بولا يعقوبيان عضو مجلس النواب اللبناني

عطا درغام

الحوار المتمدن-العدد: 8343 - 2025 / 5 / 15 - 20:02
المحور: مقابلات و حوارات
    

كنائبة في البرلمان اللبناني تُعرف بمواقفها المعارضة "الشرسة" لكل المنظومة السياسية، رافعة لواء حقوق المواطنين وحقوق المرأة ومواجهة ما تسمّيهم "المافيات".
وما حققته وتحققه بولا وفريق عملها الجبار، يختصر الكثير من المعاني ، والقيم والسمو والحب، والشعور بحاجة الآخرين، إنها حقيقة ساطعة كالشمس، في ظل الضبابية المسيطرة.
و" بولا يعقوبيان" هي السيدة الوحيدة بين النواب التي اتخذت قرار الاستقالة إثر انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس 2020، لتكمل معركتها إلى جانب الانتفاضة الشعبية ومطالبها وضمن مجموعات المجتمع المدني سعيًا الى تحقيق التغيير.
ولدت بولا يعقوبيان في الرابع من أبريل عام 1976 في بيروت، وبدأت حياتها المهنية في سن 17 فقط ، وعملت في محطة ICN اللبنانية في قسم الأخبار، ثم عملت سكرتيرة التحرير في الأخبار الإقليمية والدولية في القناة نفسها، كما قدمت في الوقت عينه برنامجًا سياسيًا تحت مُسمى السلطة.
و في 1998 انتقلت بولا يعقوبيان إلي قناة "إل بي سي”، وكانت تقدم البرنامج الصباحي السياسي "نهاركم سعيد"، و عملت في "إم تي في" اللبنانية وشبكة ART، وقدمت العديد من البرامج على غرار " ضد التيار" و "لقاء من أمريكا"، قبل أن تنتقل للعمل في قناة الحرة ،وأخيرًا استقرت في قناة المستقبل.
وبالإضافة إلى خوض حياة مهنية ناشطة ومزدهرة في الإعلام ،حيث قابلت زعماء سياسيين من العالم مثل جورج بوش الابن، ومشاهير وشخصيات بارزة من مختلف المجالات، السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، الفنية.
وفي 2018 أعلنت بولا يعقوبيان انسحابها من قناة المستقبل وقررت الترشح في الانتخابات التشريعية اللبنانية مع حزب “كلنا وطني” وفازت بمقعد لها في بيروت.
وقد التقت بها "أريك " في حوار عن مسيرتها المهنية والإعلامية، ومشوارها السياسي كنائبة في البرلمان اللبناني.
- أيهما أقرب إليك، بولا يعقوبيان الإعلامية أم بولا النائبة ولماذا؟
• عندما كنت صحافيّة لم يكن لديّ الصلاحيّات التي تسمح لي بالمطالبة بحق الشعب ومتابعة قضاياهم وأمورهم والدفاع عنهم مثلما أفعل الآن كممثّلة عن الأمّة، مع أنّني كنت على اضطلاع على كل ما يجري من خلال عملي في الصحافة لمدّة 25 عاماً.
- لماذا الإصرار على العمل السياسي والترشح للانتخابات البرلمانية؟
• بوجود المافيا الحاكمة على مدار 30 عاماً ،ومن خلال عملي في الإعلام خلال 25 عاماً، كنت أحاور السياسيّين وأتابع المشاريع والقوانين ،ولم أحصل يوماً على جوابٍ شافٍ. قرّرت أن أخوض الانتخابات النيابيّة إلى جانب المعارضة الحقيقيّة ومعركتنا اليوم من أصعب المعارك. دعمت الشباب الذين يشبهونني بتطلّعاتهم نحو بلد يريدونه خال من الفساد والمحسوبيّة والزبائنيّة. المعركة صعبة وطويلة وسأستمرّ في النضال.
- أيهما أكثر تأثيرًا في المجتمع الإعلامي أم السياسي؟ ولماذا؟
إنّ تأثير الإعلام في المجتمع لكبير، والسلطة الرابعة تبلور الرأي العامّ، مشكلتنا في لبنان في بعض الإعلاميّين المرتزقة الذين يبدّون مصالح زعيمهم على مصالح الشعب والوطن. أمّا السياسة في لبنان فهي منذ عقود بيد مافيا متسلّطة فعلت كل الموبقات وعملت لمصالحها الخاصّة ونحن اليوم نرى النتائج، إذ وصلنا الى دولة مهترئة تفتقد إلى أدنى مقوّمات العيش الكريم.
بعض الإعلام يحاول إصلاح ما يمكن إصلاحه والإضاءة على الأمور، ومثال على ذلك الصحافة الإستقصائيّة، لكن السياسيّين والأحزاب في مكان آخر.
- ماذا عن حملة (دفى) وما الغرض منها، والأنشطة التي قامت بها؟..وهل ستستمر في عملها رغم الأزمة في لبنان؟
• حملة (دفى) إلى جانب الناس منذ حواليّ عشرة أعوام، كانت حملة سنويّة ،ولكن في عام 2019 ،عندما اندلعت الحرائق في لبنان، بدأنا بالعمل اليوميّ وزاد المتطوّعون، وبدأنا بالمساعدات ثم توالت الكوارث، من ارتفاع سعر الدولار إلى سرقة أموال المودعين وإغلاق المصارف ،ثمّ كورونا وصولًا إلى انفجار المرفأ الذي كان الجريمة الأفظع بحقّ اللبنانيّين. وعن سؤالك إن كنّا سنستمرّ بالمساعدة من خلال حملة (دفى)، أتمنّى ذلك، أتمنّى أن نستطيع الاستمرار رغم الصعوبات ونبقى إلى جانب الناس. خصوصًا أنّ الدولة غائبة، كيف لنا أن نترك الناس، ونحن ندرك أنّ هناك عائلات بحاجة ماسّة للمساعدة؟!.
- سبق أن صرحتِ لإحدى الصحف بأن الثقافة النسوية لم تدخل لبنان،ولا يوجد في ساحتنا نوال السعداوي، ماذا يعني هذا التصريح؟
• لا شكّ أنّ هناك سيّدات مناضلات في لبنان، والأمر يتحسّن يوماً بعد يوم، ونحن بحاجة إلى المزيد من الوعي في هذا الموضوع. ولكنّ العمل الأساسيّ يكمن في تطوير القوانين.
- هل تكفي القوانين اللبنانية أن توفر الحماية للمرأة في لبنان؟
• عندما لا يكون القضاء مستقلّاً هناك صعوبة في الوصول إلى العدالة، ليس فقط للنساء بل لكلّ المواطنين، لذلك ما زلت أناضل لإقرار قانون استقلاليّة القضاء الذي ما زال في الأدراج. وإضافة إلى القوانين يجب أن تتغيّر العقليّة والنظرة إلى المرأة، فالإنسانيّة هي الأساس للوصول إلى العدالة.
- لماذا تُعدّ الكوتة النسوية لصالح المرأة على الرغم من أن فيها تمييزًا للمرأة؟
• في كلّ البلدان المتطوّرة في العالم اعتمدت الكوتة كإجراء مؤقّت لإصلاح الظلم الذي لحق بالمرأة خلال سنوات عديدة، عندما كانت الفتاة تُحرم من التعليم وعندما كانت طريقة المعاملة تختلف بين الصبيّ والبنت. بدون الكوتة الفرص ضعيفة أمام المرأة للوصول إلى مناصب القرار. نحن لا نطالب بكوتا نسائيّة بل بكوتة جندريّة كإجراء مؤقّت إلى حين الوصول إلى المساواة بين الرجل والمرأة.
كسيدة ومعارضة تتعاطي الشأن العام في لبنان ..ما الصعاب التي تواجهينها في ظل الهيمنة الذكورية على القرار؟
• المشكلة الأساس في هذا الموضوع هي عدم مواجهتي بالسياسة كنائبة معارضة، وإنّما جلّ ما يستطيعون فعله هو التطرّق إلى الأمور الشخصيّة، وهذا دون شك ضعف وجهل.
- ماذا قدّم البرلمان اللبنانيّ للأرمن؟ وماذا قدم النواب الأرمن للبنان؟
• قدّم الشعب الأرمنيّ الكثير للبنان ،والعكس صحيح. نحن لبنانيّون من أصول أرمنيّة، لبنان هو بلدنا النهائيّ. لا أحبّذ الفرز، نحن شعب واحد، أنا نائبة عن الأمّة اللبنانيّة ،ولكنّ القانون الانتخابيّ يجبرنا أن نترشّح حسب المقاعد الموزّعة طائفياً. وكلّ عملي البرلمانيّ هو لصالح الشعب اللبنانيّ دون تمييز.
- ما السر الذي جعل من لبنان موطنًا لجأ إليه الأرمن؟
• منذ القدم ،كان وسيبقى لبنان ملجأً لكل المضطهدين ،ولذلك سُميّ بالبلد الملجأ. ولبنان أحد البلدان الكثيرة التي استقبلت الأرمن وأعطاهم فرصًا لحياة كريمة. وما ميّز لبنان عن غيره من البلدان حرّيّة التعبير وحرّيّة المعتقد، والتي للأسف بدأ التضييق عليها في المرحلة الأخيرة لتغطية عجز هذه السلطة في تقديم أي انجاز.
- كيف أثرت الحرب الأهليّة في لبنان على الوجود الأرمني في لبنان؟
• هاجر عدد كبير من الأرمن إلى الخارج خلال الحرب الأهليّة وبعدها، وللأسف إنّ الأرمن هم الفئة الوحيدة التي تتراجع عدديّاً كلّ سنة على لوائح الشطب.
- بم تفسرين كثرة النواب الأرمن في البرلمان اللبناني.. وكذا وجود وزراء أرمن؟
• عدد النوّاب يحدّده عدد المقترعين لكلّ طائفة. كما قلت لك سابقاً لبنان بلد مقسّم طائفيّاً ،وذلك يحتّم إعطاء حصّة وزاريّة لكلّ طائفة على أمل أن نصل إلى إلغاء الطائفيّة السياسيّة ونصبح شعباً واحداً.
- ماذا تعنين بقولك:" ما زالت الإبادة مستمرة حتي اليوم؛لأننا نعتبر أنه كلما مرت فترة زمنية وأضاع أي أرمني هويته فهذه إبادة بحق الشعب الأرمني الذي سلخ عن أرضه"..؟
• مثال على ذلك ما يحصل اليوم في أرتساخ؛ فهذا امتداد للمجزرة، وقد يكون أسوأ لأن من المعيب في القرن الواحد والعشرين أن يبقى الظلم يطال فئات كثيرة في العالم. المجاعة وإقفال الحدود ومنع وصول أيّ مساعدات للأرمن في أرتساخ والتهجير من قبل الحكومة الأذيرية؛ لهو وصمة عار على جبين المجتمع الدوليّ
- لماذا عُرف عن الأرمن في لبنان خلال كل العهود الرئاسية دعم رؤساء الجمهورية المتعاقبين؟
• خسر أرمن لبنان وطناً وظُلموا وهُجّروا وقُتلوا، ربّما ذلك جعلهم يبحثون عن الأمان من خلال الوقوف دائماً إلى جانب الشرعيّة. ولكن ذلك لا يبرّر الوقوف مع الفاسد ،ولو كان الأقوى. المطلوب هو الوقوف إلى جانب الحقّ ضدّ الظلم.
اليوم أصبح الوضع مختلفًا والسلطة الموجودة حاليًا في لبنان سلطا "مافياوية" بكل معني الكلمة، وهناك أصوات معارضة أكان لرئاسة الجمهورية أو للحكومة أو الأحزاب الحاكمة في لبنان، والمجتمع اللبناني اليوم ليس مواليًا.
- لماذا للأرمن أحزابهم الخاصة ممثلة في:(الرامچاڤار والهنشاك والطشناق) بعيدًا عن الانحراط في الأحزاب اللبنانية الأخرى؟
• هذه الأحزاب أتت مع الشعب الأرمنيّ سنة 1915 ،خلال المجازر التي حصلت بحقّ الأرمن. هي أحزاب عريقة ،ولها نضالها بغضّ النظرعمن يمثّلها اليوم في لبنان.لكن لا شك أنّ هناك الكثير من الشباب الأرمن الذين انخرطوا في أحزاب أخرى.
واليوم هناك أرمن منخرطون بأحزاب غير الأحزاب الأرمنية التقليدية..هذا الأمر في البداية، فمن الطبيعي أن الأرمن أتوا كمجموعة وعاشوا تقريبًا في شبه"جيتو" ..طبيعي أن يُعيدوا خلق "أرمينية" أخري في هذه البلاد ، إلا أنهم بعد سنوات طويلة علي وجودهم في لبنان أصبحوا جزءًا من النسيج اللبناني بشكل كامل
- ما دور الأحزاب الأرمنية في الاعتراف اللبناني بالإبادة الأرمنية..؟
• لا شك أن الأحزاب الأرمنية لعبت دورًا كبيرًا في الاعتراف بالإبادة الأرمنية، ولكن أيضًا المجتمع الأرمني وكثير من الأحزاب غير الأرمنية دعمت هذا المطلب وكانت تصر عليه، ولذلك كانت لبنان من أوائل الدول التي اعترفت بالإبادة الأرمنية،وهذا الموضوع لم يكن خلافيًا في لبنان ولكن كان عليه شبه إجماع..
لماذا التزمت الأحزاب الأرمنية الحياد فترة الحرب الأهلية رغم الخلافات السياسية..؟
أعتقد أن التزام الأحزاب الأرمنية الحياد فترة الحرب الأهلية هو من أهم القرارات التي اتُخذت يومها، وهذا مؤشر لحكمة ودراية من كان مسئولًا عن هذه الأحزاب ، اتخذ موقفًا صائبًا وموقفًا عقلانيًا في أتون الحرب ؛ فحمي مناطق الأرمن.
اليوم- للأسف- القيادات الأرمنية في مكان آخر ومن قماشة مختلفة..كم نتوق لهؤلاء الذين حملوا هذه الأحزاب في قلبهم وفي روحهم،وعملوا لمصلحة الأرمن لمصلحة اللبنانيين.
وللأسف- اليوم- الأجندات السياسية والمصالح الفئوية والشخصية هي التي تتحكم في قيادة هذه الأحزاب، بدلًا من أن تكون قيادة تضع هذه المصلحة المشتركة للأرمن وللبنانيين من أصول أرمنية قبل أي شيء، تضع الأهواء الشخصية في الواجهة.

#عطا_درغام (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات