أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - داود السلمان - مفهوم الدين عند فويرباخ 1/ 2














المزيد.....

مفهوم الدين عند فويرباخ 1/ 2


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 8345 - 2025 / 5 / 17 - 14:04
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يعتقد فويرباخ أن الشخص المتديّن هو إنسان مُبرمج، ومرتبط بالبيئة التي وُلد وتربى وترعرع فيها، بعكس فرويد الذي اعتبر الدين مرض نفسي – عصابي؛ لكن ماركس زميل فويرباخ - وكلاهما من مدرسة واحدة هي مدرسة هيغل - اعتبر الدين أفيون تتعاطاه الشعوب، على غفة من أمرها، وهو أخطر من الكرستال.
ويقصد فويرباخ بـ "مبرمج" يعني الإنسان الذي يولد في بيئة معينة فيتبرمّج بحسب تلك البيئة التي تتبع دينا معينا، حيث تُعبأ دماغه وعقله، من أن دينها الذي تعتقد به هو الدين الصحيح، وكُل الأديان الأخرى على ضلال مبين.
فويرباخ من جانبه، يصف الدين على أنّه شعور الإنسان، ذاته، وهذا الشعور هو مصدر الدين، الذي يتبعه ويعتقد بصحته "لكن موضوع هذه التبعية، أي التي يكون ويشعر الإنسان بتبعيته لها هي في الأصل ليست إلّا الطبيعة، فالطبيعة هي الموضوع الأصلي الأول للدين، كما يبرهن تاريخ الديانات والأمم بدرجة كافية".(1)
وإن الإنسان بصورة عام يعيش الاغتراب: النفسي والروحي، نتيجة لمتاهات الحياة ومشاكلها التي لا تقف عند حدّ، أي الانسان قبل آلاف السنين. والمشاكل هذه التي جعلت منه أن يعيش في بحبوحة ضيقة لا تتسع لما يتأمل ويرغب ويريد، وكذلك يحلم بتطلع باذخ و واسع؛ لكنه ينصدم دئما بعقبات، جمة وكثيرة، وشاقة في ذات الوقت، وبالتالي يشعر باغتراب في هذا الوجود المُعقّد، فلم يجد رمقا من أمل يسد فراغه ويملأ حياته الصاخبة، فيلتجئ إلى الدين، كحل لا يجد سواه. لكن فويرباخ يفسر الأمر بغير هذا التفسير، إذ يعتقد أن الدين هو السبب الرئيس للاغتراب، اغتراب الانسان. إذ "اعتبر فيورباخ الدين اغترابا وتحققا موضوعيا للسمات الانسانية التي يهبها الانسان لكائن خارق، فالدين عند فويرباخ هو: وعي الذات اللاواعي، أي وعي الانسان ذاته، لكن عن طريق هذا الكائن الخارق، غير أن النقد الذي وجهه فويرباخ للدين غير مغزى الاغتراب الذي لم يظهر عند سابقيه بالمفهوم الذي ظهر عنده".(4)
ونعود إلى فرويد أبو التحليل النفسي الذي وصف التديّن بأنه مرض عصابي، وذلك حين تصل حالة الإنسان إلى اليقين بالدين، وعلى أنّه حقيقة محض ولا يمكن له أن يتجاوزها، أو يشك بأحقيتها، إذ يتغلغل الدين في لبه وذهنه، ويصبح طائعا لجميع الطقوس الدينية تلك، ويظل مشدودا لها ويشعر بانفصال روحي ونفسي حين يتوقف عن ممارستها. وهذه من أخطر الحالات التي يصل بها الإنسان، وأشدها وطأة على نفسه. ومن هذا الباب نجد المتطرفون يقتلون كل من يخالف دينهم وعقيدتهم؛ وهم وبحسب فرويد قد أُصيبهم بمرض الدين العصابي، وهذا الداء يصعب علاجه، إلّا بفرمته عقلية شاملة.
ويردّ فويرباخ على من يعتقد بأن الدين فطري بقوله: "التأكيد بأن الدين فطري وطبيعي بالنسبة للإنسان (تأكيد) زائف إذا كان الدين يتطابق مع التأليه، لكنه صحيح تماما إذا كان الدين لا يعتبر شيئا سوى هذا الشعور بالتبعية الذي يكون فيه الإنسان مدركا تقريبا بأنه لا يوجد ولا يستطيع الوجود بدون كائن آخر مختلف عنه، وأن وجوده لا ينشأ في ذاته. وإذا كان فهما هكذا فإنه يكون ضروريا للإنسان كضرورة النور للعين أو الهواء للرئة أو الطعام للمعدة. والدين هو إظهار مفهوم الإنسان لنفسه، ولكن علاوة على ذلك فإن الإنسان كائن لا يوجد دون ضوء، ودون هواء، ودون ماء، ودون أرض ودون طعام، هو باقتصار كائن يعتمد على الطبيعة وهذا الاعتماد في الحيوان والإنسان طالما انه يتحرك داخل المجال الحيواني هو اعتماد غير واع".(2)
يريد فويرباخ بهذا القول في أن الإنسان بحاجة دائما ومستمرة للدين، لأنه إنسان من دم وروح، ومشاعر جياشة واحاسيس متقدة، والإنسان هذا الذي هو بحاجة إلى غذاء وماء هو هواء، وبيئة صالحة يعيش فيها، وأجواء طبيعية تقيم أوده، لابد له أيضا من دين يحل مشاكله العويصة والتي ليس لها حلا، سوى الدين، لأنّه يعتمد على الغيبيات والماورائيات، ليطمئن بذلك ويؤمن حياته ومستقبله، ومستقبل ذريته في هذا الحياة المتعبة الشاقة.
"إذن، فلإنسان المتدين حقا لا يفسر الدين ابتداءً من الله، بل عنده حتى الله يُفسر بدءاً من الإنسان ، لأن الله كما قلنا هم نتاج وجدان الإنسان الديني وخياله الاسطوري. لذلك فلابد من القول ان الله والديانة ظاهرتان انسانيتان لأن العنصر الإلهي هو اتباع خيال الانسان وليس هو من ابداع الله، إذ يؤيد فويرباخ بهذا القول فولتير بقوله: إذا كان الله خلق الإنسان فإن الانسان قد رد له الجميل".(3)
يتبع.....
الهوامش
(1)فويرباخ، أصل الدين، ص 41 منشورات المؤسسة الجامعة للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت – لبنان الطبعة الأولى لسنة 1991، دراسة وترجمة د. أحمد عبد الحميد عطية.
(2) المصدر نفسه ص 41.
(3) نادية أحمد النصراوي، فلسفة فويرباخ - بين المادية والإنسانية، ص 181، منشورات دار الرافدين بيروت لبنان، الطبعة الأولى لسنة 2016.
(4) المصدر نفسه ص 174- 175.



#داود_السلمان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل الكتابة ابتكار؟
- شعاع ابيضّ - نافذة سوداء تأسيس لسمو الإنسان للقاص حميد محمد ...
- الدهشة والمفارقة في (وجه أزرق) للقاص عبد الحسين العبيدي
- خالد القطان-إلى المنفى أو تقويم الأحزان
- النزعة الوجودية عند دوستويفسكي
- البناء النصي في مجموعة (تحت صواري ديسمبر) لزينب التميمي
- ماركس.. مؤسس المدينة الاقتصادية
- تولستوي.. اعترافات أم تخبط فكري؟
- ما هي الشيوعية؟
- سلطان العارفين.. الرومي جلال الدين
- بيكون.. الفيلسوف الذي حقق حلم أفلاطون
- الإيمان والألحاد- رؤية فلسفية 3/ 3
- الإيمان والألحاد- رؤية فلسفية2/ 3
- الإيمان والألحاد- رؤية فلسفية1/ 3
- نيتشة.. الانسان السوبرمان
- القلق الإنصياعي في نص(زيف حلم) ل جابر السوداني
- عدنان الفضلي الشاعر الذي أغوته الساعات
- المنحى الصوفي في قصيدة (خمرةُ اليقين) للشاعر كريم القيسي
- ذاتية المعنى.. قراءة في مجموعة (أأقيم على حافة هاوية) للشاعر ...
- زمكانية النص الشعري.. قراءة في (منذُ زمنِ الانتظار) لـ عبد ا ...


المزيد.....




- ساعات حاسمة لمباحثات وقف إطلاق النار.. اتصال جديد بين روبيو ...
- تصاعد التوتر بين السودان والإمارات بعد إبعاد دبلوماسيين من د ...
- الدبيبة يكشف تفاصيل عملية بوسليم ويتعهد بإنهاء سطوة المليشيا ...
- مجلس الأمن يعرب عن قلقه من العنف في طرابلس ويدعو لحماية المد ...
- مشاهد لا تحتمل لأب فلسطيني يحاول إنقاذ طفله من حريق هائل سبب ...
- برلماني روسي يقدم لترامب اقتراحا من بند واحد لتحقيق السلام ف ...
- الدبيبة يفتح النار على أسامة نجيم المطلوب للمحكمة الجنائية ا ...
- منظمة غير حكومية تتوقع تدفق الأسلحة إلى أوروبا بعد انتهاء ال ...
- أوربان يدعو الاتحاد الأوروبي للانضمام إلى موقف واشنطن بشأن ا ...
- هل يستطيع الشرع تحقيق مطالب ترامب؟


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - داود السلمان - مفهوم الدين عند فويرباخ 1/ 2