أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - إبراهيم رمزي - أصحاب الجوارب البيضاء قادمون














المزيد.....

أصحاب الجوارب البيضاء قادمون


إبراهيم رمزي

الحوار المتمدن-العدد: 8256 - 2025 / 2 / 17 - 11:14
المحور: كتابات ساخرة
    


اليوم هو الجمعة، يوم عيد المؤمنين، .. استهله بالذهاب ـ بعد الفجر ـ إلى الحمام العمومي .. وأتبع ذلك بفطور دسم متنوع، ثم أخذ ‏كامل زينته .. ثياب بيضاء نظيفة .. وعطور نفاذة، يأتي على رأسها بخور العود .. دون أن ينسى كحل العينين ..‏
كان يدرك ـ قبل التوجه إلى المسجد ـ أن يومه سيكون "مزدحما" بالمهام التي قرر أن ينجزها فيه .... فمن محاسبة الجزار ‏والخضار إلى محاسبة البقال والصيدلي ..إلى أداء متأخراتٍ لمصلحة الضرائب .. إلى شراء طوابع بريدية لمراسلاته .. إلى اقتناء ‏الصرف (الفكة) لمواجهة جحافل الشحاذين في الطرقات المؤدية إلى المسجد .. ويعرف أنه سيمر بإحدى جاراتِ درْبِه مدسوسة ‏بين الشحاذين، رغم أن لها عائدا قارًّا من البيت الذي تؤجّره بمبلغ محترم يغنيها عن التسول .. ‏
وقرر أن يؤجل إنجاز أشياء أخرى .. حتى يبكِّر إلى المسجد وهو ما يزال خاليا من جموع المصلين .. حتى يضمن موقعا في ‏الصفوف الأمامية .. وحتى يؤدي بعض نوافل السجدات .. إخلاصا في تعبّده وتقرّبا ..‏
دلف إلى المسجد .. فشاع في أعماقه ـ كمثل كل المومنين ـ إحساس بالرضا والزهو بالذات المبتهجة بالامتزاج بروحانية المكان .. ‏نشر سجادته .. وحيّى المسجد بركعتين، .. ‏
وحين رفع رأسه، رأى على مقربة منه شخصا ضخم الجثة، كأنه مارد، .. لم يثره في لباسه إلا جواربه البيضاء، أمَره ـ بكل ‏وقاحة، وصوت فج ـ بأن يطوي سجادته ويرجع إلى الصفوف الخلفية، لأن الأمامية محجوزة.. ‏
أراد أن يحتج بأن المسجد ما يزال فارغا .. ومصلٍّ واحد لن يكون سببا في مضايقة "علية القوم، أو رجال السلطة المؤمنين"، أو ‏الزائر المميَّز لهذا اليوم. ولكن المارد ـ ذو الجوارب البيضاء ـ لم ينبس بأي كلمة .. اكتفى برفع يده .. مشيرا إلى آخر المسجد .. ‏
كان جادا إلى أقصى حد .. سحنته عابسة بشكل كريه، حتى ليمكن القول إن الشرر يتطاير من عينيه ..‏

أعاد النظر إلى جوربيه البيضاوين، وندّت عنه ابتسامة عريضة، تطورت إلى ضحكة هستيرية، سرعان ما كتمها بوضع كمّه ‏على فمه، .. تذكّر أصحاب "الجيليGilet ‎‏" الأصفر [السترة الصفراء] الذين يحاصرون السيارات لاستخلاص إتاوة التوقف، ‏بداعي أنهم حراس. وتساءل: هل تسربّت "عصابات قطاع الطرق هؤلاء" حتى إلى المساجد، بلون آخر.‏
طوى سجادته، واتجه نحو الباب مغادرا، زاهدا في ثواب صلاة الجمعة، .. ودوخة مزلزِلة تتلاعب به من قنّة رأسه إلى أخمص ‏قدميْه، .. كاظما بَراكين الغضب التي تحرق دواخله وكينونته، وغصة الإهانة والقهر التي تعصر حلقومه، .. فرّ منه صوتُه كما ‏فرّتْ منه قواه، .. جنَح إلى ذلّ السِّلم حتى لا يتحوّل المسجد إلى ساحة "نِزال" .. سيكون حتما هو الخاسر فيها ببِنْيته الهزيلة، ‏وقِصَر قامته، وحدبَته المثقِلة لظهره .. ‏
سار قليلا في الساحة الخارجية، ثم أطلق لمعدته سبيل تفريغ جزء من الغيظ الذي كظمته أمعاؤه، .. فشعر ببعض الارتياح، .. وإنْ ‏كان فكره مشغولا بتحضير الطريقة والصيغة التي يودّ أن تشعِل أعصاب الوزير ـ المسؤول عن القطاع ـ عند محاصرته في ‏البرلمان ـ أو في مواقع التواصل ـ بـ"باقَة" من تفاصيل هذا الحدث السريالي .. ولإرْباك الوزير عندما يحاول ترتيب مفرداته، ‏وتنميق كلامه، لنفي الترخيص لأيٍّ كان بممارسة تصرف مماثل لهذا داخل المساجد، خلال الجُمَع أو التراويح.‏



#إبراهيم_رمزي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكاسحة
- إجراءات تقشفية
- بدر السعود
- العلامة -المتبصر-‏
- المحترَم، مقيما وغائبا
- جذور
- مزج -المقدس- -بالمدنس-‏
- ذباب ابن حُريْرة
- رباعيات (10/10)‏
- رباعيات (9/10)‏
- رباعيات (8/10)‏
- رباعيات (7/10)‏
- رباعيات (6/10)‏
- رباعيات (5/10)‏
- رباعيات (4/10)‏
- رباعيات (3/10)‏
- رباعيات (‏‎2‎‏/10)‏
- رباعيات
- السيد صَهْ صَهْ
- اعتقال الموتى


المزيد.....




- هنا رابط مباشر نتائج السادس الإعدادي 2025 الدور الأول العلمي ...
- سوريا الحاضرة من نوتردام إلى اللوفر
- كيف استخدم ملوك مصر القديمة الفن -أداة حكم- سياسية ودينية؟
- موعد ظهور نتيجة الدبلومات الفنية 2025.. استعلم عن نتيجتك
- عرفان أحمد: رحلتي الأكاديمية تحولت لنقد معرفي -للاستشراق اله ...
- “متوفر هنا” الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدور ا ...
- “سريعة” بوابة التعليم الفني نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدو ...
- عرفان أحمد: رحلتي الأكاديمية تحولت لنقد معرفي -للاستشراق اله ...
- جداريات موسم أصيلة.. تقليد فني متواصل منذ 1978
- من عمّان إلى القدس.. كيف تصنع -جدي كنعان- وعيا مقدسيا لدى ال ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - إبراهيم رمزي - أصحاب الجوارب البيضاء قادمون