رماز هاني كوسه
الحوار المتمدن-العدد: 8250 - 2025 / 2 / 11 - 19:49
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
هل يلتقي منطق افلاطون مع الايمان الغيبي و الدين .
يذهب افلاطون إلى أننا ندرك العالم الذي حولنا من خلال أفكار موجودة أساسا لدينا و ليس من خلال التجارب اليوميةالتي نمر بها او من خلال عملية التعلم . فوفق أفلاطون أنا اعرف أن الشيء الذي أمامي كرسي مثلا لأن فكرة الكرسي موجودة أساسا لدي و ليس لانني تعرفت إلى الكرسي من خلال حياتي و تجاربي اليومية .
بحال وافقنا أفلاطون بطرحه هذا ، يبقى السؤال هنا ما مصدر هذه الأفكار الموجودة بشكل أساسي لدينا؟ ...بالتاكيد لم تأت من العدم .
بتحليل منطق افلاطون يظهر أمامنا احتمالان لمصدر الافكار الموجودة مسبقا :
المصدرالأول هو وجود قوة عليا متفوقة هي مصدر هذه الأفكار و هي من زرعتها بعقولنا و جعلتنا ندرك العالم من خلالها و هو ما يقودنا لفكرة الألوهة و القوى الغيبية باعتبارها مسؤولة عن معارفنا باكملها. و نرى ابسط مثال لها في الابراهيميات عندما قام الإله بتعليم آدم أسماء المخلوقات جميعها كما تذكر التوراة ، فبذلك تكون المعرفة البشرية مصدرها الإله أساسا و هنا نجد ان منطق افلاطون يتلاقى مع الإيمان و الدين بشكل كبير و يتفق مع فكرة الدين حول وجود قوة عليا متفوقة هيمصدر كل معارفنا و علومنا اذا اعتمدنا هذا النمط من التفسير لمصدر الافكار .
المصدر الثاني هو أننا نمتلك هذه الافكار الأساسية من خلال خبراتنا و تجاربنا و لكن ليس التجارب اليومية المعاشة و لكن تلك التي سبق لنا أن خضناها و مررنا بها و نسينا متى عشناها و بقيت بوعينا البشري . أو بعبارة أوضح نجد هنا فكرة التناسخ و التقمص تطل برأسها كتفسير للمصدر الثاني .... فالتجارب و المعارف الناتجة عنها و التي مررنا بها بحيوات سابقة انتقلت بالتقمص مع تتالي الأجيال و هي مصدر أفكارنا عن العالم و وسيلتنا لادراكه .... و هنا أيضا يلتقي منطق افلاطون مع الدين و الايمان اذا سرنا بهذا المنهج لتفسير مصدر الافكار الاساسية لدينا حول العالم .
بالتفسيرين المطروحين نجد ان مفهوم افلاطون عن العالم الخارجي و ادراكنا له ينطلق من تفسيرات غيبية لا يمكن اخضاعها للتجربة بل هي معرفة سابقة للتجربة و يبدو ان افلاطون كان ينطلق بافكاره هذه من اعلائه للعقل البشري و تنزيهه له عن التأثيرات المادية ، و هو أسلوب تفكير ديني تقليدي يبتعد كل البعد عن الفكر الذي طرحه افلاطون مثلا بمدينته الفاضلة و كيفية تنظيمها و الارتقاء بها وصولا لفكرة للحاكم الفيلسوف .
#رماز_هاني_كوسه (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟