أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خورشيد الحسين - غزة تُفرَّغ تحت النار: حين يصبح التطبيع غطاءً للإبادة














المزيد.....

غزة تُفرَّغ تحت النار: حين يصبح التطبيع غطاءً للإبادة


خورشيد الحسين

الحوار المتمدن-العدد: 8350 - 2025 / 5 / 22 - 12:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في لحظة سياسية وأخلاقية هي الأشد سوادًا في التاريخ العربي المعاصر، تتكشف أبعاد كارثة كبرى في غزة، لا تقتصر على القتل والتدمير، بل تمتد لتطال الوجود الإنساني الفلسطيني ذاته، عبر مخطط واضح المعالم يهدف إلى تفريغ القطاع من سكانه إما بالتجويع أو بالترحيل.

منذ أكتوبر 2023، و"إسرائيل" تمضي في حرب إبادة جماعية غير مسبوقة، تغطيها واشنطن بلا خجل، وتحميها بعض العواصم الغربية عبر الدعم العسكري والسياسي. ووفقًا لتقارير الأمم المتحدة، فإن أكثر من 1.9 مليون فلسطيني – أي نحو 90% من سكان غزة – قد هجّروا قسرًا، بعضهم لأكثر من عشر مرات داخل القطاع الصغير والمحاصر.

تحت قصف الطائرات وعنف الحصار، لم يعد في غزة ما يشبه الحياة: المدارس سُوّيت بالأرض، المستشفيات تحوّلت إلى أهداف عسكرية، والمخيمات لم تعد تصلح حتى للقبور. أكثر من 77 مدرسة و51 مبنى جامعي دُمّرت بالكامل، ما يؤكد أن المشروع ليس فقط قتلاً مؤقتًا، بل إبادة للمستقبل الفلسطيني.

أما ما يسمى "بالمناطق الآمنة" التي دفعت إسرائيل السكان إليها في الجنوب، كرفح ومحيطها، فقد تحوّلت إلى مصائد موت. قُصفت هذه المناطق مرارًا، وسقط فيها الآلاف من الشهداء، في أكبر خديعة إنسانية تُنفذ على مرأى العالم.

الخطر الأكبر اليوم ليس فقط القصف، بل الهدف الكامن وراءه: تهجير سكان غزة إلى سيناء، تحت الضغط العسكري والإنساني، ما يعيد إلى الأذهان مشهد النكبة، لكن هذه المرة بنسخة محدثة، لا عبر ميليشيات صهيونية بل عبر جيش نظامي، وبشهادة الأقمار الصناعية وتقارير الأمم المتحدة.

وفي ذروة هذه المجازر، لم تتوقف بعض الأنظمة العربية عن الدفع نحو "سلام" مع إسرائيل. لكن أي سلام؟!

منذ قيامها، لم تؤمن "إسرائيل" يومًا بسلام عادل أو متوازن، بل سعت لفرض مفهومها الخاص للسلام القائم على إنكار الحقوق الفلسطينية والعربية بالكامل. فـ"السلام" في العقل الصهيوني يعني: لا دولة فلسطينية، لا حق عودة للاجئين، ولا دول عربية قوية وطبيعية من حولها. بل تفضل محيطًا مفككًا، منهكًا، تابعًا، يُدار عبر صفقات أمنية واقتصادية تحت الرعاية الأميركية.

إن "السلام" وفق هذا المنطق ليس نهاية للحرب، بل ذروة الانتصار الصهيوني، وثمرة مشروع استعماري طويل يسعى لتفكيك الأمة من الداخل، وتدجين وعيها، واستنزاف طاقاتها، وتحويل قضيتها المركزية إلى "عبء" أو "ملف إنساني". وبهذا المعنى، فإن هذا "السلام" المطروح اليوم ليس سوى وثيقة وفاة للأمة العربية: موتٌ للكرامة، وتصفيةٌ للحق، وشرعنةٌ للنكبة.

في هذه اللحظة، يصبح الصمت العربي الرسمي شراكة في الجريمة. وتتحول البيانات الخجولة إلى وثائق إدانة أخلاقية وقانونية بحق من سكت عن جريمة التهجير. أما الشعوب العربية، فرغم الغضب المكتوم، تبدو عاجزة عن كسر طوق القمع الأمني، وغير قادرة على تحويل سخطها إلى فعل يضغط على أصحاب القرار.

إن ما يحدث في غزة اليوم ليس شأنًا فلسطينيًا فحسب، بل معركة عربية وإنسانية كبرى. التطبيع مع كيان يُفرّغ شعبًا من أرضه ويحتقر كل ما هو إنساني، ليس سياسة... بل خيانة موصوفة.

وليَعلم المهرولون نحو التطبيع رضوخًا، أن ما يُسمى سلامًا مع إسرائيل أكثر فتكًا في جسد الأمة وأفظع من مجازرها.



#خورشيد_الحسين (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من يحرك الشارع العربي ؟ بين قبضة السلطة وسطوة المال وتآكل ال ...
- فلسطين والخرائط الممزقة: من التواطؤ الرسمي إلى حتمية المقاوم ...
- فلسطين خارج الحسابات: صفقات تُعقد على أنقاض غزة
- جولة ترامب الخليجية: اختبار نوايا أم إعادة تموضع؟
- جبهة اليمن في حرب غزة: إسناد استراتيجي أربك نظرية الأمن الإس ...
- العجز العربي أمام الإبادة في غزة: تشريح لأسباب الصمت والتواط ...
- كشمير من جديد والسيناريوهات المحتملة
- حين يتوحش الإنسان من فرط القهر
- الصهيونية ذات انياب فاحذروها...زيف حماية الأقليات
- تحالف الأقليات: كيف تستخدم إسرائيل الهويات الطائفية لتفكيك ل ...
- شعب خروفي وساسة ذئبيون...الفساد أزمة وطن
- لبنان وفلسطين : وحدة الجغرافيا والمصير في مواجهة الكيان الصه ...
- السلام والخداع الإستراتيجي: وهم الدولة وعدمية السلام
- من فلسطين إلى الوطن العربي...أنا الشاهدة والشهيدة
- الصهيونية الأصيلة ورديفتها العربية الألعن
- من فلسطين الى الوطن الأكبر
- جفن قد غفا...
- عاش الزعيم..ومات الشعب العنيد
- انطلقوا في مشروعم وانطلقنا في انتحارنا
- حكومة تنظيم الإنهيار وإدارة الفوضى والإنتخابات النيابية


المزيد.....




- مسؤول إسرائيلي: نتنياهو يستدعى وفد التفاوض من قطر
- الإمارات تدين مقتل اثنين من موظفي السفارة الإسرائيلية في واش ...
- السودان: ما أبرز التحديات أمام الحكومة المرتقبة؟
- من فرنسا إلى المغرب مروراً بالإمارات .. لماذا انفجرت علاقات ...
- دخول 90 شاحنة مُحمّلة بالمساعدات إلى غزة، وتحذيرات من أن -نص ...
- قريبا.. قطار فائق السرعة سيربط مباشرة بين برلين وميلانو وناب ...
- بريطانيا تدرس تطبيق -الإخصاء الكيميائي- للمعتدين جنسيا
- في اتصال هاتفي.. بوتين يؤكد للمسؤول المصاب في كورسك مواصلة ر ...
- العثور على جثة مهاجر على الحدود بين بيلاروس ولاتفيا
- بوتين: الجيش الروسي يعمل على إنشاء منطقة أمنية عازلة على طول ...


المزيد.....

- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خورشيد الحسين - غزة تُفرَّغ تحت النار: حين يصبح التطبيع غطاءً للإبادة