أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - رماز هاني كوسه - يسوع ...... حقيقة تاريخية أم شخصية وهمية















المزيد.....

يسوع ...... حقيقة تاريخية أم شخصية وهمية


رماز هاني كوسه

الحوار المتمدن-العدد: 6987 - 2021 / 8 / 13 - 19:14
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


نقاشات كثيرة تظهر و بين حين و آخر تطرح فكرة أن يسوع المسيح المذكور في الأناجيل ما هو إلا شخصية غير حقيقية و لا يوجد إلا في صفحات الأناجيل . أما على أرض فلسطين فلم يعرفه أحد في القرن الأول الميلادي . و يستندون في طرحهم هذا بشكل أساسي لغياب أي ذكر ليسوع لدى المؤرخين المعاصرين له خلال القرن الأول الميلادي بأكمله الذي يطلقون عليه قرن الصمت . و أن بداية ذكره لدى المؤرخين يعود للقرن الثاني الميلادي . و إضافة لغياب ذكره بالكتب التاريخية يستندون أيضا على عدم وجود دليل أركيولوجي يوثق وجود يسوع في القرن الأول الميلادي . مثل بيته الذي عاش فيه أو قبره . على الرغم من اكتشاف العشرات من الصناديق الحجرية التي تحوي عظام الموتى و هي طريقة الدفن المتبعة حينها في فلسطين و قد نقش عليها أسماء من قبل يسوع يعقوب قيافا يوسف . و هذه الصناديق موجودة بمتحف تل أبيب.( حيث كان يترك الجسد ليبلى و يتحلل في القبر ثم يعود اهله بعد عام و يجمعون العظام المتبقية في صندوق حجري ) . أما الاناجيل الرسمية و اعتمادها كمصدر موثوق عن المسيح فبالرغم من أنها دونت في النصف الثاني من القرن الأول الميلادي إلا أن أقدم مخطوط لها يعود للقرن الرابع الميلادي و هي المخطوطات الانجيلية المكتشفة في دير سانت كاترين و المسماة بالنسخة السينائية و تعود لحدود 340 م .و هذا ما يقلل من اعتماد الأناجيل الرسمية كمصدر موثوق باعتبار أقدم نسخها متأخرة عن زمن يسوع بحوالي الثلاثة قرون و هو ما يجعلها عرضة للتحريف ..... فهل فعلا يسوع شخصية غير تاريخية ؟
لنبدأ بالتلمود اليهودي و الذي هو تدوين لنقاشات و تفاسير الحاخامات اليهود حول الشريعة اليهودية . فنجد أن التلمود لا يغفل ذكر يسوع في صفحاته و لكنه يلجأ لاهانته و تحقيره منطلقا من باب الولادة العذرية لمريم و مشككا فيها . فيصف يسوع بأنه ابن لعلاقة غير شرعية بين أمه مريم و جندي اسمه بانتيرا من جنوب لبنان واصفا يسوع بابن بانتيرا . و قد لقيت هذه المقولة دعما بعد أن عثر عام ١٨٥٩ في منطقة باد كروزناخ على مقبرة رومانية لجنود رومان و كانت شاهدة قبر أحد الجنود تذكر اسمه بأنه (أبديس بانتيرا ) و أبديس بالكنعانية تعني عبد و بانتيرا هي الترجمة اللاتينية للكلمة السامية الفهد. و تصف هذه الشاهدة الجندي بانتيرا بأنه من صيدا اللبنانية و خدم 40 عام بالجيش الروماني و مات وعمره 62 و تاريخ المقبرة يعود للنصف الأول من القرن الأول الميلادي و هو ما يتوافق مع زمن يسوع المفترض . و اعتبر اليهود ذلك دليلا على صحة الرواية التلمودية خصوصا أن السجلات الرومانية تشير لانتقال فرقة الجندي أبدوس من سوريا الى المانيا بحدود 10 م أي أنه كان موجودا في لبنان خلال فترة ولادة يسوع . الرواية قد تبدو جذابة لأول وهلة و لكن لا دليل حاسم على صحتها سوى مرويات التلمود و حتى اللقب بانتيرا و يعني الفهد هو لقب منتشر بين الجنود للدلالة على القوة و الصلابة و الشجاعة . المهم بالرواية التلمودية و بعيدا عن مدى مصداقيتها و رغم لجوئها لإهانة يسوع إلا أنها تقدم دليلا على وجوده التاريخي و من قبل طرف معادي للمسيح نفسه بتلك الفترة . ببساطة إذا كان يسوع شخصية تاريخية غير موجودة لماذا يتكبد الحاخامات عناء تأليف الروايات عنه لتكذيب دعوته و رسالته بينما بإمكانهم التصريح بعدم وجوده التاريخي و بأنه شخصية مختلقة لا أكثر . فلجوء التلمود اليهودي لذكر يسوع و لو بالسوء فهو إشارة واضحة لتاريخيته .
إذا انتقلنا للبحث عن تاريخية وجود يسوع لدى المؤرخين المعاصرين نلاحظ أن سويتينوس مؤرخ القصر الامبراطوري ذكر كلمة المسيح في كتابه الذي يعود لعام (115) و يتحدث عن اضطرابات حدثت في روما بعهد الامبراطور كلوديوس حوالي 50 م و أن اليهود أتباع المسيح حينها أحدثوا فتنة و طبعا المؤرخ يستقي معلوماته من أرشيف الإمبراطورية الرومانية . خبر آخر يصلنا من المؤرخ تاسيتوس عام 120 م يتحدث فيها عن حريق روما زمن نيرون و عن قيام نيرون بلوم المسيحيين و يذكر تاسيتوس أن بيلاطس البنطي قد أعدم المسيح الذي ينتمون له . و المؤرخ هنا يعتمد أيضا على السجلات الامبراطورية العائدة لفترة نيرون و خبره المذكور هنا يتوافق مع الأناجيل الرسمية حول صلب المسيح بزمن بيلاطس . أما يوسيفيوس فيورد خبرا عن (حياة رجل اسمه يسوع في فلسطين ايام هيرودس أغريبا و أعدمه بيلاطس صلبا ) في مؤلفه المؤرخ بحدود 96 ميلادية . صحيح ان معظم الاعمال تعود للقرن الثاني و نهاية القرن الأول الميلادي و لكنها تبقى قريبة زمنيا من فترة حياة يسوع و صلبه . يبقى السؤال لماذا غاب ذكر يسوع عن المصادر المعاصرة في القرن الأول الميلادي مثل جوستوس المؤرخ الجليلي من طبرية مثلا أو من سجلات روما ايام الامبراطور تيبيريوس الذي كان ا أعددم يسوع خلال فترة حكمه . يمكن أن نعزو غياب ذكر يسوع بتلك الفترة لكون الحركة المسيحية حينها كانت ضعيفة و صغيرة و أعضاؤها قلائل و لا تملك زخما شعبيا لتلفت نظر روما بحيث تشكل خطرا عليها و تفرض على حكام روما الانتباه لما يحدث بتلك الرقعة النائية عنهم في أورشليم . و بالتالي لم يهتم المؤرخون بالحركة المسيحية حينها لضعف تأثيرها الإجتماعي و السياسي بل انشغلو بتدوين ما هو أدسم من أحداث تلك الفترة . و حتى عملية صلب يسوع لم تكن بتلك الأهمية لروما لأن الصلب كان عقوبة رومانية معتادة للتمرد السياسي و سنويا كان يصلب العشرات من اليهود و غيرهم في أرجاء الامبراطورية من قبل الولاة الرومان نتيجة محاولة تمردهم على السلطة السياسية و لنا فيما يذكره يوسيفيوس في مؤلفاته عن مشاهدته لبعض اليهود ممن شاركو بالتمرد العسكري ضد الرومان في القرن الأول مصلوبين و لم يموتوا بعد فقام بالتشفع لدى الحاكم لانزالهم قبل أن يموتوا .
بمقاطعة المعلومات المذكورة أعلاه لا يوجد داعي لاعتبار يسوع شخصية تاريخية وهمية و ليست حقيقية رغم غيابه عن كتب معاصريه و لكنه كان حاضرا في مؤلفات ليست بعيدة العهد عنه بأكثر من جيلين . و اذا افترضنا اضطراب الذاكرة البشرية بخصوص يسوع لحين بدء ذكره في التدوينات في بداية القرن الثاني الميلادي فلا بد من وجود معاصرين له ممن شهدو موته أثناء تدوين المؤلفات الرومانية مثلا ففترة سبعين أو ثمانين عاما ليست بتلك الفترة الطويلة ليتم خلالها اختراع شخصية دينية بحجم يسوع . ربما جرى تضخيم الأحداث مثلا و تغيير تفاصيلها لكن ابتكار شخصية دينية بحجم المسيح بفاصل زمني قصير و إقناع الناس بذلك أمر صعب للغاية خصوصا اذا أخذنا بالاعتبار بعض الأحداث التي ارتبطت بالمسيحية بعد صلب يسوع مثل رجم يعقوب رئيسة كنيسة أورشليم أخي الرب و هو موثق لدى السلطات الرومانية و أقيل بسببه رئيس السنهدرين . حدث كهذا يقدم دليلا على وجود تيار ديني مسيحي آخذ بالنمو خلال القرن الأول الميلادي و هو ما نستطيع اعتباره نقطة ضعف أخرى في الطروحات التي تقول بغياب وجود يسوع التاريخي و بأنه شخصية مختلقة وهمية جرى اقحامها في الأناجيل و بناء المسيحية حولها .

الصورة



#رماز_هاني_كوسه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حيلة كانط .... أخلاق الفطرة
- عقوبات سادية
- السير الإسلامية .... هل يجوز نقدها أم هي حقائق مطلقة
- كوثر ... كوشر بين العربية و السريانية
- أكانت تفاحة آدم ..... أم تفاحة أفروديت
- الدولة الأموية مابين الإسلام و النصرانية
- البشارة
- التشابه بين المرويات الدينية في الابراهيميات
- هل الشيطان خالق العالم
- طقوس الموت و الدفن و تطورها
- بعل و نظراؤه في الثقافات العالمية
- الحمير الناطقة في التراث الديني
- زواج الأرض و السماء
- العرب في النقوش و السجلات التاريخية قبل الإسلام
- ميزان العدالة الفرعوني
- حور العين ما بين العربية و السريانية
- game of thrones و أساطير الشرق الأدنى
- أبناء الآلهة و المعراج للسماء
- تيس عزازيل ..... و طقوس الفداء و الأضاحي
- النسيج المقدس..... ما بين العذراء النساجة و انجلينا جولي


المزيد.....




- شاهد: تسليم شعلة دورة الألعاب الأولمبية رسميا إلى فرنسا
- مقتل عمّال يمنيين في قصف لأكبر حقل للغاز في كردستان العراق
- زيلينسكي: القوات الأوكرانية بصدد تشكيل ألوية جديدة
- هل أعلن عمدة ليفربول إسلامه؟ وما حقيقة الفيديو المتداول على ...
- رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية يتهرب من سؤال حول -عجز ...
- وسائل إعلام: الإدارة الأمريكية قررت عدم فرض عقوبات على وحدات ...
- مقتل -أربعة عمّال يمنيين- بقصف على حقل للغاز في كردستان العر ...
- البيت الأبيض: ليس لدينا أنظمة -باتريوت- متاحة الآن لتسليمها ...
- بايدن يعترف بأنه فكر في الانتحار بعد وفاة زوجته وابنته
- هل تنجح مصر بوقف الاجتياح الإسرائيلي المحتمل لرفح؟


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - رماز هاني كوسه - يسوع ...... حقيقة تاريخية أم شخصية وهمية