتهندورف-غلاور ترك قيادة فرع "توله" المحلي بعد أن إتُّهم بالإهمال، حيث تسرّبت أسماء بعض أعضاء الجمعية البارزين للحكومة البافارية السوفياتية، ما أدى إلى إعدامهم، إضافة إلى فضيحة إختفاء أموال. فرّ إلى النمسا ثم إلى سويسرا، وعاد بعدها إلى تركيا، حيث نشر عدة مؤلفات، وعمل لصالح الإستخبارات الألمانية.

تأسيس الحزب النازي (NSDAP)

كان مطلوبًا من هتلر فقط أن يكتب تقريرًا عن الحزب الجديد. لكن بعد رحيل زيبوتهندورف النشيط، تدهورت الجمعية وبقي فيها بضع عشرات من الأعضاء. في أحد الإجتماعات، تحدث أحد النشطاء عن إنفصال بافاريا، فإستثار الأمر هتلر وألقى خطابًا حماسيًا. أعجب دريكسلر بخطابه، وأرسل له بطاقة يخبره فيها بقبوله في الحزب، رغم أن هتلر لم يقدم طلبًا رسميًا.

وافق هتلر، وقد أدرك أن لا آفاق له في القسم السياسي للرايخسفير. دعمه روم، وتولى هتلر فورًا مسؤولية الدعاية، وسرعان ما أصبح المسيطر على أنشطة الحزب بأكملها. جذبت شخصيته الناس. ففي أكتوبر 1919، استمع إليه 100 شخص في حانة هوفبراوكلر، ثم 200، وفي فبراير 1920، كان يحشد في تجمعاته نحو 2000 شخص. وبدأ يتلقى أجورًا لقاء خطاباته. سرعان ما أزاح هتلر هارر ودريكسلر عن قيادة الحزب.

وكانت الورقة الرابحة لهتلر هي علاقته بالجيش. فقد إستحصل روم من وزارة الدفاع على 60 ألف مارك من الأموال الخاصة. وبهذا المبلغ تم شراء وإعادة تنظيم صحيفة "المراقب الشعبي"، لتصبح لسان حال الحزب. وأخذ زملاء روم في الجيش يطبقون فكرة "الجيش الخفي" – إذ تأسست فرق هجومية تابعة للحزب (Sturmabteilung – SA). وحصلت على زي رسمي وبعض الأسلحة من مستودعات الجيش. وكان المظهر العسكري والتنظيم والآفاق الموعودة عناصر جذب، جعلت الحزب مميزًا عن غيره.

أصبح إسم الحزب "الحزب الوطني الإشتراكي العمالي الألماني" – NSDAP. وصاغ برنامجه المكوَّن من "25 بندًا" دريكسلر وهتلر وغوتفريد فيدر.

وكان من أبرز المطالب في البرنامج: توحيد الألمان في "ألمانيا الكبرى"، إلغاء معاهدتي فرساي وسن-جرمان، تأمين "المجال الحيوي" للألمان. وروّج البرنامج للعداء للسامية وكراهية الأجانب. ودعا إلى إنهاء "عبودية الفائدة" (الربا)، وتوفير معاشات كريمة، وإعطاء الأولوية للعمل الإنتاجي. كما دعا لمحاربة "من يضرون بمصالح المجتمع"، ولإقامة سلطة مركزية قوية، وجيش شعبي، وتوسيع التعليم الشعبي وتحسين الصحة العامة (حماية الأمومة والطفولة، وتطوير الثقافة البدنية الجماهيرية).

وهكذا، إتسم البرنامج بطابع ثوري ووطني-إشتراكي. أعلن النضال من أجل حقوق الشعب العادي، ودعا إلى كبح جماح الأثرياء والمقرضين والمضاربين. وكان علم الحزب أحمر اللون، تتوسطه دائرة بيضاء وسفاستيكا أي الصليب المعقوف – رمز النار المقدس والقديم.

كان عدد أعضاء الحزب لا يتجاوز 3 آلاف. وكان هناك عشرات، إن لم يكن مئات الأحزاب المماثلة في ألمانيا. تظهر وتختفي، ولا تملك حتى برامج سياسية أحيانًا. لكن هتلر صار محل مراقبة. لقد أصبح مشروعًا قيد الرعاية.

ما الذي جذب المراقبين من وراء المحيط؟ الحماسة؟ الجرأة؟ العلاقة بالغيبيات والتقاليد القديمة؟ أم العلاقة بالجيش؟ على أية حال، لم تُرعب الأفكار المعادية للديمقراطية في فكر هتلر واشنطن.

ومنذ تلك اللحظة، بدأ مشروع "هتلر" يتلقى الدعم والتمويل. وقد أشار المستشار الألماني السابق هاينريش برونينغ في مذكراته، التي سمح بنشرها فقط بعد وفاته، إلى:
«كان أحد العوامل الرئيسية في صعود هتلر... هو أنه منذ عام 1923 كان يتلقى مبالغ ضخمة من الخارج".»
------
يتبع ...



#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طوفان الأقصى 594 - ترامب في قطر
- العيد 80 للنصر - الجزء السابع عشر – أدولف هتلر: صُنع في أورو ...
- طوفان الأقصى 593 - ترامب في السعودية
- العيد 80 للنصر - الجزء السادس عشر - جذور الحرب العالمية الثا ...
- طوفان الأقصى 592 – ترامب – نتنياهو: لا شيء شخصي...إسرائيل تت ...
- العيد 80 للنصر – الجزء الخامس عشر – من أوصل هتلر إلى السلطة؟
- طوفان الأقصى 591 - ترامب يُعدّ -طرد- نتنياهو
- العيد 80 للنصر – الجزء الرابع عشر – لماذا أجلت بريطانيا والو ...
- طوفان الأقصى 590 – لماذا يخشى اليهود الصهيونية؟ دروس من الحر ...
- العيد 80 للنصر – الجزء الثاني عشر – الإتحاد السوفياتي عشية ا ...
- طوفان الأقصى 589 - ترامب يهمّش نتنياهو في الشرق الأوسط... وي ...
- العيد 80 للنصر – الجزء الحادي عشر – الإتحاد السوفياتي عشية ا ...
- طوفان الأقصى 588 – ترامب يسحب البساط السوري من تحت قدمي أردو ...
- العيد 80 للنصر – الجزء العاشر – الإتحاد السوفياتي عشية الحرب ...
- طوفان الأقصى 587 – ترويض نتنياهو: الولايات المتحدة تغيّر سيا ...
- العيد 80 للنصر – الجزء التاسع - روايتان متشابهتان ولكن مختلف ...
- طوفان الأقصى 586 - الصمت المدوي: روسيا تخسر الحرب الإعلامية ...
- العيد 80 للنصر - الجزء الثامن - يفغيني سبيتسين: -لو لم تكن ا ...
- طوفان الأقصى 585 – دبلوماسية الدولار التي ينتهجها ترامب في ا ...
- العيد 80 للنصر – الجزء السابع – هل سنعيش حتى الذكرى المئوية ...


المزيد.....




- كرات لهب ضخمة أضاءت ليل كييف.. شاهد لحظة شن روسيا هجومًا جوي ...
- طائرات تستخدم الهواء عوض الوقود.. هل هذا مستقبل الطيران الجو ...
- بعد 37 عاما.. العثور على تمثال جيم موريسون النصفي المسروق في ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير 3 بلدات جديدة في سومي ودنيتسك
- خبير: هذه فوائد السلام مع الأكراد على تركيا داخليا وخارجيا! ...
- لافروف: الغرب يتقبّل تعزيز التعددية القطبية بردود فعل متباين ...
- الضفة الغربية.. القوات الإسرائيلية تطلق النار على فلسطيني بد ...
- بيدرسون بحث مع الشيباني أمن واستقرار سوريا والعدالة الانتقال ...
- كيف نتخلص من حساسية حبوب اللقاح؟
- العلماء يكتشفون لدى مرض الكوليرا 3 أنظمة دفاع ضد العاثيات


المزيد.....

- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - العيد 80 للنصر - الجزء الثامن عشر - من الذي رعَى النازية في ألمانيا؟